الكنيسـة التى أزالت أسوارها فى مصر وإحتضنت المجتمع لتقدم له رسالة محبة وتنميـة نجحنا ” ناخذ صور ” بين القيادات لكننا فى حاجة أن نخرج من مستوى التنظير لمستوى التنفيذ فى الشارع لا يمكن ان 1000 شخص بيكرهوا الدنيا كلها وبيقتلوا الآخر انهم يحبسوا 100 مليـون مصـرى لماذا نصمم على التعليم فى كليات التجارة ولدينا فقط فى الأسكندرية محاسبين يكفون كوكب الأرض لـ 60 سنة قادمة.
فى بقعة صغيرة بميدان المنشية بالإسكندرية ، وعلى بعد خطوات من تمثال محمد على ، العبقرى ، باعث النهضة ومؤسس مصر الحديثة ، تقع كاتدرائية القديس مرقس الأسقفية التى لم تكتفى بأن تكون مكانا يؤدى فيه بعض المسيحيون صلواتهم، ولم تقنع بالاطلال على المجتمع السكندرى من خلال شرفاتها المرتفعة ، فقررت ان تزيل الاسوار التى تحجبها عن المجتمع لا لكى تنفتح عليه فقط بل لتحتضنه فى قلبها وعقلها.
ويقولون فى العاصمة الثانية ان إسكندرية موجة حب على أرض مصر ، وأنا أقول أن مركز أركان للابداع الذى يقف خلف هذا النشاط داخل الكنيسة الاسقفية ، هو موجة حب على أرض الاسكندرية، يقدم رسالة محبة وسلام وتنمية للمجتمع.
و بعيدا عن قبلات القساوسة والشيوخ وكلمات المؤتمرات الرسمية التى تجمع بين رجال الدين ، هنا عالم آخر داخل هذه الكنيسة اجتمع فيه شباب المدينة مسلمون ومسيحيون يتدربون ويتأهلون بتعليم مختلف غير نمطى يؤمن فقط بمجال الميديا والتكنولوجيا.
هنا ينطلق الشباب فى مساحات مفتوحة على أرض الكنيسة يغنون ويعزفون ويعرضون لوحاتهم الفنية واعمال الهاند ميد ، وهنا تعاملات راقية بين أفراد المجتمع تعيد لنا صورة الزمن الجميل فى مصر.
أردنا ان نقترب من هذا العالم المختلف وهذه التجربة المتفردة ، فقمنا بعمل ” زووم ” على ما يتم فى شوارعه ، لنطبع صورته فى أعيننا وأذهاننا
وكان لنا لقاء مع نادر ونيس صاحب الفكرة ومدير عام مركز أركان للإبداع بكاتدرائية القديس مرقس الأسقفية ….
كل عمل ناجح يبدأ بفكرة مبدعة .. فما هى رؤيتك لهذا المركز التنموى ، ولماذا يدار من داخل كنيسة؟
فى مصر تجد مناقشات فى قضية عمرها 1200 سنة وناس ترد عليها بأقوال من 600 سنة ، أما قضايانا الحالية فلا نتناقش فيها ، قبل الثورة كانت الدنيا ممكن تولع فى مصر لأجل واحد اتنصر أو واحدة أسلمت ، وسليم العوا كان يقول كلام قاسى جدا على الكنائس …
والآخر – طالما هناك سور بينى وبينه – فالكنيسة بالنسبة له شئ غامض ، ولهذا فانه يطلق عليها الاشاعات ، إذن الحل أن نفتح السور بجرأة ونسمح للآخر ” يشوفنى أنا عايش ازاى “
فالكنيسة لابد أن تكون فى تواصل مع الناس ، وقد عرضت الفكرة على المطرانية ، أن يقبلوا فتح سور الكنيسة على كل المجتمع فوافقوا وبدأنا التنفيذ .
المؤسسات يجب أن تبنى كبارى لصالح الناس فى الشارع ، ونحن نحتاج كبارى سلام واضحة وليست مجرد صورة ، فقد نجحنا فى المشهد ” ناخذ صور ” بين القيادات ؛ شيخ يبوس قسيس .. عزومة فى رمضان … لقاءات ودية فى بيت العائلة ، ولكننا فى حاجة أن نخرج من مستوى التنظير لمستوى التنفيذ فى الشارع لأن المشاكل تأتى من الشارع وليست من المثقفين .
فى البيوت عايشين المسيحى والمسلم مع بعض ، وكذلك فى الكليات والأشغال ، ليست هناك صراعات واضحة إلا عندما تتكلم عن أى مسجد أو كنيسة فتصبح جزيرة منعزلة عن الآخر .
الكلام رائع جدا وليس هناك تنفيذ ، لا يوجد فى الشارع مشروع عملى بين المسيحى والمسلم خصوصا فيما يخص المؤسسات ، ومن هنا جاءت فكرة مركز أركان داخل الكنيسة الاسقفية .
وأضاف ” ونيس ” … محتاجين أن نسأل أنفسنا .. هل نحن متمسكون بالشكل ” عاداتنا وافكارنا وتقاليدنا ” ام برسالة المحبة التى دعينا اليها ، هل نحن محبون أم ندعى ذلك ، هل نتمسك بكلام نردده أم نعيشه ؟
وهل يسود الخوف على حياتنا ؟؟ ….
لنفترض أن هناك 1000 شخص فى مصر بيكرهوا الدنيا كلها ويقتلون الآخر المختلف معهم ، فهل هؤلاء الـ 1000 يحبسوا 100 مليون مصرى ؟
لو هناك 100 سيدة قتلت زوجها ، هل يكون الحل أن نمنع الزواج ؟
لو هناك 100 طبيب يتاجرون بالاعضاء ،هل نمنع التعامل مع الأطباء؟
لو هناك 100 ضابط بيرتكبوا جرائم تعذيب ، فهل نمنع الأمن ؟
كم عمر مركز اركان؟
بدأنا مع تنحى مبارك ، وأصبحنا الأن أكبر سوق للفنانين فى الشرق الاوسط ، يتابعنا حوالى 70 ألف شخص فى الاسكندرية وربما نتخطى مكتبة الاسكندرية ، لنا سبع سنوات نقيم معارض ” فن بلا أسوار ” وكان أول معرض يضم اربعة رسامين فقط والان أصبح لدينا قاعدة بيانات بها 1700 فنان ، وقد أقمنا مؤخرا المعرض العشرين لفن بلا أسوار .
لماذا اخترت ” أركان ” ليكون اسما للمركز؟
لأننا نستعمل اركان الكنيسة فيما نقوم به ، وكذلك نجمع اركان المدينة لصالح الشباب ، ونصنع علاقات مع كل مؤسسات الدولة ( المجتمع المدنى والكليات والمحافظة والامن ورجال الاعمال والصحفيين ) .
أطلقت اسم موريستان على المدرسة التى تقوم بتعليم وتأهيل الشباب . لماذا اخترت هذا الاسم؟
كنت أقيم فى أمريكا لفترة طويلة ، ومجال عملى هو التكنولوجيا والاعلام وعندما عدت إلى مصر بحثت عن مكان يقدم دبلومة الملتي ميديا ، وفى ذلك الوقت كان المكان الوحيد فى مصر لدراسة صناعة الاعلام الجديد هو المركز الثقافى الروسى بالقاهرة وكانت تكلفة هذه الدراسة 60 الف جنيه مصرى وذلك طبعا قبل تعويم الجنيه .
قررت أن أنفذ نفس المجال من خلال الكنيسة وبالمجان ، ومن هنا كانت فكرة موريستان ، لأنها فكرة مجنونة ، وقد اخترت هذا المجال بالذات لأنه يوفر عشرات الالاف من الوظائف المتاحة .
فلا أدى لماذا نصمم على التعليم مثلا فى كليات التجارة ولدينا فقط فى الاسكندرية محاسبين يكفون كوكب الارض لمدة 60 سنة قادمة ، فى حين ان هناك قطاعات اخرى مثل التكنولوجيا وشركات الانتاج والانترنت واليوتيوب تتيح الالاف من الوظائف ، ولابد ان نسأل أنفسنا .. هل التعليم التقليدى فى مصر بيجيب فلوس ؟
ما هى نوعية التدريب الذى تقدمه موريستان؟
كانت فى أيامنا حوالى 200 وظيفة تقدمها الكليات المختلفة فى مصر ، الآن هناك عشرات الالاف من الاعمال المتاحة على الكمبيوتر ، لم يعد المهندس والدكتور هى الوظائف التى تجلب النقود ، فهناك أفكار أخرى تجلب النقود أكثر من هذه الوظائف ، والجيل الجديد كله بيجرى خلف التكنولوجيا والميديا والفن ، واصبحت هناك قطاعات كبيرة مفتوحة لهذه المجالات ودورنا ان نكون حضانات لهم ، لذلك فنحن نقدم كورسات فى المونتاج ، والتصوير الفوتوغرافي والفيديو والانيميشين وبرامج الجرافيك ، وكذلك فى كيفية إعداد وتقديم البرامج التلفزيونية وفى التسويق الاليكتروني وإدارة المشروعات متناهية الصغر.
كيف يتعرف الناس على المكان؟
على الفيس ومن خلال التعامل المباشر مع الشباب الذين يتكلمون عنا مع الآخرين ، ونحن نقيم معارض يضم الواحد منها أكثر من 200 فنان ، ومن خلال الفيس هناك تواصل مع شباب من دول كثيرة .. تونس والمغرب والسعودية والكويت ولكن التعامل المباشر فى اسكندرية فقط .
هل هناك شروط لقبول الشباب فى مركز الابداع ؟
نقوم بعمل اختبارات للمتقدمين ، فأنا أعلمك أفضل شئ فى البلد ولابد ان تكون مستحق لذلك ويكون هناك أمل منك . خاصة اننا فى بلدنا لا نحترم الشئ المجانى .
و هناك أربعة أشياء محظور التكلم فيها داخل المركز (الدين والسياسة والجنس والرياضة ) لأنها الاشياء التى تثير الخلافات والنزاعات.
وطبعا ضرورى انك تكون مؤدب بزيادة ، محترم ، بدون تكبر بدون نفسنة بدون تنمرعلى الاخر ، وهى شروط كل الناس قبلتها ولم نجد شكوى طوال 7 سنوات من التعايش بين مسلمين ومسيحيين داخل كنيسة فى مصر ، ويطلبوننا فى امريكا لنتحدث عن تلك التجربة فى المجتمع المصرى.
ماذا عن فرص العمل؟
ليس لنا دور فى ذلك ، وأنا لا أدعم فكرة التواكل ، فأنا أحاول أن أنقل الفكر الغربى ونخرج من ” ماما الحكومة ” التى تنقلك من الابتدائى للاعدادى للثانوى وتختار لك الكلية التى تدرس بها ، ثم تنتظر منها ان تحضر لك الوظيفة ، هذا نظام لابد ان ينتهى.
وماذا عن الجهات الامنية ؟
الجهات الامنية متعاونون معنا جدا ، فنحن نقدم محبة وتنمية لبلدنا بدون أى أغراض أخرى وكل ما نعمله ظاهر ومكشوف.
كلمنا عن الكنيسة الاسقفية وكذلك الفريق الذى يتعاون معك؟
ليست هناك فكرة أو شئ لم تقف معنا فيه الكنيسة الاسقفية ، وهى التى تقدم الدعم والمنح للشباب فى مدرسة موريستان ، اما فريق العمل معى فكلهم متطوعون وانا لم آتى بهم ولكننا فتحنا الباب للكل وكل يقوم بدوره بنظام وترتيب وجدية.