كنتُ وصديقى الراحل الجليل بيومى قنديل ، عندما تحكم المصادفة مقابلة بعض المتعلمين المصريين (المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة) من شعراء وروائيين وباحثين وإعلاميين، ويدور الحديث حول (الهوية القومية للشعوب) فكان هؤلاء المتعلمون يعترضون على كلامى وكلام قنديل حول التعريف العلمى للهوية القومية، وأنّ هذا التعريف يبدأ بأهمية البحث عن الخصوصية الثقافية لكل شعب ، تلك الخصوصية التى ليس لها أدنى علاقة بالتعليم الرسمى للدولة، أو ما يـُـروّج له الإعلام، تملقــًـا أوترديدًا لما يهدف إليه النظام الحاكم. أما الخصوصية الثقافية ، فيمكن تلخيصها فى جملة واحدة هى ((مجموع أنساق القيم التى أبدعها شعب من الشعوب عبـْـر تار يخه الممتد)) وأنّ أنساق القيم تشمل نظرة الثقافة القومية للمرأة (معها أم ضدها) والفرق بين المجتمع الزراعى والمجتمع الرعوى، وطريقة دفن الموتى ، والاحتفالات الشعبية ، والانتاج الثقافى الذى أبدعه الأميون من نكت (جمع نكتة وهى صحيحة لغويـًـا) وأمثال ومواويل وحواديت وأساطير.. إلخ. ووفقــًـا لهذا التعريف العلمى (من وجهة نظر علم الأنثروبولوجيا) فإننا نحن المصريين لسنا عرب ولا علاقة لنا بالعروبة (ثقافيًا وعرقيًا)
عند هذا الحد من المناقشة (عن خصوصية الثقافة القومية المصرية) فإنّ المتعلمين (العروبيين) كانوا يعترضون ويتكلمون مثل أى إنسان تحوّل إلى دوجما ، ويرفض الاستماع إلى أى رأى يـُـخالف ما سمعه وتعلمه فى المدارس والجامعات، فكانوا أشبه بالإسلاميين الذين تم غلق عقولهم (بالضبة والمفتاح) على ما تعلموه من كتب التراث العربى/ الإسلامى، مثلهم فى ذلك مثل الاسمنت الذى يـُـثبـّـتْ قوالب الطوب ، وبعد نجاح (التثبيت) يقول شعبنا الأمى فى أهازيجه البديعة ((الاسمنت شك) وكذلك كان المتعلمون المصريون، حيث أنّ ما درسوه فى المدارس وما سمعوه من خطب الزعيم العروبى/ الإسلامى (عبدالناصر) عن (عروبة مصر) دخل رؤوسهم فكان مثل الاسمنت ، وكما هو معروف فإنّ الاسمنت يصعب فصله عن الطوب بالطرق (العادية) ولابد من (تكسير) الطوب لفصل الاسمنت عنه، وإذا كان تكسير الطوب من الأمور الجائزة، فهل يمكن (تكسير) عقول المتعلمين، من شعراء وروائيين وباحثين وإعلاميين؟
وكانت المناقشة تحتد أكثر عندما يسمعون دفاعى ودفاع قنديل عن الحضارة المصرية، حيث أنّ هؤلاء المتعلمين لم يكتفوا بالمعارضة وعدم الاتفاق (وهذا حقهم) ولكنهم كانوا يسخرون ويستهزئون ويتقوّلون علينا بكلام لم نقله ، مثل أننا نـُـطالب بأنْ يتكلم شعبنا بالهيروغليفى ، وقال شاعر كبير ساخرًا ((بيومى وطلعت عاوزينا نتكلم هيروشيمى)) أو قول بعضهم أننا نريد أنْ يلبس شعبنا كما كان (الفراعنة) يلبسون.. وأننا نـُـطالب بعبادة القطط والتماسيح.. إلخ وقد ازداد الهجوم بعد النشر فى الصحف عن (حزب مصر الأم تحت التأسيس) فكان الهجوم الضارى من نجوم الصحافة (جمال بدوى (جريدة الأخبار) ، أحمد بهجت، أنيس منصور(جريدة الأهرام) ود.محمود إسماعيل (سلسلة مقالات فى جريدة القاهرة) إلخ. وكانت المفاجأة (غير المتوقعة) أنّ ذلك الهجوم الضارى أتى بنتيجة عكس ما كان العروبيون يتوقعون، حيث توالتْ التليفوفات فى بيت الرحل الجليل عالم المصريات (محسن لطفى السيد) للسؤال عن عنوانه وكيفية التواصل مع باقى أعضاء حزب مصر الأم تحت التأسيس للتوقيع على استمارة العضوية، وكانت تلك المكالمات التليفونية من محفظات مصر المختلفة.
صحيح أنّ لجنة شئون الأحزاب (برئاسة صفوت الشريف – زمن حكم مبارك) رفضتْ الموافقة على قيام الحزب (وكان هذا متوقعـًـا) كما رفضته الهيئة القضائية/ الحكومية، رغم أنّ تقرير هيئة مفوضى الدولة كان لصالح قيام الحزب ، وأنّ المستشار (تناغو) الذى كتب التقرير قال إنّ هذا الحزب تنطبق عليه الشروط التى وضعها القانون، خاصة شرط (التميز) حيث أنه لم يسبق لأى حزب آخر أنْ يتضمن برنامجه الدفاع عن (القومية المصرية) والدفاع عن قيم (العلمانية) وخصوصـًـا إلغاء خانة الديانة من كل المحررات الرسمية، وإلغاء التعليم الدينى وضم المعاهد الأزهرية إلى وزارة التعليم.. إلخ.
وبينما كنتُ أقابل سخرية واستهزاء العروبيين بشىء من عدم الاكتراث (ربما بسبب طبيعتى العقلية والنفسية) فإنّ صديقى الراحل الجليل بيومى قنديل كانت ردود أفعاله مختلفة، حيث كان يدخل فى مناقشات حادة مع العروبيين، وبعد مغادرتهم كان يواصل التعبير عن مشاعره الغاضبة وأحزانه المكبوتة، وسخطه من حالة التردى والدونية القومية عند المتعلمين (المصريين) بالاسم فقط . وبعد وفاته حكتْ لى السيدة الفاضلة أرملته أنه كان فى بعض الليالى (بعد عودته من سهرة على المقهى) لا يستطيع النوم ويمشى طوال الليل فى الشقة، مُـحـدّثــًـا نفسه عن ((مصر التى تضيع بسبب المتعلمين))
وقبل وفاته بسنوات راودنى وراوده إحساس مشترك ، بأنّ المؤمنين بمصر الحضارة والتعددية منبوذون من الثقافة المصرية السائدة ، وغير معترف بهم ، بل إنّ المحسوبين على الثقافة السائدة (وخاصة الصحفيين وبالأخص رؤساء التحرير) كانوا يتجنــّـبون الاقتراب من المُـدافعين عن الخصوصية الثقافية لشعبنا (المصرى) وكأنهم مثل (الجرب) المُـعدى خشية طردهم من وظائفهم فى الصحف والمجلات… ونتيجة هذا الإحساس المشترك بالوضع الثقافى، وأنّ أبناء القومية المصرية يشعرون بغربة قاتلة وهم داخل وطنهم المصرى، غربة قاتلة (بالمعنى المادى وليس المجازى) لأنها ليست غربة فلسفية/ وجودية، وإنما هى غربة لها خصوصيتها، وربما لم يمر بها أى شعب باستثناء شعبنا المصرى ، إنها غربة (هوية) غربة عدم الاعتراف بالخصوصية الثقافية ، عدم الاعتراف الذى شمل التزوير الفاضح الذى بدأه البكباشى عبد الناصرالذى زعم أننا نحن المصريين (عرب) وهذا التزوير عبـّـر عنه عندما ذهب إلى سوريا ووقف فى ساحة الجلاء أمام قصر الضيافة فى دمشق يوم 9/3/58 وخاطب الشعب السورى قائلا ((كنا نشعر بكم فى هذه المنطقة من العالم وقد عزلونا عنكم وأرادوا أنْ يُـقيموا فى مصر بلدًا يتنكر لعروبته وينتمى للفرعونية)) وفى خطاب آخر بتاريخ 22يوليو59 قال ((واستطعنا أنْ نرى أنّ الدعوة الفرعونية التى حاول الاستعمار أنْ يبثها ضمن الدعوات الأخرى التى حاول أنْ يبثها بين الأمة المصرية (أرجو من قارئى ملاحظة التناقض فى كلامه وملاحظة الصياغة الركيكة) إنما هى محاولة زائفة، يحاول الاستعمار أنْ يـُـقسـّـم الأمة العربية ليقضى عليها جزءًا جزءًا ويقضى على العرب والقومية العربية ليحل محلها قوميات أخرى)) (خطب وتصريحات عبدالناصر- القسم الثانى: فبراير58- إلى يناير1960- طبعة مصلحة الاستعلامات – المصرية- ص 55، 468)
التزوير الفاضح هنا يتمثل فى زعم عبد الناصر أنّ الاستعمار (الخبيث) هو الذى (أوحى) للمصريين بأنْ ((يتنكروا لعروبتهم)) بل وأنْ ((ينتموا للفرعونية)) فى حين أنّ الوقائع التاريخية تــُـقـدّم الدليل القاطع على كذب هذا الادعاء ، وأنّ الاستعمار (الخبيث) لم يكن مع (الفرعونية) وضد العروبة، بل بالعكس كان مع العروبة بدليل أنّ بريطانيا كانت وراء إنشاء جامعة الدول العربية، ووراء تدعيم فكرة (العروبة) وهو الأمر الذى تأكــّـد فى برقية وردتْ من وزير الخارجية البريطانى السير إدوارد جراى إلى المعتمد البريطانى فى مصر (هنرى ماكماهون) وهو المسئول عن المكتب العربى، جاء فيها ((تستطيع أنْ تـُـقـدّم أى تأكيدات تقترحها لعزيز المصرى باسم الحكومة البريطانية، أنّ الحركة العربية لابد من تشجيعها بكل وسيلة ممكنة. ويمكن لعزيز المصرى أنْ يبدأ فى تنظيم القوة التى يريدها. وتستطيع أنْ تضع تحت تصرفه ألفين جنيه استرلينى إذا كنتَ ترى ذلك مفيدًا. ولك أنْ تطلب منه أنْ يظل على اتصال بمكتب القاهرة للمخابرات البريطانية وبالمعتمد البريطانى. وأنْ تتعهد له بأننا سوف نساعد الحركة القومية العربية بمقدار ما يبدو من تأثيرها)) (نقلا عن محمد حسانين هيكل فى كتابه الاتصالات السرية بين العرب وإسرائيل) فهل هذا الكاتب العروبى الكبير هو الذى (اختلق تلك البرقية؟) أم كان ينقل نصها وفق الوثائق التى عثر عليها، خاصة أنه نشر النص فى باب الملاحق؟
ويتبيـّـن كذب عبدالناصر حول أنّ الاستعمار (الخبيث) هو الذى (أوحى) للمصريين بأنْ يتنكروا لعروبتهم وأنْ ((ينتموا للفرعونية)) فى واقعة أخرى، حيث أنّ صراعـًـا نشب بين الدولتيْن الاستعماريتيْن (بريطانيا وفرنسا) حول من منهما يكون له فضل السبق والريادة فى إنشاء جامعة الدول العربية. والتفاصيل رواها د. عبدالرحمن البيضانى نائب رئيس الجمهورية ورئيس وزراء اليمن الأسبق الذى كتب ((أعلن مستر إيدن وزير الخارجية البريطانى يوم 29مايو سنة 1941 فى دار بلدية لندن أنه يدعو إلى إنشاء جامعة عربية. ووعد بمساعدة هذه الجامعة. وعنئذ أسرع المسيو كاترو (المفوض الفرنسى العام فى سوريا ولبنان فكتب إلى الجنرال ديجول يقول : إنّ تبنى بريطانيا لقضية الوحدة العربية يجعلها تأخذ زمام المبادرة، لذلك يجدر بفرنسا أنْ تدعو إلى نفس الفكرة وتنقل محورها من بغداد والقاهرة إلى دمشق وبيروت، حيث النفوذ الفرنسى. ثمّ ألقى مسترإيدن خطابـًـا أمام مجلس العموم البريطانى يوم24/2/1942 ألحّ فيه على إنشاء جامعة عربية)) (أهرام9/8/2003)
الحقائق التى ذكرها هيكل ود. البيضانى أكــّـدها المؤرخ عبد الرحمن الرافعى الذى كتب إنّ ((إنشاء جامعة الدول العربية كان بإيعاز من بريطانيا)) (مصر بين ثورة19 وثورة 52- مركز النيل للإعلام- مطابع الشروق عام 1977- ص 53)
نجح المشروع الأنجلو/ أميركى لتعريب مصر، باحتضان بكباشية يوليو لهذا المشروع، حيث اعترف مايلز كوبلاند فى كتابه (لعبة الأمم) بأنّ ((عبدالناصر سيُـصبح قريبـًـا المتكلم باسم القومية العربية)) ولتأكيد هذا التوجه تولى ضباط وخبراء من المخابرات الأمريكية إنشاء محطة إذاعة (صوت العرب) وكان الافتتاح يوم 6يوليو1953، أى قبل مرور سنة كاملة على سيطرة الضباط على مصر، وهذا الموضوع سبق لى أنْ طرحته فى كتابى (العسكر فى جبة الشيوخ) الصادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان سنة2003، وسألتُ العروبيين والناصريين والماركسيين : لماذا (صوت العرب) فى مصر وليس فى الجزيرة العربية؟ ومنذ هذا اليوم لم يتفضل أحد منهم بالرد على سؤالى.
وفى كتاب (حبال من رمال) تأليف (ويلبر كرين إيفلاند) المستشار السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وعضو سابق فى هيئة التخطيط السياسى للبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية، هذا الضابط الأمريكى ذكر أنّ (كيم روزفلت) ضابط المخابرات الأمريكية الشهير ((تعامل منذ عام 1950 مع ثلاثة صحفيين مصريين هم محمد حسانين هيكل والأخوين مصطفى وعلى أمين)) وأضاف إنّ الإدارة الأمريكية ((هى التى ساعدتْ عبدالناصر ليكون رجل الساعة)) (دار المروج عام1985- ترجمة على حداد – ص 202، 207)
وذكر إيفلاند أيضـًـا أنّ المخابرات الأمريكية ((قـدّمتْ المساعدات السرية لعبد الناصر)) (ص105) هذا بخلاف مساعدة أميركا لضباط يوليو بالسلاح حتى يتم خروج الإنجليز من مصر (من ص58- 60) أما الهدف الثانى من الأسلحة الأمريكية لضباط يوليو فهو ((تطوير قدرة مصر على ضبط الأمن فى الداخل)) (ص64) أى أسلحة قمع الجماهير. واعترف رجل المخابرات الأمريكى إيفلاند ((إننا نحن الأمريكيين جعلنا من عبدالناصر عملاقــًـا)) (ص116)
ويهمنى التأكيد على أنّ ما ورد فى كتاب (مايلز كوبلاند) وكتاب (إيفلاند) تأكــّـد فى مذكرات بعض ضباط يوليو، وبصفة خاصة مذكرات خالد محيى الدين، ومذكرات محمد نجيب.. إلخ. ولمن يود المزيد من المعلومات أرجوه الرجوع إلى سلسلة مقالاتى على موقع الحوار المتمدن بعنوان (قراءة فى مذكرات ضباط يوليو1952) أو الرجوع لكتابى بنفس العنوان والصادر عن مركز المحروسة للنشر- عام 2015.
ترتب على نجاح المشروع الأنجلو/ أميركى لتعريب مصر، وتبنى التعليم الناصرى والإعلام الناصرى لهذا المشروع، العداء للثقافة القومية المصرية، وبصفة خاصة العداء للغة المصرية التى يتكلمها شعبنا (المصرى) فى حياته اليومية، وإصرار المتعلمين (المصريين) على وصفها ب (عامية اللغة العربية) وهذا غير صحيح من وجهة نظر علماء علم اللغويات ، ولمن يود التأكد من ذلك عليه الرجوع إلى كتاب بيومى قنديل (حاضرالثقافة فى مصر) أربع طبعات على نفقته الخاصة. وكتاب عبدالعزيز جمال الدين (لغتنا المصرية المعاصرة) منشورات مصرية- عام2011، وكتاب عصام ستاتى (اللغة المصرية الحالية) هيئة قصورالثقافة- عام2016.
إزاء هذا الوضع المُـتردى الذى وجـّـه قبلة الوطن نحو العروبة والإسلام، وازدراء كل ما هو مصرى، ووصف ملوك مصر ب (الطغيان) كما دأب التعليم والإعلام، والأمر وصل إلى مؤلفى المسلسلات التليفزيونية والأفلام حيث تشبيه أى طاغية بأنه مثل (فرعون مصر) رغم أنّ كلمة فرعون فى اللغة المصرية القديمة تــُـنطق (بر- عا) ومعناها البيت الكبير، أو مقر الحكم، مثل البيت الأبيض أوالقصرالجمهورى.. إلخ. إزاء ذلك الوضع المُـزرى فإنّ أبناء القومية المصرية كانوا يشعرون بالمرارة ، وأنّ غربتهم تزداد يومًـا بعد يوم ، وعن تجربة شخصية عندما زارنى صديق (ماركسى/ إسلامى) وقـدّمتُ له كتاب أحمد أمين (ضحى الإسلام) الذى كتب فيه ((العرب أزالوا استقلال فارس. وحكموا مصر والشام والمغرب وأهلها ليسوا عربـًـا)) (ضحى الإسلام – طبعة مكتبة الأسرة- عام1997-ج1- ص76) وبعد أنْ قرأ صديقى الماركسى/ الإسلامى كلام أحمد أمين قال لى ساخرًا ((هوّ يعنى كلام أحمد أمين نازل من السما))
وكلما ازداد شعور المرارة، كلما ازداد شعور الغربة والاغتراب، فكنا نحن أبناء القومية المصرية ، نشعر بأننا لسنا فى وطننا (مصر) وكأننا نعيش فى وطن آخر، وبالتالى فإنّ مثلنا مثل أى (مُـغتربين) يعيشون فى وطن غير وطنهم الأصلى، وفى أحد اللقاءات- وبسرعة البرق- وقد توحـّـدتْ مشاعرنا ردّد أكثر من صديق ((يبقا إحنا الجاليه المصريه فى مصر)) والتقط الراحل الجليل بيومى قنديل الخيط ، فقال ((إيه رأيكم لو نعمل جمعيه ثقافيه ونسميها الجاليه المصريه فى مصر؟)) وافق كل أبناء القومية المصريه.. ووقع الجميع (بالتمرير) على استمارة الشئون الاجتماعية.. وبعد الانتهاء من الاجراءات الروتينية وتقديم كل المستندات المطلوبة، إذا بموظف الشئون الاجتماعية (عندما قرأ اسم الجمعية) يـُـطلق ضحكاته الصاخبة ، وقال بصوت قوى ليسمعه باقى زملائه (سمعتو آخر نكته.. الجماعه دول عاوزين يعملو جمعيه ثقافيه اسمها الجاليه المصريه فى مصر)) فانطلقتْ ضحكات جميع الموظفين، وسخرياتهم وتعليقاتهم التى جمعتْ بين خفة الدم المصرى، واتهامنا بالجنون، واتهام القانون بالجمود لأنه لا يجوز الموافقة على هذا الجنون. كنا نحن أبناء القومية نتمنى أشهار تلك الجمعية، وبالطبع كنا نحلم حلمًـا طوباويـًـا غير قابل للتحقق على أرض الواقع. ولكن جاءتْ ثورة التكنولوجيا التى قرّبتْ البشر من بعض، فأصبح لأبناء القومية المصرية أكثر من موقع الكترونى مثل (حراس الهوية المصرية) و(حورس) و(تعليم اللغة المصرية القديمة) و(مصريون وعلمانيون) و(حركة مصر المدنية).. إلخ. وأصبحنا بالآلاف ومن كافة المحافظات.. ورغم ذلك – وأنا أتكلم عن نفسى- فإنّ شعور المرارة لايزال يملأ صدرى وأننى غريب فى وطنى.. ولذلك لازلتُ أحلم بتكوين جمعية أهلية ثقافية لأبناء الجالية المصرية فى مصر.