م/ مجدى عزيزمقالات م. مجدى

الراهب المسلم حافظ نجـيـب الذي ترهب في دير المحرق ليصير مطراناً

بقلم/ م. مجدى عزيز

حافظ‭ ‬نجيب‭ ‬أديب‭ ‬وشاعر‭ ‬وراهب‭ ‬وحرامي‭ ‬ونصاب‭ ‬ومدرس‭ ‬وكاتب‭ ‬مسرحى،‭ ‬ورجل‭ ‬أعمال،‭ ‬وبائع‭ ‬حلوى‭. ‬وضابط‭ ‬تخرج‭ ‬فى‭ ‬المدرسة‭ ‬الحربية‭ ‬المصرية‭ ‬واستكمل‭ ‬دراسته‭ ‬فى‭ ‬فرنسا.

وعمل‭ ‬بمكتب‭ ‬المخابرات‭ ‬الفرنسى‭ ‬وكان‭ ‬يتقن‭ ‬عدة‭ ‬لغات‭ ‬منها‭ ‬الفرنسية‭ ‬والإنجليزية،‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬وتوفي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1946‭ ‬وأصوله‭ ‬مصرية‭ ‬تركية،‭ ‬وعلي‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬مسلماً‭ ‬الا‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬علي‭ ‬دراية‭ ‬بكل‭ ‬الأديان‭. ‬وبعد‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬فاشلة‭ ‬كانت‭ ‬التجربة‭ ‬قاسية‭ ‬عليه‭ ‬فلجأ‭ ‬للخمر‭ ‬وخشي‭ ‬أن‭ ‬يدمنها‭ ‬فهرب‭ ‬للقراءة،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬قرأه‭ ‬قصة‭ ‬فتاة‭ ‬فرنسية‭ ‬أحبت‭ ‬ملكا‭ ‬ومنعهما‭ ‬اختلاف‭ ‬المذاهب‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬فهربت‭ ‬للدير‭. ‬وأُعجب‭ ‬حافظ‭ ‬بالفكرة‭ ‬وكان‭ ‬مما‭ ‬شجعه‭ ‬عليها‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يشعر‭ ‬يوما‭ ‬بأنه‭ ‬ملتزم‭ ‬دينياً،‭ ‬فلم‭ ‬يجد‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬داخل‭ ‬الدير‭ ‬كمسيحي‭ ‬وهو‭ ‬مسلم.

بالميلاد‭. ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬هدف‭ ‬سياسي‭ ‬آخر‭ ‬دفعه‭ ‬للرهبنة‭ ‬وهو‭: ‬أن‭ ‬يصير‭ ‬مطراناً‭ ‬على‭ ‬الحبشة‭ ‬فينشئ‭ ‬هناك‭ ‬جيشاً‭ ‬يتعلم‭ ‬ضباطه‭ ‬فى‭ ‬النمسا‭ ‬أو‭ ‬ألمانيا،‭ ‬فيصير‭ ‬فى‭ ‬مقدوره‭ ‬تحرير‭ ‬السودان‭ ‬ومصر‭ ‬من‭ ‬الإنجليز‭. ‬وكــان‭ ‬ذلــك‭ ‬هـو‭ ‬فــكــر‭ ‬مصطفي‭ ‬كامل‭ ‬ومحمد‭ ‬فريد،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬الديرة‭ ‬فرصة‭ ‬ليهرب‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يطاردونه‭ ‬بسبب‭ ‬حالات‭ ‬النصب‭ ‬التي‭ ‬خدع‭ ‬بها‭ ‬كثيرين‭. ‬وبالفعل‭ ‬ترهب‭ ‬بدير‭ ‬المحرق‭ ‬باسم‭ ‬الراهب‭ ‬فيلوثاؤس‭ ‬المحرقي‭! ‬ونال‭ ‬شهرة‭ ‬كبيرة‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬أديبا‭ ‬متعلماً‭ ‬يُجيد‭ ‬عدة‭ ‬لغات‭ ‬وكان‭ ‬متكلما‭ ‬لبقاً،‭ ‬وقد‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬لترشيحه‭ ‬مطراناً‭ ‬لكرسي‭ ‬الحبشة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتبع‭ ‬الكنيسة‭ ‬القبطية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭. ‬وعندما‭ ‬تقابل‭ ‬مع‭ ‬البابا‭ ‬كيرلس‭ ‬الخامس‭ ‬البطريرك‭ ‬الــ‭ ‬112‭ ‬المعروف‭ ‬بقداسة‭ ‬السيرة،‭ ‬قابله‭ ‬مقابلة‭ ‬خشنة‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭ ‬قال‭ ‬له‭ ‬البابا‭ ‬كيرلس‭: ‬أنت‭ ‬يا‭ ‬مسيو‭ ‬تعرف‭ ‬فرنساوي‭ ‬وانجليزي‭ ‬وغلباوي‭ .‬لا‭ ‬يدخل‭ ‬ملكوت‭ ‬الله‭ ‬بالغلبة‭ ‬انما‭ ‬بالايمان‭ ‬والصلاح‭ ‬ومن‭ ‬المستحيل‭ ‬ان‭ ‬تنال‭ ‬منصباً‭ ‬دينياً‭ ‬كبيراً‭ ‬وأنا‭ ‬علي‭ ‬رأس‭ ‬الكنيسة‭ ‬الأرثوذكسية،‭ ‬إمش‭ ‬يا‭ ‬مسيو‭ ‬أُخرج‭ ‬من‭ ‬قدامي‭ ‬وهكذا‭ ‬استطاع‭ ‬البابا‭ ‬بشفافيته‭ ‬ان‭ ‬يكشف‭ ‬الرجل‭ ‬ويوضح‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬يربو‭ ‬إليه‭ ‬وخرج‭ ‬حافظ‭ ‬نجيب‭ ‬من‭ ‬عند‭ ‬البابا‭ ‬خائفاً،‭ ‬وقد‭ ‬عقد‭ ‬العزم‭ ‬عن‭ ‬ترك‭ ‬زي‭ ‬الرهبنة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انكشف‭ ‬أمره‭ . ‬وبعد‭ ‬طرده‭ ‬من‭ ‬الدير‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬محمد‭ ‬فريد‭ ‬فطرده‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬الدير‭ ‬لتختفي‭ ‬فيه‭ ‬وتعتزل‭ ‬العالم‭ ‬وقتا‭ ‬طويلا‭ ‬لينساك‭ ‬الناس‭ ‬ولتصل‭ ‬من‭ ‬الدير‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ (‬أن‭ ‬يصير‭ ‬مطراناً‭ ‬على‭ ‬الحبشة‭) ‬الذي‭ ‬تهدف‭ ‬إليه،‭ ‬فمن‭ ‬الحماقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تغتفر‭ ‬ما‭ ‬فعلت‭ ‬لأنه‭ ‬أحدث‭ ‬ضجة‭ ‬تمنعك‭ ‬من‭ ‬البقاء‭ ‬فى‭ ‬الدير‭ ‬ترك‭ ‬حافظ‭ ‬نجيب‭ ‬مذكراته‭ ‬حتي‭ ‬عام‭ ‬1908‭ ‬ونشرها‭ ‬ممدوح‭ ‬الشيخ‭ ‬سنة‭ ‬1996‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬اعترافات‭ ‬حافظ‭ ‬نجيب‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬عنه‭ ‬الاديب‭ ‬جورج‭ ‬طنوس‭ ‬كتاب‭ ‬اسمه‭ ‬الراهب‭ ‬المسلم‭ ‬ونشره‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬حافظ‭ ‬سنة‭ ‬1910‭ ‬كما‭ ‬اقتبس‭ ‬الممثل‭ ‬محمد‭ ‬صبحي‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياته‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬فارس‭ ‬بلا‭ ‬جواد‭ .‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى