دأبت الحكومات المتعاقبة على مدى عدة سنوات على محاولة إيجاد حل سريع ومستمر لمشكلة تراكم القمامة فى شوارع القاهرة والمدن الكبرى ولم تفلح، وعلى الأرجح سوف تستمر هذه المشكلة طالما أن الحلول ليست خلاقة ولا مجدية وطالما أن الشعب لا يتعاون رغم المبالغ الباهظة التى أهدرت ورغم تكليف شركات مختلفة محلية وأجنبية بالإضطلاع بهذه المهمة، وفشل الجميع فى إيجاد حل لتلك المشكلة المستعصية والتى تعود، فى رأينا، لأسباب ليس هنا مجال مناقشتها، وأيضاً لن تخلو سجون المحروسة، برعاية الله، من نزلاء بعضهم لعقوبات عن أخطاء وخطايا لا ترقى لمستوى الإجرام فى طبيعتها وقد تكون فى معظمها نتيجة مخالفات بسيطة أو عصبية زائدة أو جهل بالقانون وبحقوق المواطن وواجباته وهذه طاقات معطلة فى السجون وقد ينتهى الأمر ببعضهم إلى احتراف الإجرام بعد الإفراج عنهم نتيجة الإختلاط بمرتكبى شتى أنواع الجرائم، المشكلة الأولى يبدو أن المسؤلين أعياهم أمرها وسلموا بالأمر الواقع، والثانية لا يلتفت إليها أحد وربما لا تلقى اهتماماً برغم نتائجها المستقبلية الوخيمة وبدلاً من أن تكون العقوبة سبباً فى أصلاح حال المخطئ، قد تؤدى إلى زيادة خطورته على المجتمع نتيجة ما قد يتعلمه من المحيطين به داخل الأسوار، مما تقدم يتضح أن لدينا مشكلتين مزمنتين والحل الذى أقترحه قد يعالج كليهما معا وهو ليس اختراعاً ولكنه نظام معمول به فى أمريكا ويسمى Community Serviceبمعنى خدمة المجتمع أو ما اعتادنا أن نسميه فى مصر الخدمة العامة والذى لا أعلم لماذا لم يستمر، يتلخص هذا النظام فى الآتى: - ينطبق النظام على المحكوم عليهم بالسجن لمدة شهر وحتى سنة. - يتم تقسيمهم إلى مجموعات عمل برئاسة فرد منهم وتحت إشراف أحد موظفى البلدية. - يتم صرف قمصان مميزة لهم وإمدادهم بأدوات النظافة المطلوبة. - يتم نقلهم إلى المكان المطلوب إزالة القمامة منه وتجميعها بعربات البلدية المخصصة لذلك. - يتم التوجه إلى نفس الموقع يومياً لإزالة ما قد يستجد بنفس طاقم العمل أو بآخرين حسبما يتطلب الأمر. - يحتسب كل يوم عمل بهذه المهمة بمثابة أسبوع سجن أو طبقاً لما يحدده المشرع، حيث أن هذا الأمر يتطلب تشريعاً جديداً وما أسهل ذلك الآن فى ظل إسهال القوانين التى يصدرها مجلس الشعب حالياً وبنجاح عظيم. - بالنسبة للقضايا الجديدة، أقترح أن يصدر المشرع قانوناً جديداً يتيح بموجبه للقاضى أن يصدر أحكاماً بأداء هذه الخدمة كبديل عن السجن إحتراماً لآدمية أصحاب السابقة الأولى والتى لا تستدعى أخطاؤهم إبعادهم عن ذويهم وعن مجتمعهم، وفى نفس الوقت نوفر على الحكومة نفقات إعاشتهم وعلاجهم وخلافه٠ يقينى أن هذه طريقة واقعية للتخلص المتواصل من القمامة وإفراغ السجون من غير محترفى الإجرام، وبذلك نكون قد أدينا خدمة مزدوجة فى نفس الوقت .. هل من مجيب؟!