فـــى ذلــك اليـــــــــوم! جلست على الرمال عند البحر، الذي تغسله الشمس، فتضيء صفحته الممتدة في رحابة وراقبت الأمواج الزرقاء والخضراء، وهي تتدفق كل موجة في الأخرى، وتحدث مزيجاً لا ينتهي من الرغاوي والصوت الايقاعي. كانت أحياناً تلتف على شكل دائرة حول أقدامي، وأحياناً أخرى كاشفة عن أسماك صغيرة، وأجزاء من الأصداف المكسورة! شعرت بأني ضئيل، مثل احدى حبات الرمل المنتشرة على الشاطيء.. لكني بصورة ما متصل بكل شيء في الخليقة. ولا يمكنني أن أضع في كلمات، الصلوات، التي تشكلت في عقلي، ولكنها كانت مهمة وأساسية للعلاقة الموجودة بيني وبين الأشياء الأبدية! على مقربة مني، تراءت لي صخرة مغرية وكأنها تسفر عن وجه عاشق منغمس في بحر الحب، سابح في فضاء العاطفة الرحبة. على متنها وقفت، ورحت أرنو إلى الأفق الأزرق، وكأني أرى على مدى اتساعه أحلامي التي للغد! كنت أرى في البعيد، تلابيب السماء وهي تلامس البحر، وكأنها تمد يدها لتلتقط هذه الأحلام وتجسدها. ولكني اكتشف انني كمن يطارد الأفق، كلما أصل إلى المكان الذي أظن فيه السماء تلتقي بالأرض، أجد هذا المكان قد امتد امامي الى غير حدود؛ فأرجع باحلامي إلى الصخرة، التي تلاطمها الأمواج العنيفة، فتذوب كل يوم في بطء غير مرئي، وتصير مع الوقت كحبات رمل مبعثرة، وأرى دموع الأرض، التي تُجرح كل يوم، فتنزف عمراً يتناقص على مر الزمن. وبصمات أقدام الأحلام الصيفية، وهي تنمحي في خضوع! أخيراً، ارتسم شفق المغيب في الأفق، مغموراً بالوهج البرتقالي الناعم للشمس الغاربة، وهبط الظلام فجأة، ما خلا نوراً يشع بعيداً في بحر العتمة، من مركب صغير منعزل في مكان بعيد!