فاطمة ناعوت
ميري كريسماس، كمان وكمان
بقلم/ فاطمة ناعوت - الكاتبة الصحفية والشاعرة الإعلامية المتميزة
قبل عام كتبتُ هنا مقالاً عنوانه: “ميري كريسماس، رغم أنفهم”. كان كلامي موجّهًا لداعية ناطق بالإنجليزية أفتى بأن: “قولة: ‘ميري كريسماس’، يفوق إثمُها القتل”! ولا أعرف أهو “داعية” خير، أم داعيةُ بغضاء وشقاق وفُرقة! وتساءلتُ يومها: “هل رسمُ بسمةٍ على وجه أخيك، يساوي إزهاق روحه؟!” وتعجبتُ من كمّ السواد يترسّب على قلوب البعض، وبدلا من السعي للتطهر منه، يباركه المرءُ في نفسه، بل ويعلنه فرحًا طروبًا! لكن أسوأ شياطين الظنّ لم يوقع في روعي أن يخرج مثل هذا الكلام الموجعُ من مصريين. بل أن تصدره مجموعة أسمت نفسها “الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح”، فأيُّ “حقوق”، وأيُّ “إصلاح”! والأطرفُ أن تزعم أنها تؤسس للإسلام “الوسطيّ”! عجبُ العُجاب! ولكن يزول العجبُ فورًا إن علمنا أن رموزها هم: الشاطر، حجازي، برهامي، ونيس! وما أدراكَ ما ونيس! وما الشاطر! وما حجازي! وما برهامي! ويطلقون على أنفسهم: “علماء” و”حكماء”! وما علمنا العالمَ والحكيمَ إلا ساهرًا على خير الناس وتطوّر البشرية. فهل في نشر البُغضة بين الناس خيرٌ أو تقدم؟!
في أدبيات الفاشية، نعرف أن ألف باء الديكتاتورية، هو تفتيت النسيج المجتمعيّ. وهي الحكمة “الضالة” الشائعة: “فرِّقْ؛ تَسُدْ”. لهذا قال أودينون، المفكر الصهيونيّ، قبل عشرين عامًا: “قوةُ إسرائيلَ ليست فى سلاحها النووىّ، فهو سلاحٌ يحملُ فى طيّاته موانعَ استخدامه، بل تكمن فى تفتيت الدول الكبرى التى حول إسرائيل إلى دويلاتٍ متناحرات على أسس دينية وطائفية. ونجاحُنا فى هذا، لن يعتمد على ذكائنا، بقدر ما يعتمد على غباء الطرف الآخر”!
ولم تنجح إسرائيل “بجلالة قدرها”، في تفتيت المصريين، ولن تنجح بإذن الله. لكن الإخوان المتمسحين بالمسلمين “كادوا” أن ينجحوا في شهور قليلة، فيما أخفقت فيه إسرائيلُ العجوز عبر ستين عامًا.
أقول “كادوا”، لأن الشهور الماضية، منذ سرق الإخوانُ مصرَ، كانت عسرة ومُرّة. شهدنا المصريَّ يُخوِّن المصريَّ ويُكفّره. ودخلت معجمَنا النقيَّ مفرداتٌ بلهاءُ، مثل: “فلول- عميل- عدو الدين- إسلاموفوبيا- إخوانوفوبيا”، وهلمّ جرا من مصطلحات صكّها الإخوانُ ليكسّروا بها عظامَ المعارضة التي ترفض مرسي والشاطر والمرشد وجماعتهم، مثلما رفضنا مبارك وحزبه، لأن كليهما أحبَّ نفسَه، ولم يحبّ مصرَ والمصريين.
لكن شعبنا الذكيَّ سرعان ما انتبه للشَّرك وعاد إلى سابق طبيعته المتحضّرة النقيّة، بعدما انشكف النقابُ عن صنّاع الشرّ؛ فعرفنا مَن هو عدوُّ مصر الحقيقي.
أقول للهيئة الموقّرة: سيظلُّ المسلمُ يهنئ المسيحيَّ في أعياده، وسيظل المسيحيُّ يفرح برمضانَ وبهجته، ويشاركنا الصومَ نهارًا. وستعودُ مصرُ للمصريين.
إهداء من الأستاذة فاطمة ناعوت عن جريدة “المصري اليوم”