فاطمة ناعوت

الحَجُّ العالميُّ إلى أرض مصر

بقلم/ فاطمة ناعوت - الكاتبة الصحفية والشاعرة الإعلامية المتميزة

في‭ ‬بلدٍ‭ ‬فريد‭ ‬مثل‭ ‬مصر،‭ ‬طبيعيٌّ‭ ‬وجميلٌ‭ ‬ألا‭ ‬تنفصل‭ ‬السياحةُ‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬والإرث‭ ‬والأثر‭. ‬فمصرُ‭ ‬الجميلةُ‭ ‬صندوقٌ‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬الأثر‭ ‬الفريد،‭ ‬والموروث‭ ‬التاريخي‭ ‬المادي‭ ‬واللاماديّ،‭ ‬يضرب‭ ‬بجذوره‭ ‬في‭ ‬عمق‭ ‬أرض‭ ‬الزمان‭. ‬وطبيعيٌّ‭ ‬وجميل‭ ‬أن‭ ‬يحملَ‭ ‬عبءَ‭ ‬تلك‭ ‬المسؤولية‭ ‬الهائلة‭ ‬رجلٌ‭ ‬يعرف‭ ‬قيمةَ‭ ‬ذلك‭ ‬الموروث‭ ‬الخالد،‭ ‬الذي‭ ‬يتشوّفُ‭ ‬العالمُ‭ ‬بأسره‭ ‬لزيارته‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬سرِّ‭ ‬مصر‭ ‬القدسيّ‭ ‬الخاصّ‭. ‬رجلٌ‭ ‬يجيدُ‭ ‬كتابةَ‭ ‬وقراءة‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬بطلاقة‭ ‬فائقة،‭ ‬مثلما‭ ‬يُتقنُ‭ ‬العربية‭ ‬والفرنسية‭ ‬والإنجليزية‭. ‬بروفيسور‭ ‬درسَ‭ ‬ودرَّس‭ ‬عِلم‭ ‬المصريات‭ ‬المعقّد،‭ ‬وعِلم‭ ‬الإرشاد‭ ‬السياحي،‭ ‬وعلوم‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬لغة‭ ‬سلفنا‭ ‬الصالح،‭ ‬الجدّ‭ ‬المصري‭ ‬الخالد‭. ‬عضوٌ‭ ‬مصريٌّ‭ ‬مُشرِّف‭ ‬في‭ ‬اللجان‭ ‬الدولية،‭ ‬والمجلات‭ ‬العلمية،‭ ‬ومشاركٌ‭ ‬رئيسٌ‭ ‬في‭ ‬الوفود‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تهتمُّ‭ ‬بالأثر‭ ‬المصري‭ ‬العظيم،‭ ‬وكيفية‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬كونه‭ ‬إرثًا‭ ‬عالميًّا‭ ‬يخصُّ‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬امتيازٌ‭ ‬حصريٌّ‭ ‬لمصر‭ ‬العظيمة‭. ‬أستاذٌ‭ ‬زائر‭ ‬في‭ ‬كبريات‭ ‬الجامعات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬يطوفُ‭ ‬الدولَ‭ ‬ليُعرِّفَ‭ ‬العالمَ‭ ‬على‭ ‬كنوز‭ ‬مصر‭ ‬الخالدة؛‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يُعدُّ‭ ‬أيُّ‭ ‬مُتحفٍ‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬عظيمًا،‭ ‬إلا‭ ‬حين‭ ‬يقتني‭ ‬قطعةً‭ ‬من‭ ‬آثارنا‭ ‬المصرية،‭ ‬أو‭ ‬قطعتين‭. ‬ممثِّلٌ‭ ‬لاسم‭ ‬مصر‭ ‬الشريف‭ ‬في‭ ‬المؤتمرات‭ ‬الدولية‭ ‬واجتماعات‭ ‬الخبراء‭ ‬الدوليين‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬وتعزيز‭ ‬المتاحف‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وكيفية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الساكن‭ ‬بين‭ ‬جدرانها‭. ‬مثقفٌ‭ ‬مصريّ‭ ‬برتبة‭ “‬فارس‭”‬،‭ ‬إذ‭ ‬قلّدته‭ ‬الحكومةُ‭ ‬الفرنسية‭ ‬‭”‬وسام‭ ‬فارس‭ ‬في‭ ‬الفنون‭ ‬والآداب‭”‬‭ ‬لتفوّقه‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬المصريات‭ ‬والآثار‭ ‬والتاريخ‭. ‬رجلٌ‭ ‬بحجم‭ ‬خالد‭ ‬العناني‭.‬

في‭ ‬حفل‭ ‬العشاء‭ ‬على‭ ‬شرف‭ ‬المتحف‭ ‬القبطي‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬اجتاحنا‭ ‬شعورٌ‭ ‬بالفخر‭ ‬بمصر‭ ‬وأبناء‭ ‬مصر‭ ‬ونحن‭ ‬نُنصتُ‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الوزير‭ ‬الجاد،‭ ‬د‭. ‬خالد‭ ‬العناني،‭ ‬وزير‭ ‬السياحة‭ ‬والآثار،‭ ‬متحدّثًا‭ ‬للوفد‭ ‬الفرنسي‭ ‬للجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬للحج‭ ‬المسيحي،‭ ‬عن‭ ‬فرادة‭ ‬مصر‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وامتيازها‭ ‬الإلهي‭ ‬باستقبال‭ ‬العائلة‭ ‬المقدسة‭ ‬على‭ ‬أرضها،‭ ‬دونًا‭ ‬عن‭ ‬سائر‭ ‬بلاد‭ ‬الكوكب‭. ‬حين‭ ‬زارتنا‭ ‬العذراءُ‭ ‬مريم‭ ‬المُطهِّرة‭ ‬حاملةً‭ ‬على‭ ‬ذراعيها‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬طفلا،‭ ‬عليهما‭ ‬السلام،‭ ‬ليمكثا‭ ‬في‭ ‬أرضنا‭ ‬قرابة‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع،‭ ‬يُقدّسان‭ ‬ترابَها‭ ‬ويُباركان‭ ‬شعبَها‭. ‬تحدث‭ ‬الوزيرُ‭ ‬المثقف‭ ‬بالعربية‭ ‬والفرنسية‭ ‬بطلاقة‭ ‬أهلها،‭ ‬داعيًا‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬إلى‭ ‬الحجّ‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬مصر‭ ‬واعتمار‭ ‬نقاط‭ ‬الرحلة‭ ‬القدسية‭ ‬الخمسة‭ ‬وعشرين‭: ‬من‭ ‬رفح‭ ‬المصرية،‭ ‬وحتى‭ ‬‭”‬دير‭ ‬المحرّق‭”‬‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬‭”‬أسيوط‭”‬،‭ ‬قلب‭ ‬مصر‭ ‬النابض‭ ‬بالقداسة‭ ‬والعراقة‭. ‬أكّد‭ ‬الوزيرُ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إحياء‭ ‬مسار‭ ‬رحلة‭ ‬العائلة‭ ‬المقدسة‭ ‬إلي‭ ‬مصر‭ ‬مشروعٌ‭ ‬قوميّ‭ ‬سيتم‭ ‬الترويج‭ ‬له‭ ‬عالميا،‭ ‬توليه‭ ‬الوزارةُ‭  ‬اهتمامًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬لأنه‭ ‬امتيازٌ‭ ‬حضاريٌّ‭ ‬وتاريخيّ،‭ ‬وإرثٌ‭ ‬وأثرٌ‭ ‬‭”‬لاماديّ‭”‬‭ ‬تنفرد‭ ‬بها‭ ‬مصر‭. ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬أعمال‭ ‬التطوير‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬‭”‬شجرة‭ ‬السيدة‭ ‬مريم‭ ‬العذراء‭”‬‭ ‬لرفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية‭ ‬بها،‭ ‬وكذلك‭ ‬الكنيسة‭ ‬المعلقة‭ ‬وكنيسة‭ ‬أبو‭ ‬سرجة‭ ‬بمجمع‭ ‬الأديان‭ ‬بمصر‭ ‬القديمة‭ ‬وكنيسة‭ ‬السيدة‭ ‬العذراء‭ ‬بالمعادي،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬الرحلة‭ ‬المقدسة‭. ‬وأكّد‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬قد‭ ‬شكّلت‭ ‬لجنة‭ ‬قومية‭ ‬تضمُّ‭ ‬خبراءَ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬لإعداد‭ ‬ملف‭ ‬لتقديمه‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬اليونسكو؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تسجيل‭ ‬مسار‭ ‬رحلة‭ ‬العائلة‭ ‬المقدسة‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬التراث‭ ‬العالمي‭ ‬اللامادي،‭ ‬ووضع‭ ‬أديرة‭ ‬وادي‭ ‬النطرون‭ ‬الأربعة‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬التراث‭ ‬العالمي‭ ‬المادي‭.‬

حضر‭ ‬الحفل‭ ‬الجميل‭ ‬نخبةٌ‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الكتّاب‭ ‬المهتمين‭ ‬بالشأن‭ ‬المصري‭ ‬إرثًا‭ ‬وتاريخًا‭ ‬وحضارةً،‭ ‬وقياداتٌ‭ ‬من‭ ‬وزارة‭  ‬السياحة‭ ‬والآثار‭ ‬والهيئة‭ ‬المصرية‭ ‬العامة‭ ‬لتنشيط‭ ‬السياحة،‭ ‬وممثلون‭ ‬عن‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬والكنيسة‭ ‬القبطية،‭ ‬وبعض‭ ‬ممثلى‭ ‬القطاع‭ ‬السياحى‭ ‬الخاص‭. ‬وأعرب‭ ‬الأب‭ ‬چاكي‭ ‬مارسيل،‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الفرنسية،‭ ‬عن‭ ‬امتنانه‭ ‬لدعوة‭ ‬الوزير‭ ‬وتقديره‭ ‬للجهود‭ ‬الطيبة‭ ‬التى‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬مصرُ‭ ‬لإحياء‭ ‬مسار‭ ‬العائلة‭ ‬المقدسة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجمعية‭ ‬ستقوم‭ ‬بدورها‭ ‬بالترويج‭ ‬لهذا‭ ‬المسار‭ ‬والتوصية‭ ‬على‭ ‬وضعه‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬البرامج‭ ‬السياحية‭ ‬التى‭ ‬تنظمها‭ ‬الجمعية‭. ‬

مصرُ‭ ‬حريّةٌ‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬دول‭ ‬السياحة‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فهي‭  ‬بلدُ‭ ‬التسامح‭ ‬الديني؛‭ ‬تُجاوِرُ‭ ‬على‭ ‬أرضها‭ ‬المعبدَ‭ ‬اليهودي‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬الكنيسة‭ ‬المسيحية،‭ ‬والمسجد‭ ‬الإسلامي،‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬الأثر‭ ‬المصري‭ ‬القديم‭. ‬دخلٌ‭ ‬قوميٌّ‭ ‬هائل‭ ‬ينتظرُ‭ ‬مصرَ‭ ‬بعد‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬خريطة‭ ‬السياحة‭ ‬الدينية‭ ‬التي‭ ‬يحجُّ‭ ‬إليها‭ ‬العالمُ‭ ‬بأسره‭ ‬لزيارة‭ ‬المعالم‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬العقائد‭ ‬والمذاهب‭. ‬

‭”‬وادي‭ ‬وبوادي‭ ‬وبحور‭ ‬وجسور‭ ‬ومواني‭/ ‬توحيد‭ ‬وفكر‭ ‬وصلاة‭/ ‬تراتيل‭ ‬غنا‭ ‬وابتهالات‭/ ‬وكل‭ ‬ده‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬يا‭ ‬ولاد‭/ ‬مصر‭ ‬ياولاد‭/ ‬حلوة‭ ‬الحلوات‭.‬”‭ ‬“الدينُ‭ ‬لله،‭ ‬والوطنُ‭ ‬لمن‭ ‬يحبُّ‭ ‬الوطن،‭ ‬ويُعلي‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬تراث‭ ‬الوطن‭.‬”

إهداء من الأستاذة فاطمة ناعوت عن جريدة المصري اليوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى