ذات يوماً راسلنى احد أصدقائى برسالة قصيرة جدا تتكون من كلمتان فقط, ولكنها تحمل معنى لو تم شرحه, يحتاج الى أوراق كثيرة .. الرسالة كان مضمونها ” ترجى الله ” .. لا أكذب باننى عندما رأيتها توقفت عن الرد وتاملتها كثيرأ, ربما اخذتنى إلى حوار مع النفس .. كم من مرة دخل اليأس قلوبنا واعتقدنا بانها نهاية الامر ولكن سرعان ما يحول الله الامر كله لسعادتنا وفرحنا .. كم من كبوة مررنا بها وننظر يد الله تنتشل كل ما يقف أمامنا ..
قد يسعى الفرد منا في حالات عديدة لبلوغ هدف أو غاية يطمح لها، فيبذل قصارى جهده ويعطي دون كلل أو ملل ويعمل بجد وإجتهاد حتى يصطدم بنهاية غير متوقعة تتلخّص في فشل وضياع هذه الجهود جميعها، فيُصاب بصدمة وخيبة أمل تكون المدخل لما يسمى في علم النفس بالإحباط .
الرجاء إذن هو شيء هام في الحياة ولو فقده الإنسان فقد كل شيء، لأن الإنسان الذي يفقد الرجاء، يقع في اليأس، الكآبة، القلق، والاضطراب ومرارة الانتظار بلا هدف, وتنهار معنوياته .. أعلم جيدا أن الخذلان شعور قاسى ولكن لو تركنا أنفسنا لذلك الشعور سنقدم فاتورة قاسية لن أسرد منها شيئا, ربما لاننا نريد نسيانها من العقل الباطن أو لاننا نحتاج ترك الإخفاق خلفنا, وإستعادة قوانا لنُكمل الطريق للهدف الذى يسعى إليه كل احد منا .. وحقيقة لا يوجد شىء يستطيع اضطرابك إلا افكارك أنت, وايضاً بإمكانك القدرة على رفض كل الأفكار التى داخلك.
وسط كل متاعب الحياه هذه, يبقى الله بجانبنا, فهو حكيم في ترتيباته، كريم في تعويضاته، قريب لمن يدعوه .. من كتب التاريح نطمئن, ذبح فرعون الاف الاطفال كي لا يأتي موسى وعندما اتى رباه في بيته, ايوب انتظر ثمانية عشر عام, يوسف ذاق مراره ثلاثة عشر من الأعوام, بعدها فتح الله أبواب البهجة لهم .. هنا ستعرف بإنه عندما يأمر الله, يطيع الجميع.. صدق الكتاب حينما قال ” انظروا الأجيال وتأملوها هل توكل أحد على الرب وخزى ” .. فهون عليك يا صديقي, ربما تُبتلى بشتات الأمر لِتُساق لخير لم تفكر به من قبل.
وربما يقرا بعضهم تلك الكلمات, وما زال لديه افكارا مشوشه والرويا امامه صعبه والأماني شبه مستحيله, ولكن لا بد له ان يتذكر بانه الذي فتح في البحر طريقا وفي الامواج مسلكا امنا.انه دائما ما يجعل النهايات تاتى ببدايات افضل, حتما سيستجيب .. ياتيك صديقا اخر متحدثا ” كلنا نتظاهر بالسعادة ومن الداخل نحن تعساء جداً ونتألم دون أن يرانا أحد”.. وربما يقاطعنى احدهم أيضاً قائلاً “وما بالك تقولها سيستجيب بشكل موثوق فيه لا يقبل الشك ” .. يا صديقى حتماً سيستجيب, فقط لمن توكل عليه, سيستجب, إجعلها يقين بداخلك, وسياتى يوماً ونقول كما قال احد رجاله ” من فرط عطاياه ، صرنا لا نصدق إحسانه “
ذهبت يوما لطلب النصيحة من أحد الشيوخ وحدثته طويلا عن صراعات ما بداخلى فقال ” نحن ﻻ ﻧﻔﻬﻢ طﺮﻕ ﺍلله ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ .. ﻭلكنه يعرف كيف يُفرح القلوب .. يد الله تعمل في الخفاءفلا تستعجلهَا.. إن كل الذين بالصبر انتظروه، رأوه في اللحظة المناسبة, وعندما تصلى اترك المنطق بعيدا واطلب منه ما لا يصدقه العقل البشرى .. “
تأكد من أن الله سيعينك بغض النظرعن عدد مرات سقوطك في الوحل ، هو الذي علمك كيف يطمئن قلبك وكيف تسعد وكيف تحبه, سيعطيك ما يناسبك ويرضييك, كل ما عليك فعله هو أن تطلب منه هو فقط.. سيكون صديقاً وسنداً, لكل من خانوه أصدقائه.. سيرسل حبيبا عاشقاً لمن أوفى وتم خداعه, عملاُ لمن تاهت أرجله وعقله فى رحلة البحث الطويلة عن عمل, سلاماُ لمن فقد حبيباُ له او أرهقته متاعب الحياة .. سيستجيب لمن ظنوا انهم لا يعرفون النجاح فى شىء .. سيحقق حلما راود صاحبه يوما, سبق وأخبروه بإنه لن يحدث..سيعوضك عن كل عبء حملته وحدك فى هذه الحياه, عن كل ألم قاومته دون أن تتكلم, سيعوضك عن كل الاشياء التى لم تخبر أحدا عنها .. فقط لانه هو الله ..