فاطمة ناعوت

خطأٌ مطبعيٌّ … بالقلم الكوبيا

بقلم/ فاطمة ناعوت - الكاتبة الصحفية والشاعرة الإعلامية المتميزة

“الإخوانُ خطأٌ مطبعيٌّ في مُدونة مصرَ الناصعة، نعملُ الآن على تصحيحه.” هكذا هتفتُ من فوق منصّة الاتحادية قبل خمس سنوات في مثل هذا اليوم، ٣٠ يونيو ٢٠١٣. قبل ذلك اليوم المشرق، كتبتُ مقالا عنوانه: (خطأ مطبعيّ جارٍ تصحيحُه)، وعلى مدى شهور كنتُ أختتم جميع مقالاتي بعبارة واحدة لا تتغير: “موعدنا ٣٠ يونيو. ثم جاءت لحظة طيبة كتبتُ فيها مقالي: (خطأ مطبعي ’تمَّ‘ تصحيحه).
والشاهدُ أن ذلك الخطأ الفادحَ قد كُتب بقلم “الكوبيا”. حين يُمحى؛ يُلوّث الصفحةَ البيضاء ويترك بها دنسًا أزرقَ باهتًا بين السطور وفي الأركان. لهذا علينا نحن المصريين ألا نعاودَ الخطأ الطباعيّ، لكيلا نضطرَ إلى محو الركاكة التي تشوّه مدونة الجمال التي سطرتها مصرُ على وجه الزمان.
لكنّ، مصرَ، بتاريخها العريق الضارب بجذوره في عمق الأرض، ودفترها الضخم المحتشد بغزير الأوراق والتواريخ والمحن والانتصارات، لا يُضيرها تمزيقُ ورقة رديئة الصوغ، كُتبت ذات غفلة من التاريخ الذي يدوّن صوابنا الغزير، وأخطاءنا القليلة. فمصرُ ليست تلميذةً في فصل التاريخ، بل هي أستاذته وسيدته وصانعته. فلا بأس أن يكون للأستاذ كبوةٌ، فتكون الاستثناءَ الذي يؤكد القاعدة. والقاعدةُ تقول: “إن مصرَ أمُّ الزمان والمكان، لا يصحُّ أن يسرقها لصوصٌ من قطّاع الطرق الإرهابيين.” فإن كان الإخوان قلمَ كوبيا رخيصًا رديء الصنع، فإن دفترَ تاريخ مصرَ آلاف الأوراق. كلُّ ورقة بعام مما يعدّون؛ فلا ضير من تمزيقُ ورقة بالية كُتبت بخطٍّ رديء.
يعرف كلُّ مصريّ قيمة جيشنا العظيم، الذي ينظّف اليومَ سيناء من شياطين يرومون تحويلها إلى إمارة داعشية بعد إخضاعها وتحطيم بنيتها التحتية وتدمير آثارها وتشريد أهلها وقتل رجالها وأطفالها واغتصاب نسائها ثم بيعهن سبايا ذليلات مقيدات بالسلاسل والجنازير. جيشنا الذي وقف باسلاً يحمي ظهورنا في ثورتنا، ثم أجهض مئات التفجيرات والحرائق التي كان مقررًا لها أن تُنفّذ منذ ٣ يوليو ٢٠١٣ وحتى اليوم، على يد إخوان الخطيئة.
لهذا علينا ألا ننسى، لكيلا نكرر ذلك الخطأ المطبعي الفادح. ولمَن يودُّ أن يقرأ شجرة الأقدار البديلة، لمعرفة ما كان سيحدث لمصر وللمصريين لولا يقظة جيشنا الذي دعمنا في إسقاط الخونة، عليه بالرجوع إلى جريدة الجارديان البريطانية وما نشرته من تقارير في الفترة ما بين ٣٠ يونيو ٢٠١٣، وحتى ٢٦ يوليو ٢٠١٣. أي في الفترة ما بين اشتعال غضبة المصريين في ثورة شعبية هائلة لإسقاط النظام الإخواني، ثم بيان عزل مرسي العياط، وبين تفويض الشعب المصري لجيشه ليكسر شوكة الإرهاب في مصر. ذكرت الجارديان أن مخطط الإخوان لشلّ مصر يشمل إحراق مبنى جامعة الدول العربية، وماسبيرو، والمحكمة الدستورية العليا، ومحطات الكهرباء لتخريب الدوائر الكهربية باستخدام مواد سريعة الاشتعال، في أوقات متزامنة، لمفاجأة الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية وسلطات الدفاع المدني؛ فلا تتمكن من إخماد تلك الحرائق الهائلة، إضافة إلى تنفيذ سلسلة اغتيالات موسعة لعدد من الشخصيات العامة، من سياسيين وعسكريين وإعلاميين ومفكرين، بمعونة الجماعات الجهادية المسلحة، التى تحتلُّ سيناء، بعدما أطلق سراحهم مرسي العياط فور سرقته عرش مصر. وكشفت المصادر وقتها أن جماعة الإخوان ستقوم بتصوير مشاهد حريق القاهرة والمنشآت السيادية، وإرسال الفيديوهات إلى القنوات الموالية لها، وبعض القنوات الأجنبية، في إطار خطة لتصدير مشهد الرعب والفزع في نفوس المصريين، وإظهار أن الجماعة قادرة على تدمير أجهزة الدولة بكاملها بعد عزل مرسى من الحكم.
وهذا يعني أن ما لم يحدث من ويل، أكبر عشرات المرات مما حدث بالفعل. وكان هذا بفضل جيشنا العظيم الذي يحملُ قلبَ مصر. كل عام ومصرُ حرّة.

إهداء من الأستاذة فاطمة ناعوت عن جريدة المصري اليوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى