اخبار عالميةامريكا بالعربيتقاريرعاجل

“حرائق كاليفورنيا: لماذا تتحول إلى كوارث غير مسبوقة عاماً بعد عام؟”

بسبب خسائرها الضخمة.. بايدن يعلن منطقة الحرائق في كاليفورنيا "منكوبة"

حرائق كاليفورنيا.. خسائر بالمليارات و«أزمة الصنابير» تشعل الكارثة:

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس، منطقة الحرائق في ولاية كاليفورنيا منطقة منكوبة، نتيجة النيران الضخمة التي تجتاح الولاية.

وذكرت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، في بيان أنه قرر البقاء في واشنطن لمتابعة استجابة الحكومة الفيدرالية، بعد أن زار رجال الشرطة والإطفاء في لوس أنجلوس، ووافق على إعلان حالة الطوارئ في كاليفورنيا.

وأشار البيان إلى أن بايدن اطلع على التطورات التي تسببت في انتشار النيران بسبب الرياح القوية، مما استدعى اتخاذ تدابير طارئة لمكافحة النيران.

كما قرر تخصيص تمويل فيدرالي للمساعدة على توفير الإسكان المؤقت، وإصلاح المنازل المتضررة، إضافة إلى تقديم قروض منخفضة التكلفة لتعويض الخسائر التي لم تشملها التأمينات.

وقرر بايدن تقديم الدعم للحكومات المحلية والولايات لمواجهة الأضرار الناتجة عن هذه الكارثة.

وألغى الرئيس الأمريكي رحلته المقررة إلى إيطاليا، وذلك للإشراف على استجابة الحكومة الفيدرالية للحرائق.

وفي وقت سابق، انتقد الرئيس المنتخب دونالد ترامب الوضع الحالي للحرائق في لوس أنجلوس، مشيرا إلى أن هذه الحرائق قد تُسجل أكبر كارثة من حيث تكاليفها المالية في تاريخ الولايات المتحدة.

وفي منشور له على منصة “تروث سوشيال”، أشار إلى أن العديد من الخبراء يشككون في قدرة شركات التأمين على تغطية الأضرار الناجمة عن هذه الكارثة الهائلة.

وكتب ترامب: “فليكن هذا بمثابة دليل على عدم الكفاءة وسوء الإدارة الفادحين من قبل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن”.

تسببت حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأمريكية في مقتل 5 أشخاص على الأقل حتى صباح الخميس ٩ يناير ٢٠٢٥، واتخذت السلطات قرارا بإخلاء مناطق عدة، حيث تشعبت النيران بسبب الرياح إلى مساحات مترامية، الأمر الذي أدى إلى وصولها لأكثر من مليون مبنى، وقطع الكهرباء عن مناطق واسعة في الولاية.

على أساس سنوي تقريبا، تواجه مجموعة من المناطق حول العالم حرائق غابات، ولذلك أسباب عدة، منها أن يضرب البرق الأشجار الجافة أو الأرض، أو احتكاك أغصان الأشجار ببعضها أو الصخور، مما قد يولد شرارات تؤدي إلى نشوب الحريق، ومنها كذلك أسباب بشرية تتعلق عادة بالإهمال أو الحوادث الصناعية أو أعطال خطوط الكهرباء.

لكن انتشار تلك الحرائق يتعلق بالأساس بطبيعة الرياح في المنطقة، والأهم من ذلك مدى جفاف الأشجار، لأنه مع الجفاف تصبح الأوراق أكثر قابلية للاحتراق.

أتت نيران الحرائق المروعة التي تشهدها مدينة لوس أنجلوس الأمريكية منذ الثلاثاء ٧ يناير ٢٠٢٥، على أكثر من 1500 مبنى وأرغمت مئات الآلاف على إخلاء منازلهم.

وشهدت مدينة لوس أنجلوس الأمريكية حرائق غابات واسعة، ولكن الأزمة لم تقتصر على النيران، بل واجه رجال الإطفاء الذين يحاربون حريق “باسيفيك باليسيدز” مشكلة إضافية، حيث إن العديد من صنابير الإطفاء في المنطقة لم توفر كميات كافية من المياه.

وذكرت شركة “AccuWeather” المتخصصة في التنبؤات الجوية أن التقديرات الأولية تشير إلى أن حجم الأضرار والخسائر الاقتصادية الناتجة عن حرائق الغابات في كاليفورنيا يتراوح بين 52 و57 مليار دولار.

وأشارت الشركة إلى أنه في حال امتداد الحرائق إلى مناطق مكتظة بالسكان، قد يتم رفع التقديرات الحالية للخسائر.

وكانت “AccuWeather” قد قدّرت في وقت سابق الأضرار والخسائر الاقتصادية الناتجة عن حرائق الغابات في ماوي خلال عام 2023 بما يتراوح بين 13 و16 مليار دولار.

وقال أحد رجال الإطفاء عبر اتصالات داخلية: “صنابير المياه معطلة”

بحلول الساعة الثالثة فجر الأربعاء، كانت جميع خزانات المياه في منطقة باليسيدز قد فرغت تماماً، ما أدى إلى تراجع تدفق المياه من الصنابير في المناطق المرتفعة، وفقًا لما ذكرته جانيس كينيونيس، الرئيسة التنفيذية والمهندسة الرئيسية لدائرة المياه والطاقة بلوس أنجلوس (DWP).

وأوضحت كينيونيس: “واجه نظامنا ضغطاً كبيراً، حيث ارتفع الطلب على المياه إلى 4 أضعاف المعدل الطبيعي لمدة 15 ساعة متواصلة، ما أدى إلى انخفاض ضغط المياه”.

 

انتقادات حادة للمسؤولين:

وتعرضت دائرة المياه والطاقة وقادة المدينة لانتقادات لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي من السكان، وكذلك من المطور العقاري ريك كاروسو، الذي يمتلك مركز “باسيفيك باليسيدز فيليدج” التجاري.

ووصف كاروسو، الذي شغل سابقاً منصب مفوض في دائرة المياه والطاقة، البنية التحتية للمدينة بأنها غير قادرة على تلبية متطلبات مكافحة الحرائق.

وقال كاروسو بغضب: “لا توجد مياه في صنابير الإطفاء. رجال الإطفاء موجودون ولكنهم عاجزون عن التصرف. لدينا أحياء ومنازل وشركات تحترق… هذا لا يجب أن يحدث أبدًا”.

كما أعربت عضو مجلس مدينة لوس أنجلوس، تريسي بارك، عن استيائها، مشيرة إلى “الإهمال المزمن” في الاستثمار بالبنية التحتية العامة والسلامة العامة.

وقالت: “أشعر بقلق شديد حيال هذا الوضع. نعمل بالفعل على إجراء تحقيق شامل للحصول على إجابات”.

 

تفاصيل الأزمة:

أفاد مسؤولو دائرة المياه والطاقة بأن الخزانات الثلاثة التي تزود منطقة باليسيدز، والتي تحتوي كل منها على نحو مليون غالون، فرغت تدريجياً مع استمرار استهلاك المياه بمعدلات قياسية.

وأدى ذلك إلى تعذر إعادة ملء الخزانات بسبب الطلب الكبير في المناطق المنخفضة.

وفي ظل استمرار الحرائق، واجهت الفرق صعوبات في الوصول إلى محطات الضخ لتوصيل المياه إلى الخزانات المرتفعة، مما زاد الوضع تعقيدًا. واضطرت الدائرة إلى إرسال 20 ناقلة مياه لدعم رجال الإطفاء، لكن إعادة تعبئة الناقلات تمت من مواقع بعيدة.

في طريقها للزيادة:

في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، توصل فريق بحثي بقيادة علماء من مختبر أرغون الوطني في الولايات المتحدة إلى أن معدلات وشدة وطول حرائق الغابات سترتفع مع الزمن، وللتوصل لتلك النتائج، التي نشرت في دورية “إيرسز فيوتشر”، استخدم الباحثون بيانات الأقمار الصناعية الصادرة من عام 1984 وحتى عام 2019 لدراسة 13 ألف حريق غابات سابق في قارة أميركا الشمالية وبشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية.

ومن خلال دمج مؤشرات مخاطر الحرائق مع التوقعات المناخية المستقبلية، وجدت الدراسة أن خطر حرائق الغابات الشديدة سيزداد بمعدل 10 أيام إضافية كل سنة، وفي بعض المناطق مثل السهول الكبرى الجنوبية في الولايات المتحدة الأميركية، سيرتفع معدل الحرائق ليصبح أكثر من 40 يوما إضافيا كل سنة، معظمها سيكون في أشهر الربيع والصيف.

وإلى جانب ذلك، فإن بعض حرائق الغابات قد تمتد إلى أشهر الشتاء، حسب الدراسة، وبشكل خاص مع انخفاض معدلات الأمطار عن قبل؛ الأمر الذي يزيد من جفاف النباتات، وبالتبعية يسهل اشتعال الحرائق وانتشارها بها.

ولا يؤثر التغير المناخي على حرائق الغابات بسبب نقص الأمطار فحسب، بل تتسبب الموجات الحارة في تجفيف النبات لدرجة قصوى، مما يسهل اشتعاله، وهو ما يطيل أمد الحرائق وشدتها وانتشارها.

طقس الحرائق:

وتتعلق مشكلة أخرى في هذا السياق بطبيعة موسم الحرائق نفسه، الذي عادة ما يبدأ بمنطقة ما ثم ينتقل لأخرى، لكن مع التغير المناخي بات ممكنا أن تنشأ الحرائق بمعدلات أكبر في مناطق متفرقة وفي الوقت نفسه، وهو ما يضع أحمالا ثقيلة على موارد أي دولة ويمنعها من التصرف بفاعلية خلال موسم الحرائق.

ويتأكد ذلك بعدة دراسات أخرى، فمثلا في عام 2020 قام فريق دولي من العلماء بعمل مراجعة بحثية لـ57 دراسة سابقة في هذا النطاق، وأظهرت جميعها روابط بين تغير المناخ وزيادة تواتر وشدة طقس الحرائق، الذي يعرّف بأنه الظروف الملائمة لنشوب حرائق غابات، مثل درجات الحرارة المرتفعة وانخفاض الرطوبة وانخفاض هطول الأمطار والرياح العاتية.

وأشارت المراجعة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية وموجات الحر المتكررة وموجات الجفاف ستؤدي إلى زيادة احتمال نشوب حرائق الغابات من خلال تعزيز طقس الحرائق.

وأظهرت بيانات الرصد في هذه الدراسة أن مواسم طقس الحرائق قد امتدت عبر ما يقرب من 25% من سطح الأرض النباتي، مما أدى إلى زيادة بنحو 20% في المتوسط العالمي لطول موسم طقس الحرائق.

أثر الجفاف:

ومع الجفاف تخزن النباتات كمية أقل من الماء، وتنمو ببطء وتطلق كمّا أقل من بخار الماء إلى الجو، يؤدي ذلك إلى مزيد من تساقط الأوراق الجافة الخاصة بها، وموت الشجرة نفسها سريعا، وهو ما يوفر بيئة مناسبة لانتشار الحرائق، خاصة أن الحرائق تنتشر بصورة أكبر في غياب بخار الماء الموجود في الجو المحيط بها، الذي يعمل في الأساس على إخمادها إن بدأت.

وطبقا لورقة بحثية صدرت قبل عدة أعوام بالدورية الواسعة الشهرة “نيتشر”، فإن حرائق الغابات المطيرة في الأمازون -على سبيل المثال- ليست حدثا طبيعيا ولكنها اتحاد بين عنصرين، الأول هو الجفاف الشديد، الذي يتزايد يوما بعد يوم بسبب التغير المناخي، والثاني هو الأنشطة البشرية التي تؤثر بالسلب على طبيعة تلك الغابات.

ولو تأملنا حرائق غابات كاليفورنيا، لوجدنا أنه منذ ثمانينيات القرن الفائت اتجه حجم وشدة الحرائق التي تجتاح الولاية الأميركية إلى الأعلى بلا توقف، فأكثر من 15 من أكبر 20 حريقا في تاريخ كاليفورنيا حدثت منذ عام 2000.

ومنذ سبعينيات القرن العشرين ازدادت مساحة المنطقة المحروقة في الولاية 5 أضعاف، في مقابل ذلك ارتفعت متوسطات درجة الحرارة في الولاية نفسها خلال الفترة نفسها.

ويتوقع العلماء أنه مع تصاعد أزمة المناخ، فإن المرجح هو أن تزداد شدة هذه الحرائق وطول مدتها وترددها، وتتغير مواعيدها لتصل إلى عمق الشتاء في بعض الأحيان، وفي حين أن ذلك بات معروفا للعلماء منذ عقود، إلا أن الجهود السياسية لاحتواء أزمة المناخ لا تزال بطيئة جدا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى