م/ مجدى عزيزمقالات م. مجدى

سور الصين العظيم

بقلم/ م. مجدى عزيز

تحدثنا‭ ‬في‭ ‬العدد‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬دهاء‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إرسال‭ ‬مواطنيها‭ ‬للخارج‭ ‬لتخفيف‭ ‬معاناة‭ ‬مواطني‭ ‬الداخل‭ ‬ولجلب‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬تحتاجها‭ ‬للتنمية‭ ‬وكذلك‭ ‬قيام‭ ‬مواطنيها‭ ‬بالتجسس‭ ‬على‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الغرب‭ ‬وارسالها‭ ‬للصين‭ ‬لتصنيع‭ ‬المنتجات‭ ‬بمواد‭ ‬رديئة‭ ‬وبواسطة‭ ‬عمالة‭ ‬رخيصة‭ ‬لكن‭ ‬ليست‭ ‬ماهرة،‭ ‬ثم‭ ‬غزو‭ ‬الغرب‭ ‬بهذه‭ ‬المنتجات‭ ‬بأسعار‭ ‬رخيصة‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬خسائر‭ ‬ضخمة‭ ‬للإقتصاد‭ ‬الغربي‭.‬

ونحكي‭ ‬اليوم‭ ‬قصة‭ ‬بناء‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬طبقا‭ ‬لويكيبيديا:

هو‭ ‬سور‭ ‬يمتد‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الشمالية‭ ‬والشمالية‭ ‬الغربية‭ ‬للصين‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭)‬،‭ ‬من‭ ‬تشنهوانغتاو‭ ‬على‭ ‬خليج‭ ‬بحر‭ ‬بوهاي البحر‭ ‬الأصفر‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬غاوتاي‭ ‬في‭ ‬مقاطعة‭ ‬غانسو‭ ‬في‭ ‬الغرب‭. ‬تم‭ ‬بناء‭ ‬سور‭ ‬آخر‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب،‭ ‬وامتد‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬بكين‭ ‬إلى‭ ‬هاندن‭. ‬وطول‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬هو‭ ‬2400‭ ‬كيلو‭ ‬متر،‬ وسور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬مواقع‭ ‬التراث‭ ‬العالمي‭ ‬واختير‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬عجائب‭ ‬الدنيا‭ ‬السبع‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬استطلاع‭ ‬للرأي‭ ‬الدولي‭ ‬عام‭ ‬2007‭. ‬أصبح‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬رؤيتها‭ ‬بالنسبة‭ ‬للزوار‭ ‬والسائحين‭. ‬حيث‭ ‬يتوافد‭ ‬إليه‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

ويعتبر‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬مشروعا‭ ‬دفاعيا‭ ‬عسكريا‭ ‬قديما‭ ‬بارزا‭ ‬ونادرا‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬المعماري‭ ‬البشري‭.‬ إنه‭ ‬رمز‭ ‬للأمة‭ ‬الصينية،‭ ‬ولم‭ ‬يظهر‭ ‬ذكاء‭ ‬أسلاف‭ ‬الصينيين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬يجسد‭ ‬جهدا‭ ‬بذلوا‭ ‬فيه‭ ‬العرق‭ ‬والدماء‭. ‬ويشتهر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بتاريخه‭ ‬العريق‭ ‬وضخامة‭ ‬تحصيناته‭ ‬وعظمته‭ ‬وقوته‭. ‬بدأ‭ ‬بناء‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬خلال‭ ‬عهد‭ ‬الربيع‭ ‬والخريف‭ ‬وعهد‭ ‬الممالك‭ ‬المتحاربة‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬عام‭.‬

إن‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬ليس‭ ‬سورا‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مشروع‭ ‬دفاعي‭ ‬متكامل‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬الحيطان‭ ‬الدفاعية‭ ‬وأبراج‭ ‬المراقبة‭ ‬والممرات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وثكنات‭ ‬الجنود‭ ‬وأبراج‭ ‬الإنذار‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المنشآت‭ ‬الدفاعية‭. ‬ويسيطر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الدفاعي‭ ‬نظام‭ ‬قيادي‭ ‬عسكري‭ ‬متكامل‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬مستويات‭ ‬مختلفة‭. ‬فلنأخذ‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬أسرة‭ ‬مينغ‭ ‬الملكية‭ ‬كمثال،‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬السور‭ ‬الذي‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬نهر‭ ‬يالوه‭ ‬شرقا‭ ‬وينتهي‭ ‬عند‭ ‬ممر‭ ‬جيا‭ ‬يو‭ ‬قوان‭ ‬غربا‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬طوله‭ ‬7000‭ ‬كيلو متر‭ ‬ينقسم‭ ‬إلى‭ ‬تسع‭ ‬مناطق‭ ‬إدارية‭ ‬عسكرية،‭ ‬ولكل‭ ‬منطقة‭ ‬رئيس‭ ‬تنفيذي‭ ‬لإدارتها‭ ‬بصورة‭ ‬منفصلة‭ ‬ومسؤول‭ ‬عن‭ ‬إصلاح‭ ‬السور‭ ‬داخل‭ ‬المنطقة‭ ‬وترميمه‭ ‬وهو‭ ‬مسؤول‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬الشؤون‭ ‬الدفاعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أو‭ ‬مساعدة‭ ‬المناطق‭ ‬العسكرية‭ ‬المجاورة‭ ‬على‭ ‬شؤونها‭ ‬الدفاعية‭ ‬وفقا‭ ‬لأمر‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطنية‭. ‬وكان‭ ‬عدد‭ ‬الجنود‭ ‬المرابطين‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬السور‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬أسرة‭ ‬مينغ‭ ‬الملكية‭ ‬بلغ‭ ‬حوالي‭ ‬مليون‭ ‬جندي‭.‬

يمر‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬بتضاريس‭ ‬جغرافية‭ ‬مختلفة‭ ‬ومعقدة،‭ ‬حيث‭ ‬يعبر‭ ‬الجبال‭ ‬والأجرف‭ ‬ويخترق‭ ‬الصحراء‭ ‬ويجتاز‭ ‬المروج‭ ‬ويقطع‭ ‬الأنهار‭.‬ لذلك‭ ‬إن‭ ‬الهياكل‭ ‬المعمارية‭ ‬للسور‭ ‬مختلفة‭ ‬وغريبة‭ ‬أيضا‭ ‬إذ‭ ‬بني‭ ‬السور‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬بمواد‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬الأحجار‭ ‬المحلية‭ ‬ونوع‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬الصفصاف‭ ‬نظرا‭ ‬لشح‭ ‬الصخور‭ ‬والطوب‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬هضبة‭ ‬التراب‭ ‬الأصفر‭ ‬شمال‭ ‬غربي‭ ‬الصين،‭ ‬فبني‭ ‬السور‭ ‬بالتراب‭ ‬المدكوك‭ ‬أو‭ ‬الطوب‭ ‬غير‭ ‬المحروق،‭ ‬لكنه‭ ‬متين‭ ‬وقوي‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬متانة‭ ‬السور‭ ‬المبني‭ ‬بالصخور‭ ‬والآجر‭. ‬وبني‭ ‬السور‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬أسرة‭ ‬مينغ‭ ‬الملكية‭ ‬غالبا‭ ‬من‭ ‬الطوب‭ ‬أو‭ ‬الصخور‭ ‬أو‭ ‬بخليط‭ ‬من‭ ‬الطوب‭ ‬والصخور‭.‬ وتوجد‭ ‬قناة‭ ‬يصرف‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬السور‭ ‬لأجل‭ ‬صرف‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬تلقائيا‭ ‬وحماية‭ ‬السور‭ .‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دوره‭ ‬العسكري،‭ ‬أثر‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصينية‭ ‬أيضا‭.‬ إن‭ ‬اتجاه‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬متطابق‭ ‬تقريبا‭ ‬مع‭ ‬الخط‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬المناخ‭ ‬شبه‭ ‬الرطب‭ ‬والمناخ‭ ‬الجاف‭ ‬في‭ ‬الصين،‭ ‬وأصبح‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬فاصلا‭ ‬بين‭ ‬المناطق‭ ‬الزراعية‭ ‬والمناطق‭ ‬البدوية‭.‬

تم‭ ‬بناء‭ ‬أولى‭ ‬الأجزاء‭ ‬من‭ ‬السور‭ ‬أثناء‭ ‬عهد‭ ‬حكام‭ ‬تركيو‭ ‬صبحيو‭ ‬تشانغو‭،‬ كان‭ ‬البناء‭ ‬الجديد‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬بحماية‭ ‬مملكتهم‭ ‬من‭ ‬هجمات‭ ‬الشعوب‭ ‬الشمالية المغول‭ ‬و‭ ‬الترك‭ ‬،‭‬وقد‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬حكام‭ ‬أسرة‭ ‬تشين،‭ ‬وهو‭ ‬تشين‭ ‬شي‭ ‬هوانغ‭ ‬ببناء‭ ‬أغلب‭ ‬أجزاء‭ ‬السور‭ ‬،‭‬وقد‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬يخشى‭ ‬الحملات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قبائل‭ ‬بدوية‭ ‬من‭ ‬السهوب‭ ‬الشمالية‭.‬

بعد‭ ‬توحيد‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تشين‭ ‬شي‭ ‬هوانغ‭ ‬عام‭ ‬221‭ ‬ق‭.‬م‭ ‬تسارعت‭ ‬وتيرة‭ ‬بناء‭ ‬السور،‭ ‬انتهت‭ ‬الأعمال‭ ‬عام‭ ‬204‭ ‬ق‭.‬م‭،‬ بعد‭ ‬أن‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭,‬000‭ ‬شخص‭،‬ واصلت‭ ‬أسرة‭ ‬‭”‬هان‭”‬‭ ‬202‭ ‬ق‭.‬م‭‬،‬ ثم‭ ‬‭”‬سوي‭”‬‭ ‬589‭ – ‬618‭ ‬م‭ ‬أعمال‭ ‬البناء‭. ‬ساهمت‭ ‬أسرة‭ ‬‭”‬منغ‭” ‬‭‬1368‭ – ‬1644‭ ‬م‭ ‬في‭ ‬مد‭ ‬السور‭ ‬وتدعيمه،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬استبدال‭ ‬الأجزاء‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬بالطين،‭ ‬ببناءات‭ ‬من‭ ‬الطوب‭.‬ بلغ‭ ‬البناء‭ ‬طوله‭ ‬النهائي‭ ‬6‭,‬700‭ ‬كم‭ ‬وامتد‭ ‬بموازاة‭ ‬الأنهار‭ ‬المجاورة‭ ‬وتشكلت‭ ‬انحناءاته‭ ‬مع‭ ‬تضاريس‭ ‬الجبال‭ ‬والتلال‭ ‬التي‭ ‬يجتازها‭.‬ أضيف‭ ‬سور‭ ‬الصين‭ ‬العظيم‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬التراث‭ ‬العالمي‭ ‬التي‭ ‬حددتها‭ ‬اليونسكو‭ ‬عام‭ .‬1987‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى