صحة وتغذية
المارد الغاضب.. ( الميكروبيوم Microbiome) بـــــــره المـصـبــــاح
بقلم دكتور/ بـاســم أيـوب - Dr. Basim Ayoub, MD, FHM, DABOM
هل تعلم عزيزي القارئ أن جسم الإنسان يحتوي على عدد من البكتيريا النافعة أكثر بكثير من خلاياه الآدمية؟ بل عشرات الأضعاف!!! هذا هو العملاق الذي يسكن ظلمة أحشاءك ولكن هل هو يعمل لك أم ضدك؟!
انت صاحب هذا القرار في كل مرة تفتح فمك لتأكل أو تشرب!
جسم الإنسان يتكون من حوالي ٠١ تريليون خليه آدمية، في حين الجسم البشري يحتوي بل يأوي ما قد يصل إلى ٠٩ تريليون خلية بكتيريا في جسمه! معظمها في الأمعاء
وخصوصاً الأمعاء الغليظة، وكثير منها بالزائدة الدودية! وهذه الأخيرة تعيسة الحظ قد تكون أكثر عضو صغير يعد مظلوماً في جسم الإنسان!
بل مهمشاً لمئات السنين! لدرجة إنه يتم التخلص منها حتى لو كانت سليمة في عمليات ليست لها علاقة بالزائدة أساسًا وكأنها شريره رأيتها في مرضى كثيرين سعداء بان الجراح تخلص منها في عملية أخرى !ولكنها جزء مهم جداً من جسم الإنسان! وكونها تمرض سريعا وكثيرا لدى العديد من الناس ماهو إلا عرض لخلل أكبر في حياة الإنسان في الآونه والعقود الأخيرة التي ابتلينا فيها بالأكل الصناعي!
الأبحاث التي أجريت في الثلاث عقود الأخيرة نتج عنها معلومات مذهله وكما يقول الغربيون ”مغير لاسم اللعبة” ”Game Changer”، وأنا أقول مغير لفلسفة الأكل الحديثة ولطريقة فهمنا للأطعمة! للأسف، قد يكون نصيب الأسد الآن في السوشيال ميديا والقنوات الفضائية وخلافه للسعرات الحراريه للاكل والأطعمة الصناعية وفوائدها للتخسيس! ومكونات الأكل الثلاثة، البروتين والكربوهيدرات والدهون ولو كنت محظوظاً قد تقرأ عن الفيتامينات وقد تكون خبيراً بالأكل فتعرف عن مضادات الأكسدة والإنزيمات والمعادن والعناصر النادره والألياف! ولكن يا عزيزي ماهو الذي تعرفه عن هذا ”الكائن الجرثومي” ويختلجني الآن إحساس من ينادي من فوق سطوح المنازل ضارباً ناقوس الخطر! ”المايكروبيوم” الذي يفوق عدد خلاياك الآدمية بضعة مرات ويتعايش معك في حالة تناغم متناهي الدقة إسمها “Symbiosis” وقد يتضع ويصير خادماً لك ولمساعدتك في الحياة في أفضل صحة ممكنه! وهذا لأجل تضحياتك المستمرة منقطعة النظير لامداده كل مايحتاج من أكل وغذاء صحي له شخصيا! ولكن السؤال الذي يفرض نفسه.
هل نفعل هذا؟! أم أكلنا أصبح أنانياً وينسى ويتناسى وجود ”المايكروبيوم” بالمرة؟!!
ونعرف حديثاً جداً أنه لو لم يكن هذا ”الكائن الجرثومي” المايكروبيوم راضياً عنك ومنك ويعمل طوعاً لك فإنقلب ضدك لا قدر الله!
إسمح لي عزيزي القارئ أقولها بالعامية المصرية ”ياليلك ويا سواد ليلك” لأنك تعيش الآن معادياً لكائنك الجرثومي في حالة يرثى لها تسمى
“Dysbiosis” وعواقبها أكثر من وخيمة ولذكر الحالات المرضية المعروف علمياً نطرحها عليكم من خلال هذه السطور:
١- القولون العصبي
٢- الزهايمر
٣- الإكتئاب
٤- الضغط
٥- السمنة
٦- مقاومة الأنسولين
٧- مرض السكر النوع الثاني
٨- عديد من السرطانات
٩- الجوع الدائم وحالة من عدم الشبع الدائمة لأسوأ أنواع الأكل
١٠- القلق
١١- مشاكل النوم بمختلف أنواعها
٢١- أمراض زياده المناعة ضد أجسامنا مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي
١٣- أمراض نقص المناعة ومنها ضعف المناعة أمام الفيروسات ومنها طبعا الكورونا
٤١- الإنتحار
٥١- العجز والضعف الجنسي
١٦- تصلب الشرايين وزيادة الكوليسترول السيء ونص الجيد في الدم
٧١- أمراض القلب
٨١- تسريب الأمعاء
وهذا ليس لحصر الأمراض والمشاكل التي قد تنتج عن حالة الديسبيوسيس
“Dysbiosis” مع المايكروبيوم الذي لطالما تعايش معنا في تناغم قد يفوق ألحان بيتهوفن إتقاناً! ولكن الإنسان بسبب تكبره وتعاليه المعتاد قرر في القرنين الماضيين أن يقلب كل ”الموازين” بترجيح كفة الأكل الصناعي! الذي هو مصيبة وطامة كبرى لهذا الكائن العملاق السلمي الرقيق الذي يعمل في صمت لخدمة الإنسان وبأقل تكلفة صيانه ممكنه! ولكن ما لم يعلمه الإنسان أن المضادات الحيوية ”عمال على بطال” كما نقول في عاميتنا المصرية الجميلة تعمل كقنبلة هيروشيما وناجازاكي في اليابان ولكن في أحشاء كل واحد منا ونقتل تريليونات من البكتيريا النافعة التي قد لا تتعافي أبداً مرة أخرى كما كانت الا بعد شهور ان لم يكن سنين من الأكل السليم الطبيعي الصحي! وهذا بعد أسبوع واحد وكورس واحد من المضادات الحيوية!
فلك أنت تتخيل عزيزي القارئ ماذا يحدث بعد معدل 01-02 كورس مضاد حيوي على مدى أول 81 سنة من حياة الإنسان المعاصر على حسب الإحصائيات الأمريكية التي هي تعد من البلاد الأكثر صرامة في صرف هذه المضادات الحيوية!
ماذا يحدث بدون وعي وسيطرة خصوصا لو أقدر أشتري المضاد الحيوي بدون روشتة طبيب زي معظم بلادنا في الشرق الأوسط !
وهذا يا حضرات ما أطلق أنا شخصياً
عليه مذابح البكتيريا في بطوننا!
ولكن الثمن غالي جدا! فعلا ”اتقي شر الحليم إذا غضب” والمايكروبيوم ”مش بس غضب” ده إعتبرنا العدو اللدود ويحاول بإستمرار الدفاع عن نفسه وأحياناً مهاجمة أجسامنا ونتيجة هجومنا اليومي عليه ليس فقط في هيئة مضادات حيوية في أقراص وكبسولات! ولكن أيضاً في صورة:
1 مبيدات حشرية في الأكل غير العضوي
2 هرمونات تغير طبيعة الأمعاء
3 مواد حافظة
4 مواد سامة
5 مكسبات طعم إلخ
6 سعرات فارغه في أكل غيرحقيقي
7 كلور في مياة الشرب
منها من يقتل ومنها من يغير نوع البكتيريا من بكتيريا ”نافعة” إلى بكتيريا ضاره!
هل تعلم عزيزي القاريء أن الأمعاء تحتوي على وصلات عصبية مع المخ قد تفوق ما هو في النخاع الشوكي عددا؟!
وهل تعلم أن مادة “السيروتونين”
Serotonin والتي تستهدف رفع نسبتها معظم أدوية الإكتئاب يتم تكوين حوالي 09٪ منها بداية من الأمعاء وبمساعدة المايكروبيوم الذي يفترض أنه راضياً عنك!
وفي أبحاث حديثة وجد أن البروبيوتك
Probiotic قد يكون له نفس فعالية الدواء الشهير الــ (Prozac Fluoxetine) وهو واحد من أشهر أدوية الإكتئاب وأقدمها في العالم!
وكما يشرح البروفيسور د. سوننبيرج
Dr. Sonnenburg في كتابه الرائع
“The Good Gut” ويقول أن أنواع البكتيريا النافعة في بطوننا قد تصل الى ٠٠٢١-٠٠٦١ نوع وتتفاوت النسب على حسب إحتياج كل جسم! ولكن عندما نأكل أكلاً صناعياً يختلط الحابل بالنابل! وتنقلب كل الموازين! ويصبح هدف ”المايكروبيوم” في حياتنا ليس التواجد السلمي معنا
والذي كان يعمل لنا في هضم وفهم وتنظيف الأكل! كما لو كانت أم تعطي طفلها أكلا بعد تخليصه من كل الشوائب والقشور والسخونة إلخ! إلي أن يتوقف المايكروبيوم المسكين والمسالم سابقاً
ويتحول إلي مارداً غاضباً للأسف شريراً مليئاً بالكراهية والمرارة للكائن الذي هو الإنسان الذي يحاول أن يقتله ويدمر مأواه البطن في كل مره يفتح فمه!
ويأخذنا الكاتب الشهير روفائيل كيلمان Raphael Kellman في كتابه المذهل عن المايكروبيوم “The Microbiome Diet” في رحلة مصالحة مع هذا الكائن شارحاً
ومسهباً عن كل ما تكلمنا عنه أعلاه.
ولكن يعطينا بارقة أمل في أمكانية التعافي بالمصالحة ويقدر الإنسان في غضون أيام أن يتصالح مع رفيق الحياة الداخلي ”المايكروبيوم” الذي يعيش في الظلمة لأجلك! عن طريق الرجوع الى الطبيعة والأكل الطبيعى! ويشرح علمياً كيف يحدث هذا! ولكن ما أعجبني في كتابه أكثر من عشرات الكتب التي قرأتها
في هذ الموضوع أنه يحدد ماهو
“أكل التصالح” مع المايكروبيوم
ويقولها بطريقة لطيفة ”يوجد أكل ممكن نأكله يصبح كحفلة مفاجأه وعشاء رومانسي للمايكروبيوم”
وأهم هذه المأكولات وتغيير طريقة ونوع ومحتويات الأكل كالآتي :
١ – البصل بانواعه ٢ – الثوم ٣ – الجزر ٤- أكل مخمر صحي ٥- بروبيوتيك Probiotic
٦- بريبيوتك Prebiotic ٧- تفادي السكريات ٨ – تفادي النسب العالية من البروتين والدهون وخصوصا الحيواني منها ٩- تفادي المضادات الحيوية إلا من طبيبك والضرورة القصوى ٠١- تفادي بدائل السكر بمختلف أنواعها فيما عدى ستيفيا وفاكهة ١١- زيادة الألياف في الأكل الطبيعي ٢١- أكل عضوي لأنواع معينة من الأكل وليس كلها (Dirty Dozen) ٣١- الفاكهة عموما (مش قصة سعرات) ٤١- الأسباراجاس (الهليون) ٥١- الموز ٦١- الشوفان، صعب أن تسع مقالة أو حتى كتاب لسرد المأكولات المفيدة.
هذا التصالح المغبوط والذي وفي غضون أيام قليله ينتج عنه إطمئنان مارد المايكروبيوم وثقته مره أخرى في حكمة قبطان المركبة التي كادت أن تغرق في عالم الأطعمة الصناعية في أشد عواصفه على الإنسان التي نواجهها الآن في القرن الحادي والعشرين!!
د. باسم أيوب واحد متصالح تماما مع المايكروبيوم بتاعه.
يمكنكم زيارة موقعنا المتخصص فى التغذية بإسم
www.eat4healthy.com
وقناتنا على الــــ YouTube
https://www.youtube.com/user/sooomatube
د. باسم أيوب Dr. Basim Ayoub (كفاية بقى)