المــواهــــب: انتشر في الآونة الأخيرة اهتمام بالغ بالمواهب المختلفة لدى جميعِ الفئات العمريّة وظهرت العديد من البرامج والمسابقات والورشات التي تدعم وتطوّر المواهب. كما أنّ الموهبة أصبحت عنصراً مهمّاً تلتفت إليه المجتمعات؛ نظراً لدورها في النماء والازدهار في مختلف المجالاتِ. فالموهبة لغة وهبة فطريّة ومكتسبة، وتُعرَّف اصطلاحاً بأنّها قدرات عامّة أو خاصّة تجعل الفرد مميّزاً عن الآخرين في مجالٍ ما أو عدّة مجالات، وهي تدلّ على مستوى عالٍ من التفكير والأداء، ولا يُشترطُ أن ترتبط بذكاء الفرد، فهي في أصلها قدرات خاصّة يمتلكها الشخص بشكلٍ فطريّ وقد تكون قدرات عقليّة مرتبطة بالذكاء أو استعداداً فطريّاً لاكتساب مهارة ما. اكتشاف المواهب: قد يكتشف الأهلُ موهبةَ طفلهم في عمر صغير، فيأخذونَ على عاتقهم تنميتها واستغلالها، وقد تبقى هذه الموهبة غضّة بحاجة لمن يرعاها، وكثيراً ما تكون الموهبة مدفونة، لا يعرف صاحبها أنّه يمتلكها، ويعتقد أنّه لا يمتلك أي موهبة، فيحتار في الاتجاه الذي عليه أن يسلكه في حياته؛ لذا لا بدّ أن يسعى الشخص لاكتشاف موهبته بمختلف الطرق والأساليب. المرحلة التأمليّة: يوجد عددٌ هائلٌ من المواهبِ التي قد يمتلكها الفرد؛ لذا لا بدّ من أن يبدأ باكتشاف موهبته الخاصّة عن طريق حصرها. ويمكن أن يستخدم بذلك مجموعة من الأساليب التأمليّة والتخاطبيّة مع النفس أو مع الآخرين للوصول إليها، ومنها: استرجاع ذكريات الطفولة: وتذكّر الأمور التي كانت تثير الانتباه لديه، أو الأنشطة التي كانَ يتوق لممارستها في أوقات الفراغ، فقد تكون هذه الأمور لا تزال تثير اهتمامه، أو تكون مفتاحاً لمعرفة الموهبة غير المكتشفة لديه. اتباع الشغف والإلهام: هما محرّكان للقدرات، فمعرفة الأمور التي تحفّز الشخص وتلهمه، قد تكون دليلاً على استعداده الفطريّ لموهبةٍ ما. تحديد الأمور السهلة: إذ يمكن تحديد الأمور التي يشعر الشخص بسهولة في عملها، والتي لا يشعر بإجهاد أو انزعاج عندما يضطر إليها فقد تكون سهلة لكونها موهبة يستمتع بها. الاستعانة بالمقرّبين: فقد يلاحظ الأهل أو الأصدقاء وجود بعض الجوانب المميّزة في الشخص، ويحصل على المديح عليها، فتكون هذه الجوانب نقاط قوّة في الشخص وفرصة لتكوُّن موهبة لديه. المرحلة العمليّة: تبدأ مرحلة الاكتشاف الحاسمة عندما يبدأ الشخص بالممارسة العمليّة والتحرّك سعياً لاكتشاف موهبته، ومن الأمور التي يمكن عملها: كسر الروتين: فعندما يمارس الشخص روتيناً متكررّاً، لن يجرّب شيئاً جديداً ولن يكتشف موهبته. التخلّص من الخوف: يعيشُ الإنسانُ ممتنعاً عن تجربة شيءٍ جديدٍ خوفاً من الفشلِ أو الانتقادِ، لذا عليه أن يتخلّص من الخوف وأن يبدأ بممارسة كلّ شيءٍ يرغب في أن يجرّبه، فقد يكون أحدها موهبته الضائعة. تجربة الكثير من الأنشطة: على الشخص أن يجرّب أنشطة مختلفة وينتقل من نشاط لآخر، حتى يصل إلى نقطة يشعر فيها بالسعادة والحماس تجاه النشاط الذي يمارسه. تنمية القدرات: إنّ القدرات التي يمتلكها البعض هيَ موهبةٌ تمارَسُ كروتين فلا يعتقد الشخصُ بأنّها موهبته، فعند تنميتها والالتحاق بالدورات والدّروسِ التي