بصمه قد تكون بلون النور .. وقد تكون بطعم النار .. لكنها بصمه )السلوك الحضاري( هو عنوان الماده الدراسية التي انتهي المسؤلون عن التعليم في مصر من وضع منهجاًمتكاملاً لها، تم طباعة الماده في اثني عشر جزءاً بمعدل جزء لكل عام دراسي من أعوام الدراسه الأساسيه بدئاً من المرحله الابتدائيه حتي نهــاية المرحلــه الثــــانوية. الغرض من تدريس هذه الماده المستحدثة هو زرع مبادئ السلوك الحضاري في عقول وضمائر ابنائنا حتي ننتج المواطن المتحضر، الذي تفخر به كيمت مخلوقاً آدمياً راقياً. عكف علي وضع المنهج العلمي لهذه الماده المستحدثة مجموعه متميزه من اساتذه علم النفس وعلم الاجتماع ،اساتذه قانون ومهتمون بحقوق الانسان وجمعيات الرفق بالحيوان كذلك كبار الفنانين التشكيليين واساتذه العماره والديكور ايضاً كبار اساتذة أكاديمية الفنون والموسيقي. الســلـوك الحضــــاري ماده تتلقف الطفل برعماً غضاً وهو يضع قدمه علي اول السلم التعليمي حيث ترتقي معه درجات التحضر خطوه تلو اخري ، حتي نقدم للحياه العمليه والمرحله الجامعيه مواطناً متحضراً. سيبدأ المنهج من تعليم التلاميذ آداب المائده وآداب الحوار ،كيف يتحكم في طبقة الصوت اثناء الحديث ، وكيف تكون لغة الجسد ، أهمية الوقت واحترام المواعيد ، كيف كيف تكون آداب الطريق، واحترام قواعد المرور دون الحاجه لرجل المرور ،كيف يستطيعون الوقوف في طابور منظم بهدوء . سوف يتعلمون كيف يكون الرفق بالحيوان قبل ان يتعلمواحقوق الانسان ،لان من يرفق بالحيوان من الطبيعي والمنطقي ان يقدر قيمة حق الانسان. التّذوق البصري ، احد اهم المحاور التي يركز عليها منهج السلوك الحضاري ، الفن التشكيلي من نحت ورسم ..فن العماره الفرعونيه تحديداً،فن الديكور وفن تنسيق الزهور ،كل هذه النوعيات من الفنون سوف ترتقي بحاسة الجمال البصري لدي ابنائنا ، بالطبع هذه الدراسه لها جانب عملي بزيارة المتاحف والمعارض الفنيه. التّذوق السمعي ،محور آخر مهم لصناعة المواطن المتحضر الذي يسعي اليه المسؤلون عن التعليم كهديه لكيمت ام الحضاره لذلك سيتعلمون كيف يقرأ التلميذ النوته الموسيقية ،كيف يتذوقون الموسيقي الشرقية الاصيله والموسيقي الغربيه التخت الشرقي والأوركسترا الغربي،وكيف يدربون أسماعهم علي تذوق السيمفونيات العالميه ،هكذا يتسرب الذوق الي أسماعهم وتتشرب أعصابهم السمو الذي يرفض الصخب والضجيج سمة الغوغاء والغير متحضرين.وبالتالي يرتقي الفن الذي يتداولونه وتختفي عبارة الجمهور عايز كده. ايضاً سيتعرفون علي بعض الشخصيات العالميه التي كان لها حياه انسانيه متحضره كقدوه حسنه ومثل اعلي يتمثلون بهابعيداً عن العرق والدين والجنس ، المهم في القدوه مبادئه النبيله وما قدمه للبشريه من عطاء، شخصيات أمثال غاندي ،مارتن لوثر كينج، نيلسون مانديلا، الام تريزا ، طلعت حرب ،مجدي يعقوب، شخصيات لا تقدم من منظور ديني إنما تقدم من منظور انساني ، شخصيات جاهدت من اجل الحريه والسلام والتضحيه من اجل المحتاجين من الجنس البشري. ايضاًتنمية غريزة الاطلاع وحب القراءه لكل انواع الأدب سيتم العمل عليها بالاطلاع علي اعمال كبار الكتاب والمفكرين المستنيرين، مثل أدب شكسبير وتولستوي ،برنارد شو نجيب محفــوظ ،جبران خليل جبران طـــه حسـين وتوفيــــــق الحكيـــم وامثالهم تلك الاعمال الادبيه الراقيه التي يمكنهاان توســـــع مـــــن مـــــداركهم الـــــذهنيه وتأصل فيهم حب القراءه والاطلاع والبحـث. هذا المنهج لمادة السلوك الحضاري الذي سيدرس لمدة اثني عشر عاماً دراسياً هي المـــراحــــل الابتدائيــــه والإعدادية والثانوية جديره بــــان تقــــدم للجامعــه وللمجتمع طالباً ومواطناً متحضراً وهو في مقتبل عمره، مهذباً في سلوكه ، نبيلا ًفي مشـــــــاعـره، راقياً فـــــي تعـــــــاملــه. الانسان الذي يحمل المشاعر الانسانيه ويتذوق الجمال البصري والسمعي ، الانسان المرتب الذهن ، المثقف ،يعرف قيمة الحب والرحمه ويعرف معني الوطن ، يرفض اي سلوك همجي وأي أفكار متخلفه . هــــذا الــنـــمــــــوذج الــــــذي يــفــكــــر في إنــتــــاجــــه القائميــــن علي التعليم في مصر، يكون نموذجاًمضيئاًفي شتي المجالات من فن ورياضه وادب، وعندما يتصـــــــــدي للبحــــــث العلمــــي التطبيقي لا يستخدم التكنولوجيا الا في الخير والرحمه من اجل إسعاد البشريه... لن يسرف جهده ابداً في ايذاء البشر، لن يجد الحقد والكراهيه مكاناً في عقله او قلبه ، لن يحاول ان يلقن أبناؤه كراهية الآخر وتعلم فنون الشر ،وكيف يحسّن الذبح وكيف يفجر خلق الله ويحرق الأخضر واليابس لن يكون متوحشاً ذو دم بارد وضمير ميت . اجمل وأروع ما اتفق عليه علماء التربيه والمفكريــــــن والفنانيـــــــن الـلـذيـــن صاغوا هذا المنهج ( السلوك الحضاري ) انهم لم يستعينوا في منهجهم باي من رموز الدين ولم يستشهدوا باي من الكتابات الدينية. بل انهم يَرَوْن ان هذه الماده يجب ان تحل مكان مادة الدين في المدرسه لان تعليم الدين وتلقينه مكانه دور العباده وليس المدرسه . وهذا الامر له دلاله خاصه ، قد يتشدق بعض الاصوليين بأنها دعوه للإلحاد ومعاداة الدين او ما شابه ذلك من سفسطه غبيه ،لكن الحقيقه ان الحكمة في هذا ان الدين ، كل دين له أهله وله أماكن العباده الخاصه به ، وأولي بمن يبحث عن الدين ان يولي وجهته الي دار عبادته ، اما هذه الماده وهذا العلم فانه يدرس في بيوت العلم لكي يعلم الطفل التحضر ويعلم في عقله ووجدانه وضميره معني الانسانيه في المطلق ،الانسانيه التي لا يحدها دين ولا طقوس الانسانيه في المطلق ،الحب في معناه الاشمل والاسمي ،بعيداً عن الدين والعرق واللون . هذا المنهج من السلوك الحضاري كفيل ان يحقق لكيمت حلمها بمواطن مصري متحضر . هكذا عزيزي القارئ كان الحلم يسير بي في سلاسه الي ان أرقني في الحلم صوت مزعج يسألني ساخراً :طيب يا فالح مادة السلوك المتحضر دي حاتعلموها للعيال ازاي ، اذا كان المعلم أساساً مش متحضر !! انتبهت الي حقيقة : انه قبل ان نعد المنهج المتحضر ،يجب ان نعد المعلم المتحضر .لكن كيف يصبح المعلم متحضراً،ان لم نعده لذلك منذ طفولته خرجت من حلمي الي كابوس مزعج وسؤال محير: هي الفرخه قبل البيضه ولا البيضه قبل الفرخه ؟ وقبل ان اجد الاجابه عاد صوت الكابوس المزعج صارخاًوآمراً : نام نام .. شد الغطا قبل ماتتفقس، اطعت الامــر ، شدِّيت الغطا ، ونمت لكن السؤال ظل يلح في رأسي: البيضا قبل الفرخه ولا الفرخه قبل البيضه ؟ هل لديك اجابة هذا السؤال عزيزي القارئ ؟