• الوضع الديني في مصر، محزن وكارثي.
• لنتعلم من دولة المغرب.
• مسيحيو مصر، ليسوا أهل ذمة.
• معركتنا الحقيقية، ضد فكر وليس أشخاص.
• ليس تجديداً، وإنما تصحيحاً للخطاب الديني.
• العِلمانية، فيها نجاة المسلمين والإسلام.
• التديّن الكاذب، أخطر من الالحاد.
• أؤمن باليهودية، والمسيحية.
• أؤيد التصالح مع من لم يحمل السلاح.
• سوف انتخب صاحب البرنامج الأفضل، بغض النظر عن إسمه.
حاوره: عادل عطية
كاريزما تحاور الشـيـخ الدكتــور مصطفـى راشــد
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام
– مسيرتـكم من أين بدأت وإلى ماذا تريد أن تصل؟
أعمل رئيساً للاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام، ومن موقعي هذا، حضرت العديد من المؤتمرات الدولية حول العالم، كمتحدث عن كيفية التعايش السلمي بين أتباع الأديان، ودعيت للحديث أمام العديد من برلمانات العالم
مثل: البرلمان الأوروبي، والبرلمان الفرنسي، والأسترالي.
صدر لي 28 كتاباً، و 989 بحثاً منشوراً.
هدفي في الحياة، أن يعم السلام العالم، ويعيش كل إنسان حياة كريمة؛ فكل البشر، اخوة واخوات
ينتسبون جميعاً إلى الأبوين الأولين: آدم وحواء.
أعد بك الى بداياتي، هكذا قال شيخنا الجليل..
نشأت في مدينة رشيد، من أعمال محافظة البحيرة، لأسرة بسيطة، متدينة بشكل مستنير، تعرف قيمـــــــة العلــــــم، والأخــــــلاق
وتحترم القانون والأصول، والمبادئ العظيمة.
انتقلت إلى الاسكندرية، وهناك، ألتحقت بمعهد سموحة الأزهري، ثم كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، التي حصلت منها على العالمية. بعد ذلك، التحقت بأكاديمية السلام الدولية، وحصلت على الدكتوراة في مقارنة الأديــــــــان.
– كيف ترى الوضع الديني في مصر؟
الوضع الديني في مصر محزن وكارثي؛ فالتديّن الكاذب الجاهل، منتشر بين عموم الناس، وأكثر من 95% من رجال الدين عندنا، اما جهلة، واما مدّعين، يكذبون على الله علناً عبر وسائل الإعلام والصحافة، ويضعون شريعة، ما انزل الله بها من سلطان، تتوافق وصفاتهم التي تتسم بالعنف والإجرامية؛ لذا أتمنى من السيد الرئيس والمسئولين، منع البرامج الدينية على الهواء حتى يتم فحص هؤلاء بمعرفة لجنة عليا: نفسياً وتربوياً، وعلمياً. دولة المغرب، كانت سباقة في هذا التحوّل؛ فقد خصت دور العبادة، بالتعليم الديني دون سواها، وتحت الملاحظة؛ حماية للناس من أصحاب الفكر المريض، الذي يُنمّي الكراهية والإرهاب، بصورة مباشرة، وغير مباشرة.
– دائماً تبدأ أحاديثك بتكريم موسى وعيسى، فهل أنت تؤمن باليهودية، والمسيحية، إيمانك بالإسلام؟
اليهودية والمسيحية، رسائل من عند الله. ومن لا يؤمن بها ليس بمسلم؛ لأن القرآن عندما وصف المؤمن المسلم، قال بأنه من يؤمن بكل الكتب وكل الرسل، كما جاء في الآية 285 من سورة البقرة ، والآيتين 150 و152 من سورة النساء.
– ما رأيك في مقولة أن المسيحي كافر؛ لأنه لا يؤمن بالإسلام؟
من يضع الشــرع، أهـــذا القائــل، أم القـــــرآن والأحاديث الصحيحة؟!، فالقرآن والأحاديث الصحيحة لم تقل بأن اليهودي والمسيحي من أهل الكفر، بل قالت في 32 آية، أنهم أهل كتاب. وفرّقت الآيات بينهم وبين المشركين الكفار. ولا احد ينسـى قول نبينا، عندما كان ممسكاً بالتوراة، في حادثة شهيرة: ”يجب أن يعلى هذا الكتاب ولا يعلى عليــه”، كمــا أن الآيـــة 55 مـــن ســورة آل عمران، تؤكد على أن الذين اتبعوا عيسى فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة؛ لذا من يقول بكفر اليهود والمسيحيين، فقد أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويقع في دائرة الكفر.
– هل الدواعش كفار، من وجهك نظرك؟
الدواعش بالفعل كفّــار؛ لأنهـم كفــروا بشــرع الله الصحيح، الذي لم يأمر بالقتل، والحـرق، والتدميـــر واغتصاب النساء، وترويع الآمنين، رغم أن القــرآن حرم دم كل البشر على إختلاف عقائدهم.
– هــل مسيحيو مصــر أهــل ذمــــة، كـمــا يـقــول السلفيين؟
بالقطع مسيحيو مصـر، ليسوا أهل ذمــة.. فهــل أهل البلد، ونحن من أتى إليهم، نطلـق عليهــم أهـــل ذمـــة؟!. وللعلــم الحملــة التي جـاءت مـع الخليـفــة عمرو بن العاص، رجعت بالكامل، ولم يتبــق منهــا إلا حوالي 50 فرداً، مما يعني أن أكثر من 99% مــن مسلمي مصر، هم نسل من أجداد أقباط.
– في المناهج الأزهرية، كقاعــــدة اســــتنــدت إليهــا فتوى صدرت عن الأزهر نفسه، تُحرّم إعدام قاتـل المسيحي.. فما رأيك؟
إن قتل النفس التي حـرم الله إلا بـــالحـــق، تعتـبـــر كبيرة من أكبر الكبائر، وجريمة من أعظــم الجرائم فإذا كان الإسلام قد حـرّم الاعتـــداء على الحيــــوان عمـداً بــدون سبب، فمــا بالك بالإنسان العاقل الذي كرّمه الله! إن قتـــل العمـــد أو الغـــدر لا عفـــو فيــــه لا للأولياء ولا للسلطان، ولو كان المقتول كافـــراً والقاتل حراً مسلماً. فالقتل للقاتل دفعاً للفســاد في الأرض، وهو حق لله لا للآدمي. ولإسلام لم يفـــرق بين مسلم وغير مسلم، ومن يقول بغير ذلك، هو لا يرغب في تطبيـق شـــرع الله، بـــل تطبـيـــق شـــرع الشيطان لخلل في النفس، فإحـذروهــم. وأمـــا مـــن قال ذلك بدون قصد وبالخطأ في الفهـــم والتفســـير فسوف يحاسبه الله على الاستخفاف بدماء خلقــه وتصديه للرأي والفتوى بلا إدراك، وبلا أدلة قاطعة مؤكدة.
– كيـف ترى تجديد الخطاب الديني؟
دعنا نتفق في القول: ”تصحيح الخطاب الديني، وتنقية التراث من الأكاذيــب” وليس “تجديد”. وهي مسئولية مشتركة بيــن الرئيس، والحكومة، ومجلس النــواب، فكلهــم مسئولون عما يحدث في مصر من إرهــــــــاب لتركهم الفكر المتطرف، يقود منظومة التعليــم والصحافة والإعلام، والقضاء. وسكوتهـــــم على أحكام السجن، والتنكيل بكل شخص، يقدم فكراً مستنيراً مسالماً.
أضف إلى ذلك، تركهم العديـد من المتطــرفيــن في الوظائف الحكومية، والأماكن السيادية، وتعمـدهم التأخير في تفعيل مفوضية عدم التمييز، التـي نص عليها الدستور، ورفضهم إلغاء مادة إزدراء الأديـان وعدم اعمال القانون مع المتطرفين المجـــــرميـــــن بحسم، وسماحهم بجلسات الصلح العرفيـة، التــي تخضع لجبروت المتطرف، وعدم إقالة المقصرين والمتخاذلين من المسئولين عن حماية الناس بالعدل والمساواة؛ ليكونوا عبرة لغيرهم. وأخطر الكــل، ســــكوتهــــم على المرتبــــات التي يتقاضاها العديد من رجال الدين، والصحافة والإعلام، بكشوف معلومة من الدولة الوهابية؛ لدعم وإستمرار هذا الإرهـــاب، ونـــزيف الـــدم.
– ألا ننتظر دور الأزهر؟
هذا الملف ”أمن قومي”، ولا يحتمل رفاهية التباطؤ. ولا يجب أن ننتظر تحرك رجال الأزهر؛ لأنهم سبب ما نحن فيه، بصمتهم على التراث المليء بالعنف والدم، واستمرارهم في تدريس كل هذا التراث المتخم بالأكاذيب المغرضة، في معاهدهم، وكتبهم الدراسية.
صحيح لدينا الشيخ الطيب، على رأس هذه المؤسسة، وهو رجل طيب. إلا أن غالبية من يعملون معه، يحملون فكراً إخوانياً، سلفياً. وهؤلاء هم الخطر الكبير على الإسلام، وأمن الوطن، والمواطن؛ لأنهم ينسبون للإسلام ما في عقولهم وقلوبهم من أفكار شيطانية.
– لكن الدولة تبـــذل مجهـــوداً كبيـــراً في مكافحة الإرهابيين، وكل يوم يسـقط للوطــن شـــهـــداء في المعركة ضد الإرهاب؟
للأسف، الدولة لا تحارب الإرهاب، هي تحارب إرهابيين.. ما إن يقتلوا حتى يحل محلهم إرهابيون غيرهم. لذا المعركة ضد الإرهاب ستطول، وسوف تكلفنا المزيد من الضحايا؛ لأن بالداخل مفرخة، تفرخ كل يوم إرهابيين جدداً. المعركة ضد الإرهاب تعني تجفيف منابعه، تعني غلق مفارخه، تعني تصحيح مسار الأزهر وخطابه، تعني التضييق على السلفيين، تعني تطهير المساجد والفضائيات الدينية من كل مارق يدعو للكراهية ويتهم الآخرين بالشرك والكفر، تعني تحويل شعار ”الدين لله والوطن للجميع” لواقع نعيشه، تعني أن نطبق القانون، وأن نحكم بعقوبات رادعة لمن يخرج عليه، تعني أن تكون الدولة محايدة في الشأن الديني، وأن يتساوى الجميع أمامها في إعلاء لمفهوم المواطنة.
– يقولون، بأن العِلمانية ضد الدين وهي كفر؛ فكيف يمكن لرجل دين مثل الدكتور مصطفى راشد، أن يقول بأن العِلمانية فيها نجاة للمسلمين والإسلام؟
من قال أن العِلمانية كفر، لا يعرف ماهي العِلمانية؟.. فالعِلمانية تحترم الأديان، وتساوي بين الناس، وتحكم بينهم بالعدل، وتحترم كرامة الإنسان وحتى الحيوان، وتُعلّي من الضمير الإنساني، وتُجرّم الكذب… فهل الإسلام ضد ذلك؟!
كل البلاد طبقت العِلمانية ما عدا الدول الإسلامية، لقد أرادوا لها أن تبقى في القاع، فاخترعوا كفر العِلمانية، لنظل متخلفين في كافة نواحي الحياة، وهو ما حاصل الآن!
– التديّن الكاذب أخطر من الإلحاد. هل هذه دعوة صريحة منك للإلحاد؟
هذه ليست دعوة للإلحاد، بل هي توضيح لخطر التديّن الكاذب على الإسلام؛ فالملحد واضح في رفضه للأديان، ولا يستخدم العنف. أما أصحاب التديّن الكاذب، على شاكلة داعش، فهؤلاء وأمثالهم، أكثر من أساءوا لصورة الإسلام، وشوّهوه عند غير المسلم، بما فعلوه ويفعلونه باسم الإسلام من تقتيل، وتدمير، وحرق، وزني، وسرقة وتدمير للتراث التاريخي للشعوب، حتى انتشرت في العالم ظاهرة ما يسمى ”الإسلام فوبيا”، حيث أصبح الخوف من المسلمين واجب عقلي، إلى أن يثبت العكس!
– أيهما يكمل الآخر :الدين أم الإنسانية؟
كلاهما يكمل بعضه؛ فالدين رسالة روحية أخلاقية، تنظمها الإنسانية، وتضع القوانين والآليات لتطبيقها، كما تستخدم الإنسانية العقل الممنوح من الله لتغيير وتأويل النصوص لتواكب كل عصر، وتراعي مصالح الناس، حتى لا تصطدم المصالح بالنصوص الجامدة في عقل البعض.
– هل تؤيد التصالح مع جماعة الاخوان المسلمين؟
مع انني امقت اسلوب الشلليلة، وتمزيق وحدة المؤمنين إلى كيانات، وجماعات، وفرق، واسماء مختلفة، إلا انني أؤيد التصالح مع من لم يحمل السلاح من هذه الجماعة، وإعطائهم الفرصة ليكونوا معارضين سياسيين مسالمين بالرأي. والافراج عن محمد مرسي، الرئيس المعزول، ووضعه بمنزله تحت الإقامة الجبرية لمدة محددة؛ لأنه كان مجرد دمية، يحركها مكتب الإرشاد، فقد أساء لمصر بدون وعي، أو إدراك.. أي أن القصد الجنائي منتفي عنده، بسبب عقله المتواضع.
– هل تؤيد ترشح السيسي لدورة رئاسية جديدة؟
كنت ممن انتخب السيسي ليكون رئيساً. الآن السؤال سابق لأوانه؛ فأنا محتاج أن أرى كل المرشحين، وبرنامج كل واحد، حتى اختار من يضع تنمية الإنسان المصري، وعقله، وحريته، وكرامته، والعدالة الإجتماعية والمساوة، والأخذ بأسباب العلم وإنهاء ظاهرة أطفال الشوارع والهجرة غير الشرعية كهدف قومي. ووضع برنامج حقيقي للتقشف الحكومي وخفض نفقات مجلس النواب، والمؤسسات السيادية، ومنع البلطجة والإزعاج في الشارع، ومنع رجال الدين من لعب دور سياسي؛ لذا سوف انتخب صاحب هذا البرنامج بغض النظر عن إسمه.
– هل ترى اسماء منافسة للرئيس السيسي؟
من كوارث أنظمة الحكم في عالمنا العربي، أننا لا نُعد صفوفاً من القادة للمستقبل؛ وبذلك نصبح محكومين باختيار من نقول عنهم: أفضل السيئين!
نحييك شيخنا الجليل، على عقلك المستنير؛ فدين بلا عقل، عقل بلا دين!