إتفق الباحثون على أن الشفافية هي لوح زجاجي يمكن أن ترى تصرفات الآخرين افرادا أو مؤسسات أو حكومات من خلاله وكما هي بدون تجميل ولا تشويه وبهذا يكون لها في الثقافة الإنسانية معاني الانفتاح والاتصال والمحاسبة. والشفافية هي عكس السرية في مجالات السياسة وعلم الأخلاق والاعمال والإدارة والقانون والاقتصاد وعلم الاجتماع. تستخدم الشفافية كوسيلة لمحاسبة مسؤلي الحكومة ومكافحة الفساد. فعندما تكون الاجتماعات الحكومية مفتوحة للاعلام والجماهير وهناك فرصة لأي شخص لمراجعة وتدقيق ميزانية الحكومة وجدول عملها المالي، ويكون هناك مجال للحوار ومناقشة القوانين والتعليمات والقرارات يعتبر نظام الحكم حينها شفافاً، وتضيق الفرص أمام الحكومة في إساءة استخدام السلطة لمصلحة مسؤليها. فالشفافية هي الصدق في حياتنا والصدق يعني قيمة وليس شعاراً وهي قيمة موجودة ويجب أن تكرس في حياتنا على صعيد المنزل والعمل والمجتمع والوطن. كما أن الشفافية مبدأ تنموي استثماري واقتصادي مهم يعني ضرورة الإعلان والإعلام عن الأنشطة والبرامج التي تنفذها المنظمة، وكذلك الأمر بالنسبة للدول فكثيراً ما نسمع على ألسنة المسئولين أن تصرفات الحكومة تتصف بالشفافية. فما معني ذلك؟ معنى ذلك أن مصادر الدخل واضحة وأوجه الإنفاق واضحة. فميزانية الدولة متاح معرفتها للجميع ومشاريع الدولة وقيمتها الحقيقية متاحة أيضاً حتى يمكن محاسبة المسئولين بعد ذلك عن أي خسائر أو تغيير يحدث فيما هو مخطط له وما تم فعلا من منطلق هذه الشفافية ، ولهذا فلا عجب أن نجد مثلاً في بعض الدول الديمقراطية أن يتهم رئيس أو وزير بالرشوة أو الفساد وذلك على مرأي ومسمع من الناس لأن الرقابة أمانه وضعها الشعب في أعناقهم ومن حق الشعب أن يعرف أين هو وإلى أين يتجه. انعدام الشفافية يستنزف الموارد ويطلق مجالا للفساد عن طريق حجب الحقيقه واستبدالها بكلمات لا تغني ولا تشبع من جوع كتسميه الهزيمة نكسة مثلا والإهمال قضاء وقدرا. إن أبرز تداعيات انعدام الشفافية وضع مقدرات الخزانة العامة في غير موضعها، كزيادة الإنفاق على حماية النُظُم على حساب المتطلبات الاجتماعية. عندما احتفل العالم بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، تجلى سجل غير مشرف في شأن الفساد في الدول العربية، حيث أظهرت نتائج مؤشرالفساد لمنظمة الشفافية الدولية، أن قائمة أفضل عشر دول على مؤشر الشفافية لم تشمل ولو دولة عربية واحدة، فضلاً عن أن قائمة العشر دول الأكثر فسادًا تضم أربع دول عربية هي)ليبيا، والعراق، والسودان والصومال( وانعدام الشفافية يعني ببساطة غياب الديموقراطية وتحجيم أو انعدام دور الأجهزة الرقاببة. وتشير هذه البيانات إلى أن الفساد في الدول العربية يمارَس بشكل ملحوظ، ويحد من إمكانية نجاح مشروعات التنمية، وبخاصة في الدول التي تشهد صراعات مسلحة، حيث أن الدول العربية الأربع التي أتت في قائمة الدول العشر الأكثر فسادًا على مستوى العالم، هي دول تعاني من ويلات حروب أهلية، بعضها مضى عليه أكثر من ثلاثة عقود، وهي الصومال، ولا يتوقع أن تنتهي هذه الصراعات في باقي الدول مثل ليبيا والعراق والسودان وسوريا واليمن في الأجل القريب.