منذ بدء الخليقة وقد خلق الله الكون وخلق الانسان ليعمر ويبني فيه فمنذ بداية الحياة كان السلام هو الذي يعم العالم باكمله وينتشر فيه ولم يكن هناك مكان للحروب والدمار والتخريب فالسلام هو فطرة الله التي خلق عليها الانسان والتي تساعد الانسان في العيش برخاء وراحة وسكينة ويعطي الفرصة الكاملة له من اجل البناء والاصلاح والتعمير. الحب والسلام والتسامح هي ألفاظ جميلة وسهلة في النطق نستعملها يومياً تقريباً في حياتنا وننصح غيرنا بالالتزام بها لكن الواقع يخفي شيئا آخر أو بالأحرى أشياء أخرى فالواقع الذي نعيشه حاليا لا يمت باي صلة لهذه المبادئ والقيم السامية الا ما رحمهم ربي فكثير من البشر اليوم فقدوا انسانيتهم و قيمهم العليا واتبعوا رغباتهم المادية والمعنوية وركزوا أهدافهم على مصالحهم الشخصية وأصبحت الأنانية هي التي تسيرهم وتطبع تصرفاتهم. ومع أن كل الديانات تنادي بالحب و السلام والتسامح إلا أن الناس فقدوا طريقهم الصحيح للحياة و بذلك فقدوا مفاهيمها واختاروا العيش في عالم يحكمه المال والجاه والسلطة وأشياء أخرى فالطبيعة البشرية تبدلت واعتراها الغرور والنفاق فكل شخص يريد أن يحكم الآخر ويفرض عليه أفكاره وقناعاته مما ولد الكثير من الكراهية والحقد والتمييز العنصري وكنتيجة لكل ذلك أصبح الإرهاب واقع نعيشه كل يوم ونشهد على ضحاياه في كل بقاع العالم بالإضافة إلى الابادات الجماعية للأقليات والحروب الأهلية والخلايا الإرهابية المنتشرة في جميع أنحاء العالم والتي تزداد يوما بعد يوم. لقد فقد البشر احساسهم ببعض كما فقدوا ادميتهم وأصبحوا مثل الوحوش وقد سقط الإنسان بعيدا جدا تحت طائلة الاستعباد للقوة والسلطة والمال ونسي سبب وجوده الحقيقي في هذا الكون فالعالم حاليا يعاني من أزمة المحبة والأخوة هذه الأزمة جعلت الإنسان لا يفهم إنسانيته فهو يعيش لنفسه أو يعيش الناس له وكلما ابتعد البشر عن طريق الله والإيمان تنامت الكراهية والعداوة بينهم لأن مصالحهم تتضارب إن للبشر عقل يدرك و قلب يحب ومالم يكن هناك توازن بين الاثنين فإن شخصياتهم تعاني خطرا وينبغي معالجتها وإعادتها إلى مكانها الصحيح. ان كل الأديان تدعو إلى التعايش فهو نوع من التعاون الذي يبنى بالثقة والاحترام ويهدف إلى إيجاد أرضية تتفق عليها الأطراف المختلفة والتفاهم حول الأهداف والغايات وكذلك العمل المشترك بعيدا عن المساس بالمقدسات الدينية أو الأماكن المقدسة حيث يعتبر السلام هو الأصل في العلاقات بين البشر لذا يبحث الجميع عن الشعور بالسلام والأمن والاستقرار الداخلي والخارجي فتلك الحروب والصراعات التي تدور بين البشر وفي معظم الدول تؤدي إلى الدمار الكامل للشعوب. والسلام لا يعني الضعف ولا التراجع وانما هو قوة في حد ذاته فالحاكم الذي يختار لوطنه الامن والامان والسلام بعيدا عن الحروب وويلاتها انما هو الحاكم الصحيح الذي يبحث عن استقرار بلاده وحرية شعبه والمحافظة على الارواح والممتلكات فهو بذلك يحفظ وطنه من ويلات الحروب وما يصاحبها من خراب وتدمير فقد اختار لشعبه الحياة والرخاء. وعلى العكس من ذلك فان الحروب هي الشبح المظلم في حياة كثير من البلدان والشعوب فما قامت حرب في بلد الا ولحق به الهلاك والخراب والتدمير وكيف لا والحروب تسفك الدماء وتخرب وتدمر كل مكان بل تاتي على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في داخل البلد فتقضي على كل سبيل للرخاء والاستقرار ويصاحب الحروب تدمير في التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة والفن وغيرها من مجالات الحياة داخل الدولة فهي تاتي بالدمار على كل اخضر ويابس ولعل الاثر الاكبر للحروب هو سفك دماء الابرياء من ابناء الشعوب فتزهق الكثير من الارواح اثناء الحرب وما يبقى حي فانه يكون بين جريح ومشرد ومفقود ومهاجر ولاجئ. اي خير يصاحب الحروب وتاتي به بل كل ما تاتي به هو التخريب والتدمير والفتن والتشريد ولذلك فان السلام هو حلم لكل الافراد في كل بلدان العالم فبه تحقن الدماء وتخمد الفتن وبه تكون التنمية ويتحقق الرخاء والاستقرار وبالسلام ينتشر الامن والامان في كل مكان فياخذ كل فرد حقه في الحياة في التعليم والصحة والحياة الاجتماعية الكريمة وعند تحقيق السلام واعطاء الافراد حقوقهم يتحقق الرخاء والتنمية وتعطى الفرصة الكاملة للافراد من ابناء الشعب في الابداع والابتكار والمشاركة في بناء وطن قوي وتحقيق الرخاء والتنمية في جميع مجالات الحياة. إنني هنا أوجهها دعوة إلى الله أن يبارك جهود دعاة السلام وهي دعوة لكل الإنسان ولاسيما الروساء والعقلاء والحكماء لدعوة السلام وتجاوز حواجز العقول التي حجبت الإنسان عن رؤية النور الإلهي في الوجود في مقامات الرحمة والتسامح والعطاء وهي دعوة للمتشددين والتجار باسم الدين أن يخرجوا من سيطرة الشيطان إلى المحبة والمشاركة في واقع هم يعيشون فيه فالخير للجميع حين يعي الجميع أن الله خلق لنا ما في الأرض جميعاً، فالسلامهو أصل الحياة وبالسلام حقا نحيا.