أهدي هذهِ المقالة إلى أبي الحبيب أمجد الأزرعي آطال الـله بعمره الذي تبرع بإحدى كليتيه عـام .1983 أحبائي،إن المحبة المسيحية توجّب على الإنسان المبادرة لمساعدة أخيه الإنسان بإحتياجه مهما كان هذا الإحتياج، دون النظر إلى عقيدته أو دينه مثل السامري الصالح لوقا25:10-37 ، ويجب أن نتذكر دائماً قول السيد المسيح وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ لوقا .32: 32 إن روح الكتاب المقدس تدعونا إلى البذل والعطاء، وإلى إنقاذ الآخرين، والحرص علي حياتهم. والتعليم المسيحي لا يرى عبثاً بجسد المتُبرع بلأعضاء، أو إتلافاً له، أو خدشاً لكرامته. المسيحية ترى أن إتلاف الجسد يكون بالخطيئة، وبالعادات الرديئة، وبإهمال القواعد الصحية، أو بالإنتحار ،أو الموت الرحيم أو الأجهاض وما شابه ذلك،أما منح عضو لأجِل إنقاذ حياة إنسان،فهو نوع من التضحية والبذل، يرفع من كرامة الإنسان وليس هو ضد تعليم الكتاب المقدس في شيء. وهنا يأتي السؤال: أيهما افضل ان يعيش إنسان واحد بكليتين، أو أن يهب إحداهما لغيره ، فيعيش بهما إثنان ؟ إذن بالتضحية و بالحب يساعد إنسان على حياة غيره وعلى إنقاذه من الموت ومن عذاب المرض. أما عن الإنسان الميت ، فنقِل عضو منه لا يضره في شيء ، بينما يكون قد أنقذ غيره والإنسان الذي لايشاء نفع غيره بعضو من أعضائه بعد موته، أتراه يستطيع أن يمنع التحلل عن هذا الجسد بعد موته ؟! لذلك يجب أن نتذكر قول الكتاب المقدس للإنسان منذ البدء "... تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ "(تكوين .3: 19 إذاً مادام الجسد سيعود إلى التراب بعد الموت ،فليس ضد كرامة عضو منه أن يُلصق بجسدٍ آخر، وتكون له إستمرارية حياة !! لاخوف على الجسد الميت ، مهما أُخذت أعضاؤه، لأننا جميعاً نؤمن بقيامة الأجساد بعد الموت وأن الإنفصال بين الروح والجسد هو مؤقت حتى الإتحاد من جديد يوم مجيء الرب الثاني المجيد ،ويجب أن لا ننسى أننا مديونون بحياتينا للمسيح، فالمسيح له المجد قد سَفَكَ دمه من أجلِ إنقاذنا من موت الخطية. والكتاب المقدس يقول في تشجيع العطاء على لسان سليمان الحكيم "اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ جامعة 11:1 إن مثل هذا العطاء أي التبرع بلأعضاء لن ينساه لك الله... وتذكر،ما أجمل أن يعمل الإنسان الخير في حياته ، متبرعاً بعضوٍ لا يفقدهُ الحياة ، وما أجمل أيضاً أن يعمل الخير بعد مماته، بتبرعه عن طريق وصية مكتوبة أو شفاهية ببعض أعضائهِ لإنقاذ غيره ... ضوابط التبرع ونقل الأعضاء وزراعتها: يجب الإنتباه أن لا يكون هناك أذى للمتبرع والمتبَرع له، ويجب منع المتاجرة بالأعضاء لأن التبرع بلأعضاء تلبية لحاجة إنسانية وليست باباً للتجارة التي تُعتبر إنتهاكاً لكرامة وحرمة أعضاء الإنسان،وعدم إستغلال الأشخاص الفقراء المحتاجين بإغرائهم بالمال ليبيعوا أعضاءهم. المُتبرع يجب أن يتبرع وهو بكامل قواه العقليه وبمحض إرادته،أما بالنسبة لنقل عضو من شخص ميت إلى آخر حي يجب أن لا يؤخذ عضو الشخص الميت دون أن يكون قد أوصى بذلك قبل موته كما سبق وقلنا وإن لم يكن قد أوصى فللأهل أو المسؤولين عنه من الأقارب الحق في تقرير ذلك وإستشارة الأسقف أو الأب الروحي. وأخيرا، لا بد من توضيح أن الكنيسة الأرثوذكسية المقدسة ككل لم تتخذ حتى الآن موقفاً رسمياً حول قضية التبرع وزرع الأعضاء ،ولكن هي بنفس الوقت لا تردع.