حوارات
حورس الفكر والتنوير (دكتور طارق حجى) يفتج قلبه وفكره مع الكاتب والإعلامى المتميز چـو متى على صفحات جريـدة كاريـزمـا
المفكـر الســيـاسـي طــارق حـجـى:
– نجحنا فى إنهاء تنظيم الإخوان ولكن المعركة طويلة للقضاء على فكرهم
– النوبيون حافظوا على لغتهم والأقباط خافوا قطع ألسنتهم
– البابا شـنودة قال للسـادات: «هنـدفــع الــثــمــن غـــالــى»
– الدولة العميقة ترى أنها متورطة فـى شــىء أســـمـــه الثـقـافــة
– مـشـــكــلــة ثــقــافــتـــنـــا – فى (صراع المحدثين والمحافظين)
طــارق حــجــي كـاتــب ومفكـر ليـبــرالـي..
مصرى من مواليد 12 أكتوبر 1950 بورسعيد، مصر. تركز كتاباته على نشر قيم الحداثة، الديمقراطية، التسامح وحقوق المرأة بالشرق الأوسط بإعتبارها أفكار عالمية والسبيل إلى تقدم المنطقة.
ألقى الكثير من المحاضرات، بإعتباره أحد المنظرين الليبراليين المعاصرين بكثير من جامعات العالم مثل أكسفورد، طوكيو، ملبورن، سيدني، برنستون، كولومبيا، كينجز كولدج، كولورادو، معهد هايك بفيينا، جامعة إراسموس بهولندا، الجامعة الأمريكية بالقاهرة، جامعة كاليفورنيا في بركلي، وغيرها من الجامعات العلمية والمراكز البحثية خاصة ما يتعلق بالشرق الوسط.
يركز طارق حجى مجهوداته على الإصلاح الإقتصادى والسياسي والثقافى والتعليمى بمصر والشرق الأوسط، طارق حجى هو أحد رموز تيار ليبرالى مصري يتنامى باطراد، خاصة بعد ثورة 25 يناير والذي يدعوا إلى إجراء مراجعات شاملة.
ونقد الذات والإعتراف بفشل السياسات الإيديولوجيا الدوجما التي سيطرت على مصر والشرق الأوسط لمدد طويلة كما يرفض المبالغة والغرق في نظرية المؤامرة ويعتبرها من المشاكل الثقافية التي تحتاج إلى ثورة تغيير.
يدعوا طارق حجى إلى حل سياسي عادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلى لتتفرغ دول المنطقة لعمليات التنمية الإقتصادية والإجتماعية، حصل على جائزة Grinzane Cavour الإيطالية العالمية في الأدب عن عام 2008 وتسلم الجائزة في إيطاليا يوم 8 نوفمبر 2008. وجائزة Grinzane هي واحدة من أهم كبريات الجوائز الأدبية في العالم وقد مُنِحَت لأربع شخصيات أدبية حصل كل منهم بعد ذلك على جائزة نوبل في الأدب.
كانت دراسته بكلية الحقوق بجامعة عين شمس بمصر خلال مرحلة الليسانس ثم بقسمي الدراسات العليا والدكتوراه بجامعة عين شمس وجامعة جينيف بسويسرا.
عمل كمدرس مساعد وكمدرس للاتفاقيات الدولية بكلية الحقوق بجامعة فاس المغربية (8 سنوات – حتى 1979). كما عمل من 1979 إلى 1986 بالمكتب الرئيسي لشركة شل العالمية للبترول في هولندا وبريطانيا كخبير في شئون الطاقة في الشرق الأوسط ثم عمل خلال السنوات من 1986 إلى 1996 كرئيس لشركات شل العالمية للبترول. تفرغ منذ صيف 1996 لإدارة شركته الخاصة (تانا لبترول الشرق الأوسط – بالمملكة المتحدة) ولأنشطته الثقافية المتعددة. إلى جانب مؤلفاته الأكاديمية، فقد نشر اعتباراً من أوائل سنة 1978، 21 كتاباً بالعربية والإنجليزية تتعلق بقضايا الشرق الأوسط السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.
اختير لعضوية مجالس إدارات ومجالس أمناء عشرات من مراكز البحوث والمؤسسات الثقافية في الولايات المتحدة وكندا ومصر من بينها عدد من دور الأوبرا العالمية.
نظراً لاهتماماته الواسعة ومحاضراته العديدة في مجال مقارنة الأديان والتاريخ الديني واللاهوت المسيحي فقد أسست جامعة
Toronto الكندية منحة دراسية للدراسات العليا باسمه هي -منحة طارق حجي للدراسات العليا في أبحاث الأديان المقارنة.
حاضر بأقسام الدكتوراه في دراسات الشرق الأوسط بجامعات أكسفورد ولندن وبرينستون وكولومبيا وكاليفورنيا بيركلي وميرلاند وكولورادو في بريطانيا والولايات المتحدة وجامعة روتردام الهولندية وجامعة طوكيو في اليابان.
يمتلك واحدة من أكبر مجموعات الفنون التشكيلية في مصر -لفني التصوير والنحت ،كما يمتلك واحـدة من أكبر المكتبات الخاصة في العالم (32000 مجلد / كتاب.
أصدر 27 كتابا بالعربية والإنجليزية والفرنسية والإيطالية، كما نشرت له خلال السنوات من 1978 أكثر من ألف مقال بأكثر من عشر لغات. حاضر منذ استئنافه لحياته الأكاديمية بعدد كبير من الجامعات الكبري.
حسب كلمات البروفيسور Abraham Udovich وهو يقدم «طارق حجي» لأساتذة معهد دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون الأمريكية) فإن المشروع الفكري الذي يروج له طارق حجي في كتاباته يقوم على الركائز السبع التالية:
١- الإيمان بأن التقدم «ظاهرة إنسانية» قبل أية صفة أخرى.
٢- أن «التعددية» هي أروع حقائق الحياة.
٣- أن التعصب الديني والقومي والوطني والعرقي والأيديولوجي كلها ظواهر «ضد التقدم» و« ضد الإنسانية».
٤- «الغيرية» هي من أهم القيم الإنسانية في عصر «ما بعد الأيديولوجيات».
٥- «عالمية المعرفة» و«عالمية العلم» هما من أهم معالم التطور المعاصر للإنسانية.
٦- الديموقراطية – وما يواكبها من حقوق الإنسان وحقوق المرأة والحريات العامة) هي من أهم منجزات القرنين الماضيين قبل (وأهم من كل إنجازات العلوم التطبيقية.
٧- الأديان هي شأن خاص لا علاقة لها إطلاقاً بإدارة المجتمعات والحياة، كما أنها ليست أساس أو مصدر القيم والأخلاق كشأن خاص.
س - 1 اسمح لي ياسيدى أن ابدأ حواري مع سيادتك بالهم العالمي قبل ان ندلف الي همنا الوطني.. (الهم الداخلي)، كاتبنا ومفكرنا الكبير دكتور طارق حجي هل يري بحسه السياسى ورصيده المتراكم من الخبرات ان العالم سيظل الي فتره طويله قادمه تحت قبضة القطب الواحد ورجل الشرطه الاوحد راعي البقر الأمريكي أم إن التنين الصيني يرقب متحفزاًن يتحين الفرصه ليقتنص العرش من ابناء العم سام ؟.
ج : الوضع الذى بدأ مع إنهيار الإتحاد السوفيتي سنة 1991 يشهد حالياً تغيراً جذرياً. وقبل مرور عشر سنوات ستكون الولايات المتحدة مجرد واحدة من القوى العظمي. وأعتقد أن الصين والهند وروسيا يسحبون الآن بساط القوى العظمي الوحيدة من تحت قدمي الولايات المتحدة التى هى قوة عظمى وحيدة بلا تاريخ!
س - 2 دكتور طارق حجي أحد المقربين إلي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومستشاره لشئون الشرق الاوسط، هل تري ان بوتين كان لديه مبرراته المنطقيه لاشعال فتيل الحرب ضد اوكرانيا؟ أم إنها فخاً نصب له ليصطدم بحلف الناتو لاستنزافه عسكرياً ومادياً؟
ج: الدارس لتاريخ أوكرانيا يمكنه أن يرى مبررات ما قام به الرئيس پوتين، وأنا واثق من أن روسيا ستخرج منتصرة من هذه الحرب التى هى فى حقيقتها حرب بين روسيا وأمريكا.
س - 3 هل غيرت حرب أوكرانيا من موازين القوي في العالم كما أثرت بالسلب علي الاقتصاد العالمي؟ وهل توقيتها كان مرتبطاً بإنتهاء جائحة كوفيد 19؟
ج : حرب أوكرانيا بالفعل غيرت من موازين القوى ولكن ذلك لن يتضح قبل نهاية هذه الحرب والتى بدأت عملياً سنة 2022 وبدأت من وراء الكواليس سنة 2014 ، ولا شك أنها أثرت سلبياً على إقتصاديات عدة دول. وأخيراً
فأنا لا أرى صلة بين جائحة كورونا وحرب أوكرانيا.
س – 4 يري الكثير من المحللين السياسيين، بل والكثير من الشعب الأمريكي نفسه أن ولاية چو بايدن ما هي إلا الولاية الثالثه لباراك أوباما الذي يحركه من خلف الستار مثل عرائس الماريونيت هل تري إنهم علي صواب في هذا الرأي؟
ج : لا يوجد أي مبرر لأن يصبح شخص محدود القدرات مثل بايدين رئيساً للولايات المتحدة، وهو بالفعل مجرد إمتداد لباراك أوباما أهم الآباء الروحانيين للربيع العربي وحماة الإخوان !.
س- 5 هل تري ان أمريكا دونالد ترامب كانت أكثر عافيه مع سيطرة الجمهوريين علي الكونجرس من أمريكا جو بايدين والديموقراطيين؟ وما الفرق بين أسلوب ترامب وأسلوب بايدن في ممارسة سلطات الرئيس؟
ج : بوجه عام، فإن ترامب كان أفضل لبلده وللعالم ولمنطقتنا من أوباما وبايدين. وأهم فارق بينهما (وهو شديد الأهمية بالنسبة لنا) أن إهتمام بايدين بالدور الإمبيريالي لبلده يقابله إهتمام ترامب ببلده فى المجمل. ولو كان ترامب فى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية لما قام بتجميع الناتو وإدخاله أتون حرب أوكرانيا.
س – 6 علي مر الزمان كان الذكاء الإصطناعي حاضراً فقط في أفلام الخيال العلمي، وبعد أن وطأت أقدام نيل ارميسترونجرائد الفضاء الامريكي سطح القمر في 20 يوليو 1969 وعجلة التكنولوجيا تسابق الزمن إلي أن أصبح الذكاء الإصطناعي حقيقة وواقع نعيشه الآن، كيف ينظر المفكر طارق حجي في تبعات تنامي هذا التقدم العلمي وما مصير المشاعر والضمير الإنساني وشكل الحياة علي كوكب الأرض؟
ج : أتوقعُ تداعيات شديدة السلبية لما يسمى بالذكاء الإصطناعى، ولكن عندي أمل كبير أن وجود قوى عظمي أخرى لا تنتمي لحضارة الإنسان الأبيض (الأوروبي) قد تحد من هذه التداعيات.
س - 7 أستاذنا الجليل دكتور طارق، لا أخفيك سراً أن الجالية المصرية والكثير من الجاليات المحافظه تعيش في حالة هلع من تلك الهجمة الشرسه والشريره التي تستهدف عقول ونفوس أطفالنا الأبرياء في الإعلام والمدارس من مجتمع الميم LGBTQ من خلال حملات ممنهجه للترويج للمثليه الجنسية والتحول الجنسي بدعوه التنوع وقبول هذا كأمر واقع في رأيك ما الغرض من هذه الحملة المسعوره ومن ورائها ثم كيف لنا أن نحمي فلذات أكبادنا من هذا التلوث الأخلاقي والمخالف للطبيعة البشرية علماً بأن المدرسة والإعلام بل والقانون متمثل في المحكمة الدستورية العليا كلهم يدعمون هذه الظاهرة؟
ج : أظن أن ما ذكرتَه أنت (وهو صحيح تماماً) من ترويج للمثلية الجنسية إنما هو بداية نهاية وخراب الغرب. وعزاؤنا أن مجتمعات كثيرة منها الصين والهند وروسيا وعشرات المجتمعات الآسيوية والافريقية لن تسير فى هذا الطريق المخرب للإنسانية، وقد سمعت بأذني فى لقاءات شخصية مع رئيسي روسيا والهند الحاليين ما عبّر عن عظيم رفضهما لهذا التيار المخرب لجوهر الإنسانية أي للأسرة.
س-8 الكاتب الكبير تشيخوف يقول: (المهم في الحياة الا تقف متفرجاً) والدكتور طارق حجي مفكر من طراز رفيع وديناميكي دائماً ما يدلي بدلوه في قضايا وطنة وقضايا العالم أجمع قال عنه دكتور ثروت أباظه في كتابه الأصنام الأربعه أن طارق حجي كاتب ومفكر وأديب يشكل ظاهره إستثنائيه بين أبناء جيله، كيف بدأت وكيف كانت العلاقه بين ذاك المثقف الكبير ثروت أباظه وبين حورس الفكر طارق حجي؟
ج : رغم إختلاف الكثير من آرائنا، فقد كنا صديقين مقربين.
س -9 لعل كتابك سجون العقل العربي يحمل تأملات ورؤي المفكر طارق حجي حيث تري فيه أن العقل العربي المعاصر أسير ثلاثة سجون سميكة الجدران.. فما هي هذه السجون، وما طبيعة السجان وهل من فكاك من هذه الجدران السميكه أم لا فرار منها؟
ج : العقلُ العربي ملقى فى ثلاثة سجون، سجن الكهنوت والماضوية وسجن العقل اللا-علمي وسجن حكامه الأوتوقراطيين. وكل منها كفيل وحده بإبعاد العقل العربي عن مسيرة التقدم الإنساني.
س-10 استمراراً لمشاكل الهم العالمي.. ألا تري أن ما يحدث في البيئة، وما نسمع عنه من ثقب الأوزون والإنبعاث الحراري وتلوث البيئة وما طرأ علي قارات العالم من تغيرات مناخيه اليس المسئول عنه الدول الصناعية الكبرى بالدرجة الأولى ومازالوا مستمرون في غض الطرف عن جريمتهم هذه في حق البشرية كلها، ويركزون جهدهم في ماراثون لإنتاج الإسلحة التي تهدد سلام العالم ونهب ثروات الشعوب الفقيره، علي الجانب الآخر تقف هيئة الأمم المتحدة كمنظمة عالمية مكتوفة اليدين، تكتفي بالنصح والتحذير دون أن يكون لها سلطه فعاله توقف هذا الإنتحار لكوكب الإرض علي يد ساكنيه؟
ج : وهل هناك حاجة لإثبات أن الدول الغربية التى تحتل المقاعد الرئيسة فى قاطرة قيادة العالم تسيّرها مصالحها؟ وهل هناك شك أن الأمم المتحدة يقودها الغرب المنتصر فى الحربين العالميتين واللتين حسمت الأولى سنة 1918، وحسمت الثانية 27 سنة؟ وأيّ إدعاء للمثالية من أيّ طرفٍ بما فيه ”نحن” هو سذاجة مفرطة!
س -11 كاتبنا الكبير دكتور طارق حجي هلم نتحاجج حول الهم الداخلي، دعنا ندلف إلي مسام جلد الوطن من خلال كتابك (نظرات في الواقع المصري) كتابك هذا مصنف سياسي تعرض فيه مشكلات الواقع المصري وتغوص في جذور مشكلاته ومنابع ما يعاني منه الواقع المصري المعاصر في شتي المجالات والاصعدة كيف كانت نظرات المفكر المصري الكبير حورس الفكر لهذا الواقع التي دونها بين ضفتي هذا الكتاب المهم؟
ج : كنت ولاأزال أؤمن بأن أحوال مصر لن تصلح إلاّ بوصول أفضل %3 من أبناء وبنات مِصْرَ لقمة الهرم المجتمعي، وهو أمر صعب لأن ”إنقلاب 1952” رسّخ نقيض ذلك. فقد أصل حكام مصر منذ صيف 1952 أن ”الولاء” أهم من ”الكفاءة” ! وأظنُ أن ذلك كان معولاً هدم الكثير من إنجازات ”مصر-محمد-علّي”.
