م/ مجدى عزيزمقالات م. مجدى

الحـــل مـــوجــــود..

بقلم/ المهندس. مجدى عزيز

دأبت‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬سريع‭ ‬ومستمر‭ ‬لمشكلة‭ ‬تراكم‭ ‬القمامة‭ ‬فى‭ ‬شوارع‭ ‬القاهرة‭ ‬والمدن‭ ‬الكبرى‭ ‬ولم‭ ‬تفلح،‭ ‬وعلى‭ ‬الأرجح‭ ‬سوف‭ ‬تستمر‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬ليست‭ ‬خلاقة‭ ‬ولا‭ ‬مجدية‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬لا‭ ‬يتعاون‭ ‬رغم‭ ‬المبالغ‭ ‬الباهظة‭ ‬التى‭ ‬أهدرت‭ ‬ورغم‭ ‬تكليف‭ ‬شركات‭ ‬مختلفة‭ ‬محلية‭ ‬وأجنبية‭ ‬بالإضطلاع‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة،‭ ‬وفشل‭ ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬لتلك‭ ‬المشكلة‭ ‬المستعصية‭ ‬والتى‭ ‬تعود،‭ ‬فى‭ ‬رأينا،‭ ‬لأسباب‭ ‬ليس‭ ‬هنا‭ ‬مجال‭ ‬مناقشتها،‭ ‬وأيضاً‭ ‬لن‭ ‬تخلو‭ ‬سجون‭ ‬المحروسة،‭ ‬برعاية‭ ‬الله،‭ ‬من‭ ‬نزلاء‭ ‬بعضهم‭ ‬لعقوبات‭ ‬عن‭ ‬أخطاء‭ ‬وخطايا‭ ‬لا‭ ‬ترقى‭ ‬لمستوى‭ ‬الإجرام‭ ‬فى‭ ‬طبيعتها‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬فى‭ ‬معظمها‭ ‬نتيجة‭ ‬مخالفات‭ ‬بسيطة‭ ‬أو‭ ‬عصبية‭ ‬زائدة‭ ‬أو‭ ‬جهل‭ ‬بالقانون‭ ‬وبحقوق‭ ‬المواطن‭ ‬وواجباته‭ ‬وهذه‭ ‬طاقات‭ ‬معطلة‭ ‬فى‭ ‬السجون‭ ‬وقد‭ ‬ينتهى‭ ‬الأمر‭ ‬ببعضهم‭ ‬إلى‭ ‬احتراف‭ ‬الإجرام‭ ‬بعد‭ ‬الإفراج‭ ‬عنهم‭ ‬نتيجة‭ ‬الإختلاط‭ ‬بمرتكبى‭ ‬شتى‭ ‬أنواع‭ ‬الجرائم،‭ ‬المشكلة‭ ‬الأولى‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬المسؤلين‭ ‬أعياهم‭ ‬أمرها‭ ‬وسلموا‭ ‬بالأمر‭ ‬الواقع،‭ ‬والثانية‭ ‬لا‭ ‬يلتفت‭ ‬إليها‭ ‬أحد‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬تلقى‭ ‬اهتماماً‭ ‬برغم‭ ‬نتائجها‭ ‬المستقبلية‭ ‬الوخيمة‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬العقوبة‭ ‬سبباً‭ ‬فى‭ ‬أصلاح‭ ‬حال‭ ‬المخطئ،‭ ‬قد‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬خطورته‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتعلمه‭ ‬من‭ ‬المحيطين‭ ‬به‭ ‬داخل‭ ‬الأسوار،‭ ‬مما‭ ‬تقدم‭ ‬يتضح‭ ‬أن‭ ‬لدينا‭ ‬مشكلتين‭ ‬مزمنتين‭ ‬والحل‭ ‬الذى‭ ‬أقترحه‭ ‬قد‭ ‬يعالج‭ ‬كليهما‭ ‬معا‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬اختراعاً‭ ‬ولكنه‭ ‬نظام‭ ‬معمول‭ ‬به‭ ‬فى‭ ‬أمريكا‭ ‬ويسمى‭   ‬Community‭ ‬Serviceبمعنى‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬اعتادنا‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬الخدمة‭ ‬العامة‭ ‬والذى‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يستمر،‭ ‬يتلخص‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬فى‭ ‬الآتى‭:‬

‭- ‬ ينطبق‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬بالسجن‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬وحتى‭ ‬سنة‭.‬

‭- ‬ يتم‭ ‬تقسيمهم‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬عمل‭ ‬برئاسة‭ ‬فرد‭ ‬منهم‭ ‬وتحت‭ ‬إشراف‭ ‬أحد‭ ‬موظفى‭ ‬البلدية‭.‬

‭- ‬ يتم‭ ‬صرف‭ ‬قمصان‭ ‬مميزة‭ ‬لهم‭ ‬وإمدادهم‭ ‬بأدوات‭ ‬النظافة‭ ‬المطلوبة‭.‬

‭- ‬ يتم‭ ‬نقلهم‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬المطلوب‭ ‬إزالة‭ ‬القمامة‭ ‬منه‭ ‬وتجميعها‭ ‬بعربات‭ ‬البلدية‭ ‬المخصصة‭ ‬لذلك‭.‬

‭- ‬ يتم‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬الموقع‭ ‬يومياً‭ ‬لإزالة‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يستجد‭ ‬بنفس‭ ‬طاقم‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬بآخرين‭ ‬حسبما‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭.‬

‭- ‬ يحتسب‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬عمل‭ ‬بهذه‭ ‬المهمة‭ ‬بمثابة‭ ‬أسبوع‭ ‬سجن‭ ‬أو‭ ‬طبقاً‭ ‬لما‭ ‬يحدده‭ ‬المشرع،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬تشريعاً‭ ‬جديداً‭ ‬وما‭ ‬أسهل‭ ‬ذلك‭ ‬الآن‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬إسهال‭ ‬القوانين‭ ‬التى‭ ‬يصدرها‭ ‬مجلس‭ ‬الشعب‭ ‬حالياً‭ ‬وبنجاح‭ ‬عظيم‭.‬

‭- ‬ بالنسبة‭ ‬للقضايا‭ ‬الجديدة،‭ ‬أقترح‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬المشرع‭ ‬قانوناً‭ ‬جديداً‭ ‬يتيح‭ ‬بموجبه‭ ‬للقاضى‭ ‬أن‭ ‬يصدر‭ ‬أحكاماً‭ ‬بأداء‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬كبديل‭ ‬عن‭ ‬السجن‭ ‬إحتراماً‭ ‬لآدمية‭ ‬أصحاب‭ ‬السابقة‭ ‬الأولى‭ ‬والتى‭ ‬لا‭ ‬تستدعى‭ ‬أخطاؤهم‭ ‬إبعادهم‭ ‬عن‭ ‬ذويهم‭ ‬وعن‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نوفر‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬نفقات‭ ‬إعاشتهم‭ ‬وعلاجهم‭ ‬وخلافه‮٠‬

يقينى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬طريقة‭ ‬واقعية‭ ‬للتخلص‭ ‬المتواصل‭ ‬من‭ ‬القمامة‭ ‬وإفراغ‭ ‬السجون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬محترفى‭ ‬الإجرام،‭ ‬وبذلك‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬أدينا‭ ‬خدمة‭ ‬مزدوجة‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ .. ‬هل‭ ‬من‭ ‬مجيب؟‭!‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى