مع إعلان الحكومة زيادة تحويلات المصريين فى الخارج إلى أعلى معدلاتها، نظمت «المصرى اليوم»، ندوة تبحث كيفية زيادة تحويلات المصريين فى الخارج، باعتبارها أكبر مورد للدخل القومى، وناقشت الندوة مشاكل المصريين فى الخارج وكيفية حلها، مع إعداد روشتة لعلاج قضايا الاستثمار والتعليم ونقل الجثامين. وطرح المشاركون فى الندوة أهم القضايا التى تؤرقهم، وقالوا إن نظام التعليم فى مصر يظلم أبناءهم، ولفتوا إلى أن التحويلات تنفذ وديا، فى بعض الدول، من خلال الأصدقاء والوسطاء، وأكدوا أن المصريين فى أمريكا وأوروبا يعيشون حياة كريمة وليست ثرية، مشيرين إلى أن مصر وجهة قوية للاستثمار، مطالبين الدولة بتحديد احتياجاتها، ولفتوا إلى تأثير رجال الأعمال المصريين فى الخارج، وقدرتهم على تنمية دورهم داخل الوطن، وأشاروا إلى أن التعليم المصرى لا يقدم عمالة ماهرة، ولفتوا إلى صعوبة المنافسة بين أبناء مصر وباقى الجنسيات فى الخارج، وطرحوا بعض الأزمات التى يتعرضون لها؛ منها اللجوء إلى بنوك أجنبية فى التحويلات لعدم توافر بنك وطنى، وأكدوا ثقتهم فى الرئيس عبد الفتاح السيسى، ولفتوا إلى أن المبادرات المطروحة لا تلبى احتياجاتهم، وأعربوا عن أمنيتهم فى إطلاق الرئيس مشروعا اقتصاديا للمصريين فى الخارج، وطالبوا الدولة بدعمهم بحزمة خدمات يشعرون من خلالها أنهم أبناء مصر. ■ كيف يمكن زيادة إيرادات المصريين من الخارج؟ قال الدكتور عماد الباشا، أستاذ الكيمياء بجامعة نيويورك: «مصر تعد وجهة قوية للاستثمار، لكن على الدولة أن تحدد احتياجاتها، ما إذا كان ذلك استقطابا أم استثمارا حقيقيا يستهدف زيادة نمو الاقتصاد لتوفير فرص العمل، ولزيادة تحويلات المصريين بالخارج، يجب توفير حلول، بشأن عدم توافر فروع للبنوك المصرية فى الدول الأجنبية، ما يدفعهم لتحويل أموالهم إلى مصر عبر أصحابهم فى الخارج، ما أثر سلبا على الاقتصاد المصرى». وتابع: «نتيجة فرض رسوم لتحويل الأموال من البنوك الأجنبية إلى المصرية، يقوم الغالبية بدفع أموالهم إلى أهل الثقة من المصريين المقيمين فى الخارج، وهو أمر استغله الإخوان بعد ثورة ٣٠ يونيو، وقتها كان الدولار بـ ١٢ جنيها، وكانوا يجمعون الدولارات من المصريين بالخارج، وتسليمها لأقاربهم فى مصر بقيمة الجنيه، ووقتها انهار الاقتصاد المصرى لعدم توافر تحويلات دولارية». واتفق معه إسماعيل على، رئيس الاتحاد العام للمصريين فى الخارج، بقوله: «إن توفير فروع للبنوك المصرية فى الدول الأجنبية مسألة أمن قومى، لأنها أفضل الطرق لوصول العملة الأجنبية بطريقة شرعية». وعلق الدكتور صمويل المراغى، مؤسس مكاتب المحاسبة فى الولايات المتحدة الامريكية: «أنا مهاجر لأمريكا منذ 1984، وأعمل محاسبا، وأمتلك عددا من مكاتب المحاسبة، وأرى أن المشكلة تتمثل فى الدولار، وكيفية حل مشكلته بالنسبة لمصر، وكيفية إيجاد أفضل الطرق لتحويل الأموال، واستثمارها، وطبيعة هذا الاستثمار». وتابع: «لدينا فى الولايات المتحدة خدمة مصرفية، تحصل على عمولتها من التحويل، ويضطر إليها المصريون بسبب عدم وجود بنك وطنى، والوحيد المتاح هناك هو بنك خاص بمعاملات الشركات وليس الأفراد». واستكمل: «لدى عملاء من بولندا والصين، وتلك الدول لديها شيكات من بنوكهم الوطنية، لكنى كمصرى لا أمتلك هذه الميزة لذا يجب إيجاد حل لهذه المشكلة، ولزيادة التحويلات يجب أن تتبنى مكاتب التمثيل التجارى فى القنصليات مشروعات الدولة والتعريف بها، والتواصل مع المصريين لإقناعهم بالاستثمار فيها». وتابع: «يهمنى الاستفادة من مبادرات البنوك المصرية؛ فسعر الفائدة فى البنك الأمريكى ٠.