سيف هو الأبن الوحيد للعمدة هلال طاحون، أنجبه بعد عشرون عاماً من زواجه من سامية ابنة عمه سالم طاحون الذي كان يشغل منصب العمدة قبل هلال. كعادة القري في صعيد مصر، كان منصب العمودية حكراً على أكبر عائلات القرية وأغناها وأكثرها تجبراً وبأساً وفي معظم الأحيان أشدها افترائاً وفتكاً. جاء سيف إلى الدنيا بفرحة غامرة واستقبله أبويه بحفاوة بالغة فهو ابن واحد وحيد جادت به السماء عليهم بعد أن التحفت قلوبهم برداء اليأس وأظلمت عيونهم واشتعلت رؤوسهم بالشيب، ولم يخلف الطفل الوليد ظن والده وأعمامه وأخواله فقد كبر وترعرع وترعرعت بداخله نبتة الزعامة وعشق الفروسية والسلاح بمختلف أنواعه بدءاً من المدية قرن الغزال وحتى الكلاشينكوف والجرينوف. إلا أن ولعه الدائم وعشقه الجنوني كان يقتصر على الخيل والنساء، برع الفتي في فهم كل ما يتعلق بأنواع الخيول وأنسابها وألوانها وطفراتها وإزدادت خبرته حتى أصبح بارعاً في الركوب والامتطاء وقبل أن يبلغ العشرون من عمره كان فارساً وخيالاً لا يشق له غبار. أخبره أحد أصدقاءه عن هذه المهرة البيضاء ذات النسب العربي الأصيل، لم يتواني عن السفر إلى الشرقية في نفس الليلة ومع بزوغ النهار كان سيف داخل المزرعة، المهرة بيضاء وجسدها مقسم ومرسوم ولها ذلك العرف الأبيض المصفر الذى تلمع خصلاته تحت بريق شمس الضحى وأيضا الذيل الطويل الذي يضاهي العرف في بياضه وإصفراره ولمعانه، كانت في عينيه مهرة من مهور الجنة. ألح على أبوه العمدة في المجيء ومعه الثمن كاملاً، خمسون ألف جنيه بالتمام. حاول هلال أن يثنيه عن رغبته متحججاً بأن الأسطبل ممتليء بالمهور والجياد على كل شكل ولون، إلا أن سيف لم يرضخ ولم يتراجع وتمسك بالمهرة الجميلة وأصر على شرائها مهما كلفه الأمر، لم يجد هلال بداً من الرضوخ أمام أبنه كعادته الدائمة معه منذ عشرون عاماً. عاد سيف إلى القرية مزهواً يقود السيارة الربع نقل وبجانبه هلال العمدة يتميز غيظاً لأنه خسر خمسون ألف جنيه من أجل عيون هذه البيضاء الجميلة ذات الشعر الأصفر التي تقبع في الصندوق الخلفي للسيارة . هجر النوم أجفان سيف وأيضاً أبوه العمدة في هذه الليلة، لكن الفرق كان شاسعاً بين أسباب الهجر عند كليهما، فقد استعصي النوم على سيف لفرحته بمهرته الجديدة التي أسماها رغدة وكانت ساعات الليل طويلة وثقيلة عليه فقد كان يتعجل بزوغ الفجر ليخرج إلى القرية متباهياً بمهرته الخواجايه، هكذا أطلق عليها منذ أن رآها، أما هلال فقد استعصي عليه النوم لضجره وحنقه من جموح ولده وميله الجارف نحو الملذات والفتونة والاستعراض. تقلب هلال فى فرشته بعنف مما أيقظ زوجته سامية، أمتدت يدها إلى المصباح فيسطعت الغرفة بنور خافت وألتفتت إليه: ماذا بك؟ زفر متأففاً: لا شيء . سامية: أنت تعبد المال، كل هذا الغضب لأنك دفعت خمسون ألف جنيه؟! انتفض هلال وجلس على الفراش: وهل هذه هى نزوته الأخيرة؟! سامية: أنسيت أنه أخرة صبرنا؟! هلال: لهذا السبب تحديداً كان لابد أن نحسن تربيته وتهذيبه . سامية: وهل ينقصه الأدب؟! يضحك بسخرية: لا العفو ... بأمارة ما يفعله في القرية، مشاكل وعراك وسعي خلف النساء والفتيات، يطارد واحدة ويداعب أخري، أتركيني ولا تفتحي جرحاً دفيناً في قلبي، لا يكف عن الأنين. مدت يدها بعصبية إلى المصباح فأطفأته وسحبت الغطاء إلى وجهها مستعجلة النوم هرباً من غضب زوجها وإنزعاجه لفساد وحيده . أنطلقت جوقة العصافير والديكه في العزف معلنة مولد صباح جديد، قفز سيف من فراشه، أخذ حماماً ساخناً وتناول الفطار سريعاً وأرتدي جلبابه الفاخر الذي يعتز به كثيراً ولا يرتديه إلا في المناسبات السعيدة، صفف شعره بعناية وتعطر من ذلك العطر الباهظ الثمن ثم تلفح بذلك الشال الحريري المذهب. نزل إلى الأسطبل ليجد السايس قد أعد له المهرة رغدة ووضع عليها ذلك السرج الأسود الملوكي المبطن بالقطيفة السوداء اللامعة والمرصع بالحلي المذهبة، امتطي صهوتها وخرج إلى الغيطان المتشابكة على امتداد البصر التي تعود ملكيتها إلى والدة العمدة هلال وأعمامه وأخواله، أكثر من نصف أراضي القرية في حوزة عائلة واحدة بفروعها المختلفة الأنساب والأصهار . ينطلق في طريقه فيشق العباب بينما تتابعه عيون الفلاحين من أهالى القرية المسرعين إلى أعمالهم، المهرة رشيقه وتجري في سرعة ومهارة كما أن جمالها الفتان يتجسد في ذلك العرف الأصفر اللامع الذي يهفهف بقوة أمام وجه ذلك الخيال المتجاسر الذي يمتطيها ويعدو بها مثيراً خلفه عاصفة ترابية. ظل النهار كله يصول ويجول في أنحاء القرية مستعرضاً مهاراته الفروسية، عندما انتصف النهار كان سيف قد بلغ مراده وحقق غايته فقد كان هدفه في هذا اليوم ليس فقط أن يجرب مهرته الجديدة ولكن الأهم أن يراه الكثير من أهالي القرية ولا سيما الصنف الناعم. هذه الفئة تحديداً هي الجمهور المستهدف لهذا الخيال النزق . رآها عائدة من مدرستها ترتدي ملابس المدرسة التي فشلت في أخفاء جمالها الفاتن وصدرها المكتنز. كان قد اقترب من الجسر عندما رآها تخطو نحو الممر الطويل بين الحقول ، متوسطة الطول ذات قوم ملفوف، اقترب منها حتى رآها عن قرب فشهق لفرط جمالها الذي أسكره. ألتفتت إلى الخلف عندما سمعت صوت حوافر الحصان تقترب منها فلم يتملك نفسه عندما صدمة ذلك الطوفان من الضياء المتدفق من وجهها . جرحها بنظراته الحادة كأنصال الخناجر فتحولت نظرتها المستغربة إلى نظرة لوم وتقريع وعادت لتنظر إلى طريقها مستأنفة سيرها نحو منزلها. صرخ مفتوناً: أهذا الجمال موجود في قريتنا وأنا لا أعرفه حتى اليوم؟ أسرعت في خطوها مبتعدة وهو يتبعها ممتطياً مهرته الخواجايه ويشبع عينيه من شعرها الكستنائي المذهب الذي عقدته في ذيل حصان يتدفق ناعماً حتى يقارب نهاية جزعها اللدن. انعطفت نحو اليمين وسارت خطوات قليلة ثم دلفت من باب بيت عتيق شبه متهدم يوحى مظهره بفقر قاطنيه. ترجل من على ظهر الخواجايه واستوقف أحد الفلاحين العابرين الذي عرفه على الفور وأنطلق في الترحيب به. استوقفه منتهراً وسأله عن هذا البيت وأصحابه. أخبره الرجل أن البيت يقطنه دميان الغلبان الذي يعمل فلاحاً أجيراً باليومية في أرض العمدة أبوة وزوجته سارة التي تبيع الجبن القريش الذي تصنعه بنفسها من حليب الجاموسة اليتيمة التي يمتلكونها كما تبيع أيضاً البيض القليل الذي تجمعه من تحت الدجاج الذي تربيه في المنزل، أغدق الرجل بالمعلومات في كرم دون أن يحتاج سيف إلى استنطاقة وكيف لا يغدق؟! فهذا سيف ابن العمدة ،والفلاح اللئيم يعرفه كما أنه استطاع أن يخمن السبب الذي دفع سيف إلى أن يستوقفه ويسأله عن البيت وساكنيه فقد رآه من بعيد وهو يتبع الفتاة متمخطراً على ظهر مهرته البيضاء . أخرج سيف من حافظته ورقة من فئة الخمسون جنيهاً ومد يده بها إلى الرجل الذي أنحنى ليلتقطها مقبلاً لليد المانحة ثم ابتسم في مكر فبانت أسنانه الصفراء المتهدمة التي أسودت من تدخين الحشيش وخلافه. أضاف الرجل إلى ما سبق من معلومات أهم معلومة التي هي بيت القصيد، دميان وزوجته يكدحان لجمع المال من أجل أبنتهم الوحيده ماريا. دميان لم يرزق من الأبناء إلا هذه الفتاة الجميلة وهى متفوقة في دراستها وأبوها يعيش ويكدح من أجل أمل واحد أن يراها طبيبة أو مهندسة . ابتسم سيف وسأله : هي في ثانوي؟ أجاب الرجل وشبح الابتسامة لم يفارق وجهه: أولي ثانوي يا باشا . صرفه سيف وامتطي ظهر الجواجايه وأنطلق كالسهم إلى والده العمدة، دخل عليه المندرة وأصابه في قلبه بسهم ناري: أريد أن أتزوج ماريا ابنة دميان؟! العمدة: أنت اتخبلت ... دول نصاري؟ سيف: وإيه يعني ... الشرع لا يمنع ! العمدة صائحاً: وهى البنات خفيت ... ما أنت قدامك الحريم على كل شكل ولون ! صاح سيف مهتاجاً: أنا أريد ماريا هي أجمل من كل أنثي خلقها الله! زعق العمدة ليرتفع صوته حتى بلغ كل من بالدار: أهذه مهرة خواجايه تريدها هي الأخري؟! سيف: هي كذلك بالضبط . اندفعت سامية زوجة العمدة إلى داخل المندرة صائحة: ماذا حدث؟! صاح العمدة في وجهها والشرر يتطاير من عينيه: اسألي المحروس ابنك ! يصرخ سيف كالمجنون: ماريا بيضاء بياض الشمع وعيناها نصال تذبح وتدمي ... أريدها يا أمي ... زوجوني بها وإلا أرتكبت جناية. ضربت المرأة صدرها بيدها وشهقت: ماريا بنت دميان وسارة، يا ولدى دول خدامين عندنا!!. لم تفلح توسلات العمدة وزوجته في إثناءه عن رغبته و في الصباح الباكر أرسل العمدة إلى شيخ البلد وأخبره بالموضوع وقبل أن ينتصف النهار كان شيخ الغفر ومعه عدد من الغفر قد قبض على دميان من بيته واقتاده إلى دواره العمدة. وقف الرجل أمام العمدة الذي كان يفحص هيئته الرثة وجلبابه الذي بهت لونه وحذائه القديم المتسخ وهو يتقزز في نفسه، كيف له أن يناسب هذا الفلاح الفقير، بينما كان قلبه يتقد ناراً والغيظ يأكل كبده أن وحيده الذي يرجوه من الدنيا يورده المهالك والأزمات . تحدث العمدة بجفاء: أنا قررت أصاهرك يا دميان ! دميان: تصاهرني ... العفو يا حضرة العمدة؟ العمدة: هو كدة ... جهز ماريا ابنتك ... الفرح والدخلة غداً ! دميان: يا عمدة أنت تكبرني في العمر ! جلجلت ضحكة العمدة وضحك معه من حوله شيخ البلد وشيخ الغفر والخفراء: يا رجل يا مخبول ... هل تظننى أنا العريس؟ ! دميان: من إذن؟ العمدة: ولدي سيف دميان: ربنا يخليه ويفرحك بيه يا جناب العمدة، لكننا غلابة ! العمدة: هذا لا يهم ... أنا سوف أتكفل بكل شيء ! دميان باكياً: أرجوك يا عمدة ... إلا ابنتي ! العمدة: أبني يريدها ولا يريد غيرها ! سقط دميان على وجهه وارتفع صوت قبلاته التي غمرت حذاء العمدة : أذبحنى يا عمدة لكن لا تذبح شرفي ! أنحنى شيخ الغفر ليلتقط دميان الباكي ويرفعه ويلطمه بقوة صارخاً : أخرس يا كلب ... أنت تطول أن العمدة يكون نسيبك وجد أحفادك العمدة محتداً: كفاية ... أوصولوه إلى بيته ولا تنسوا أن تضعوا أثنين من الغفر حراسة علي البيت. جذب الغفير دميان خارجاً به وعند العتبة جاء صوت العمدة مؤكداً: جهز البنت يا دميان لا تنسي الدخلة غداً . دخل الرجل إلى بيته باكياً ومعفراً، رأته زوجته ففزعت وعندما أخبرها بكل ما حدث وعرفت ما يريده العمدة افترشت الأرض باكية وكفاها يجمعان تراب الفرن الرمادي ويرتفعان إلى رأسها لتعفر وجهها بالتراب، خرجت ماريا من غرفتها وفزعت عندما رأت أبوها وأمها هكذا . عرفت من والدها ما يريده العمدة وأبنه وأخبرت أمها أن الفتي تبعها أمس على جواده وكان يأكلها بعينيه النهمتين. احتضن دميان وحيدته وزوجته سارة وعزف الثلاثة معاً كونشرتو البكاء الحزين ذو النشيج المتقطع الذي يتحد مع أنين الألم لتخرج مقطوعة موسيقية من صراخ المقهورين الباكي المرتفع نحو السماء . أسدل المساء ستائره على القرية ثم جاء الليل ليجثم فوق البيوت والغيطان فارداً عباءته المعتمة السواد على أرجاء القرية. كان بيت العمدة يغص بالغناء والطرب والرقص وقد بدأت الأنوار التي قام العمال بتركيبها تضفي مزيداً من البهجة المنذرة بحدث سعيد على وشك الحلول في ذلك البيت وهذا السرادق الفخم الذي يقوم الرجال بنصبه على مساحة كبيرة أمام البيت، وانطلقت البنادق والطبنجات والأسلحة الآلية مختلفة الأنواع والأعيرة تدوى طلقاتها وتلعلع في سماء القرية، وكانت وتيرة البهجة تزداد وصخب الفرح يرتفع كلما تقدم الليل وزاد عمرة ساعة. أصرت سامية زوجة العمدة وأم العريس أن تحمم وحيدها بنفسها كعادة أهل الصعيد والريف، ألبست وحيدها وقرة عينها جلباباً ناصع البياض وصففت شعره بنفسها وطيبته بأغلى العطور وأغرقت جلبابه وملابسه الداخلية بالعطر وكانت تسوي كل ذلك وهي تغمره بالقبلات في وجهه وعنقه وصدره وكأنها عشيقته وليست أمه. فرشت له الغرفة أبيض في أبيض وأضاءت له شموع بيضاء كبيرة الحجم و أصرت أن ينام مبكراً حتى يأخذ قدراً كافياً من الراحة . وفي بيت دميان كان الحزن والسواد، الرجل الحائر الخائر القوى يرتمي على الأرض باكياً منتفضاً وزوجته تحتضن أبنتها ويموتان رعباً وحزناً ولا مهرب ولا مفر، فالعمدة وأبنه قد احتاطا ووضع العمدة الخفراء حتى لا يهرب الرجل وابنته. و بينما يرتفع ضجيج الاحتفال في منزل العمدة وتترامي إلى أسماعهم أصوات الطرب والصخب وتصم أذانهم أصوات الأعيرة النارية كان يزداد ذلك الهلع نهشاً في أكبادهم . تتحدث الأم إلى زوجها : ما العمل يا دميان؟ رفع الرجل وجهه إليها فرأت كبدة وقلبه وأحشاءه الدامية قد تركت جسده كله وارتفعت إلى عينيه: نصلي يا أم ماريا ... معندناش غير الصلاة . ركع دميان على ركبتيه أمام أيقونة كبيرة للسيد المسيح وبجوارها أيقونة للسيدة العذراء وخلفه ركعت سارة وأبنتها ماريا متجاورتين وارتفع ستة أيادي نحو السماء تتضرع وصرخت الحناجر باكية: "يارب مالناس غيرك ... إحنا غلابة وأنت أقوى من الكل ... إنقذنا يارب من كل شر وشبه شر، مش أنت وعدت إنك ما تسيبناش ... مش أنت قلت من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين الأن أقوم وأصنع الخلاص " كان الوقت يمضي وكلما اقترب الليل نحو لحظة مصرعه تحت شعاع الفجر الوليد .. كلما ازدادت لجة صلواتهم وتضرعاتهم واتسعت رقعة تلك البركة من الدموع المنهمرة من عيونهم حتى بللت ملابسهم وبللت الأرض التي يركعون عليها، غلبهم التعب فسقط الثلاثة في نوبة نوم قصيرة قرب الفجر، لم يكن نوماً بل كان إغماءاً قصيراً أصاب الأجساد التي أضنيت وجاهدت طوال الليل في صلاة حارة لا تنقطع ترتفع نحو السماء كرائحة بخور . أبيضت السماء عندما تسرب إليها ضوء الفجر وأسودت الدنيا في عيني العمدة وزوجته وسوف تظل سوداء حتي يوم القيامة، عند شق الفجر باكر فى صباح الأحد ، صراخ مدوي يشق عنان السماء، استيقظ الناس على صوت الصراخ المكلوم، راح الفلاحون يتبادلون السؤال كعادتهم حتى تبرع أحدهم مجيباً : الصراخ جاي من بحري البلد ... من عند دوار العمدة !! ظن الناس في البداية أن العمدة قد توفي لكن المفاجأة كانت أكبر من أن تحتملها عقولهم البسيطة. في بيت العمدة كان هناك نوح وبكاء وعويل كثير، زوجة العمدة تبكي ملتاعة على وحيدها وهى لا تريد أن تتعزي لأن أبنها العريس ليس بموجود، سقط العمدة على جثة نجله الوحيدة كان يبكي ويصرخ : سيف .. سيف .. يا سيف .. يا حبيبي ... أنت عريس النهارده ... كلمني يا سيف أنا أبوك يا ولدي. اندفع الرجال نحو العمدة وتعاونوا على حمله عنوة بعيداً عن جثمان الفتي، بينما كانت سامية لا زالت ساقطة على وجهها على الأرض بعد أن فشلت كل محاولات النساء في رفعها، وعلا صوت بكائها المكتوى بنار بركان لا ينطفئ ولن ينطفئ، وكانت تصرخ مرددة جملة واحدة لا تغيرها : " يا ريتك يا ولدى ما فتنك جمال ماريا ، يمكن كنت عشت و بقيت ليا ... "