عادل عطيةمقالات عادل

أفكار – أليست هذه: إيحاءات جنسية؟!..

بقلم/ عادل عطية

  ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬الظن‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬كحوليو‭ ‬المشاعر،‭ ‬تشتعل‭ ‬أجسادهم‭ ‬فور‭ ‬رؤية‭ ‬امرأة،‭ ‬أو‭ ‬سماع‭ ‬صوتها،‭ ‬أو‭ ‬مصافحتها‭!‬

  ‬ومن‭ ‬الخطأ‭ ‬وضع‭ ‬ممنوعات‭ ‬ومُحرّمات تتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬سلوكيات‭ ‬قامعة،‭ ‬تُلطخ‭ ‬بعض‭ ‬النفوس‭ ‬البريئة‭ ‬بالنجاسة‭: ‬فكراً‭ ‬وجسداً‭! ‬

  ‬كنت‭ ‬متجهاً‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬القطارات،‭ ‬عندما‭ ‬مررت‭ ‬على‭ ‬بائع‭ ‬الصحف؛‭ ‬لأشتري‭ ‬مجلتي‭ ‬المفضلة‭. ‬أحضرت‭ ‬زوجته‭ ‬المجلة‭ ‬ووضعتها‭ ‬على‭ ‬الطاولة‭ ‬التي‭ ‬أمامها‭ .. ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لم‭ ‬أدرك‭ ‬انها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تعطيني‭ ‬المجلة‭ ‬في‭ ‬يدي،‭ ‬وبينما‭ ‬كنت‭ ‬اناولها‭ ‬ثمنها،‭ ‬طلبت‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬أضع‭ ‬النقود‭ ‬على‭ ‬الطاولة؛‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬أخذها‭! ‬

  ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬اتوقع‭ ‬هذا‭ ‬التصرف‭ ‬المفاجيء‭ ‬منها مما‭ ‬جعلني‭ ‬أشعر‭ ‬بالخجل،‭ ‬ثم‭ ‬بالغضب‭ ‬وكأنني‭ ‬مصاب‭ ‬بداء‭ ‬معد،‭ ‬أو‭ ‬كأنني‭ ‬سأرتكب‭ ‬الفحشاء‭ ‬لو‭ ‬وضعت‭ ‬النقود‭ ‬في‭ ‬يدها‭!‬

  ‬لقد‭ ‬كنت‭ ‬ذاهباً‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬ما،‭ ‬وجل‭ ‬تفكيري‭ ‬كان‭ ‬منصباً‭ ‬على‭ ‬اللحاق‭ ‬بالقطار،‭ ‬وكيفية‭ ‬اتمام‭ ‬مهمتي،‭ ‬ولكن‭ ‬البائعة‭ ‬أبت‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تذكرني‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬ذكرأ‭ ‬وأنثى،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الموضوع‭ ‬موضوع‭ ‬تعامل‭ ‬بین‭ ‬مشتري‭ ‬وبائع‭ ‬لا‭ ‬تثبت‭ ‬أحداثه‭ ‬في‭ ‬الذاكرة،‭ ‬أصبح‭ ‬قصة‭ ‬يقرؤها‭ ‬العقل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬وربما‭ ‬يحتفظ‭ ‬بتفاصيلها،‭ ‬وتفاصيل‭ ‬المرأة‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭!‬

    ‬وعندما‭ ‬كنت‭ ‬أركب‭ ‬المترو‭ ‬قبل‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري‭ ‬بين‭ ‬الذكر‭ ‬والأنثى،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬الركاب‭ ‬الذين‭ ‬حولي‭ ‬سوى‭ ‬انهم‭ ‬بشر‭ ‬كل‭ ‬يذهب‭ ‬في‭ ‬طريقه،‭ ‬وإلى‭ ‬هدفه‭ .. ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬إذا‭ ‬تركت‭ ‬أي‭ ‬سيدة‭ ‬العربة‭ ‬المخصصة‭ ‬للنساء،‭ ‬وركبت‭ ‬حيث‭ ‬مجتمع‭ ‬الرجال،‭ ‬فاني‭ ‬أهتم‭ ‬بالموضوع‭ ‬وأبدأ‭ ‬في‭ ‬التساؤل‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تركب‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬العربة‭ ‬مع‭ ‬بنات‭ ‬جنسها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فقد‭ ‬وضعها‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬الجنسي‭ ‬في‭ ‬بؤرة‭ ‬اهتمامي‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬اراد‭ ‬صانعو‭ ‬الأسوار‭!‬

  ‬وكم‭ ‬كنت‭ ‬اشاهد‭ ‬المباريات‭ ‬الدولية،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬فريقنا‭ ‬القومي‭ ‬يكافح‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الملعب‭ ‬لينال‭ ‬الفوز،‭ ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬اهتمامي‭ ‬هو‭ ‬ملاحقة‭ ‬الكرة‭ ‬بعيني؛‭ ‬لعلها‭ ‬تصيب‭ ‬هدفاً‭ ‬لصالح‭ ‬الوطن،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬ينذرنا‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المباريات؛‭ ‬لأن‭ ‬الكاميرات‭ ‬تنقل‭ ‬لنا‭ ‬صوراً‭ ‬عن‭ ‬فتيات‭ ‬شبه‭ ‬عاريات،‭ ‬فبدأت‭ ‬أهتم‭ ‬بهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لا‭ ‬لكي‭ ‬أرى‭ ‬الفتيات،‭ ‬ولكن‭ ‬لكي‭ ‬أتحقق‭ ‬من‭ ‬صدق‭ ‬شيوخ‭ ‬الفضائيات،‭ ‬الذين‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬لفت‭ ‬أنظارنا‭ ‬لشئ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الفكر‭! ‬

  ‬رأيت‭ ‬يوماً‭ ‬مشهدأ‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬ديني‭ ‬عن‭ ‬رجل‭ ‬يتقدم‭ ‬من‭ ‬محل‭ ‬لبيع‭ ‬الاقمشة،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬قامت‭ ‬شابة‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬حجري‭ ‬كانت‭ ‬تجلس‭ ‬عليه،‭ ‬عندما‭ ‬اعطاها‭ ‬البائع‭ ‬طلبها،‭ ‬فلما‭ ‬انصرفت‭ ‬ورأى‭ ‬الرجل‭ ‬القادم‭ ‬أن‭ ‬المقعد‭ ‬قد‭ ‬خلا‭ ‬منها،‭ ‬أراد‭ ‬الجلوس‭ ‬عليه،‭ ‬فإذا‭ ‬بالبائع‭ ‬يمنعه‭ ‬من‭ ‬الجلوس،‭ ‬قائلاً‭: ‬لا‭ ‬تجلس‭ ‬عليه‭ ‬الآن؛‭ ‬حتى‭ ‬يبرد‭ ‬من‭ ‬حرارة‭ ‬جسمها‭!‬

  ‬لقد‭ ‬عشت‭ ‬عمراً‭ ‬أجلس‭ ‬مكان‭: ‬رجال،‭ ‬وسيدات،‭ ‬وفتيات‭ .. ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أفكر‭ ‬مطلقاً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬المقعد‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يحمل‭ ‬حرارة‭ ‬جسم‭ ‬من‭ ‬جلس‭ ‬عليه،‭ ‬حتى‭ ‬شاهدت‭ ‬هذا‭ ‬المشهد،‭ ‬فأخذت‭ ‬انتبه‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جرح‭ ‬عفتي‭ ‬العقلية‭ ‬طويلاً،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أنتصرت‭ ‬على‭ ‬فكرته‭ ‬الشريرة‭!‬

  ‬،‭…‬،‭…‬،‭…‬

أيتها‭ ‬العفة،‭ ‬كم‭ ‬باسمك‭ ‬جُرحت‭ ‬بتوليّة‭ ‬المشاعر‭!‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى