م/ مجدى عزيزمقالات م. مجدى

شـهـوة السـلـطـة

بقلم/ م. مجدى عزيز

للشهرة‭ ‬والأضواء‭ ‬بريق‭ ‬خاص‭ ‬يتمسك‭ ‬بهما‭ ‬مشاهير‭ ‬ونجوم‭ ‬الفن‭ ‬والأدب‭ ‬والرياضة وتنطبق‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬على‭ ‬الساسة‭ ‬والحكام‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭.‬

وتظهر‭ ‬هذه‭ ‬الحاله‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬تشبث‭ ‬حكام‭ ‬العرب‭ ‬بالسلطة‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع‭ ‬وإلى‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬أجلهم‭ ‬أو‭ ‬يثور‭ ‬الشعب‭ ‬أو‭ ‬ينقلب‭ ‬الجيش‭ ‬عليهم‭ ‬والأمثلة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرة،‭ ‬فمثلا‭ ‬العقيد‭ ‬القذافي‭ ‬ضابط‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬حكم‭ ‬ليبيا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬42‭ ‬عاما‭ ‬وعلي‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬صالح‭ ‬ضابط‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬وحكم‭ ‬اليمن‭ ‬لمدة‭ ‬‮٣٤‬‭ ‬عاما‭ ‬وصدام‭ ‬حسين‭ ‬ضابط‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬وحكم‭  ‬العراق‭ ‬لمدة‭ ‬‮٢٤‬‭ ‬عاما‭ ‬وكذلك‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وبوتفليقه‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وكلاهما‭ ‬ظل‭ ‬يحكم‭ ‬بلده‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭.‬

إن‭ ‬تمسك‭ ‬بعض‭ ‬القادة‭ ‬بالبقاء‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬وتطويع‭ ‬القوانين‭ ‬وتعديل‭ ‬الدساتير‭ ‬لصالح‭ ‬استمرارهم‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬يهزم‭ ‬حالة‭ ‬التعافي‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تشهدها‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭.                                 

حالة‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬الشعوب‭ ‬ارتفعت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد كما‭ ‬ازداد‭ ‬حجم‭ ‬تطلعاتها‭ ‬للأفضل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحول‭ ‬ديمقراطي‭ ‬يعزز‭ ‬الحرية‭ ‬والعدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬يحاول‭ ‬المضي‭ ‬عكس‭ ‬رغبة‭ ‬الشعب‭ ‬سينتهى‭ ‬إلى‭ ‬أمور‭ ‬غير‭ ‬محمودة‭.‬

إن‭ ‬اعتماد‭ ‬الرؤساء‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬سلمي‭ ‬كتعديل‭ ‬الدستور‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬سدة‭ ‬الحكم‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬فيه‭ ‬ردة‭ ‬عن‭ ‬التقدم‭ ‬باتجاه‭ ‬الديمقراطية‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬تعافٍ‭ ‬كبيرة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬النظر‭ ‬للوسائل‭ ‬العنيفة‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬كاعتماد‭ ‬القوة‭ ‬للإبقاء‭ ‬على‭ ‬الأمور‭ ‬كما‭ ‬هي‭. ‬كذلك‭ ‬صار‭ ‬تعديل‭ ‬الدساتير‭ ‬لتمديد‭ ‬فترة‭ ‬الرئاسة‭ ‬لهذا‭ ‬الحاكم‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬سنة‭ ‬عربية‭ ‬أصيلة‭.‬

لماذا‭ ‬لا‭ ‬يحكم‭ ‬الحاكم‭ ‬العربي‭ ‬مدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬أو‭ ‬ثمان‭ ‬سنوات‭ ‬بأرادة‭ ‬الشعب‭ ‬‭,‬‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يترك‭ ‬الحكم‭ ‬طواعية‭ ‬ويذهب‭ ‬ليعيش‭ ‬حياته‭ ‬بشكل‭ ‬عادي‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬انسان‭,‬‭ ‬ويفسح‭ ‬المجال‭ ‬لغيره،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬البلاد‭ ‬قد‭ ‬عدمت‭ ‬من‭ ‬في‭ ‬حكمته‭ ‬وفطنته‭ ‬وهو‭ ‬الزعيم‭ ‬الملهم‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يقول‭ ‬حاملو‭ ‬المباخر‭ ‬والآكلون‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الموائد‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬أورد‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬التهلكة‭.‬

لماذا‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬الى‭ ‬اخر‭ ‬لحظة‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬‭,‬‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يدفعهم‭ ‬الى‭ ‬التشبث‭ ‬بالحكم‭ ‬مع‭ ‬انهم‭ ‬لم‭ ‬يقدموا‭ ‬اي‭ ‬شيء‭ ‬لبلادهم‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثين‭ ‬او‭ ‬الاربعين‭ ‬سنة‭ ‬التي‭ ‬كبسوا‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬انفاس‭ ‬الشعوب‭ ‬‭,‬‭ ‬وهم‭ ‬يعلمون‭ ‬ان‭ ‬شعوبهم‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬ببقائهم‭ ‬فهذا‭ ‬حاكم‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬جماعة‭ ‬سياسية‭ / ‬دينية‭ .. ‬أو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحاكم‭ ‬جاء‭ ‬بانتخابات‭ ‬نزيهة،‭ ‬أو‭ ‬ان‭ ‬الحاكم‭ ‬قام‭ ‬بإنقلاب‭ ‬عسكري‭ ‬واستولى‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ .. ‬أو‭ ‬حاكم‭ ‬قام‭ ‬بالإنقلاب‭ ‬على‭ ‬إنقلاب‭ ‬يسبقه‭ .. ‬أو‭ ‬حاكم‭ ‬ورث‭ ‬الحكم‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬عنده‭ ‬شي‭ ‬جديد‭ ‬ليقدمه‭.‬

التفسير‭ ‬المعقول‭ ‬والمقبول‭ ‬لهذه‭ ‬الشهوة‭ ‬وذلك‭ ‬التشبث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الحكام‭ ‬طغاة‭ ‬وحكمهم‭ ‬ملوث‭ ‬بالفساد‭ ‬من‭ ‬جهتهم‭ ‬وممن‭ ‬حولهم‭ ‬ويعلمون‭ ‬جيدا‭ ‬أنهم‭ ‬سوف‭ ‬يقدمون‭ ‬للعدالة‭ ‬لمحاكمتهم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬صنعت‭ ‬أياديهم‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى