(رحلة غربة) عمود صحفى جديد كنت أحلم به منذ زمن بعيد.. أصطحبك معى صديقى وقارئى العزيز المتابع لصحيفة وموقع كاريزما فى رحلة من رحلات الغربة.
الغربة عن الوطن أصعب إحساس ينتابك، فما بالك بالغربة عن الذات فيصبح إحساس مؤلم ومجهد يمكن أن يشعر به الإنسان حينما نعيش غرباء عن أنفسنا وليس فقط عن بلادنا.
نفتقد السلام الداخلي والطمأنينة التي تمنحنا الأمان والحكمة والفرح، وتشغلنا الحياة بإيقاعها السريع وتلهينا بأرقامها المغرية والمخيفة أحياناً ونعتقد للوهلة الأولى أننا كم نستطيع أن نحقق فيها.. وليس كيف نعيشها؟!
وتصبح الصورة لدينا ناقصه والمعادلة غير مكتملة فنصبح فى جميع الأحوال فى غربة.. عندما نغادر بلادنا أو نبقى فيها، أو حتى عندما نغادر دنـيـانـا فنكتشف إننا كنا غرباء بأى حال من الأحوال.
لذلك نحن بأمس الحاجة أن نجدد علاقاتنا مع الله وذواتنا والآخرين، التي أهملناها منذ زمن بعيد، وسنجد في حياتنا محطات يجب الوقوف عندها للتحاور مع النفس والتأمل فيها وأيضاً مع شركائنا فى هذه الحياة بشكل إيجابى وعملى.
ربّى، هبنا أن ننظرَ إلى ذواتنا والآخرين بعينيك، ونحبّ ذواتنا وجميع الآخرين بقلبك.
بعض الأمور إذا إستطعت التخلي عنها سوف تجعل حياتك أسهل كثيراً وأكثر سعادة وحكمة من قبل بكثير وخصوصاً وأنت فى الغربة.
أحياناً بدون أن ندري نتمسك بالكثير من الأمور التي تسبب لنا قدراً كبيراً من التوتر والألم والمعاناة، وبدلاً من السماح لهذه الأشياء بالذهاب جميعاً وبدلاً من السماح لأنفسنا بأن نكون خاليين من الإجهاد، على العكس نحن نتشبث بهذه الأشياء بقوة.
إعتباراً من اليوم سوف نقوم بالتخلي عن معظم تلك الأشياء التي لم تعد تخدم لنا أي غرض وسوف نقبل التغيير ..
فهل يا صديقى مستعد أن تكون أنت التغيير الذى تريد أن تراه فى هذا العالم وفى نفسك أولاً؟!
فهيا بنا يا صديقى نكتشف ذواتنا فى الغربة عندما أصتحبك معى فى تلك المحطات.
1- التخلي عن حاجتك لتكون دائماً على حق:
هناك الكثيرين منا الذين لا يستطيعون تحمل فكرة أنهم يخطئون، ويتمسكون بآراءهم حتي ولو كانت خطأ وحتي ولو كانت النتيجة خسارة أعز الأصدقاء أو إنهاء لعلاقة وطيدة مع الآخرين.
وحتى لو كان التمسك برأينا يحدث قدرا كبيراً من التوتر والألم بالنسبة لنا وبالنسبة للآخرين المسألة لا تستحق كل هذا العناء.
كلما شعرت بنفسك “تلح” عليك ضرورة القفز إلى معركة حول من هو على حق ومن هو على خطأ إسأل نفسك هذا السؤال:
“هل أصر أن أكون على حق، أو من الأفضل أن أكون عطوفاً ومتسامحاً؟!
يقول واين داير: ما هو الفرق حقاً إذا كنت على خطأ أو صواب هل الأنا أم غرورك كبير لهذه الدرجة؟!
2- التخلي عن حاجتك للسيطرة :
كن على إستعداد للتخلي عن حاجتك للسيطرة دائماً على كل ما يحدث لك وحولك والأحداث والأشخاص الموجودين سواء كانوا من المقربين أو زملاء العمل أو مجرد غرباء تلتقي بهم في الشارع، أسمح لهم أن يكونوا أنفسهم ولا تفرض عليهم طريقتك في الحديث أو السلوك أو الحياة.
أسمح لكل شيء وكل شخص ليكون كما هو وسوف نرى كيف أن ذلك سيجعلك مرتاحاً وستشعر بشعور أفضل بكثير.
أترك العالم كما هو إن من يمتلكون العالم هم من تركوا العالم وشأنه، ولكن عندما تكرر محاولة اللحاق بالدنيا.. فستفشل بالتأكيد، الحكيم “لاو تزو”.
3- التخلي عن إلقاء اللوم :
التخلي عن حاجتك لإلقاء اللوم على الآخرين سوى لأنك تمتلك الأشياء أو لا تمتلكها أو بما تشعر به، توقف عن إلقاء اللوم للآخرين والبدء في إتخاذ المسؤولية عن حياتك.
