يرى العروبيون أعداء الحضارة المصرية أنّ اللغة العربية هى أول وأقدم لغة فى العالم، ولأنهم يستخدمون الأسلوب العاطفى غيرالعلمى، فإنهم يـُـزايدون ويعتبرونها ((لغة الجنة)) وأنّ (آدم) تحدث بها إلى آخر كلامهم الذى لاعلاقة له بلغة العلم وخاصة علم اللغويات.
بينما أجمع علماء المصريات واللغويات على أنّ جدودنا المصريين القدماء هم أول من توصلوا لفن الكتابة بصورته الأولية، برسم رموزالطبيعة مثل الطيوروالأزهاركوسيلة للتعبيرعن اتصال البشرببعضهم البعض، فكتب برستد ((..وزيادة على ما بلغه المصريون القدماء من مبادىء المدنية والرقى، فإنهم نجحوا فى اختراع الكتابة والقراءة. ودلتْ الأبحاث أنهم استعملوا الكتابة منذ نحوخمسة آلاف سنة. وأنّ الخط الهيروغليفى الذى أستعمل فى الوجه البحرى لإجراءات الحكومة والخزانة، لم يُخترع فجأة وقت اعتلاء الملك مينا العرش بل كان مستعملا قبل ذلك بمدة طويلة. ودليلنا على هذا أنّ الخط الهيراتيكى كان مستعملا فى مبدأ الأسرة الأولى، وهواختزال للخط الهيروغليفى. فلابد إذن أنْ يكون الأخيرمستعملا قبل الأسربزمن طويل)) وذكردليل آخرهوأنّ جدودنا دأبوا على إحصاء عدد السكان وتدوين كل ما يخص الشئون الحياتية والإدارية والأعمال التجارية والمالية وأضاف ((ولايُـخفى أنّ هذا النظام الإدارى استلزم تدوين كل كبيرة وصغيرة، فلا عجب إذا بلغ الخط الهيروغليفى وقتئذ درجة كبيرة من الدقة. ورغم أنه يحتوى على الحروف المُركبة فهويحوى أيضًا حروفــًـا هجائية بسيطة. والفضل فى كشف حروف الهجاء يرجع إلى قدماء المصريين الذين توصلوا إلى معرفتها منذ نحوألفيْن وخمسمائة سنة قبل سائرالأمم. وثابروا على استعمال الحروف الهيروغليفية المُركبة على الرغم من وجود 24حرفا هجائيًا لذلك الخط ومرور 3500سنة على كشف هذه الحروف. ودوّن أبناء ذاك الوقت بعض المعلومات الطبية والدينية صارلها أثرعظيم فيما بعد. وسجّلوا أحداث تلك العصورفى آخركل سنة إلى آخرأيام كل ملك. وتم العثورعلى تلك السجلات مدوّنة على حجرأثرى يُعرف بحجر(بالرمو) نسبة إلى داربالرموالمحفوظ بها))
بعد الكتابة على الحجرانتقل جدودنا إلى مرحلة أخرى هى مرحلة الكتابة على أوراق البردى ووفق تعبيربرستد فإنهم ((شقوا أوراق البردى قطعًا مستطيلة ثم لصقوها فكوّنوا بذلك الأدراج المعروفة. فاستعملوا البردى والمداد فى المكاتبات، فكان من أعظم أسباب انتشارالخط الهيروغليفى وسريانه إلى فينيقيا ثم إلى سائرالعالم المتمدن فاستعيرتْ منه حروف هجائية. وبعدما كان القوم يـُـكاتب بعضهم بعضًا بالنقش على الألواح الطينية التى يتراوح وزن كل منها بين ثمانية وعشرة أرطال، ويستعملون الخط المسمارى، أصبحوا يستعملون ورق البردى لخفته وسهولة حفظه. كل هذه الميزات تـُـظهرلنا السرفى كثرة توريد الأدراج البردية من مصرإلى فينيقيا فى القرن 12ق.م ..ولما استحال على الفينيقيين كتابة حسابهم بالخط المسمارى، أخذوا يستخدمون الخط المصرى تدريجيًا. وفى القرن 11ق.م كانت فينيقيا تستعمل حروف الهجاء المصرية فى مخطوطاتها بشكل حروف ساكنة، ومن ثـمّ انتشرتْ هذه الحروف إلى اليونان ومنها إلى سائرممالك أوروبا..كما اتضح لنا أنّ الخط الذى أستعمل فى كريت قبل الخط اليونانى يحوى آثارًا من الخط المصرى، فثبتَ بذلك انتشارالخط المصرى إلى تلك الجهات))
وذكرالعالم ت. ج. جيمس أنّ العلماء فى المتحف البريطانى والعلماء الإيطاليين حاولوا انتاج ورق بردى، فاكتشفوا أنّ مشكلة البردى الحالية هى (التبقع) وهوعيب لم يكن موجودًا فى مصرالقديمة. وأفلح الإيطاليون نسبيًا فى معالجة اللون فى البردى باستخدام تقنيات الغسيل ((وعلى أية حال قد لاتكون التقنيات الحديثة هى التى كانت مستخدمة قديمًا، فالمصريون كانت لهم خبراتهم ومعلوماتهم بما لم يتوفرلنا الآن)) ومن الأمورالتى تجعل كل مصرى يشعربالفخرأنّ كلمات paperالإنجليزية وpapierالفرنسية وpapyrosالإغريقية مشتقة من papuroالمصرية.
اختلف العلماء حول أسبقية الفينيقية أم السومرية، إلاّ أنهم اتفقوا على أنّ هذه وتلك تضرب بأشكالها دون أسماء حروفها إلى الكتابة المصرية القديمة وبالتحديد الهيروغليفية وهولفظ يونانى قديم يـُـفيد الكتابة الإلهية. ولايزيد هذا اللفظ اليونانى عن التعبيرالمصرى نقلا حرفيًا وهو(ميدو نوتر) لذا كتب عالم اللغويات سيمون بوتر((كافة الأبجديات فى العالم تنحدرعن أصل واحد، فهذه الأبجديات جميعًا أشتقتْ من الكتابة الصورية المصرية)) وكتب جاردنر((ظلّ التاريخ المدون فى حكم العدم حتى اكتشف المصريون قبل نهاية حقبة ما قبل الأسرمبدأ الكتابة الصورية)) وذكرالرحل الجليل بيومى قنديل أنّ حرف aفى النسق الأبجدى اللاتينى الذى تـُـكتب به لغات حية حديثة منحدرعن حرف الألف اليونانى القديم aعن نظيره الفينيقى aوهذه جميعًا عن الحرف الأول المُـناظرفى الهيروغليفية ويُمثله الصقرالمصرى)) وكتبتْ عالمة المصريات أنــّـا رويزأنّ كهنة المعابد فى مصركانوا يُعرفون باسم (إيمى أونوت) وترجمتها عن الهيروغليفى (مراقبى الساعات) فربما تكون هى أصل كلمة minuteوذكرسليم حسن الخطوات التى مرّتْ بالأبجدية المصرية ((كانت نتيجة هذه الخطوات أنْ تكوّنتْ أبجدية من 24حرفــًـا ساكنـــًـا وهى التى انتهتْ فيما بعد إلى أرض كنعان وأخذتْ منها الحروف الأبجدية الأوروبية..فكانت اللغة المصرية أشبه بذيوع اللغة الإنجليزية)) وهوما اعترفتْ به العالمة نوبلكورالتى ذكرت أنّ الفينيقيين قاموا بإعادة تنظيم الكتابة المصرية ((التى اقتبسها الإغريق ونقلوا أشكالها إلينا ثم ظهرتْ ثانية فى أبجديتنا الأوروبية)) وذكرالشاعرحسن طلب فى رسالته للماجستيرعن أصل الفلسفة أنّ الحروف الهجائية انتقلتْ من مصرإلى الفينيقيين الأمرالذى أقرّبه معظم العلماء. وهوما أكده د.سميريحيى الجمال ((اقتبس الفينيقيون عن المصريين حروفهم الهيروغليفية ونقلوها إلى الدول التى تاجروا معها ولاسيما اليونان الذين اتخذوا حروف كتابتهم بعد تغييرات بسيطة وأخذتها عنهم بعد ذلك بلاد أوروبا)) وكتب د.إسحاق عبيد ((إنّ الفينيقيين (أهل لبنان) نقلوا الحروف الهيروغليفية إلى بلاد اليونان فبلوروا منها الأبجدية. وبدون تزيد أنّ مصرمحتْ أمية حوض البحرالأبيض المتوسط)) وجاء فى معجم الحضارة المصرية ((من الأمورالخارقة فى تاريخ اللغات أنْ تحيا اللغة لمدة تقرب من خمسة آلاف سنة، إذْ حقق المصريون هذه المعجزة اللغوية. وظهرتْ أوائل النصوص حوالى 3100ق.م)) وذكرمارتن برنال أنّ ما بين 20- 25% من الألفاظ اليونانية مشتق من ألفاظ مصرية)) ويغيب عن كثيرين أنّ جدودنا اختاروا أكثرمن اسم لمصرمثل (كيمى) ومنها جاءتْ الكيمياء و(تا- ميرى) أما اسم (قبط) فهوتحويرلكلمة (هور- كا- بتاح) أى معبد روح الإله بتـّاح التى أصبحت Aigyptosفى اليونانية القديمة ومنها إلى Egypt فى الإنجليزية.