تطوّرها، تظهر كموهبة تميّزه. الإختبارات والمقاييس: توجد بعض الاختبارات والمقاييس التي تُجرى لتكشف عن الموهوبين، ومنها: اختبارات الذكاء الفرديّة: التي تقيس قدرة الفرد العقليّة بشكلٍ عام، ومنها مقياس ستانفورد بينيه، ومقياس وكسلر. اختبارات الذكاء الجمعيّة: وهي تطبق على مجموعة من الأشخاص في الوقت نفسه، وتبيّن القدرات العقليّة للشخص ومنها مصفوفة ريفن التتابعيّة. اختبارات التحصيل: تقوم هذه الاختبارات على معرفة مقدار استعداد الشخص للتعلّم في مجالٍ ما. اختبارات التفكير الابتكاريّ: وأشهرها اختبار بول تورانس الذي يقيس قدرات التفكير الابتكاريّ الأربعة وهي: الأصالة والمرونة، والطلاقة، وإدراك التفاصيل. مقاييس التقدير: التي تقوم بالكشف عن سمات التعلّم، والدافعيّة، والإبداعيّة والفنيّة، والقياديّة، والمسرحيّة، والتعبيريّة والاتصال الفعّال، وسمات التخطيط. تعزيز وتطوير المواهب: إنّ الموهبة وحدها لا تكفي، إذ يحتاج الفرد إلى تعزيز هذه الموهبة، وتوجيهها بالشكل الصحيح حتى تصبح أكثرَ إبداعاً وعطاءً. ويمكن تحقيق ذلك بالانتباه أوّلاً لثقة الشخص بنفسه، فانعدام الثقة تخلق سقفاً للموهبة لا يمكن اختراقه. وثانياً لا بدّ من مبادرة الشخص وكسر حاجزِ الخوفِ من الخطوة الأولى لديه، وتخطّي العقبات والمشكلات التي تواجهه. كما ينبغي أن يمتلكَ الشخصُ شغفاً نحوَ ما لديه من مواهب، فهو بذلك يمتلك طاقة تساعده على العمل والتصميم لتطوير موهبته. وأهمّ ما يمكن أن يفعله الموهوب هو التدريب المستمرّ، فلا يركن إلى الهبة ويكتفي بها، بل يسعى دائماً للعمل الجادّ لتطويرها. وينبغي أن يكوّن الشخص علاقات تدعمه وتأخذ بيد موهبته في اتجاهٍ إيجابيّ، وأن يحاول تنمية موهبته مع مجموعة من الأشخاص فالعمل الجماعيّ يقوّي ويدعم الموهبة ويساعد على التخلص من نقاط الضعف فيها. أنواع المواهب: يمتلك كلّ شخص نوعاً من الذكاء، يُترجَم على شكل موهبة يمتلكها. ولا تنحصر أنواع الذكاء بالنمط المتعارف عليه، من ذكاءٍ أكاديميّ وعلميّ، فللعقلِ أطرٌ متنوّعة وواسعة، تنعكسُ على الأداءِ والمهاراتِ التي يمتلكها الفرد. ويمكن أن تُدرجَ هذه الذكاءات ضمن 7 أنواع كما يلي: الذكاء اللغويّ: والذي يظهر على صورة براعة لغويّة، كالكتابة والخطابة، والصحافة، والقانون. الذكاء الموسيقيّ: فيمتلك الشخص قدرةً على إدراك الفروق الدقيقة ونماذج الألحان والإيقاعات، فيكون على استعداد للتعلّم على الآلات الموسيقيّة، أو الغناء أو أي نشاط مرتبط بالأداء الموسيقيّ. الذكاء المنطقيّ الرياضيّ: فيكون الشخص قادراً على الاستنتاج والتحليل واستخدام الأرقام للوصول للحلول. يظهر هذا النوع من الذكاء على شكل مواهب هندسيّة، وحاسوبيّة، ومحاسبيّة. الذكاء البصريّ والفراغيّ: إذ يستطيع الفرد أن يتصوّر الأبعاد الفراغيّة، ويتخيّل ترتيب العناصر داخلها. فتنشأ عنها موهبة الفنون التصويريّة والرسم، والتصميم الداخليّ. الذكاء الجسميّ والحركيّ: فيتحكمّ الشخص بحركات جسده، وينسق بين الحركات، فهو بذلك يمتلك استعداداً للتمثيل والرّقص، وفهم لغة جسد الآخرين. الذكاء الاجتماعيّ : إذ يكون الشخص ذا قدرة اتصاليّة مع الآخرين، ويستطيع تكوين علاقات قويّة، والشعور بالنّاس وقيادتهم. والذكاء الاجتماعيّ يُستغلّ في التعليم، والعمل الجماعيّ، والقيادة. الذكاء الشخصيّ: يمتلك الأشخاص قدرةً على التطوير الروحانيّ، وتأمّلٍ للذات وإدراكٍ لقوّتها. في هذه الحالة يكون الشخص مدرّباً ومحفّزاً للحياة، وقائداً روحانيّاً. كيفيـة تنميـة المواهـب يُعدّ الذكاء، والخبرة، والقدرة، والموهبة مصطلحات كانت تُستخدم تقليدياً في التعليم وفي علم النفس، وهي عبارة عن علامات متفّق عليها اجتماعياً تقلّل الطابع الديناميكي المتطور والسياقي للعلاقات الفردية - البيئية، ويمكن تسمية هذه البنيات المفترضة بأنّها علاقات وظيفيّة موزّعة على جميع الأفراد والتي تظهر على الفرد من خلال مهارة معينة، وتجدر الإشارة إلى أنّ عملية تعليم وتوجيه الموهوبين تقوم من خلال برامج تكميلية خاصة للطلبة المتميّزين بمستوى ذكاء عالٍ، لذا كمدرس خاص لهم يجب أن يساعد على توفير خطط تعليم خاصة بهم لتلبية احتياجاتهم. ترتكز عملية دعم مفهوم القدرة والمواهب على عدة مفاهيم، وهي: علم النفس البيئي والإدراك، ونظرية النشاط، والمشاركة الطرفية المشروعة، وعلى الرغم من أنّ البعض يستخدم مصطلح المواهب لوصف الأفراد الذين يمتلكون قدرة استثنائية، ومصطلح القدرة على أنها سمة داخلية، إلا أنه يجب التعامل على أنهما عبارات متكافئة يمكن أن تُستخدم لوصف المعاملات الوظيفية التي يمتلكها الفرد. تعزيز الموهبة: يمكن تعزيز وتشجيع الموهبة من خلال البناء عليها باستخدام الطرق الآتية: تحويل الموهبة لمهارة : امتلاك الموهبة لا يعني شيئاً إذا لم يتمّ تنميتها. البحث عن أشخاص موهوبين آخرين: التعلم من الموهوبين يعدّ شيئاً جيداً، لذا إذا أراد شخص تنمية موهبته في مجال معين، عليه إحاطة نفسه بأشخاص موهوبين بنفس المجال، وتقليد سلوكهم وممارساتهم اليومية، وتعلّم مواقفهم تجاه مواهبهم. استيعاب التعقيدات المصاحبة للموهبة: إنّ عملية تحويل الموهبة إلى مهارة والمهارة إلى قدرة عملية ليست سهلة، لأنّه كلما زاد التعلم عن موضوع ما، كلما زادت تعقيداته وتفاصيله، لذا إنّ عملية أن يصبح الفرد ماهراً في موهبته تتطلب الالتزام بتعلّم كلّ شيء حول الموهبة من أجل تحويل الموهبة إلى حقيقة. الممارسة: ممارسة العمل على الموهبة تساعد في الحصول على مهارة في استخدام هذه الموهبة وتطبيقها، بعكس الشخص الذي يمتلك الموهبة ولا يمارسها. طرق تشجيع الموهوبين: يمكن تشجيع الموهوبين من خلال إعطاء هدف للتعلّم عن طريق: المساعدة على تحديد الأهداف: يجب أن ترتبط الأهداف بأهواء ورغبات الموهوب، لكي تكون ذات مغزى، وينبغي أن تكون قصيرة وقابلة للقياس، بحيث يمكن أن يتكون لديهم الدافع لتحقيقها. توضيح أهمية القيام بعمل ما : العديد من الموهوبين بحاجة لمعرفة أهمية الشيء قبل القيام بعمله، لأهميته على المستوى الاجتماعيّ والثقافيّ. تقديم التطبيق العملي: أفضل طريقة لإظهار أهمية شيء هي عن طريق التطبيق العمليّ وغالباً ما يُستخدم هذا النمط في فئة العلوم حيث يتمّ تعليم مفهوم ما، ثمّ تطبيقه من خلال التجربة، لذا يفضّل استخدام هذه الطريقة لتحفيز وتشجيع الموهوبين وخاصة الأطفال.