منذ عدة أيام، أخبرتنى إدارة الجريدة بالولايات المتحدة الأمريكية عبر البريد الالكترونى، برسالة مضمون ترجمتها يفيد بأن أكتب مقالاً يخاطب فئة كبيرة من متابعيها، وحقيقة إمتدحوا كتاباتى السابقة بوجه عام كنوع من التقدير والثناء .. لا أكذب عليكم فى شىء بأن ثنائهم عليّ الذى رأيته فى تلك الرسالة جعلنى أذهب لمكتبى الخاص وأمسك بقلمى وأبحث بعناية شديدة عن موضوع جيد لتناوله فى مقال .. راجعت ذهنى كثيراُ وفكرت أكثر، ولكن هيهات فقد تاهت الأفكار وشرد الذهن، لم يعرف القلم طريقه للبداية، أو بمضمون أفضل ربما تاه بين مواضيع كثيرة ومواقف لا تُنسى قد مرت بصاحبه .. تنظر حولك، ترى أشخاصا قتلهم الياس، فتسال نفسك هل تكتب عن الأمل فى وسط حالة الياس التى يشهدها بعضهم .. أتكتب عن البؤساء أم المتفائلون .. الجانى أم المجنى عليه .. الظالم أم المظلوم .. عن الاشخاص الحالمون ام الواقعيون.. من يملكون أطفال ويشتكون منهم ام أخرون يتمنون طفلاً ولو فى اخر سنين عمرهم .. من يملكون صحة جيدة وغير شاكرين ام أولئك الذين يصارعون المرض طمعاً فى الخروج من الالم ولو للحظات من الوقت .. اناسا يعشقون تراب هذا الوطن ويقدمون ارواحهم فداءاً عنه بكل حب وآخَرون لا يعنى لهم الوطن شيئا، يراسلك أحدهم ممن يعيشون فى بلاد الخارج، ويذكر لك بإنه يتمنى لو يستطيع أن يعود يوماً ليُقبل تراب وطنه ويجلس مع اهله وأصدقائه ولكن ظروفه الحياة هناك وقفت أمام عودته، وآخَرون يتمنون مغادرتها .. أتكتب عن الناجحون ام الفاشلون .. أحدهم يبحث عن وظيفة بسيطة وآخَر يعانى من مسئوليات وظيفة مرموقة او منصب قيادى .. وهكذا كثير من المواقف والأشياء، التى تسير متناقضة مع أصحابها .. وبينما يدور فى ذهنك هذا. تجد بعض من خلايا تفكيرك تذهب فى مكان آخَر.. ولكن مهما رأيت فرحا فى أناس حولك، تأكد بأنك لا تعلم ماذا يخبئون، حقيقة صدق هنري لونغفيلو عندما قال، كل إنسان لديه أحزانه السرية التي لا يعلمها سواه وفي معظم الأحيان ندعوه إنسانًا باردًا بينما هو يغلي من الألم " ، ولو تحدث انسان لك عن امر يوجعه ربما لحجب أمر أكثر ألماً بالنسبة له .. تسير بخيالك فيما حولك تجده مليئاً بالشىء ونقيضه .. نظرية اختلاف عجيبة .. كل شخص له عالمه الخاص الذى يؤمن بمعتقداته، بعضهم يظن أن عالمه الخاص هو العالم الصحيح دون ان يعلم أن كل احد فى الدنيا لديه أيضاً عالمه الخاص والذى يعتقد أيضاً بإنه الأصح .. والحقيقة انه ليس هناك عالم صحيح وعالم غير صحيح بل هى فقط تختلف فى نسب صحتها .. وسط كل هذا تبقى الحياة تحتفظ بسرها ولا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة غير الله أما عوالمنا ومعتقداتنا وأفكارنا لا تشكل سوى مقتطفات من الحقيقة الكاملة .. وبين هذا وذاك ظللتُ أبحث عن شيئاً اكتبه، ولكننى تركت القلم جانبا ورحلت عن مكتبى، حقيقة لم أجد عنواناً لمقال !!