س -12 يري البعض أننا نعانى من ثقافة الحلول الوسط، والأفكار النمطيه المعلبه، ما تحليلك لهذه الظاهرة وما الحل في رأيك للخروج من هذه الدائرة المفرغة، إن كنت تتفق مع أصحاب هذا الرأي؟
ج : سطـوة مـبــدأ الولاء تعنـــي ”الشـخصنـة
” personalization وهى نقيض ”الموضوعية”
objectivity … وهو ما ألغي إحتمال إنبثاق حلول مشكلات مِصْرَ من مفرخةِ ”الرؤية” vision …
س -13 بدأت الحضارة بالسؤال لأن السؤال قد يكون أهم من الإجابه، والسؤال هو باب التفكير النقدي ومم لا شك فيه أن مجتمعنا في حالة غياب تام عن العقل النقدي، دكتور طارق حجي هل لديه علاج لهذا المرض قبل أن ننقله لأبنائنا ويتوارثه منا الأجيال القادمة؟ ثم وما هي أبرز عيوب التفكير الجمعي في مجتمعنا من وجهة نظر حورس الفكر والتنوير؟
ج : العقل النقدي هو ثمرة رحلة تبدأ بالتعددية كأساسٍ ومنها تنبع فكرة ”الغيرية” أي قبول الآخر، ومنها تؤسس ثقافة العقل النقدي… ونحن لدينا نقيض تلك المعادلة. وكما قال إيمانويل كاني فإن ” النقد” هو أكبر عملية بناء إيجابية.
س -14 دراسة مقارنة الأديان، هي مقارنه منهجية بين أديان العالم، التي تصنف عادة علي أساس جغرافي وتتعمق في دراسة علوم الأخلاق وما وراء الطبيعة وطبيعة وشكل الخلاص، هذا المجال الشائك عندما قررت جامعة تورنتو الكندية وهي واحدة من كبريات جامعات العالم المتحضر أن تقدم منحة دكتوراة بإسم العلامة دكتور طارق حجي لماذا أختارت أن تكون في مقارنة الأديان تحديداً؟!
ج : الأديان ثمار ومنتجات ثقافية لأمرين هما ” الجغرافيا” و”التاريخ”. وإهتمامي بالأديان هو إهتمام ثقافي فى المقام الأول.
فما يعنيني هو أثرها على العقل الجمعي.
س -15 يري الكثير من المثقفين والمستنيرين أن الأفكار التي طالما نادي بها المثلث الذهبي الراحل دكتور فرج فوده والعظيم الراحل دكتور سيد القمني وحورس الفكر والتنوير دكتور طارق حجي بالمناداة بضرورة مدنية الدولة وتبني العلمانية، هي طوق النجاة وهي (عنخ) مفتاح الحياة الفرعوني لخروجنا من عنق زجاجة التخلف والمد الوهابي الذي أغرقنا فيه السادات مع سبق الإصرار والترصد، فهل تري أن شعبنا مهيأ للتحول إلي دولة مدنية وقبول العلمانية إسلوب حياة؟
ج : بدون مدنية الدولة، فلا أمل على الإطلاق فى أيّ ”تقدم حقيقي”. فالتقدم الحقيقي هو ظاهرة ثقافية تتعلق بحال العقل الجمعي. وأضيف، أنني لست متفائلاً بخصوص تحول شعبنا لدولة مدنية وبخصوص قبوله للعلمانية كأسلوبِ حياة. فكيف يحدث هذا وكوادر قيادات كثير من القطاعات ما لا وصف له عندي غير ”الهوس أو اللوثة الدينية”؟
س -16 بمناسبة ذكر القامتين الكبيرتين دكتور فوده ودكتور القمني، أخبرنا كيف جمع القدر بين ثلاثتكم في زمن واحد. وحاربتم في نفس الميدان من أجل نفس القضايا وكيف كانت لقاءاتكم معاً؟ الإنسان والمفكر طارق الحجي ماذا يقول عن كل منهما كرفيق في سلاح التنوير والحرب ضد التصحر الفكري والرجعية الإرهابية وأفكارها الهدامه؟ ما هو الفرق بين كل منهما وماذا كان العامل المشترك بين ثلاثتكم؟
ج : جمعتنا قواسم مشتركة موضوعية، فمسيرتنا مع الفلسفة كانت جد متماثلة من ”ديكارت” لــ ”أوجست كونت” وبالذات ما أبدعه فى عمله الموسوعي ”دروس الفلسفة الوضعية”، والخلاصةُ أن قواسماً موضوعية مشتركة هى ما حتمت تقاربنا الفكري، فدور الغيبيات عندنا وفى أنساقنا الفكرية والقيمية : معدوم!
س -17 المفكر طارق حجي يعلم القاصي والداني إنه واحد من أشرس المدافعين عن حقوق المرأة والأقليات في منطقتنا التعيسة، هذا إن لم يكن أشرس المدافعين علي الاطلاق، هناك خبر للمصداقية لا تدري مدي صحته يقول أن تونس قد أضافت كتب وأفكار المفكره دكتوره نوال السعداوي وهي نموذج صارخ للمرأة التي سبحت ضد تيار الظلمة وناصرت قضايا المرأة وتعرضت للظلم والإضطهاد والتشهير بل والسجن حتي شيخوختها، ما رأي المفكر التنويري في وضع المرأة وهل أنت راضي عن مساحة الحرية التي تتمتع بها؟ والعقليه النسائية في بلدنا كيف تراها؟
ج : المجتمعات الناطقة بالعربية والمجتمعات الإسلامية هى أسوأ المجتمعات تجاه المرأة وتجاه الآخر الديني. ومنذ قرابة 65 سنة وتونس تسبق الشعوب الناطقة بالعربية والشعوب الإسلامية. وأنا مؤمن أن موقف أيّ مجتمعٍ من المرأة ومن الآخر الديني هو ما يحدد درجة تقدم أنساقه القيمية أو درجة تخلفها. ولكن هذا الموقف التونسي كان منوطاً برجلٍ هو الحبيب بورقيبة – وهو موقف شهد الكثير من التغيرات. وهى تغيرات تعكس الفوارق الموضوعية بين رجلين : رجل تنويري مثل بورقيبة ورجل ظلامي مثل راشد الغنوشي!
س -18 بضمير نابض وعقليه متحضره يشهدان دفاعك الصادق عن حقوق الأقليات، بخصوص هذا الشأن، ونحن نعاني من تركة السادات بعد ان سمم الآبار بين الأقباط المسيحيين والأقباط المسلمين بتبنيه قضية سعودة مصر وإغراقها في المد الوهابي بإضافة الماده الثانية للدستور والإصرار علي إضافة خانه الديانة العنصرية في هوية المواطن المصري، كيف تري العلاقه بين أقباط مصر المسيحيين وأقباط مصر المسلمين في ظل هذا الدستور المعيب والقوانين التي تحكمنا هل هي علاقة علي أفضل ما يكون بين الأشقاء أم هي علاقة علي سطح صفيح ساخن بأمانتك وشجاعتك المعهوده كيف تراها؟
ج : سؤالك المتميّز يحمل الإجابة فى طياته. فالعلاقة فسدت لحدٍ بعيد، ونحن بحاجة لعمل منهجي تسبقه رؤية لإصلاح ما فسد، على يد السادات، وهو كثيرٌ.
س -19 دكتور طارق حجي كان أحد المقربين إلي عقل وقلب البابا شنودة الثالث البطريرك الراحل، أيضاً بحكم عمله في العمل العام والسياسة والأدب يعرف جيداً تأريخ الرئيس الراحل المؤمن السادات، ويعلم الكثير عن خلفيته النفسيه وإنتمأته التي أوصلته إلي حادث المنصة، سؤالي هو: المؤرخ طارق حجي كيف سيرصد الصدام الحاد الذي وقع بين الرجلين بحيادية وأمانة المؤرخ المدقق، ليوقفها للإجيال القادمه؟
ج : موقف السادات كان بمثابة ”فعل مبادر” وهو فعل آثم. أما موقف البابا شنودة فكان بمثابة ”رد فعل حتمي”.
س -20 أهم محاور كتاباتك تهدف للرقي بمكانة المرأة والمصريين غير المسلمين، كيف تقيم دور المرأة والأقباط في مصر، ما الذي يجب أن تقوم به الدولة المصرية لتحسين مكانتهم في المجتمع؟
ج : بلا شك أنّ الدولة المصرية ليست عادلة تجاه المرأة وتجاه المسيحيين، المرأة يقال عنها إنها نصف المجتمع وهذا عبث، هي نصفه عمليا ولكنها أم ومربية للنصف الآخر، فإذا كانت مشوهة التفكير أو كانت عقليتها عقلية جارية تابعة، فسينعكس هذا على ابنها الذكر، بالتالي لا يمكن تقدّم أي مجتمع إلا بتقّدم كل أبنائه، فإذا كانت المرأة نصف المجتمع عدديا وأمّ النصف الآخر فكل ما يحدث لها من رقي فكري ينعكس على المجتمع وكل ما يحدث لها من هبوط وتأخر فكري ينعكس بنفس القدر على المجتمع.
مجتمعنا ثقافته ذكورية، وثقافته الدينية ذكورية، وعدد النساء اللواتي يدعمن الثقافة الذكورية كبير على طريقة متلازمة استكهولم، لن نكون شعبا عصريا ولا مجتمعا متقدما إلاّ إذا كان للمرأة نفس حقوق الرجل السياسية والمجتمعية، والمرأة ليست مملوكة للرجل، وهذا التغيير يجب أن يتم عبر القانون، لأن في داخل كل رجل شرقي ثقافة ذكورية على أنّه اليد العليا.
لذلك نريد مرجعية تشريعية قانونية تضمن للمرأة كل حقوق الرجل الدستورية والقانونية والسياسية، وعلى نطاق العمل الواقعي نريد أن نرى نساء على الأقل في 50 في المائة من المناصب، نفس الشيء ينطبق على المسيحيين، علينا أن نعترف أنّهم مواطنون مصريون من الدرجة الأولى لهم حقوقهم الدستورية والقانونية والمجتمعية والسياسية، إذا سلّمنا بذلك، كان علينا أن نسأل أنفسنا هل هم يحظون بفرص متساوية مع المسلمين، في الحقيقة لا، السفارات الغربية جميعها تتحدث عن عدد ما بين 17 و18 مليون قبطي مصري، إذا كان 15 في المائة من الشعب المصري مسيحيا، هل هم في 15 في المائة من المناصب، منصب العمداء ورؤساء الجامعات… طبعا لا، لذلك نراهم ناجحين في التجارة وإدارة الأعمال فعدد كبير من أغنياء مصر هم من الأقباط.
س -21 دكتور طارق المفكر الليبرالي الحر، لو فرضاً هناك مؤشراً يحمل تدريجاً رقمياً من صفر إلي عشره لقياس درجة ممارستنا وقبولنا وتفهمنا للليبراليه في تقديرك عند أي رقم يقف المؤشر لدينا؟
ج : رقم ( 2 ) من عشرة على الأكثر.
س -22 هناك مقوله (لا تعول علي أمة ليست الفنون من أولوياتها) القوي الناعمه أحد أهم العناصر التي تستطيع أن ترتقي بالذوق العام لكنها في مصر تعيش في حالة غيبوبه، صناع الدراما فشلوا أن ينهلوا من أساطير وقصص التاريخ المصري ما يربط المشاهد بوطنه الأم ويساعد في الترويج السياحي، صناع الموسيقي الراقيه إختفوا من الساحة ولا نحصد غير ضجيج أشبه بغازات المعده تحولت ثقافتنا إلي ثقافة التوك توك للأسف… شيعنا الذوق الراقي إلي مثواه الأخير من دار الأوبرا بالاوركسترا السيمفوني والمسرح القومي إلي حانات ودكاكين الفن الرخيص، تركنا ليموزين الفن لنستقل توك توك الإسفاف… ما الحل؟ يا سيدي هل للإبداع وطن وللفكر جنسية ما؟
ج : الفارق بين عمر الشريف ومحمد رمضان وبين فريد الأطرش وحمو بيكا وبين أحمد رمزي وحسن شاكوش هى فوارق تلخّص كل ما حدث لقوة مجتمعِنا الناعمة من تغيّرات جوهرية.
س -23 دكتور طارق هناك واحد من أهم كتبك بعنوان الإدارة الحديثة في رأيك الإدارة موهبة أم علم؟ وكيف نؤهل المسئولين في كل مؤسسات الدولة إقتصادياً وطبياً وتعليمياً ورياضياً علي الأخذ بعلوم وسلوكيات الإدارة الحديثة بشكل عملي لنتجنب حالات الفشل الإداري علي معظم المجالات؟
ج : لو وصفنا الكثير من جوانب فشل مجتمعنا بأنه فشل موضوعي، فهو أولاً وأخيراً فشلٌ إداري، والعلاج لن يحدث بمتغيرات وظيفية وإنما بمتغيرات إدارية صرف.
س -24 أعتقد انك لن تخالفني الرأي ان قضية التعليم في مصر هي من أهم مفاتيح الحل نحو مستقبل أفضل لهذا البلد، نذكر أن سيادتك في عام ٢٠٠٤ كنت عضواً في المجلس الأعلي للتعليم في أبو ظبي وشاركت في وضع فلسفة وسياسة التعليم هناك، لو فرضاً أسند إلي السيد الدكتور طارق حجي إدارة حقيبة التعليم في بلده مصر.
ما هي عصاته السحرية التي يحول بها التعليم في بلدنا ليصل إلي مستوي التعليم في بلد كفنلندا مثلاً؟
ج : الدراسات العالمية كما تضع النظم التعليمية الفنلندية والسنغافورية واليابانية فى صدر القائمة فإنها تضعنا فى ذيل كل القوائم المعنية برقي أو تأخر المنظومات التعليمية.
س -25 (اللغة القبطية – المصرية) لغة البلد الأصليه لغة أجدادنا، المسجل بها تاريخنا وكنوزنا علي أوراق البردي وأحجار المعابد والمسلات، هل يري دكتور طارق حجي ضرورة تعليم أطفال المصريين لغتهم الأم اللغة المصرية (القبطية) ويصر علي فكرته هذه لأهميتها في دعم الهوية المصرية، أم يتجنب الصدام مع التيار الرجعي الأصولي مكتفياً بمبدأ، كفي الله المؤمنين شر القتال بعيداً عن الدخول الي عش الدبابير ؟
دعني اذكرك بالمواجهة السابقه مع البيروقراطية الحكومية عندما حاولت ان تدعو لانشاء كرسي للدراسات القبطية في الجامعة المصرية اسوة بم هو موجود في جامعات كثيره عالمية لكن التجربة للاسف باءت بالفشل ؟ لماذا يا سيدي ؟ وهل الحكومة ضعيفه الي هذا الحد، ام ان الامر ليس علي هوي الحكومة ايضاً ؟
ج : أكيد أنني مع إحياء الإهتمام بمصر القديمة وتاريخها وحضارتها ولغتها.
س -26 دعنا ننطلق من التعليم إلي الإعلام، وسيادتك متمرس في التعامل مع الإعلام العالمي؟ ما تقييم دكتور طارق حجي للمنظومة الإعلامية في مصر ومدي إحترافيتها بالنسبه للإعلام العالمي؟ هل أنت راضي عن الإعلام في بلدنا؟!
ج : منذ 1952 ومصر خالية من الإعلام الحرفي المهني الحر.
س -27 (أبو صلاح) السيد/ فولكهارد صديقك الالماني المقيم في مصر كبير المراسلين الأجانب في مصر ونائب رئيس تحرير دير شبيجل الالمانيه الرجل الذي يتقن عشر لغات، حدثنا عنه. وكيف يري مصر بعيون المثقف الأجنبي؟
ج : فولكهارد الذى تفضلت بذكره لا مثيل محلي له. وقد كنا صديقين وعرفتُه عن قرب وأستطيع أن أجزم بأن مصر لم تنجب نظيراً له منذ سبعة عقود.
س -28 هناك كتاب من ٢٢٤ صفحة بعنوان (دراسة في فكر طارق حجي) صدر منذ أكثر من ربع قرن، الكاتب هو د. صلاح عدس والكتاب عبارة عن المشروع الفكري لمفكرنا الكبير حورس الفكر، هل تسمح لنا بدخول العالم السحري لفكر طارق حجي ونتعرف علي ما يحتويه من كنوز ؟
ج : محدثُك شغلته منذ صغره فكرة المثقف الموسوعي الذى صال وجال فى كافة مجالات العلوم الإجتماعية والإنسانية. وهو ما كان متوفراً بين أبناء الأجيال التى شبت قبيل 23 يوليو 1952.
س -29 هناك موسوعة مكونه من ثمانية أجزاء، كل جزء يحتوي علي ٧٠٠ صفحة تقريباً عن الجماعة الإرهابية للإخوان المسلمين مؤلف هذه الموسوعة اهداها لسيادتك، وكتب في الإهداء (أهدي هذه الموسوعة لمفكر مصر الأول والأكبر الذي عرفنا حقيقة الإخوان الإرهابية) نعلم أن رأيك الذي أعلنته كثيراً هو أن محاربة فكر الإخوان أهم من محاربة الإخوان أنفسهم، فما هي الخطوات العمليه التي تري أنه يجب إتباعها لمكافحة حلمهم الرجعي المعادي للإنسانية ببعث فكرة الخلافة التي أجهز عليها كمال أتاتورك عام ١٩٢٣ ذاك الحلم اللا معقول؟
ج : فعلاً، محاربة فكر الإخوان )وهو ما لم يحدث خلال العقود السبعة الأخيرة( أهم بكثير من محاربة جماعات الإسلام السياسي نفسها. ومحاربة الإخوان دون محاربة فكرهم ينطبق عليها التعبير الإنجليزي :
you would be like the person who shoots him self in the foot ستكون مثل الشخص الذي يطلق النار على قدمه.
س -30 محاربة فكر الاخوان أهم من محاربة الأخوان هذا رأي حورس الفكر دكتور طارق حجي وكأنك تتفق مع الفيلسوف توفيق الحكيم حين كتب عودة الوعي الدرة الخالدة لهذا المفكر الخالد مؤكداً على ضرورة التمسك بالهوية المصرية وهو نفس ما نادي به أحمد لطفي السيد وطه حسين وكل أهل التنوير الوطنيين، السؤال هو ماهي آليات محاربة فكر الاخوان بعد الغزو الوهابي للثقافه والهوية المصرية فترة حكم السادات حسب خطة المخابرات الامريكية بإستخدام الأموال السعودية لتغيير الهوية المصرية؟
جً: يكون ذلك بدراسة تفاصيل مشروعهم الفكري ودراسة مشروع سعودة مِصْرَ الذى شاركت المملكة العربية السعودية أنور السادات فى تقديمه على أرض الواقع.
س -31 في عام 2015 كان لك تصريح مثير للجدل، قلت فيه إن ما يسمى إسلام حاليا هو مجرد تراث، هل ترى أن الممارسات الدينية لا تمت إلى الإسلام بصلة، وهل نحن بحاجة إلى تجديد الخطاب الديني لكي نصل إلى مرحلة اندثار هذا التراث؟
ج : أرى أن الجزء الديني الروحاني في الإسلام ليس محط اهتمام الإسلاميين، ولكنهم يهتمون كثيرا بالجوانب المتعلقة بالأمة الإسلامية وتطبيق الشريعة، هذه الأمور أساسها نصوص تراثية أكثر منها نصوص دينية، هذه النصوص التراثية تحتاج إلى مراجعة، ولكن عندما قال الرئيس السيسي لا بدّ من مراجعة الخطاب الديني، خرج الأزهر ليقول ما معناه: لا يوجد أي احتياج لتجديد الخطاب الديني.
وعندما لجأ الرئيس إلى فكرة موضوعية بسيطة هي إلغاء الطلاق الشفوي في مصر، أفشلوه، وقالوا له إنّ الطلاق في مصر أصل من أصول الدين. وبالتالي فأنا أرى أن المشكلة هي أن المؤسسات الدينية في معظم البلاد الإسلامية، تلونت، وصارت صاحبة نفوذ سياسي.
الآن السعودية أكثر رغبة في تجديد الخطاب الديني من مصر، وأكثر إحرازا للتجديدات من مصر، الأزهر يمثل قوة سياسية مستقلة في مصر، وأنا عندما قلت لو كان الأمر بيدي لأوقفت تمويل الأزهر فالدولة المصرية تدفع سنويا للأزهر أكثر من مليار دولار، فطالما أنّه يموّل من الدولة عليه أن يلتزم بسياسات الدولة ولكن هذا لم يحدث، وكان ردّ الأزهر حينها، تخصيص مجلة كاملة تصدر عنه اسمها «صوت الأزهر» من 24 صفحة للهجوم علي لأنني مسكتهم من «إيدهم اللي بتوجعهم».
س -32 لدي سؤال مباشر وصريح إجابته في كلمة واحدة قاطعه لا تقبل التأويل، عزيزي دكتور طارق حجي نحن مصريون أم عرباً؟
ولماذا تصر الدولة علي تضليل الناس والاحتفاظ بالإسم الخطأ لبلدنا جمهورية مصر (العربية)؟ ولماذا لا يزين علم مصر رمزاً فرعونياً كالصقر حورس تأكيداً لهويتنا مكان النسر الحالي؟ وما الفكره العبقرية من الإحتفاظ بخانة الديانة العنصرية في بطاقة الرقم القومي للمواطن المصري؟
ج : مصر مصرية فقط. وبقاء خانة الدين فى بطاقة الرقم القومي وأيضاً إسمٍ بلدنا ”جمهورية مصر العربية” وصقر قريش – كلها أدلة على بقاء الروح فى جسد مشروع سَعوَدَة مصر.
س -33 بعد إضافة الموسوعة المكونه من ثمانية أجزاء المهداة لسيادتك هل من الممكن أن تنقل للقارئ تصوراً ما عن المكتبة الخاصة بالدكتور طارق حجي الكاتب والمفكر، عن أنواع الكتب وأعدادها وتاريخ تأسيس هذه المكتبة، وكيف إنتقل الصبي طارق حجي من قراءة مجلات سمير وميكي إلي قراءة كتب ومسرحيات الفيلسوف المصري توفيق الحكيم والدور الذي تركه هذا الرجل في مسيرة حياتك الأدبية والفكرية ؟
وما هو التغيير الذي ينشده المفكر والمواطن طارق حجي في مصرنا المحروسه ؟ ما هي القيم التي تراها واجبة النفاذ لتحقيقي التغيير نحو واقع أفضل؟
ج : مكتبتي مثل مسيرتي المعرفية كانت محكومة برغبة عارمة فى إكتشاف ”كل” عوالم العلوم الأجتماعية والإنسانية.
س -34 لديك علاقة مميزة مع البابا شنودة، هل يعتبر من الشخصيات الاستثنائية التي أثرت على حياتك الفكرية؟ وما سرّ هذه العلاقة التي تجمعكما؟
ج : كنت شاباً في زمن ما قبل البابا شنودة وأنا الآن أعرف البطريرك الحالي البابا تواضروس، ولكن علاقتي بمن كان قبل البابا شنودة ومن جاء بعده لا تقارن بعلاقتي بالبابا شنودة، أنا لم أكن أعرفه كبطريرك، أنا أعرفه كإنسان، كان شاعرا لديه دواوين شعر كان سياسيا ومدرسا للتاريخ كان أديبا، جمعتني به علاقة ثقافية وكنت أعجب بعلاقته باللغة العربية، علاقة نادرة المثال، هو يتقن اللغة العربية مثل العرب الأوائل، ولديه ديوان شعر رائع.
كان أول لقاء بيننا في فبراير (شباط) 1987 واستمرت هذه العلاقة 35 سنة إلى حين وفاته، كل لقاءاتنا في دير الأنبا بيشوي في الصحراء، قابلته نحو 100 مرة، كنا نلتقي لساعات نجلس تحت الشجرة نتحدث عن المعري والمتنبي والبارودي وشوقي هذا الرجل كان متيّما بجبران خليل جبران ويعرف كل كتاباته، العلاقة بيني وبينه كانت علاقة ثقافية في المقام الأول وحب للأدب، ولكن لم نتكلم مرة واحدة في الدين.
وتخليدا لهذه اللقاءات كتبت كتابا لم ينشر بعد اسمه «بلا نظير» تيمنا باسم البابا شنودة الحقيقي وهو نظير جيّد، وأتناول في الكتاب لقاءاتنا والحوارات التي كانت تدور بيننا، وعلاقته مثلا بعبد الناصر وعلاقته المتأزمة بأنور السادات، وأحوال المسيحيين في مصر منذ زمن الملكية.
س -35 أستاذنا الكبير الكاتب والمفكر الليبرالي الحريص علي نشر الديموقراطيه والتسامح وقيم الحداثة، في موازين القيم كيف تري (الغيرية) في عصر ما بعد الايدلوجيات؟
ج : أرى إنها ”الغيرية” otherness (الآخر) ظلت فى بعض المجتمعات ما بين غائبة ومشوهة.
س -36 معروف أن الدين مطلق وأن السياسة نسبيه لكن التيارات السلمية مازالت تصر علي خلط المطلق بالنسبي، ما هو توقعك لهذه الخلطه؟ ما هو المنتج المتوقع؟!
ج : المنتج الوحيد لهذا الخلط الشائعه هو سيادة المطلق.
س -37 ارجو أن تقبل إعتذاري مسبقاً، لأن الفضول يدفعني دفعاً ونحن علي وشك نهاية حوارنا الشيق مع حورس الفكر والتنوير، قلبي يحدثني أن هناك مشروعاً ثقافياً لمستقبل مصر أعده أو جاري إعداده بفكر وقلم دكتور طارق حجي قد يكون بين أرفف مكتبته العملاقه أو بين ادراج مكتبه؟ وإذا كان حثي قد أخطأ وضللني فهل من المتوقع أن يقدم لنا حورس الفكر خارطة للطريق نحو مجتمع أفضل ووسيلة صعود إلي الخلف إلي عصر عظمة كمت في زمان أجدادنا خارطة طريق نحو بناء مواطناً مصرياً أكثر تحضراً ذو فكر أكثر؟
ج : تنبؤك صائب. فأنا أعمل حالياً على تقديم ما وصفته أنت
بــ ”خارطة طريق” لمصر 2025-2040
س -38 تري أن الحياة التي نعيشها الآن أصبحت أكثر قسوه عن ذي قبل وهل تخيفك تلك الحياة التي نعيشها الآن؟
ج : هى أسوأ وليست أقسى.
س -39 المستقبل هل ننتظره؟ أم نسرع في إقتناصه وصنعه؟
ج : لا يوجد شيء إسمه المستقبل. فالمستقبل هو ما نطبخه الآن فى مطبخ الغد.
س -40 عشنا مع أديب نوبل نجيب محفوظ في رواياته قصص فتوة الحي الذي يفرض سطوته علي الناس دون طلبهم ويفرض الاتاوات عليهم، الآن تقديرات شعبة السكان التابعه للأمم المتحدة أن عدد سكان العالم تجاوز الثمانية مليارات نسمة وهناك مخاوف من إنعكاسات سلبيه علي موارد الكوكب، هل هناك حقاً من يتحكم في مصير الثمانيه مليارات نسمه من بني البشر؟ هل يحكم العالم فتوه جديد أسمه حكومة العالم؟ من أين جاء بالشرعيه لينصب حاكماً علي مصير المليارات الثمانيه؟
ج : أقرأ مثلك عن “حكومة العالم”. ورغم وجود ظواهر تؤيد وجود مثل هذه الحكومة، فليس عندي دليل علمي على ذلك، ولكنني على يقين أن وجود قوى عظمى خارج عالم الإنسان الأوروبي الأبيض هو فى غير صالح ”حكومة العالم” بفرض وجودها. فالإنسان الأوروبي الأبيض رغم تقدمه فهو المستعمر الكريه، وهو من فتك بسكان أمريكا الأصليين وهو من هجر ملايين الأفارقة لأمريكا ليكونوا عبيده وأهم قوى إنتاجه، وهو من أشعل أبشعِ حربين فى تاريخ الإنسانية: الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
دمت لنا … ودمت لمحبيك وتلاميذك ومريديك، اضاءت صفحات جريدة كاريزما المهجرية بحضورك الرائع، وشرفتني بهذا الحوار الراقي شكراً جزيلاً علي سعة صدرك ومحبتك الغالية علي قلوبنا.
