كنتُ جالسًا كعادتى وحيدًا وهادئًا، وبنعمة إلهى مُستَمتعًا بسلامى الداخلي إلى الحد الذى جعلني أتعجب من نفسي، كيف كنت أعاني قبلًا من الهموم وأقيم لها وزنًا، وكيف كنت أعمل للغد ألف حساب، وكيف كنت أفكر في مخرج لهذه المشكلة أو تلك، وكيف كان النوم يجافيني أيامًا؟! كانت هذه الأفكار تجول بخاطري قبل أن ينقطع حبل أفكاري فجأة لمتابعة هذا المشهد العجيب.. كانت تسير الهوينة لكن في جدٍ واجتهاد لم أرى مثيلاً لهما. خفيفة كالطيــور، لا تعرف الثبـات. نشيطة تتحــرك فى كـــل اتجــــاه. صبــــورة، لا تئــــن ولا تشــــتكي. قــويــــــة، تحمـل أحمالًا عَثِرة. وديعة وهادئة لا تُصدِر أصواتًا، ولولا رؤيتي لها صُــــدفة لما أحسســت بــــوجودها بالمرة! مُخلصة في عملهـــا لأقصى مـــــدى، لا تعـــرف الكسل أو الفتور حتى في الشمس الحارقة والحر الخانق! تعرف من أيــــن جــــاءت، وإلى أين هى ذاهبة! فيالها من مخلوق رائع جدير بالأحترام. قال الحكيم: إذهب إلى النملة أيها الكسلان، تــأمل طرقها وكُــن حكيمًــــا.