فاطمة ناعوت
هدايا الكريسماس من الرئيس لأطفال مصر
بقلم/ فاطمة ناعوت - الكاتبة الصحفية والشاعرة الإعلامية المتميزة
احتفالات الكريسماس ورأس السنة في الغرب الأمريكي والأوروبي لها مذاقٌ مختلف لا يُنسى. فمثلما رمضانُ في مصرَ، لا يشبهه رمضانُ آخر في أية دولة أخرى، فإن احتفالات الكريسماس في أمريكا وأوروبا لا مثيل لها. أحب مشاهدة بابا نويل، (سانتا) كما يسميه الأطفال في أمريكا وكندا، وهو يتجول فوق عربة ملونة مبهجة محمّلة بالهدايا في علب ذات شرائط من الحرير، وتجرُّ العرباتِ الأيائلُ والظباء. ثم يتوقف سانتا عند كل بيت ليعلّق هداياه في شجرات الكريسماس، بعدما ينزل من مدفآت البيوت إلى حيث غرف المعيشة. وينتظر الأطفالُ قدومَ سانتا بهداياه؛ انتظارَ الظامئ لكأس ماء. أتذكّر جدتي الجميلة حين كانت تجلبُ لنا شجرة كريسماس كبيرة وتزيّنها بالنجوم والأنوار وقطع الحلوى، ثم تعلّق بها الهدايا كي نفرحَ مع أصدقائنا وجيراننا المسيحيين في عيدهم، مثلما يفرحون معنا بالمولد النبوي ويشترون “العروسة الحلاوة“، ويزيّنون معنا الشوارع في رمضان بالأوراق الملونة والفوانيس.
هناك الكثير من الروايات حول علاقة شجرة الصنوبر برأس السنة وميلاد السيد المسيح، عليه وعلى أمّه الطيبة السلام. منها أن قبيلة وثنية ألمانية كانت تعبد “إله الغابات” واسمه “ثور” في القرون الوسطى. وكانوا يعلّقون قربانًا بشريًّا على شجرة بلوط ثم يذبحونه! في عام 727 مرَّ بهم أحد رجال الدين المسيحي ورآهم يعلقون طفلاً كقربان للآلهة! نهرهم الراهبُ الطيبُ وأنقذ الضحية وعلّمهم كيف أن السيد المسيح عليه السلام جاء برسالة من أجل الخلاص، وليس للقتل. ومن يومها صارت الشجرةُ دائمةَ الاخضرار، وأصبحت رمزًا للحياة ورمزًا للميلاد الجديد. وكان مارتن لوثر، أبو البروتستانتية، أول من أضاء شجرة بالشموع في القرن السابع عشر. وتحولت الشموع فيما بعد إلى مصابيحَ كهربائيةٍ صغيرة، تتلألأ في الظلام كأنها النجوم تضيئ السماء في غبش الليل والظلام. وفي موسوعة بريتينيكا روايةٌ أخرى تقول إن المصريين القدامى أوّل من اعتبروا الشجرةَ الدائمة الخضرة رمزًا للخلود والأبدية والبعث. وفي روايات أخرى، حسب الأساطير القروسطية، كانوا يعتبرون أن يوم ٢٤ ديسمبر هو يوم آدم وحواء. وأن الشجرة الخضراء هي رمزٌ لشجرة الفردوس الأعلى. لهذا كانوا يزينون الشجرة الخضراء بالتفاح الأحمر التي ترمز إلى للخطيئة الأولى، خطيئة آدم وحواء. كذلك هناك قطع من الحلوى معلقة بالشجرة وهي رمزٌ للغفران والخلاص. وفي رواية أخرى، كما يشير علماء الفلك، فإن ٢٥ من ديسمبر هو يوم الانقلاب الشتوي حين تصل الشمس إلى أقصى مداها ويبلغ النهارُ أقصره، ثم يليه يومُ صعود الشمس وميلادها، فكان الرومان يحتفلون بتزيين الشجرة تمجيدًا لرب الشمس، التي هي أصل الحياة. ولما جاءت المسيحية تحول ذلك اليوم إلى احتفال بميلاد السيد المسيح عليه السلام. وتشير رواية أخرى إلى أن ذلك كله يعود إلى زيارة العائلة المقدسة أرض مصر هربًا من السفاح هيرودس. فقد كاد جنود هيرودس أن يقبضوا على السيدة العذراء وطفلها والقديس يوسف النجار أثناء رجلة هروبهم الخالدة، فلجأت العائلة المقدسة إلى إحدى الشجرات للاختباء تحت أغصانها. فما كان من الشجرة الطيبة إلا أن مدّت أغصانها وأطالتها وكثّفتها وشابكتها حتى تُخبئ الأسرة الطاهرة البارّة في حضنها. فكافأها اللهُ تعالى على فعلتها بأن جعلها شجرة حية لا تموت دائمة الخضرة أبدية الأوراق، وأضحت رمزًا للخلاص والخلود. وأيًّا ما كانت الروايةُ وراء شجرة الكريسماس، إلا أنها تظلُّ رمزًا للفرح والبهجة والحياة والميلاد المتجدد.
واليومَ مع بدايات العالم الجديد أدعو اللهَ أن يأخذُ أطفالُ مصرَ الفقراء هداياهم من الرجل الطيب الذي يرعى مصر. الرجل الطيب الذي أنقذنا من دموية الإخوان الخائنين وأعاد لنا مصر الجميلة، شجرةً وارفة طيبة دائمة الاخضرار. الفارس القويّ الذي واجه العالمَ بأسره دون خوف من أجل مصر الطيبة. الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أحبّ مصرَ فاختارته مصرُ ليرعى أبناءها. أما الهدايا التي أرجو أن يقدمها الرئيسُ لأطفال مصر فهي بسيطةٌ ومشروعةٌ وفي متناول كلّ أطفال العالم المتحضّر. تعليمٌ، صحةٌ، رعاية، وكثيرٌ كثيرٌ، كثيرٌ من الحب.
إهداء من الأستاذة فاطمة ناعوت عن جريدة المصري اليوم