4- التخلي عن الأفكار الهادمة لذاتك والنابعة من عقلك:
كم من الناس يضرون أنفسهم بسبب عقليتهم الإنهزامية والأفكار الذاتية السلبية والملوثة عن أنفسهم والمتكررة، لا تصدق كل ما يقوله عقلك عنك لا سيما إذا كان الكلام سلبياً ويقلل من شأن ذاتك، أنت أفضل مما تعتقد أترك الآراء السلبية وأرمها وراء ظهرك.
العقل هو أداة رائعة إذا ما أستخدمت بحكمة ولكن نفس الأداة تصبح أداة للدمار والفوضى والحزن والقلق إذا أستخدمت بشكل خاطئ.
5- التخلي عن الحدود الضيقة التي رسمتها عن نفسك:
نعم تخلى عن فكرتك الضيقة حول ما يمكنك القيام به أم لا، حول ما هو ممكن أو مستحيل، من الآن فصاعداً أنت لن تعد تسمح لمعتقداتك الضيقة عن مقدراتك الحد من قوتك وإبقاءك عالقاً دائماً في المكان الخطأ إفرد جناحيك وحلِّق، الإعتقاد ليس فكرة يحملها العقل بل الفكرة هي التي تحمل العقل.
6- التخلي عن الشكوى:
التخلي عن حاجتك المستمرة للشكوى من تلك العديد من الأشياء، الناس، المجتمع، والحالات والأحداث التي تجعلك غير سعيداً، حزيناً أو مكتئباً.
لا أحد يمكن أن يجعلك سعيداً ولا يمكن لأي حالة أن تجعلك حزينا أو بائساً إلا إذا كنت أنت الذي تسمح لها، إنها ليست الحالات هي التي تطلق تلك المشاعر التي تشعر بها، ولكن كيف اخترت أن تنظر إلى تلك الحالات بإيجابية؟!
فهذا الذي يطلق مشاعرك إلى قوة التفكير الإيجابي.
7- التخلي عن الإنتقادات:
التخلي عن حاجتك لإنتقاد الأشياء والأحداث والناس التي لمجرد إختلافهم في سلوكهم أو طريقة نظرتهم للأمور.. نحن جميعا مختلفون ولكن نحن جميعاً لا نختلف في الجوهر.
نحن جميعا نريد أن نكون سعداء ونحن جميعا نريد أن نحب ونُحَب ونحن جميعا نريد أن يكون مفهومين من الآخرين..
نحن جميعا نريد أشياء في هذه الدنيا ونتمنى ونحلم.
8- التخلي عن حاجتك لإرضاء الآخرين:
تخلي عن محاولتك المستميتة لتصبح شخصاً آخر كي يرضى عنك الآخرين، هذه الطريقة غير سالكة ولن تؤدي سوى لإرهاقك وضياع نفسك.
في اللحظة التي تتوقف عن المحاولة المضنية والصعبة جداً لكي تكون شخص آخر..
في اللحظة التي تخلع كل الأقنعة، وفي اللحظة التي تقبل نفسك كما هي وتحضن ذاتك الحقيقية بكل الرضا والحب،
سوف تجد الناس تلقائياً ينجذبون لك وسيحبونك كما أنت وما أنت عليه.
9- التخلي عن مقاومة التغيير:
التغيير أمر جيد وإيجابي وطبيعى فى هذه الحياة، سوف يساعدك التغيير على الإنتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى.
التغيير سوف يساعدك على عمل التحسينات في حياتك وشخصيتك، وكذلك حياة من حولك إتبع الإسلوب الخاص بك و تقبل التغيير لا مقاومته ولا تقلد شخص بعينه.
10- التخلي عن التصنيفات:
التخلي عن حاجتك الدائمة لتصنيف الأشياء والأشخاص أو الأحداث التي لا تفهمها على أنها غريبة أو مختلفة وحاول فتح عقلك شيئا فشيئا..
العقل يعمل فقط عندما يكون مفتوحاً.. أفتح عقلك وأستوعب الجميع وأنواع الشخصيات من حولك.
أعلى شكل من أشكال الجهل هو عند رفض شيء لا تعرف عنه أي شيء (واين داير)
11- التخلي عن مخاوفك الخاصة:
الخوف هو مجرد وهم فإنه لا وجود له أنت أنشأته بنفسك.. الخوف لا يوجد إلا في عقلك.. وإزالة الخوف من عقلك يعني إزالته من حياتك..
12- التخلي عن الأعذار:
في الكثير من الأوقات نحن نحد من قوتنا ومهاراتنا بسبب العديد من الأعذار التي نستخدمها، بدلاً من النمو والعمل على تحسين أنفسنا وحياتنا نحن نتعثر ونكذب على أنفسنا وذلك بإستخدام كل أنوع الأعذار والتي في الواقع ليست حقيقية.
13- التخلي عن الماضي:
أعرف أن ترك الماضي وراءك صعب وخصوصاً عندما يبدو الماضي أفضل بكثير من الحاضر أو أسوء، والمستقبل يبدو مخيفاً جداً ولكن عليك أن تأخذ في الاعتبار حقيقة أن اللحظة الراهنة هي كل ما تملك والماضي لن يعود مهما فعلت.
اللحظة الراهنة هي جميع ما لديك من أي وقت مضى.. الآن، الماضي الذي تشتاق إليه، الماضي الذي تحلم به.. الآن أصبح ماضى أو الماضي الذي يزعجك بالفعل إنتهى.
تذكر أنك كنت تتجاهله عندما كان حاضراً، فتوقف عن إيهام نفسك وكونه موجود في كل ما تفعله الآن واستمتع بالحياة الآن، على أي حال من الأحوال كل الحياة هي رحلة فإستمتع بكل تفاصيلها الآن ولا تؤجل.
كَوِّن لديك رؤية واضحة للمستقبل وجهز نفسك ولكن كن دائماً موجود في الوقت الراهن ولا تنسى الحاضر، تمتع بكل تجربه وعيش الشغف بإيجابية.
14- التخلي عن التعلق:
هذا المفهوم صعب فهمه بالنسبة لمعظمنا ولكنه ليس شيئا مستحيلاً، بالممارسة ومع مرور الوقت فقط نستطيع أن نستوعب هذا المفهوم كاملاً.. نعم كاملاً.
التخلي عن التعلق هو فصل نفسك من كل شيء وهذا لا يعني إنك تتخلى عن حبك لهم لأن الحب والتعلق ليس لهما علاقة مع بعضهما البعض، التعلق يأتي من مكان الخوف، حسنا الحب الحقيقي صافي وخالي من الخوف وغير أناني .. حيث يوجد الحب لا يمكن أن يكون هناك خوف، وبسبب ذلك التعلق والحب لا يمكن أن يتعايشاً معاً.
في الحب تصبح في حالة من الهدوء والطمأنينة والسلام، سوف ترتقي للمكان الذي سوف تكون قادراً منه على فهم كل شيء دون أن تحاول حتى حالة أبعد من الكلمات..
15- التخلي عن أن تعيش حياتك وفقاً لتوقعات الآخرين:
الكثير من الناس يعيشون حياة ليست لهم ولا طريقة للعيش، يعيشون حياتهم وفقاً لما يرى الآخرين هو الأفضل لهم.
يعيشون حياتهم وفقاً لما يظن آبائهم أو محبيهم هو أفضل لهم، لما يعتقد أصدقائهم أفضل لهم.
حتي أعدائهم ومعلميهم وحكومتهم ووسائل الإعلام الخاصة بهم يعتقدون هؤلاء الأفضل لهم، ويتجاهلون صوتهم الداخلي والنداء الداخلي، إنهم مشغولون جداً لإرضاء الآخرين ومحاولة الإرتقاء إلى مستوى توقعات الآخرين.
وبمرور الزمن يفقدون السيطرة على حياتهم وينسون ما يجعلهم سعداء حقاً ينسون ما يريدون ينسون ما يحتاجون إليه.
وفي نهاية المطاف ينسون أنفسهم وما هى رسالتهم فى الحياة المخلوقين فى الأصل من أجلها.
أخيراً وليس آخراً نصيحتي لك عزيزى القارئ:
لديك حياة واحدة هذه الحياة الآن.. في هذه اللحظة الراهنة الآن.. نعم الآن..
يجب أن تعيش فيها وتمتلكها بكل ما فيها من تفاصيل وحب وفرح وحياة وأمل وقدره على العطاء ونشر البهجه والحياة لك ولمن حولك.
وخاصة: أن لا تدع آراء الناس الآخرين تؤثر في المسار الذي تريده في حياتك، فمن الممكن الإستفاده منها وتحليلها ولكن بشكل موضوعى وواقعى وبدون مبالغة أو سلبية.
فكن أنت.. بكل ما تحملة الكلمة من معانى.. (فكن أنت التغيير الذى تريد أن تراه فى هذا العالم) المهاتما غاندي، وفى نفسك أولاً فنحن جميعاً فى غربة.
ففي الغربة لا تدّعي إمتلاكك لأى شيء..
في هذه الغربة لا تملك إلا حلمك وطموحاتك فقط، فحاول تجسيدهم على أرض أحلامك وواقعك المعاش.
إلى اللقاء عزيزي القارئ فى رحلة جديدة من رحلات الغربة..
تحياتى.. وائل لطف الله
Email: [email protected]