د. ذمسكينوس الأزرعى

رأى المسيحية فى التبرع بالدم

بقلم/ د. ذمسكينوس الأزرعى - أرشمندريت البطريركية المسكونية

إنها‭ ‬ليست‭ ‬قطرة‭ ‬دم،‭ ‬إنها‭ ‬قطرة‭ ‬حب‭!‬

إننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬واحد،وقد‭ ‬خلقنا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬إختلافات‭ ‬كثيرة‭ ‬لنتعاون‭ ‬ولنساعد‭ ‬بعضنا‭ ‬بعضاً‭.‬

إن‭ ‬دمي‭ ‬الذي‭ ‬أعطيه‭ ‬في‭ ‬التبرع،‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محبتي‭ ‬للرب‭ ‬ولإخي‭ ‬الإنسان،أساعد‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬خليقة‭ ‬الله،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الجنس‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬الهوية‭.‬

وبشكلٍ‭ ‬عام،‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يُصَرَّح‭ ‬فيها‭ ‬بالتبرع‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬التبرع‭ ‬بالدم‭ ‬ممكن‭ ‬أن‭ ‬يضر‭ ‬بالمتبرع،وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يُمنَع‭ ‬التبرع‭ ‬بالدم‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬مثل‭ ‬نقص‭ ‬الوزن‭ ‬أو‭ ‬مشاكل‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬أو‭ ‬غيره،‭ ‬لذلك‭ ‬لو‭ ‬تبرع‭ ‬شخص‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬حالته‭ ‬لا‭ ‬تسمح،‭ ‬فهذا‭ ‬يُصبح‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬الإنتحار‭ ‬البطيء،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تباركه‭ ‬الكنيسة،لذا‭ ‬يتم‭ ‬عمل‭ ‬الفحوصات‭ ‬الطبية‭ ‬السريعة‭ ‬اللازمة‭ ‬قبل‭ ‬التبرع‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المتبرع‭ ‬لن‭ ‬يتضرر‭ ‬وأن‭ ‬المتلقي‭ ‬لن‭ ‬يناله‭ ‬الضرر‭ ‬كذلك‭.‬

ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬مئات‭ ‬الكنائس‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخيرية‭ ‬والإنسانية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬تقوم‭ ‬بحملات‭ ‬منظمة‭ ‬للتبرع‭ ‬بالدم‭ ‬مرة‭ ‬أو‭ ‬مرتان‭ ‬كل‭ ‬عام،وهذه‭ ‬فرصة‭ ‬رائعة‭ ‬تُمنح‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الفرصة‭ ‬لكل‭ ‬إنسان‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬ويأخذ‭ ‬بركة‭ ‬فضيلة‭ ‬العطاء‭.‬

أحبائي،يحدثنا‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬في‭ ‬الموعظة‭ ‬على‭ ‬الجبل‭ ‬فيقول وَأَمَّا‭ ‬أَنْتَ‭ ‬فَمَتَى‭ ‬صَنَعْتَ‭ ‬صَدَقَةً‭ ‬فَلاَ‭ ‬تُعَرِّفْ‭ ‬شِمَالَكَ‭ ‬مَا‭ ‬تَفْعَلُ‭ ‬يَمِينُكَ،‭ ‬لِكَيْ‭ ‬تَكُونَ‭ ‬صَدَقَتُكَ‭ ‬فِي‭ ‬الْخَفَاءِ‭. ‬فَأَبُوكَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬يَرَى‭ ‬فِي‭ ‬الْخَفَاءِ‭ ‬هُوَ‭ ‬يُجَازِيكَ‭ ‬عَلاَنِيَةً‭ ‬متى3‭:‬6‭ ‬ وهكذا‭ ‬قرر‭ ‬لنا‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬مبدأ‭ ‬الخدمة‭ ‬المستترة،‭ ‬فهي‭ ‬المخفية‭ ‬عن‭ ‬أعين‭ ‬الناس

لكنها‭ ‬ظاهرة‭ ‬ومعروفة‭ ‬أمام‭ ‬الله‭. ‬ومن‭ ‬أعظم‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬هي‭ ‬خدمة‭ ‬التبرع‭ ‬بالدم

فأنت‭ ‬تتبرع‭ ‬بدمك‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬إلى‭ ‬مَنْ‭ ‬يذهب وأيضاً‭ ‬مَنْ‭ ‬يأخذ‭ ‬الدم‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أتى‭. ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعرفه‭ ‬أنك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬إنسان‭ ‬لا‭ ‬تعرفه‭ ‬بتبرعك‭ ‬هذا‭. ‬لأجل‭ ‬هذا‭ ‬أدعوكم‭ ‬جميعاً‭ ‬للتبرع‭ ‬بالدم‭ ‬في‭ ‬الحملات‭ ‬التي‭ ‬تنظمها‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭.‬

أحبائي‭ ‬يقول‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس فَمَنْ‭ ‬يَعْرِفُ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَعْمَلَ‭ ‬حَسَنًا‭ ‬وَلاَ‭ ‬يَعْمَلُ،‭ ‬فَذلِكَ‭ ‬خَطِيَّةٌ‭ ‬لَهُ‭”‬‭ ‬يعقوب17‭:‬4‭ ‬ فمن‭ ‬يوضع‭ ‬أمامه‭ ‬فرصة‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭ ‬ثم‭ ‬يدير‭ ‬ظهره،‭ ‬فهذا‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يحسب‭ ‬عليه‭ ‬وليس‭ ‬له،فينبغي‭ ‬أن‭ ‬تنتهز‭ ‬الفرص‭ ‬لعمل‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬واليوم‭ ‬الذي‭ ‬يعبر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تمارس‭ ‬فيه‭ ‬الخير‭ ‬والمحبة‭ ‬للآخرين‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬شخصياتهم‭ ‬أو‭ ‬دينهم‭ ‬أو‭ ‬مدى‭ ‬قربهم‭ ‬لك

فهذا‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬تحسبه‭ ‬من‭ ‬عمرك‭! ‬وتذكر‭ ‬أنه‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭ ‬يجول‭ ‬يصنع‭ ‬خيراً ‭ أعمال 38‭:‬10 ‬ بجسب‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدس‭.‬

تذكر‭ ‬أن‭ ‬العطاء‭ ‬دون‭ ‬طلب‭ ‬يكون‭ ‬أعظم،مثل‭ ‬الصداقة‭ ‬التي‭ ‬بدون‭ ‬مصالح‭ ‬تكون‭ ‬أروع‭.‬

كن‭ ‬مثل‭ ‬الشجرة‭ ‬تعطي‭ ‬وهي‭ ‬صامته،وإن‭ ‬إسـعـاد‭ ‬الأخرين،‭ ‬غرس‭ ‬تزرعـــه‭ ‬لغيــرك‭ ‬فيثمــر‭ ‬في‭ ‬قلبـك‭.‬

وكن‭ ‬كالشمعة‭ ‬التي‭  ‬لا‭ ‬تخسر‭ ‬شيئاً‭ ‬عنــــدما‭ ‬تضيء‭ ‬شمعــة‭ ‬أخـرى،‭ ‬بــــل‭ ‬بلأحرى‭ ‬يزداد‭ ‬النور‭ ‬ويتلاشى‭ ‬الضلام‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى