قرأت هذه القصة بلغات عديدة وعلى مختلف الروايات. أذكرها لكم الآن من مصدرها التاريخي الأقدم في القرن الرابع الميلادي.. ذهب شاب إلى راهب في الصحراء عارضا له مشكلته.. أنا لا أفهم ما أقرأ من الكتب الدينية.. حاولت أن أحفظها.. ففشلت.. أن أفهمها فإستعصى على الفهم .. فتركت قرائتها لأنى فشلت.. بعيون اتعبها السهر والصلاة نظر الراهب إلى الشاب وقال له: أتطيعني فيما أطلب منك.. توافق؟ .. أجاب نعم.. دخل الراهب إلى مغارته المحفورة في الجبل وأخرج قفه قديمة مصنوعه من الخوص و قال له إملائها من ماء النهر و تعالي لي .. تذكر عزيزي القارئ أنه في القرن الرابع كانت الماء تملاء في قرب مصنوعة من جلود الحيوانات.. لأنها الوسيلة الوحيدة لاحتواء الماء… فـــ المسافات بين "الخوص" تجعل الماء يتساقط من القفة. بإندهاش نظر الشاب إلى الراهب.. تتطلب مني أن أذهب كيلومترات إلى النهر حتى أعبئ ماء في قفة خوص؟! "انت قلت أطيعك.. و هذا طلبي" نادما على ذهابه إلي الراهب.. قطع الشاب كيلومترات من مغارة الراهب في الصحراء حتى النهر.. و ادخل القفة إلى داخل النهر و أخرجها ممتلئه بالماء و لكن ما أن يتحرك أمتار قليلة حتى يكون الماء قد تسرب من فتحات "القفة" … كرر الأمر عشرات المرات وعندما تيقن من أنه مستحيل أن يحتفظ الخوص بالماء .. رجع إلى الراهب.. " اطعتك و لكن بلا فائدة.. لا يوجد ماء بالقفة.." نظر الراهب الي القفه قائلا .. " ولكن أنظر إلى القفة و أخبرني.. هل إختلف فيها شئ؟!" بعيون مدققه نظر الشاب إلى القفه فوجدها مغسوله ونظيفه.. كانت متربة و متسخة و قذره عندما أخذها من الراهب و الآن هي نظيفه… أجابه الراهب.. فكرك و روحك مثل القفة .. مياة القراءة تغسلها حتى لو لم تحتفظ بها في عقلك.. أذهب و إقرأ و أطلب الفهم من الذي قال لك إقرأ.. و لكن لا تتوقف حتى لا تتسخ روحك و عقلك … مع إزدياد الآلم.. . أعترف لك يا الله أن السلام تسرب من نفسي مثل الماء من الخوص.. وأنني لم أعد أفهم ماذا يجب أن أفعل.. ولكني على وعدك " ادعني في يوم الضيق.. فأنقذك " أنا أدعوك و أنتظرك أقرأ كتابك و أنتظر خلاصك.. حتى لو لم أفهم الآن ما أنت تصنع ولكنى أثق بك..