م/ مجدى عزيزمقالات م. مجدى

صحـافـة الفـتـنـة

بقلم/ م. مجدى عزيز

تعود‭ ‬أقدم‭ ‬الصحف‭ ‬المصرية‭ ‬اليومية‭ ‬إلى‭ ‬أواخر‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬حين‭ ‬ظهرت‭ ‬جريدة‭ ‬الأهرام‭ ‬وجريدة‭ ‬الإيجبشيان‭ ‬جازيت‭ ‬ثم‭ ‬الوقائع‭ ‬المصرية‭ ‬التي‭ ‬تنشر‭ ‬القوانين‭ ‬والقرارات‭ ‬السيادية‭.‬

ثم‭ ‬جاء‭ ‬القرن‭ ‬العشرون‭ ‬وجاءت‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الثاني‭ ‬منه‭ ‬جريدة‭ ‬الأخبار‭ ‬اليومية‭ ‬وأخبار‭ ‬اليوم‭ ‬الأسبوعية‭ ‬ثم‭ ‬مجلة‭ ‬الهلال‭ ‬ومجلة‭ ‬الجيل‭ ‬ومجلات‭ ‬أخرى‭ ‬خاصة‭ ‬بالمرأة‭ ‬والأطفال‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭..‬

وبعد‭ ‬انقلاب‭ ‬يوليو‭ ‬ظهرت‭ ‬جريدة‭ ‬الجمهورية‭ ‬والشعب‭ ‬والمساء‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬الجرائد‭ ‬الأخرى‭ ‬والمجلات‭. ‬وفي‭ ‬عهد‭ ‬السادات‭ ‬تكونت‭ ‬الأحزاب‭ ‬وبالتالي‭ ‬جاءت‭ ‬بجرائدها‭ ‬الخاصة‭ ‬وتبارى‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار‭ ‬دونما‭  ‬تدقيق‭ ‬وازدادت‭ ‬وتيرة‭ ‬نقد‭ ‬الأداء‭ ‬الحكومي‭ ‬سواء‭ ‬بموضوعية‭ ‬أو‭ ‬لمجرد‭ ‬النقد‭.‬

والملاحظ‭ ‬أنه‭ ‬طوال‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬ظلت‭ ‬الصحافة‭ ‬المصرية‭ ‬رصينة‭ ‬الأداء،‭ ‬ودقيقة‭ ‬اللغة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإعراب‭ ‬والنحو‭ ‬والصياغة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الكتاب‭ ‬والمحررون‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬وأدبياتها‭ ‬ومقوماتها‭. ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬صحيفة‭ ‬وظيفة‭ ‬مصحح‭ ‬لغوي‭ ‬يقوم‭ ‬بتصحيح‭ ‬الأخطاء‭ ‬اللغوية‭ ‬وتصويب‭ ‬النحو‭ ‬والصرف‭.‬

إلى‭ ‬هنا‭ ‬يبدو‭ ‬الأمر‭ ‬حِرَفيا‭ ‬ومقبولا‭ ‬حتى‭ ‬جاءتنا‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة‭ ‬بالميديا‭ ‬وبالصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬أفسحت‭ ‬المجال‭ ‬لكل‭ ‬أحد‭ ‬لان‭ ‬يمسك‭ ‬قلمه‭ ‬ويكتب‭ ‬ما‭ ‬يعن‭ ‬له‭ ‬دون‭ ‬التزام‭ ‬بمهنية‭ ‬أو‭ ‬موضوعية‭ ‬ودون‭ ‬التقيد‭ ‬بقواعد‭ ‬لغوية‭ ‬يجهلها‭ ‬الكثيرون‭. ‬

وقد‭ ‬كثرت‭ ‬الكتابة‭ ‬باللهجة‭ ‬العامية‭ ‬لسهولتها‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬أو‭ ‬لعجز‭ ‬الكاتب‭ ‬عن‭ ‬تطويع‭ ‬اللغة‭ ‬الفصحى‭ ‬واستخدام‭ ‬أدواتها‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬يخوض‭ ‬فيه،‭ ‬كما‭ ‬أولع‭ ‬بعض‭ ‬الصحفيين‭ ‬والكتاب‭ ‬بإثارة‭ ‬اللغط‭  ‬وإذكاء‭ ‬روح‭ ‬الفتنة‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬بنشر‭ ‬أفكار‭ ‬متطرفة‭ ‬وقضايا‭ ‬طائفية‭ ‬أو‭ ‬فئوية‭ ‬تفرق‭ ‬ولا‭ ‬تجمع‭ ‬وإطلاق‭ ‬أكاذيب‭ ‬للإيقاع‭ ‬بين‭ ‬الفنانين‭ ‬والرياضيين‭ ‬وزرع‭ ‬التعصب‭ ‬بين‭ ‬جماهير‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭.‬

وللأسف‭ ‬فإن‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للإعلام‭ ‬المنوط‭ ‬به‭ ‬ضبط‭ ‬الأداء‭ ‬الإعلامي‭ ‬لا‭ ‬يلتفت‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬اللغة‭ ‬ولا‭ ‬يعيرها‭ ‬اهتماما‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬ستتدهور‭ ‬لغة‭ ‬الصحافة‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر‭ ‬حتى‭ ‬تسود‭ ‬العامية‭ ‬وتنحسر‭ ‬الفصحى‭ ‬مما‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬الأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنتوي‭ ‬القيام‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإعلام‭ ‬الذي‭ ‬يعطي‭ ‬القدوة‭ ‬والمثل‭ ‬للمجتمع‭ ‬ويؤثر‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭..‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى