من لا يملك المال و لا المأوي ليس بالضروره ان يكون فقيراً و لكن دعونا نذكر ان شده الفقر بصوره اكثر دقه يتبلور في فقر الأخلاق و السلوكيات و فقر الهويه . الفقر لا يتجلي في الماده فقط عزيزي القارئ و لكنه يتخذ بعض الصور كما ذكرت سلفاً. فماذا لو رأيت شعباً لا يمتلك قوت يومه و لكنه يملك اعظم إرث حضاري و تراثي في بلاده .. بالطبع فإن ذلك يدعوا لحاله من التناقض و يدعو لتساؤلات كثيره تنم عن عدم وعي و جهل الكثيرين . تعالوا معنا في هذا العدد لنتعرف عن اهميه التراث الوطني في حياه الشعوب و ما يمثله من ثروات متعدده لكل الأفراد . بادئ ذي بدء.. لنتعرف علي شئ هام و هو ان كل بلدان العالم تحتفظ بكنوزها و إرثها مما تركه لها الآباء و الاجداد و لكن مع التطورات و التقدم اصبح الكثير من التراث يندثر بفعل و فضل تسليط الضوء بالأكثر علي وسائل التكنولوجيا الحديثة و ما يترتب عليه من كسل و إهمال و اثارها الآخري علي الحياه فبالرغم من التقدم و الثوره الهائله التي احدثتها في الحياه الا انها اصبحت سلاح ذو حدين يمثل خطراً كبيراً علي التراث و ما يحمله من اسرار خفيه في كثير من الأوقات عندما يجعلنا نبتعد رويدا رويداً عن كل مظاهرالتراث و التوجه و التقوقع في بوطقه التكنولوجيا و ماتحمله من سلبيات كما ذكرت .. كما يعتبر مفيداً في نشر الوعي التراثي و الانفتاح علي وسائل جديده لمعرفه ولحمايه كل ما يخص التراث . و لذا علينا اولاًً ان نعي ماهو التراث حتي يتثني لنا معرفه كيفيه الحفاظ عليه من الاندثار . التراث او التراث الوطني او الشعبي هو ثروة كبيرة موروثه عبر الزمان و الأجيال من الآداب و الفنون و العلوم والقيم والعادات والتقاليد و الفلكور و المعارف الشعبية والثقافة المادية المكتوبة و المقروؤه و المسموعة والفنون التشكيلية المجسده والموسيقية و امتد التراث ليشمل الأماكن و المباني بل و أطالت يده الكثير من المهن و امتدت لتطول الغذاء و المشرب و الملبس و كل شئ عبر الأجيال و اصبح التراث حياه تتوارث و لكن اصبح الكثير منه في ذاكره الماضي و كتب لبقاء بعضاً منه ذكره فقط بين طيات الكتب و كتب للبعض الاخر الاستمرارية و الوصول إلينا كما هو ... و مع الزمن و التقدم طالته يد الاهمال او يد التكنولوجيا فأدخلت عليه الكثير من التغيرات و لكنه بقي تراثاً و لنا ان نعلم انه التراث اصبح علم يدرس الآن في الكثير من الجامعات والمعاهد الأجنبية والعربية لذا فإن الاهتمام به من الأولويات الملحة عند كثير من الشعوب . و الجدير بالذكر انه عندما تذكر كلمه التراث فإننا يأتي في اذهاننا او شئ الأمثال الشعبيه او الحكايات و الحواديت التي كانت تقصها علينا امهاتنا و جداتنا و لكن مع العصر المعلوماتي الالكتروني اصبح كل شئ سريع بل ان الطفرة التي حدثت في الحياه كادت ان تقضي علي نسبه كبيره من الهويه و التراث بشتي أنواعه و انتهت حتي اسطوره الحواديت او التراث المقروء و المسموع . و لكن الحقيقه ان مانرثه من تراث سواء من التراث الثقافي الذي تجلي في الكثير من المعالم الأثرية مثل أعمال النحت والرسم والهياكل الأثرية والكهوف وما تحتويه من نقوش ورسومات وآثار او في المواقع الأثرية التي بناها الإنسان والتي تمتلك مظاهر جمالية وتاريخية او في المباني مثل المباني التي تم بناؤها من قبل الإنسان وحملت طابع ثقافي او ديني بسبب أشكالها أو بنيتها أو مكانها التي بنيت فيه. كما وجد التراث الطبيعي من أهم الأماكن التي يجب المحافظة عليها ما يلي معالم فيزيائيه وبيولوجية تتمتع بقيمة جمالية وعلمية عالية ومعالم جيولوجية مثل المناطق التي تشكل محميات و موطن للعديد من الحيوانات والنباتات المهددة بالإنقراض و مناطق طبيعية تشتمل على الناحية الجمالية والطبيعية وكما يتنوع التراث باختلاف البلدان و لكل منها عاداتها تقاليدها وإرثها الحضاري المتنوع و المتوارث عبرالأجيال أبا عن جد من تراث شفوي كالأمثال الشعبية والحكايات الهادفة وغيرهما مما جعل الكثير من البلدان تهتم الي النظر الي التراث الشعبي والحياة الشعبية و التفكير في إعادة بناء الفترات التاريخية المنسيه و المهمله للأمم والشعوب والتي لا يوجد لها إلا شواهد ضئيلة متفرقة وتستخدم أيضا لإبراز الهوية الوطنية والقومية والكشف عن ملامحها عبر العصور. كما نلاحظ ان السلوكيات الخاصة في كل أمة وكل شعب ماهو الا التراث السلوكي أما ما خلفه الأجداد من آثار ظلت مصانة كالأهرامات و المعابد وكالحصون والقصور والكنائس والمساجد والاسلحه والدروع و الأدوات وغيرها من الأثار المتنوعة مما شهد على أمجاد أمتنا العظيمة فهو بمثابة الأساس في كل حضاره و كل حقبه زمنيه مثلت المعاني الكثيره لأمتنا. و من اساسيات التراث المتعارف عليها ان لا حضارة بدون تراث متوارث لأنها بذلك ستصير حضارة طفيلية ترتوي من تراث الآخر دون تراثها شأن الطفيليات التي تتقوت علي مما تنتجه الأشجار الأخرى فما إن تحبس عنها الأشجار قوتها حتى تندثر مهما بلغت طولا وعرضا و كبرت. بل يجب أن تكون الحضارة أصيلة لا تبعية لها و مستقلة تملك جذورها العميقة حتي تستطيع الاستمرارية . و كما يعتبر التراث رمزاً مهماً للهوية والإنسانية الخاصة بالشعوب المختلفة وخاصة الجماعات الأقلية التي تعتبره رمزاً للمعرفة والقدرات التي توصلت لها والتي تناقلته وأعادت تكوينه او التي انفردت بها كما تعتبره رمزاً مرتبطاً بالأماكن الثقافية التي لا يمكن التخلي عنها. و يساهم التراث بشكل أساسي في تعزيز الروابط ما بين الماضي والحاضر والمستقبل كما أنّه يساعد على استمرارية المجتمعات و رسم طبيعه و شكل الحياه و الطبقه و التاريخ الخاصين بها وتغيير هيكل المجتمع ليصبح أكثر سمواً ورفعة. كما وجد انه يحتل مكانة مهمة في حياتنا لما له من رابط عجيب في زيادة التماسك الإجتماعي والمساعدة على تعزيز السلام ما بين الجميع وذلك من من خلال دوره في تعزيز الثقة والمعرفة المشتركة كما وتعترف اليونيسكو بأهمية زيادة الوعي حول التراث وإنشاء الوكالات والمؤسسات التي تزيد الوعي بين الناس بأهمية التراث من أجل المحافظة عليه كما وتشجع الباحثين من مختلف المناطق على استكشاف وتأريخ التراث المدفون و المنسي و ضروره الاهتمام بالفلكور الشعبي و إحياؤه منهاً لأندثاره مع مرور الزمن . و علي الصعيد الاقتصادي فان التراث يساهم في تعزيز الإقتصاد وإنعاشه وخاصةً الاقتصاد المحلي للدول ويساعد التراث على زيادة معدلات التنمية في البلاد وزيادة تداول النقد الأجنبي و العمله الصعبه من خلال تردد السياحات الخارجيه. ووجد في السنوات الاخيره من هذا العقد ان الكثير من بلدان العالم تهتم بإبراز مظاهر تراثها و تنشيطها و صرحها الحضاري و لكن المقياس اختلف ما بين دوله و اخري و لكنه في النهايه يندرج جميعاً تحت بند التراث و اهتمت العديد من المؤسسات الدولية برعاية التراث العالمي سواء الثابت او المنقول او المقروء للكثير من دول العالم و ساهمت في إنقاذ الكثير من التراثيات الزاحفه نحو الاضمحلال . و العمل علي نشر الحرف التقليديّة القديمة من جديد وعمل برامج خاصة تعترف بالحرفيين التقليديين وترفع من قيمتهم و قيمه منتجاتهم التراثيه.. مثل الصناعات الفخارية و الخزفية و الزجاجية و شغل الابره و التطريز و المنسوجات و النحت في الخشب وغيره و التحف المخلقه طبقاً لكل ما هو قديم و لاحياء التراث. و الاهتمام بتنظيم وإعداد مشاريع وورش عملٍ تسعى لتعليم التراث والحفاظ عليه من الاندثار. و العمل علي عقد وإنشاء الدورات التدريبية في دور خاصة بهدف مناقشة كافه المساءل و القضايا المتعلقة بالتراث بل و الاهتمام بإعادة تأهيل التراث والنهوض به من خلال تنظيم العلاقة بين السياسة الحمايه وخطة العمل و الاقتصاد وتنفيذ هذه المشاريع. و لجات كذلك للمعارض الدولية للتراث و عرض المشغولات التراثيات و إحياءها في الخارج لجذب السياحه و العمله الصعبه و تعريف الهويه . و الاهتمام بنشر البرامج الإذاعية و التليفزيونية و مواقع الإنتر نت التي تهدف لترويج السياحه و الفلكلور و التراث الشعبي بكافه أنواعه . هل سالت نفسك عزيزي القارئ عن دورك في الإسهام في الحفاظ علي تراث بلدك في ظل اختلاف الزمن و الدوران في عجله الحياه السريعه و ظهور هويه جديده مشوشه تحاول اختراق كل ماهو أصيل .؟!! ان لم يكن في مقدورك تطبيق شئ مما ذكرناه سابقاً فليس عليك سوي ان تعتبر كل ماتركه السلف ملكاً لك لكي تحافظ عليه و ان تسعد بتلاوه اسرار الماضي لابناءك و تلقينهم مايجب معرفته عن تراث و ماضي بلدك حتي و لو اختلفت العادات و التقاليد عن الحاضر فلابد من اخبار ابنائنا بكل ما كان كائن و التوعيه بكل ما يجب علينا فعله تجاه تراث و قوميه البلد و حتي اذا انتقلت من مكان لآخر مثل الهجرات الداخلية و الخارجيه التي قد تبعدك عن سلوكيات و عادات تراثك فكل ماعليك حتي لو اضطررت ان تتخلي عنها الا انه من الصائب ان تذكرها لابناءك و تتذكر كل ما هو جيد منها و تفتخر به امام الجميع . و عليك بضروره معرفه ان كل دوله لا تحترم و تقدر ماضيها و حضارتها الفائتة ليس لها أمل في صناعه مستقبلها . انظروا لكثير من البلدان التي كانت بلا حضاره و بلا هويه و بدأت تعمل علي صنع حاضر خصب و تجهيز لمستقبل مزهر !!! فكم بالحري الدول التي تكتظ بالإرث التراثي الضخم و عجائب و خيرات صنعها خير السلف وتركها للخلف ..و لكنها للأسف باتت مهمله و مريضه تحتاج لإنعاشها و تمريضها علي يد مختصين بعلًوم و الحضارات من اجل انقاذها و إحياءها !!!!! و لك ان تري علي وجه الخصوص حينما يتعرض التراث في الوقت الحالي للعديد من التهديدات والتدميرات التي تسبب له الإضمحلال والذي يعتبر ضرراً يمس جميع الشعوب بسبب تغييرات الأحوال الإجتماعية و الثقافيه و التعليمية والإقتصادية و تفشي الجهل و الاميه بين الكثير من الشعوب التي تمتلك الكثير من الحضارات العظيمه . و لذا يفضل بذل جهود مكثفه للمحافظة على التراث من الضياع من خلال التوعيه والعمل علي حمايته على الصعيد الوطني او المحلي وكذلك على الصعيد العالمي ووضع دستور عالمي من قبل منظمة اليونسكو العالمية او المنظمات الآخري التي من شأنها حمايه انواع التراث المختلفه و ان ينص هذا الدستور على أنّه يجب المحافظة على التراث العالمي وحمايته من التلف و الدمار وألزام جميع الدول الموقعة على هذا الدستور بضرورة تطبيق هذه الاتفاقيات وبالإضافة إلى ضرورة مشاركة وتعاون المجتمع الدولي ككل من أجل حماية التراث الطبيعي و الأثري والثقافي و العلمي من خلال الأساليب العلمية الحديثة .