٥٪، فى الوقت الذى يصل فيه سعر الفائدة فى البنوك المصرية ١٥٪ ، وللأسف أنا غير قادر على إيداع أموالى لعدم وجود بنك وطنى مصرى فى أمريكا». وأضاف: «المصريون فى الخارج يحبون بلدهم، ويتمنون أن يكونوا جزءا من التنمية، ولديهم خبرات مهنية وأفكار تجعل التنمية أفضل، وكل ما يريدونه هو إزالة عوائق الاستثمار وتوفير ضمانات فى حالة احتياجهم لأموالهم أن يحصلوا عليها». علقت ميرفت خليل، رئيس فرع الاتحاد بلندن: «لزيادة تحويلات المصريين من الخارج، يجب التفكير فى زيادة فرص الاستثمار، عبر تأمين بيئة مشجعة فى مصر، فهذه التحويلات مصدر للإيرادات، ورغم زيادتها إلا أنها ضعيفة، ووجودها فى البنوك يكون لفترات قصيرة لحين استلام المحول إليهم تلك الأموال، ويمكن زيادتها ومضاعفتها خلال فترة بسيطة.» وأضافت: «المشكلة أن المستثمر المصرى فى الخارج لا يوجد لديه ما يكفى من الثقة لاستثمار أمواله فى مصر، بسبب الإجراءات البيروقراطية والروتين فى التعامل، والوقت الطويل الذى يستغرقه، بالإضافة إلى حالات النصب، فيضطر إلى سحب أمواله». وتابعت: «هناك استثمار جار، بين مصر وإنجلترا، من خلال المصريين المقيمين بها، إلا إن هذا الاستثمار يمكن مضاعفته ومعه ستزداد العملة الأجنبية إلى مصر. ولضمان رفع إيرادات المصريين فى الخارج لا يجب الاعتماد على التحويلات الشخصية، وإنما الاستثمارات بتوفير حياة كريمة للمستثمر المصرى، وتوضيح الملابسات الجيدة التى تشجعه على الاستثمار. وهناك عدد كبير من رجال الأعمال المصريين البريطانيين القادرين على صناعة حراك اقتصادى فى مصر، حال توفير بيئة استثمارية واضحة، وعلى سبيل المثال، فإن استيراد الفاكهة والخضروات من مصر، مجال عمل مهم فى إنجلترا، بعد أن تربعت مصر على عرش الموالح والعنب فى بريطانيا، ولزيادة الاستثمارات، يجب أن يشعر المستثمر بالأمان، لأننا لدينا قوانين كثيرة، لكن مشكلتنا فى التطبيق». وأضاف محمد أبوعيش، نائب رئيس الجالية المصرية بالسعودية: «لزيادة استثمارات المصريين بالخارج، على الدولة أن تكتسب ثقتهم، فرجال الأعمال المصريون بالخارج مؤثرون ويمكن أن ينمو دورهم داخل الوطن، إذا ما اطمأنوا إلى الإجراءات الحكومية والمبادرات التى تستهدفهم، وسوف أضرب مثالا، وتساؤلاً فى الوقت نفسه: أين بيت الوطن؟.. منذ سنوات، طالبتنا الدولة بتوعية المصريين فى الخارج للمشاركة فى التنمية العقارية، وشراء وحدات سكنية، وقتها كان متر الأرض بـ ٥٠٠ دولار، فى مدينة التجمع، عام ٢٠١٣، ورغم اشتراك آلاف المصريين فى الخارج ودفعهم مبالغ مالية الا أننا حتى الآن لا نعلم أين أموالنا أو مكان الأرض؟!». وتابع: «أنا دفعت ١٢٠ ألف دولار، منذ 9 سنوات، لا أعلم عنها شيئا، كيف يمكن أن أساهم مرة ثانية فى الاستثمار، وكيف أشجع على الاستثمار العقارى». وأضاف: «أنا كمستثمر مصرى بالسعودية، أرى أنه إذا كانت الدولة قررت التركيز على الاستثمار العقارى، على قائمة أولوياتها، يجب أن تفكر فى جذب العراقيين واليمنيين، ويجب توفير حزمة من الخدمات، ولا أتوقف عند الدعاية فقط؛ مثل تسهيل الحصول على تأشيرة الدخول إلى مصر، ووضع أنظمة فنية حديثة، ولو فى المدن الجديدة، لكسب ثقة المشترى، بأن يظهر رقم القطعة واسم مشتريها، مع تحديد فترة زمنية قصيرة للبيع والشراء، عبر مكاتب موحدة، على ألا يستغرق البيع والشراء شهورا طويلة، وأؤكد أنه علينا أن نبحث عن كيفية استقطاب الأجانب، والأوضاع الان، بالنسبة للمصريين فى دول الخليج صعبة للغاية، بسبب جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية، وهناك كثيرون لا يتقاضون رواتب وعلينا أن نبحث عن كيفية التعامل معهم عند عودتهم». وعن كيفية زيادة التحويلات قال علاء سليم، الأمين العام للاتحاد، نائب رئيس الجالية المصرية بالكويت: «يجب زيادة المحفزات، مثل ربط تحويلات المصريين فى الخارج بقيمة مدخراتهم، وتدشين حوافز لتشجيعهم على تحويل أموالهم إلى البنوك المصرية، وتقديم الدعم والصلاحيات، فيما يخص الجمارك، فنحن نريد حزمة اقتصادية تمنح للمصرى فى الخارج لتشجيعه على التحويل، وحزمة من القوانين الاقتصادية لمساعدة المستثمرين، ليتمكنوا من العمل والاستيراد من مصر، وزيادة التعاون بين الدول التى يعملون بها ووطنهم». وتابع: «للأسف لا يوجد له أى ميزة يتمتع بها أى مصرى يعيش فى الخارج، رغم أنه يوفر دعم العيش والبنزين، بدون مقابل، فمن المفترض أن تكافئ الدولة المصريين بالخارج، ولو بعمل خصم على جمارك سياراتهم، مثل تلك التى يحصل عليها اللبنانى والهندى والباكستانى، لا أن أدفع قيمة سيارتى مرتين أو أحرم منها». «هناك مشكلة بين المبادرات التى تطرحها الدولة للمصريين فى الخارج، وما يحتاجونه»، هكذا علق عصام الدين بسيونى، نائب رئيس اتحاد المصريين بأمريكا، وهو ما يؤدى إلى ضعف جدواها، ويخرجها فى إطار «الشو» أكثر منها مبادرة حقيقية ويتم إطلاقها دون تحديد هدف أو خطة عمل. وأضاف: «لدينا ثقة كبيرة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ونطالب بعمل مشروع قومى يساهم فيه المصريون بالخارج بالدولار، ويعمل به العائدون من الخارج؛ فعلى سبيل المثال، المصريون فى أمريكا، أغلبهم مزدوجو الجنسية، فلا يجب التركيز معهم فى الاستثمار العقارى، لأـنهم لا يزورون مصر سنويا، رغم تواصلهم ومتابعتهم ما يحدث، فإذا أرادت الدولة أن تستقطبهم لإيداع مدخراتهم فى مصر، عليها تقديم مبادرات تهمهم». وتابع: «لدينا ثقة كبيرة فى الرئيس بشأن التنمية، ونتمنى أن يطلق مشروعا قوميا يخص المصريين بالخارج، عبر عملة الدولار، على أن يخصص جهة تابعة له لإدارتها، مع توفير فرص عمل للعائدين من الخارج به، فلو اطلق الرئيس مشروعا قوميا للمصريين بالخارج وشارك فيه مليون فقط، بحد أدنى 1000 دولار للفرد، سوف يدخل للدولة مليار دولار، فما بالنا لو شارك به أكثر من 10 ملايين مصرى بالخارج. الاستثمار ليس هدف المصريين بالخارج فقط، لأنهم يعملون فى دول الإقامة، لكن لديهم رغبة فى مشاركة البناء والتنمية داخل مصر، وإطلاق هذا المشروع لا يكون بنفس طريقة المبادرات، إنما مشروع قائم على دراسة وتؤسسه الدولة، تحت رعاية الرئيس، لأن غالبية المصريين بالخارج لا يهتمون بالاستثمار العقارى، فأسعار الشقق فى أمريكا أرخص من أسعار الشقق والشاليهات فى مصر». ■ هل تحويلات مدخرات المصريين تتم بشكل رسمى عبر البنوك أم الأصدقاء؟ أجاب محمد أبو عيش، نائب رئيس الجالية المصرية بالسعودية: «فى السعودية يوجد بنوك أجنبية يتم فيها الإيداع بالريال، ثم يتم تحويلها إلى البنوك المصرية بالجنيه، ما يعتبر خسارة». وتساءل عما إذا كانت معاملات أبنائنا فى المدارس والجامعات داخل مصر تتم بالدولار، ولماذا علينا أن نتحمل تكلفة التحويلات البنكية، ثم تكلفة تحويل القيمة المالية إلى الجنيه ثم إلى الدولار؟. وقالت ميرفت خليل: «التحويلات فى لندن تتم بشكل أكبر وديا، من خلال الأصدقاء أو بعض الوسطاء، الذين ييسرون عملية تسليم الأموال للأهالى فى مصر، لأن المصريين فى الخارج لديهم رغبة فى تقليل خسارتهم، بمعنى تقليل دفع تكلفة التحويلات المالية عبر البنوك، خاصة أن المهاجرين فى أوروبا وأمريكا يعيشون حياة كريمة، لكن ليست ثرية». وتضيف: «للأسف هناك مشكلة كبيرة عشناها خلال الأزمة الاقتصادية، لم يكن هناك دولارات فى مصر، وكان لدينا مصرى متوفى، حاول أبناؤه دفع تكلفة نقل جثمانه وقدرها ألفا جنيه إسترلينى، لكنهم لم يتمكنوا من الحصول على الدولارات المطلوبة، لتحويلها إلى لندن، فاضطروا إلى الطرق الودية، وأبطالها غالبا من الإخوان، ممن لديهم شبكة علاقات قوية وموارد مالية، ودفع الأبناء بالجنيه، وتسلمتها إدارة المستشفى بالجنيه الإسترلينى، لشحن الجثمان». ■ هناك مبادرات وقرارات لتسهيل الاستثمار.. لماذا لا يستفيد منها المصريون فى الخارج؟ قال الدكتور، عماد الباشا: «هناك معوقات كبيرة تعرقل الاستثمار فى مصر، منها القوانين وأسلوب العمل، وسأحكى تجربة شخصية.. أنا أعمل كيميائيا، وجئت للاستثمار فى مصر فى مجال الدواء عام 2010، وبالفعل قمنا ببناء مصنعين لإنتاج الدواء، أحدهما بالعاشر من رمضان، ومدينة الصالحية الجديدة، وبدأت فى إنتاج 50 دواء، وفقا للمواصفات الأمريكية، بعد دفع أموال طائلة للشركات الأمريكية، مع مراقبة شديدة، للسماح بالعمل فى مصر وإنتاج دواء، بنفس الجودة العالمية، وعانيت من الدواء المغشوش، أو ما يعرف بـضرييبة الأدوية، وهم يقومون بسرقة تركيبة الدواء وصناعته بأسماء قريبة من منتج الشركة ليربحوا الملايين؛ لأنهم يستغلون سمعة الدواء الأصلى، ويقلدونه بسعر رخيص، عبر تقليل المادة الفعالة». وتابع: «بعد 6 أشهر من بداية الإنتاج، تم تقليد الأدوية، وتوزيعها بالصيدليات ومراكز التجميل، بأسعار أرخص كثيراً، ومع الوقت بدأ التجار يرفضون شراء المنتج الأصلى». ويضيف: «كانت المشكلة الكبرى عندما حاولت تقديم شكوى، وفوجئت بأن الجهة المسؤولة هى شرطة المسطحات المائية، ورفضت وزارة الصحة وجهاز حماية المستهلك التعامل مع المشكلة بدعوى عدم مسؤوليتهما، فيما تتعامل النيابة مع القضية باعتبارها قضية إدارية يتم حلها بدفع الغرامة. وبعد سلسلة متواصلة من الخسائر، تركت المصنع واتخذت قرارا بعدم الاستثمار فى مجال الدواء داخل مصر مرة ثانية.. واليوم أزور مصر بهدف إنشاء مشروع استثمارى كبير، يضخ 200 مليون دولار، عبر إنشاء جامعة أجنبية، فقد حصلت على موافقة 6 جامعات أمريكية ضخمة للشراكة معها، ونسعى للحصول على 200 فدان، لبدء العمل، لكننا مازلنا نبحث إمكانية إنشائها بالعاصمة الإدارية أو مدينة العلميين». ■ القوى البشرية ميزة تتمتع بها مصر، ويمكن تصدير العامل المصرى ما يزيد التحويلات المصرية؟ قال محمد أبوعيش: «تصدير العمالة إلى الخارج، يحل الكثير من المشكلات الاقتصادية، ويوفر العملة الاجنبية، إلا أن المنافسة مع شباب مصر أصبحت صعبة، فالتعليم المصرى لا يقدم عمالة ماهرة.. وتصدير المصريين إلى الخارج يحتاج إلى تدريبهم؛ فكثيرا ما تطلب السعودية موظفين بمواصفات محددة لا نجدها للأسف فى مصر، وللأسف أصبحت الدول العربية تتجه إلى أسواق الهند ومانيلا والفلبين لاستيراد العمالة، فى ظل فقدان مصر العمالة المدربة والفنيين». وهو ما اتفق معه، علاء سليم، مؤكدا أن الصورة النمطية، المكونة فى أذهان المصريين عن مستوى التعليم فى دول الخليج ليست واقعية، فنظم التعليم فى هذه الدول متطورة جداً، ودول مثل عمان وقطر والإمارات، مصنفة ضمن أفضل جامعات على مستوى العالم، وبالتالى فإن فرص عمل الخريجين الجدد أصبحت صعبة، مع مقارنة مستواهم التعليمى مع نظيرهم من أى دولة أخرى، ورغم ذلك ينظر المصريون إلى التعليم فى دول الخليج على أنه تعليم أقل من نظيره المصرى، رغم مساوئ نظام التعليم المصرى من الدروس الخصوصية، وتخبط الخطط أو وضوح استراتيجيته وبرامجه. وعن أوروبا علقت، ميرفت خليل، بأنها لن تصلح كوسيلة لتصدير الفائض من العاملين المصريين، لأن الدول الأوروبية بها نسبة بطالة، والحالة الاقتصادية بها فى تدن، بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والأزمات الاقتصادية المتتالية، فضلا عن أن الدول الأوروبية مازالت تنظر إلى المهاجرين نظرة أنهم مستغلون، ولا تعاملهم معاملة أبناء الدولة، رغم حصولهم على الجنسية، حتى إن أغلب الأوراق الرسمية تضع خانة تذكر بلد الميلاد. ■ كشفت أزمة الحرب الروسية الأوكرانية عن توجه أبناء المصريين فى الدول العربية إلى تفضيل اللجوء للتعليم الأوروبى.. لماذا؟ قال علاء سليم، إن ملف التعليم ملف شائك يجلب الأذى النفسى لكل المصريين بالخارج، لأن هناك مشكلة كبيرة يعانى منها أبناؤهم فى المنظومة التعليمية، التى تعتبر ظالمة لأبنائنا، ولذا فإن الاتجاه للتعليم الجامعى فى أوروبا يأتى بسبب معاملة أبناء المصريين فى الخارج معاملة غير عادلة، فليس لهم مكان فى بلدهم (من بين كل ١٠٠ طالب مصرى بالخارج يكون من لهم حق الالتحاق بالكلية الجامعية ٥ فقط)، وهو ما يعتبر عدم مساواة بين أبناء الشعب المصرى. فعلى الرغم من أن فرصة أبنائنا فى التعليم بالدول العربية تفرض عليهم إما الالتحاق بالنظام التعليمى المصرى، الذى يقوم على فصول ملحقة بالسفارات، وهو أمر يصعب تنفيذه للغالبية المصرية بالخارج، لأنه يعتمد على الدراسة المنزلية والدروس الخصوصية، أو الالتحاق بالتعليم الحكومى للدولة المقيم بها، أو الالتحاق بالتعليم الأجنبى. ويتابع: رغم تفوق الطلاب المصريين وحصولهم على المراكز الأولى تعليميا، إلا أنهم يعانون من نظام «المعادلة»، الذى يحرمهم من الالتحاق بكليات الطب والهندسة، وبالتالى يلجأون إلى الجامعات الخاصة. وهو الأمر نفسه مع التعليم الأجنبى حيث لا يسمح إلا بنسبة ٥٪ فقط للالتحاق بالجامعات الحكومية، وبأسبقية التقديم، لذا تكون الجامعات الخاصة هى الحل، ونظرا لارتفاع أسعار هذه الجامعات، مقارنة بالجامعات الأجنبية يفضل المصريون التحاق أولادهم بها. ويضيف: «هذا النظام يظلم أبناءنا ويحطم أحلامنا وأحلامهم، وسوف أضرب لك مثلا، اضطر ابن جارى للالتحاق بإحدى الجامعات الخاصة فى مصر، نتيجة نفاد فرصته فى الالتحاق بنسبة الـ ٥٪ ، وللأسف مع أزمة كورونا وتسريح العاملين فى كثير من الدول، فقد عادت الأسرة إلى مصر، إلا أن الطالب لا يزال يعامل معاملة المصريين بالخارج، ومُضطر لدفع مصروفاته الجامعية بالدولار، وهو عبء حقيقى على العائلة الآن، ويؤكد على حالة التشوه، فالمصريون بالخارج لا يحملون الدولة تكلفة إيجاد فرص عمل أو مواصلات أو سكن أو علاج، بالإضافة لتعليم أبنائهم بالخارج، وكل ما يريدونه هو أن يتساوى أبناؤهم مع أبناء وطنهم فى حق التعليم». وتابع: «للأسف التعليم الجامعى