كانت تبسط ظلها على جنة عدن! وكانت الأقوام في قديم الأيام، تعيش في بيوت مسقفة بسعفها المتواشج! واتخذتها بعض الشعوب شعاراً لبلادهم، وصوّروها على راياتهم، ونقودهم، ومعاملاتهم! انها شجرة الحياة الأولى، الشجرة الخالدة، النخلة! والتي تستحق أن نسميها، بحق: "شجرة النيروز"! .. فهي تنمو باتجاه السماء، طويلة وصلبة ومستقيمة في ارتفاعها مثل الإنسان المؤمن، الذي يشتاق للسماويات كلما درس في كتبه المقدسة! .. وسعفها الأخضر، استعمل كرمز للظفر، ولفرش الطريق أمام الأبطال المنتصرين! .. أما ثمارها الطيبة الوافرة، التي يقتات بها الملايين من سكان الأرض، فهي ملأى بالدلالات، والعِبر: فلون البلح الأحمر، يشبه إحمرار عيون النساك والمتعبدين، من فرط البكاء والسهر في الصلاة! كما يشبه لون الدم، والدم يعني: الشهادة، ويعني الحب، ويعني التضحية! واللون الأحمر، لا يظهر في السماء إلا مرة واحدة عند مغيب الشمس، كذلك الشهداء والقديسون، بمثابة شموس راحلة إلى عالم آخر! .. أما نواتها، فهي: صغيرة لكنها صلدة، وقوية. وفي قوتها صلابة تُعبّر عن قوة الإيمان الثابت بالله. قوة لا تلين أمام إغراءات الإنكار والأفكار الكاذبة، ولا تضعف أمام شدة التجربة، وشدة العذاب، وأنواعه الكثيرة! سقياً لهذه الشجرة العريقة، الغنية بالرموز، والمثمرة بالمعاني الروحية المُعبّرة!...