رأيناه شخصاً يترنّح، وهو يصرخ في غيبوبة سكره، ويقول: أنا جدع.. وهي الصفة التي يفتقدها، ولا يجدها إلا في قاع زجاجة الخمر المتلوّنة! ورأيناه شخصاً جانحاً مستهتراً، يأتي بكل فعل قبيح ذميم، ثم ينظر في عينيك، ويقول بجرأة شريرة: أنا حُرّ! حالات، قيل عنها فرديّة، عالجتها الشاشة البيضاء، كما عالجتها القوانين والشرائع السماوية، والعرفيّة! لكن في هذا الصيف، كبداية لكل صيف قادم، تحدّت هذه الفرديّة كل أسوار الخيال؛ وقفزت قفزات نوعيّة لتصبح حالات كونيّة! فالكل صار يصرخ: أنا حَرّ (من الحرارة)! ليس ـ لا سمح الله ـ، لمرض أصاب الإنسان؛ فرفع من درجة حرارته؛ وانما لأن الإنسان صار متوحداً مع حرارة الجو، حتى أصبح والحرارة: شيء واحد، وأصبح لدينا الإنسان الصيفي الذي يتصبب غضباً مع أي موقف، ولو كان هذا الموقف كلا شيء! يحدث هذا، بعد أن فشلت جميع أنواع المراوح والتكييفات، من تدارك هذه الكارثة قبل فوات الوقت. الكارثة التي صنعناها بأنفسنا لأنفسنا بعد أن أسأنا إلى كوكبنا المسكين، وثقبنا طبقة أوزونه؛ ولم نكن ندرك أنها من الثقوب الوحيدة التي لا تساعد على التهويّة، بل على بث المزيد من الحرارة على الأرض! أضف إلى هذه الثقوب اللعينة، ما نثقبه كل يوم في جيوب بعضنا البعض؛ حتى ارتفعت درجة حرارة الأسعار إلى مدى الذروة القاتلة! ومع ذلك، فكلي أمل وطيد في أن نجد في جحيم الحَرّ الذي يتزايد على هواه، النظرة والعبرة؛ بما يكفي ليقينا من جحيم الآخرة! عـادل عطيـة