الإنتحار هو قتل،مثل أي جريمة قتل، فهو تعدي على سلطان الله الذي له وحده السلطان في إعطاء الحياة أو أخذ النفس، والنهي عن القتل كان من الوصايا العشر: لاَ تَقْتُلْ خروج .13 : 20 الإنتحار هو أمر غير مُبرّر على الإطلاق،فنرى من خلال خبرات علماء وأطباء النفس وأباء الكنيسة أن الإنتحار غالباً ما يكون محاولة للبحث عن حل دائم لمشكلة مؤقتة! فهو محاولة للهروب من جحيم المشاكل الذي لا يدوم، فينتهي الأمر بالمنتحر بالجحيم الأبدي الذي لا ينتهي بسبب تلك الخطيئة الكبرى التي إقترفها أي الإنتحار! أخبرني أحدهم قبل سنوات أنه فكر بالإنتحار سابقاً بسبب بعض المشاكل،ولكن مع الزمن قلَّت وتلاشَت المشاكل!وتعلّم طرق التعامل مع المشكلة أو التعايش معها! فحين يأتي عليك مثل هذا الفِكر،قل لنفسك: ستعبر المشكلة كما عبرت سابقتها أو عرفت كيفية أتعايش معها. ولاحظ نقطة هامة أيضاً، وهي أن المُنتَحِر لا تصلي عليه الكنيسة بعد موته، لأنه مجرم، فالكنيسة ترفض الصلاة على المنتحر إلا في حالة إذا كان قد فقد عقله أي أصبح مجنوناً أو كان يعاني من إضطرابات نفسية، وقتل نفسه بلا عِلم أو وعي،وتتم الجنازة بعد التأكد التام من خلال التقارير الطبية الازمة وأخذ الإذن الرسمي من أسقف المنطقة. وإن كان الكتاب المقدس يبيح الإنتحار، لكان انتحر كثيرون من شخصياته ممن واجهوا مشكلات كثيرة وكبيرة ومن الذين وصلوا إلى مرحلة تمنى بعضهم الموت ويأسوا من الحياة لكن رغم كل هذا لم يستسلموا إلى هذه الخطيئة الكبرى والمميتة. أما الذين قتلوا نفسهم بالفعل بسبب مشاكل ومصاعب الحياة، فلهذا السبب أو لغيره، ماتوا في خطيتهم، وخرجوا عن رحمة الله، وقطعوا على أنفسهم إحتمالات التوبة والعودة إلى حضن الله، فالإنتحار هو من أعظم الخطايا، لأنه لا يوجد بعده توبة! وايضاً من الممكن أن نأخذ هذهِ الأية بأن لها علاقة بالإنتحار :"إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ 1 كورنثوس 17 : 3 فإن كانت هذه الآية تُفَسَّر على أنها تتحدث عن الأعمال المسيئة للجسد والمدمرة له،مثل: التدخين وتعاطي المخدرات والزنى وإلخ... فإن كان هذا مستوى السمو المسيحي بعدم الإساءة للجسد ذاته، فكم وكم نقول عن الذي يقتل جسداً بأكمله؟! أحبائي،يقول الكتاب المقدس:" اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ يعقوب 4 - 2 : 1 لذلك يجب أن يفحص الإنسان سلوكه وطريقه ليعرف ماذا يريد الله أن يقول له من خلال التجربة، لأن كل شيء يحدث بسماح من الله، فيجب أن تتكلم مع الله في الصلاة وتطلب أن يرشدك لصوته وما يريد، وإن لاحَظت أن سبب التجارب هو أي أخطاء تكون فيها، يجب أن تبحث عن الأسباب كما يقول الكتاب لِنَفْحَصْ طُرُقَنَا وَنَمْتَحِنْهَا وَنَرْجعْ إِلَى الرَّبِّ مراثي إرميا 40 : 3 وإن كانت أسباب التجارب أموراً غير واضحة، تمسَّك بالرب وتذكر ما قاله الرسول بولس: " مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ. مُتَحَيِّرِينَ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ. مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ. حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لِكَيْ تُظْهَرَ حَيَاةُ يَسُوعَ أَيْضًا فِي جَسَدِنَا 2 كورنثوس .10 - 8 : 4 الإنتحار هو ضد الإيمان المسيحي المقدس، فإن كنت مؤمناً فكن مطمئناً وتذكر قول الكتاب المقدس "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ رومية 28 : 8 حتى ما هو قد يبدو مضراً أو صعباً يجب علينا أن نرى فوائد التجارب. إن الحزن والضيق أمر مؤكد الحدوث في مسيرة حياة الإنسان،ولكن الإنسان مدعوا أن يتعلَّم كيف يتعامل معه،فكن أنت حكيماً، ولا تضع فوق كتفيك أحمالاً لا طائل لها، وتظن أن الحياة ستقف بسبب المشكلة التي أنت بها، أو أن آمالك انهارت، وخسرت الكثير. لا تفكر في الإنتحار، اترك الموت يأتيك في الوقت المناسب بعد عمر طويل بمشيئة الله ، وأرجو أن تكون وقتذاك في حالة استعداد روحي لإستقبال الأبدية السعيدة،قل لنفسك: أنا لا أنتحِر، لأني لو انتحرت أكون قاتِل نفس، وأستقبل الموت وأنا قاتل، ويكون نصيبي هو نصيب القتلة أي في الجحيم،لا تظن أن الإنتحار يخلصك من الحياة وما فيها من ألم. بل أنه سيكون بداية لحياة أخرى كلها ألوان من ألم لا يُطاق، وبغير حدود لها في الزمن. إذا كنت تعاني الآن بعض المعاناة هنا، ولكن يوجد إحتمال للخلاص منها في يوم من الأيام. أما إذا أنهيت حياتك على الأرض، ستذهب للعقاب الأبدي كقاتل، حيث لا يوجد أي إحتمال في إصلاح ما فعلته، ولا يوجد أي إحتمال للخلاص مما ستكون فيه ،تأمل معي ما قاله الحكيم يشوع بن سيراخ:" مَنْ خَطِئَ إِلَى نَفْسِهِ فَمَنْ يُزَكِّيهِ؟ وَمَنْ يُكْرِمُ الَّذِي يُهِينُ حَيَاتَهُ؟ يشوع بن سيراخ .32 : 10 لا تفقد الرجاء،الأمل هو أهم شيء في الحياة،أنت تحيا على أمل الحياة الأفضل في السماء وتذكر حكمة سليمان القائلة:" لكل الأحياء يوجد رجاء الجامعة 4 : 9والإنتحار أيضاً يدل على العجز واليأس، وهو بهذا ضد الرجاء والإيمان، وهما من الفضائل الكبرى 1كورنثوس .13:13 لا تحزن بسبب مشاكل هذه الحياة كالباقين الذين لا رجاء لهم (1تسالونيكي 13:4).إذا كنت تعاني من الفشل، فتذكر قول نحميا إِنَّ إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي نحميا 20:2 لم يقل أن الله سيعطينا النجاح فقط، بل يجب أن نقوم من سقطتنا، وأن نبني،أو كما يقول المثل العامي "إسعى يا عبد وأنا أسعى معاك". أحبائي يجب أن نكون حكماء، حِكْمَةُ الإِنْسَانِ تُنِيرُ وَجْهَهُ، وَصَلاَبَةُ وَجْهِهِ تَتَغَيَّرُ جا1:8 فَانْزِعِ الْغَمَّ مِنْ قَلْبِكَ، وَأَبْعِدِ الشَّرَّ عَنْ لَحْمِكَ جا10:11 . أرجوك.. لا تيأس.. لا أستطيع أن أضيف كلاماً أكثر من هذا ليساعدك على أن تتخلص من تلك الفكرة، سوى أن أقول لك "فكر مرة أخرى"،أنت مهم جدًا عند الله.