يخلق أزمة حقيقية، ويفرق بين أبناء الشعب المصرى، وهو ملف شائك يحتاج إلى إعادة النظر، لأنه يتعمد إيذاء المصريين فى الخارج، على الجانب النفسى، بشأن المعادلة والقبول والاعتراف». ويحكى الدكتور عماد الباشا، عن تجربة شخصية، بشأن التعليم فى مصر، بالنسبة للمصريين فى الخارج، قائلا: تخرجت من الثانوية السعودية وكنت الأول على المدرسة والسابع على المنطقة الجنوبية، وتم تكريمى من الأمير السعودى وقتها، لكننى عندما عدت إلى مصر عشت صدمة حقيقية، فقد تأخرت فى تقديم أوراقى للتنسيق الجامعى، فضاعت منى فرصة الالتحاق بكلية الطب، رغم حصولى على مجموعها، بعد حذف درجات المعادلة. المشكلة بعد سفرى للدراسات العليا فى أمريكا، كان يجب معادلة شهاداتى التى حصلت عليها فى مصر نتيجة عدم الاعتراف بها. ■ هل يمكن للتعليم أن يكون بوابة للهجرة غير الشرعية فى أوروبا وأمريكا؟ قالت ميرفت خليل: لا يمكن للتعليم أن يكون بوابة للهجرة غير الشرعية، لأن الطلاب الوافدين يحصلون على فيزا تعليمية لا تمكنهم من الخروج إلى باقى الدول الأوروبية، وهو ما ظهر واضحا فى أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، فقد اضطر الطلاب المصريون للوقوف على الحدود فى انتظار الحصول على تأشيرة الدخول لجورجيا وبولندا. المشكلة الحقيقية ليست فى الطلاب؛ فهم معلومون لدى الدولة، فالهجرة غير الشرعية لها طرق معروفة ومحددة، ورغم المبادرات المصرية إلا أن عدد المهاجرين غير الشرعيين من عمر ١٤ و١٥ و١٦ وصلوا بأعداد كبيرة جدا، خلال السنوات الماضية. وعن أمريكا يقول وائل لطف الله، رئيس تحرير جريدة مصرية تصدر فى أمريكا، إن التعليم يمثل جزءا كبيرا من بوابة الهجرة غير الشرعية، إلا أن القوانين أصبحت أكثر تدقيقًا، ما يصعب الأمر، فالحاصل على فيزا تعليمية من الصعب أن يلتحق بالعمل، أو يستمر فترة أطول من فترة دراسته، نظرا لأنه يتم إخطار إدارة الهجرة، بمجرد حصوله على شهادته، تمهيدا لعودته إلى مصر. ■ كيف يمكن حماية الطلاب المصريين من مافيا استغلال التعليم الجامعى فى الدول الأوروبية؟ تقول ميرفت خليل: هناك شقان فى هذا الجانب، وهما كيف تحمى مصر أبناءها فى الداخل لأن مستوى التعليم فى مصر أرقى من مستوى التعليم فى الدول الأوروبية الرائجة حاليًا؛ مثل أوكرانيا وجورجيا ورومانيا وغيرها، وهو ما ظهر بعد الأزمة فى أوكرانيا وعودة الطلاب الدارسين، فلم ينجح بعضهم فى الاختبارات التى أجريت لهم، لأن هذه الجامعات بدون تعميم، ليست أحسن مستوى تعليمى؛ فدول مثل أوكرانيا وجورجيا ورومانيا وغيرها، دول فقيرة، وتحدث بها ممارسات من قبل أشخاص للتحايل والحصول على الأموال. والشق الآخر أن هؤلاء الطلاب المصريين يتم استغلالهم، وللأسف لا يمكن حمايتهم لانه لا يوجد إحصاء للطلاب المصريين الدارسين فى هذه الدول، ولا حتى لأعداد المصريين فى الخارج، بشكل عام، والسفارات نفسها ليس لديها فكرة. ■ فى أول لقاء لمجلس إدارة اتحاد المصريين بالخارج، المنتخب خلال الشهر الجارى، نريد أن نتعرف على دور الاتحاد فى ربط المصريين بالخارج بوطنهم؟ قال إسماعيل أحمد، رئيس الاتحاد: الاتحاد تأسس عام 1983 بالقرار الجمهورى رقم ١١١ لسنة ١٩٨٣، وهو نفس القرار الذى تم الإعلان فيه عن تأسيس وزارة الهجرة، لكنه انفصل عن الوزارة عام ١٩٨٥، كجمعية مركزية تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية (التضامن الاجتماعى حاليا)، باعتباره أول جمعة مركزية فى مصر. وكانت فكرة الاتحاد، فى البداية، هى التواصل مع العلماء والخبراء والمصريين بالخارج ممن انقطعت صلتهم وعلاقاتهم بمصر، ومن الاتحاد نبعت فكرة إنشاء وزارة للهجرة، وكان مقر الاتحاد بوزارة الخارجية آنذاك والاجتماعات تتم داخل مقر رئاسة الوزراء. والهدف من الاتحاد هو لم شمل المصريين فى الخارج، وربطهم بالوطن، بالإضافة إلى جذب المصريين للعودة إلى بلدهم، خاصة مع الأجواء السياسية آنذاك، التى كانت تمنع المصريين من العودة. ولم يكن الاتحاد منذ تأسيسه كيانا صغيرا، بل تم إنشاء أفرع له فى عدد كبير من دول العالم، وتم اختيار ١٥ عضوا بمجلس الإدارة. وكان الاتحاد ناجحا جداً، وتم تأسيس شركة المصريين للاستثمار والتنمية برأس مال ١٠٠ مليون جنيه، عام ١٩٨٥، مع تأسيس العديد من المشروعات، لأنها كانت شركة قابضة تضم ١٢ شركة تابعة، منها شركة أوراق مالية وإسكان وتصنيع تيل فرامل وعدد من المصانع. والاتحاد منذ بدايته يختلف عن الكيانات فى الخارج؛ فأعضاؤه معروفون للدولة وعلى تواصل مع الحكومة والسفارات فى مختلف الدول، ويتبع إداريا ٣ وزارات (الهجرة والتضامن والخارجية)، وهناك إشراف مالى وإدارى من الدولة وكانت أسهمها متداولة فى البورصة. وكان هناك ٣ اجتماعات سنوية يشارك فيها مسؤولون من ٧ جهات، مثل ممثل عام الجوازات ووزير الاستثمار والجمارك، وممثلو التعليم العالى والتربية والتعليم لحل جميع المشاكل، التى يأتى بها أعضاء مجلس إدارة الاتحاد والاطلاع على مشاكل المصريين فى الدول التى يقيمون فيها، وكان لقوة الاتحاد أن استمر، رغم التغيرات السياسية، التى مرت بها مصر حتى الآن. وظل الاتحاد، طوال فترة عمله، على تواصل مع المصريين فى الخارج، وكان أحد أهم أسباب زيادة مدخرات المصريين فى الخارج، حتى وصلت إلى 31 مليار جنيه، من خلال دور أعضاء الاتحاد فى نشر حالة توعوية لعدم خلق اقتصاد موازٍ للاقتصاد المصرى. ورغم تسبب الأزمات الاقتصادية المتتالية والبورصة فى رأس مال الشركة القابضة للمصريين بالخارج، إلا أن هناك توصية بإعادة إحياء الشركة، وقدمنا فكرة إنشاء وحدة صناعة حديد البليت، وتم الموافقة عليها من شركة الحديد والصلب وسوف تتكلف ما بين ٥٠- ٧٠ مليون دولار، وأجرينا اتصالات مع المصريين فى كل دول العالم للمشاركة، إلا أن دراسة الجدوى والموافقات لا تزال محل الدراسة بالجهات الحكومية، كما وافقت الحكومة على تأسيس شركة قابضة حاضنة للمشروعات الصغيرة، ولحين إتمامه تم إبرام بروتوكول تعاون مع البنك الزراعى، الذى يمنح مساحات أراض للعائدين من المصريين بالخارج بتسهيلات كبيرة، وهو عرض قائم حتى الآن، ما يساهم فى تنمية الاقتصاد، عبر توفير فرص عمل للشباب والزراعة والاستثمار الزراعى. ■ ما الذى يسعى إليه الاتحاد فى دورته الجديدة؟ قال علاء سليم، رأينا أنه لا بد أن يكون هناك تواجد للاتحاد العام للمصريين فى كل دول العالم، وبدأنا بأمريكا، التى تم تأسيس فرع الاتحاد بها منذ ٩ أشهر. ومن مهام الاتحاد التقارب بين المصريين فى الخارج فى نفس الدولة ومع وطنهم الأم، بالإضافة إلى التعريف بالمشروعات الوطنية ومساندتها وإنجاحها وتشغيل رأس المال المصرى. وحاليا نسعى لإنشاء الشركة القابضة لتكون حاضنة للمشروعات الصغيرة والحرفية، خاصة مع عودة الكثير من العمالة المصرية بالخارج، بسبب جائحة كورونا. وعلق محمد أبو عيش قائلا: «الاتحاد يضم مجلس إدارة جديدا، تم اختياره بمنتهى الشفافية، ولأول مرة يتم تمثيل الجاليات فى العالم كله داخل الاتحاد إلى جانب وجود وزيرة جديدة، ويعد الاتحاد بمثابة اليد اليمنى للوزيرة، ولا بد من التوأمة بين الجهازين، فالمسؤولون فى مصر دائما ما يؤكدون أن المصريين بالخارج هم الذراع الأمنية للسفارات، وأننا سفراء مصر الحقيقيون فالسفارات لا يوجد لها ميزانيات، ولا يوجد صلاحية للسفير، لصرف 10 ريال فى أى أزمة طارئة، أو نقل جثمان متوفى، ما يوجب التعامل بشكل قوى بين الاتحاد والجهات المعنية. وطالب إسماعيل أحمد، بضرورة تفعيل دور المصريين بالخارج وعدم تهميشهم». ■ لماذا لم ينجح الاتحاد فى تفعيل وثيقة التأمين؟ قال علاء سليم: «الوثيقة لا تلبى طلبات المصريين بالخارج، ولم تنبع منهم أو تلب طموحاتهم، وجاءت لتحقيق هدف من الهيئة العامة للرقابة المالية، وهى هيئة منوطة بالبحث فى أمور التأمين فى مصر، إلا أنها فشلت فى تحقيق مزايا للمصريين، لأنها جاءت اختيارية، وكان لا بد أن تكون إجبارية». وتابع: «الوثيقة كانت مطلبا وكانت تدرس من جهات مختلفة، إلا أن الهيئة العامة للتأمين ابتدعت نوعا جديدا من التأمين الصحى على المصريين المسافرين، وهو وثيقة تأمين صحية على المصريين، وتم زيادة تكلفة إصدار جواز السفر المصرى بقيمة ٣٠٠ جنيه، واعتمادها بشكل مباشر، وتكون فائدته أنه فى حالة إصابة أى مصرى بعارض طبى، خلال ٩٠ يوماً، يتم معالجته، ورغم تحفظنا على هذه الوثيقة لأن المسافر لفترة قصيرة يكون غير قادر على التعامل مع الجهات المختلفة للحصول على علاجه، ما يجعل الجهة المستفيدة هى التى أصدرتها.. بعدها تم دراسة وثيقة نقل الجثامين، من خلال وزارة الهجرة، وهى وثيقة اختيارية لمدة عام، لكن من اشتراها وتوفى نتيجة حادث يستفيد بما قيمته ١٥٠ ألف جنيه، توزع بين تكلفة نقل الجثمان والورثة، أما فى حالة الوفاة الطبيعية ينقل جثمانه فقط». ووصفها بأنها وثيقة غير عادلة وكان يجب أن تكون إهداء من الدولة للمواطن، عبر تحديد قيمة ثابتة على إصدار جواز السفر، وعند حدوث حالة وفاة يتم نقل جثمان صاحبها لأهله، بدلا من ترك الجثمان والبحث فى اشتراكه بالوثائق من عدمه وما إذا كان حادثا أم وفاة طبيعية أم هناك ضرورة لجمع تبرعات، لسرعة النقل، كما هو الحال فى زيادة قيمة التأمين الصحى الإجبارى إلى ٣٠٠ جنيه. وتابع: «الوثيقة تباع فى مكاتب العمل، وليس السفارات ودون إخطار العامل نفسه، لأنها تكون ضمن مجموعة من الأوراق المطلوبة للحصول على تراخيص العمل السنوية». وقالت مرفت خليل: «الوثيقة لا تغطى من هم فوق الـ ٦٥ عاما، وتحتاج لتنفيذها لبحث اجتماعى، ما يستغرق وقتا زمنيا، ويترك فيها الجثمان بثلاجة المستشفيات، ما يزيد من التكلفة». وقال محمد أبوعيش: «نتمنى أن يكون هناك سرعة فى نقل الجثامين، عبر بروتوكول تعاون، فأزمة نقل الجثامين لا ترتبط بالمصريين فى الدول العربية فقط، إنما فى الكثير من الدول الأجنبية، التى لا يوجد فيها مدافن إسلامية مثل فرنسا، وهى الرسالة التى يتمنى المصريون بالخارج توصيلها إلى مصر». وقال علاء سليم: «نحن أبناء هذا الوطن لن ندخر جهدا فى تنمية وطننا، لكننا نتمنى أن تحافظ علينا دولتنا، فإذا كنا أصحاب الدخل الأكبر فى مصر، فالدولة كما تقوم بتطوير وتوسعة قناة السويس كى تزيد دخلها، وتوسعة آبار البترول وسن قوانين للاستثمار، نريد منها دعما، عبر حزمة من الخدمات التى يحصل عليها المغتربون من الدول الأخرى، تجعلنا نشعر بأننا أبناء مصر».