إقتصاداخبار عالميةعاجل

هل ستكون 2022 عام إنهيار السوق العقارى فى أمريكا ؟!

بقلم/ جاك عطا الله باحث إقتصادى بالولايات المتحدة الأمريكية - خاص لصحيفة كاريزما

تضخم .. إرتفاع أسعار .. إنهيار عقارى .. بطاله .. سعر الفائدة … وباء ..

كلمات تترد على مسامعنا كثيرا فى الآونه الأخيره ومن منا لم يسمع عن الإرتفاع المطرد فى أسعار السلع والخدمات وخصوصا فى أسعار العقارات والذى طال جميع الولايات المتحدة الأمريكية.

بسبب ذلك الإرتفاع الكبير فى الأسعار بدأ الحديث عن إحتمالية وجود فقاعه عقاريه مما ينذر بإنهيار السوق العقارى قريباً وتكرار شبح أزمه عام 2008 خاصة مع إرتفاع معدل التضخم لأرقام قياسيه.

أسئلة كثيرة وآراء مختلفه نسمعها جميعاً وبعضها متضارب بشأن مستقبل السوق العقارى مما يجعل البائع و المشترى والمستثمر فى حيره من أمره.

وللرد على هذه الأسئلة وتحليل السوق العقارى دعونا نقيس ونحلل ما يحدث طبقاً لأسلوب علمى مبنى على النظريات الإقتصادية والبيانات التاريخيه للوصول لإجابه صحيحه بطريقه مبسطه دون الدخول فى تعقيدات أو توجيه للرأى.

يستخدم المحللين الإقتصادين بعض البيانات لتحدد إتجاه سعر اى خدمة أو منتج  Price Trending من بعض هذه البيانات مايلى:

1 – معدل التضخم Inflation

2 – العرض والطلب Supply & Demand

3 – أسعار السلع المكملة والبديلة Substitute & compliment

4 – معدل الفائدة Interest Rate

أولاً: التضخم Inflation:

يجتاح العالم حالياً موجه تضخم عالمية بسبب تأثير وباء كورونا الممتد إلى الآن والذى تحاول الدول التعافى منه قدر الإمكان وإن كنت مقيم عزيزى القارىء بالولايات المتحدة الأمريكية بالتأكيد تشعر بغلاء الأسعار فى الغذاء والوقود وغيرها من السلع.

وإن تحدثنا بلغة الأرقام فقد أشار تقرير وزارة العمل الأمريكية U.S. Department of Labor إن مؤشر المستهلكين ( CPI) الذى يقيس معدل التضخم السنوى ان التضخم السنوى إرتفع بنسبه 5.3% من أغسطس 2020 إلى أغسطس 2021

وللتوضيح أكثر فإن هذا يعنى أن القوة الشرائية إنخفضت بقيمه 5.3 % خلال سنة واحدة فقط وهو ما يعتبر أعلى قيمة وصل لها التضخم خلال 10 سنوات ماضيه.

ويعتبر معدل التضخم هو مؤشر لأسعار العقارات حيث أنه هناك قاعدة فى الإقتصاد إنه فى حاله التضخم يلجأ عدد كبير من المستثمرين لأدوات التحوط أو ما يسمى بالـ Hedging وهى البحث وعاء إستثمارى آمن يتم إستثمار الأموال فيها للحفاظ عليها من إنخفاض القيمة نتيجة التضخم ولذلك يلجأ معظم المستثمرين إلى  الإستثمار فى العقارات أو الذهب ذلك لانهم فى إتجاة صعودى دائم على مر الزمن values over time tend to stay on a steady upward curve.

وهناك دائما علاقة طرديه بين أسعار العقار والذهب من ناحيه وبين التصخم من ناحيه أخرى مما يعنى أن إرتفاع معدل التضخم يؤدى إلى زياده أسعارهم بالإضافه إلى المقوله المشهوره فى بلادنا العربية أن العقار يمرض ولا يموت أو كما يقول المجتمع الأمريكى  The housing market gets sick but it doesn’t die مما يعنى أن العقار فى إتجاه صعودى دائم Upward Trend يتخلله بعض فترات الإتجاه العرضى Sideward Trend لفتره مؤقته لكن بالتأكيد لن يكون إتجاه هابط Crash Trend والبيانات التاريخيه تؤكد هذا التحليل.

وبناء على ما سبق نتطرق للحديث عن:

ثانياً: العرض والطلب Supply & Demand:

كما ذكرنا سالفاً أن إرتفاع معدل التضخم يزيد من رغبه المستثمرين فى شراء العقارات كوعاء إستثمارى مما يزيد ويخلق طلب كبير لا يقابله عرض بنفس المقدار وهو ما يسمى بالـ Excess Demand والعقار كمثل أى سلعة عندما يرتفع الطلب يرتفع السعر لعدم وجود توازن أو ما يسمى إقتصادياً Equilibrium

 

فى هذا الوقت يطلق على السوق العقارى إسم Seller’s Market لأنه وقت مناسب للبائع بالحصول على سعر مرتفع معتمداً على قله العرض وإرتفاع الطلب.

ولو تحدثنا عن الأرقام فتقرير موقع Realtor عن متوسط أسعار العقارات أو ما يعرف بإسم الـ (Median YOY) زاد خلال السنة الأخيرة بنسبة 23.4% مما يعنى أن هناك زيادة فى الطلب مرتفعه لا يقابلها نفس النسبة من العرض.

ولمعرفة لماذا لا يوجد نفس النسبة بين العرض والطلب فهذا يأخذنا لفهم  

ثالثاً: أسعار السلع المكمله والبديله Substitute & compliment:

المعروض من العقارات يتم من خلال طريقين ..

1 – بيع عقار قائم بالفعل

2 – بناء وحدات عقارية جديدة

ولبناء وحدات عقارية جديدة يتطلب مواد بناء Building Materials والتى تعتبر من الصناعات المكملة والمغذية Compliment لسوق العقارات.

مواد البناء كغيرها من السلع تعانى نقص شديد فى المعروض بسبب وباء كورونا الذى أثر على سلاسل الإمداد على مستوى العالم وتسبب بما يعرف بأزمة سلاسل الإمداد العالميه Global supply chain crisis  وتسببت فى إرتفاع أسعارها العالمية مما أثر على أسعار التشييد والبناء وبالتالى أسعار الوحدات للمستهلك النهائى.

 كل هذه العوامل مجتمعه دفعت أسعار العقارات للإرتفاع المطرد خلال الفترة الأخيرة.

على النقيض أيضاً هناك بعض العوامل التى تدفع الأسعار للإتجاه الهابط أو تقلل من حده الصعود  كــ  معدل الفائدة Interest Rate

رابعاً: معدل الفائدة Interest Rate:

فعندما يحدث تضخم يستخدم البنك الفيدرالى معدل الفائده كأداة من أدوات السياسة النقديه للسيطرة على التضخم ولوقف الخسائر الناجمه عن إنخفاض قيمة العملة و قلة القيمة الشرائية.

ولأن كثيرين غير مختصين بالإقتصاد فيمكن أن نوضح معدل الفائدة بطريقة بدائيه – غير دقيقه – ولكن للتوضيح فقط.

فى حاله ان التضخم 2 % (هذا يعنى ان قيمه النقود تقل بنسبه 2% فى السنة)

لو حصل شخص خلال هذه السنة على قرض بقيمه 100.000 دولار بفائده 3% لمدة سنه فيكون أصل المبلغ بالإضافة إلى الفائدة فى نهاية العام بقيمة 103.000 دولار

ولكن لان التضخم 2 % فهذا يعنى أن البنك خسر 2% من الـ 103.000 على مدار السنة مما يعنى انه حصل على فائده 1% فقط مما يضطره إلى رفع معدل الفائده على الإقراض لتعويض الخسائر الناجمه عن التضخم.

وعلى هذا المنوال فكلما إرتفع معدل التضخم إرتفع معها معدل الفائدة وهو ما يعتبر خطر على الإستثمار بشكل خاص والإقتصاد بشكل عام لانه يسبب إرتفاع تكاليف الإستثمار مما يؤدى إلى إرتفاع أسعار كل السلع والخدمات.

لذلك إرتفاع معدل الفائدة ليس فى مصلحة الإقتصاد ويتم إستخدامها كأداة لفترة زمنية من أجل إعادة التوازن (كما حدث فى مصر عندما كانت الفائده 20% فى ظل تضخم 33%)

وكما ذكرنا فإن إرتفاع أسعار الفائدة سيؤدى إلى إرتفاع أسعار الــ Mortgage والذى ينتج عنه عدم قدرة شريحة معينة من شراء بيوت لانها لا تستطيع تحمل معدلات الفائدة المرتفعه أو لن تكون مؤهلة للحصول على قروض عقارية من البنوك Can’t afford the high interest rate OR Can’t qualify وبالتالى سوف ينخفض الطلب على العقارات مما يدفع الــ Demand & Supply لنقطة التوازن السعرى Equilibrium وهذا ما بدأ يحدث فى بعض المناطق فى الولايات المختلفة.

لذلك يمكن للإتجاة الصعودى upward trend أن يستمر بالصعود لكن ليس بنفس السرعة والقوة فى الوقت السابق لأن هناك عوامل أخرى تدفعه أن يصبح flat أكثر من up (مازالت أسعار الفائدة تعتبر منخفضة حتى وقت كتابة هذا المقال).

عامل أخير فى تحديد سعر العقار انه ليس كل الــ Market واحد ولكن هناك شرائح سعريه مختلفه Price Levels لذلك يمكن أن يكون هناك upward trend فى price level معين بالنسبه لشريحه كبيرة Affordable ولنفترض العقارات أقل من مليون دولار وفى نفس الوقت sideward trend فى price level آخر ولنفترض العقارات أكثر من مليون دولار.

بجانب الأخذ فى الإعتبار عوامل أخرى كتأثر الــ foreclosure rate على المعروض من العقارات وليس فقط البُعد الإقتصادى هو ما يؤثر على العرض والطلب ولكن أيضاً الإستقرار والتوجهات السياسية والضريبة وإعتمادات الموازنه ومعدل البطالة والحد الأدنى للإجور تؤثر أيضاً بشكل كبير وبالتالى لابد أخذها فى الإعتبار.

لذلك التنبؤ بالأسعار ليس كلام مرسل ولكن بناء على معطيات وتحليلات للأرقام التاريخية والحالية.

فى النهاية الأخذ بكل هذه العوامل مجتمعة تعطى مؤشر لإتجاة الأسعار المستقبلى فقط فى حالة الإبقاء على كل العوامل الأخرى ثابتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى