طرائففنون وثقافة

أهو دا تاريخك يا ولد….. دول فتوات البلد

لوسى عوض مرجان:  صحفية و باحثة تاريخية

– “سكسكة ” و “عزيزة الفحلة “و “ام جاموسة “..نساء  تربعن على عرش الفتونة .

– فسد الفتوات وتحولوا الى بلطجية فى ظل الاستعمار البريطانى.

– خشي الاستعمار البريطانى … من فتوات الحارات.

– نابيليون..  اسماهم بـ” الحشاشين البطالين “.

– “على الحسنى ” اللاعب الدولى … أصبح فتوة.

– ابراهيم كرومر … فتوة الاتقياء فى جماعة الاخوان.

يخوض حروب اهلية ..و معارك دموية،سلاحه النبوت اوالسكاكين .. صفات ممزوجة بالشهامة و النزعة الدموية ..هو”الفتوة ” أحد أوجه تطبيق القانون في الحارة ..لكل حارة فتوتها الخاص بها الذي يدافع عن حقوق اهلها،واقامة دكتاتوريات هم رؤساؤها..لتلك الحكومات قوانين جائرة غير ثابتة ولا مدونة،يتبعه انصارواعوان يدعون فى عرف الفتوات ” مشاديد”. الفتوة ليس عاطلاً او متشرداً،انما هو عامل نشيط  قد يكون صاحب قهوة او جزار اومسمط،يقطع عهد على نفسه بأنه مسئول عن حيه و عن ساكنيه و عن كرامتهم و الويل كل الويل اذا تجرأ أحد على اهانة سكان الحى او الاعتداء عليه ..و يتفاخر الفتوة الاصيل بقلة “السوابق”والمحاضرالتى تحرر ضده فى اقسام الشرطة ..كما يخجل من دخول نقطة البوليس و الالتجاء الى الاسعاف ..الفتوة يعيش محترماً و كلما تقدمت به السنون احترمته فتوات الجيل الجديد و تظل كلمته نافذة و مشورته مسموعة الى ان يموت.

 استطاع نجيب محفوظ ان يؤسسلاجواء “عالم الفتونة “الأسطورية فى الحارة المصريةو أشهر فتواته “عاشور الناجى ” و “الدينارى ” من خلالرواياته:”الحرافيش” و” التوت والنبوت”و “الفتوة”..للحديث عنهم، و عن زمن “الفتونة”.

– كما دفعت مآثر الفتوات الشاعر شفيق سلوم لينظم كلماته ليقول :

أهو دا تاريخك يا ولد … اهو دول فتوات البلد

بدروا بذور المجدعة … من غير مياصة وشخلعة

قالوا لها قوله بس ايه … ما تشدى حيلك يا بلد  

مواقف وطنية … لفتوات البلد  

و كان لهؤلاء الفتوات الى جانب ذلك محامد و مكارم لا تجحد، كانوا يجيرون الضعيف اذا احتمى فيهم و ينتصفون للمظلوم اذا التجأ اليهم ..هذا ما جعل لاولئك الفتوات مكانة فى المجتمع ..و قد شاركوا فى كثير من المواقف الوطنية و فى دفع المظالم عن العامة…أرخ سيد صديق عبد الفتاح فى كتابه ” تاريخ فتوات مصر … و معاركهم الدامية” الكثير عن مواقفهم الوطنية و اعمالهم و حياتهم .ذكر انه عندما جاءت الحملة الفرنسية للاستيلاء على مصر و تخاذل المماليك فى مقاومة الفرنسيين ..نهضت طوائف الشعب تدافع عن البلاد و استقلالها ..و شارك الفتوات و كان لهم دور مرموق فى ثورات القاهرة التى تكررت  للتخلص من الفرنسيين و طردهم ..و كان نابيليون يضيق كثيراً بالشغب الذى يثيره هؤلاء الفتوات و كان يسميهم بـ” الحشاشين البطالين ” ،و كان دائماً يصدر منشوراته الى طوائف الشعب المصرى قائلا:” اياكم يا مصريين ، وسماع كلام الحشاشين البطالين “. و لما جاء الاحتلال البريطانى .. و قامت الثورة الوطنية فى عام 1919كان الانجليز فى يقظه الى هؤلاء الفتوات ،فأغروهم بالمال و مهدوا لهم وسائل للافلات من طائلة القانون والعقوبة على جرائمهم فمنحوا الكثيرين منهم جنسيات غير المصرية حتى يتمتعوا بحصانة الامتيازات الاجنبية، فكانوا يقتلون و يفجرون و ينهبون لا سلطان للحكومة عليهم، ولا للقانون حق عليه ومن ثم تحول هؤلاء الفتوات الى “بطلجية “و صاروا نقمة لا تحتمل وعوناً للمستعمر على النكاية بأبناء البلاد والتسلط على افراد الشعب. ففى ظل الاستعمار البريطانى فسد “الفتوات “و فقدوا مكارمهم الموروثة .. وكانت السعة التى هيأها لهم الاستعمار فى العيش سببا فى وضع حد لنهايتهم .. فدفع بهم الى الهاوية المحتومة .. بعد التخلص من الاستعمار، أخذ رجال السلطة يتعقبون هؤلاء الفتوات الذين تحولوا الى بلطجة .. حتى ذهبت ريحهم و خمدت انفاسهم ..وان بقيت منهم اشباح تتراىء بين الحين و الاخر فى الازقة والحارات بالاحياء الشعبية.

 جولة مع أشهر فتوات مصر “ابو طاجن ” و “احمد منصور ” و “حسن  الاسود” ثلاثة يتنازعوا الحكم فى حى الناصرية ،أما “عبده الجياشى ” و “فرج الزينى ” و “مرجان السقا” كانوا يتنازعوا على النفوذ فى باب اللوق و البلاقسة ..و لكن الحاج “حسن جاموس” فكان يحكم فى حى الحنفى  تولى السيطرة على الحسينية المعلم “ابراعيم عطية ” و خليفته و نازعهما الحاج ” محمد الطباخة “.و كان حاكم بولاق “عفيفى القرد” و صاحبه الملعم “احمد الخشاب” ..

 و لم تخل دنيا الفتونة من سيدات تربعن على عرشها سنوات طويلة و كانت لهم اساليب تختلف عن الرجال فى عالم “المجدعة ”  ففى المغربلين الست “عزيزة الفحلة ” و ابنها محمد  و “سكسكة “فتوة الجيزة و ام حسن المشهورة بـ”ام جاموسة ” فى حى السيدة ..كان لكل واحد من هؤلاء حوادث و معارك.

عندما حكم الفتوات مصر:

قصة القبة الفدائية بالقاهرة ..من اشهر قصص الفتوات .بناها أحد الوزارء لتكون مسجداً و لكن الفتوات استولوا عليها و اخذوا يعقدون فيها اجتماعاتهم ،و يحكمون  منها مصر لهذا اسماها المصريون “القبة الفداوية ” هؤلاء كانوا يستغلون الملوك الضعفاء ،ويعبثون بالامن و يملاؤن الارض فساداً ، و اقاموا فى حى الحسينية و لم تستطع الحكومات المتعاقبة ان تكسر شوكتهم الا عندما تولى محمد على الكبير ملك مصر و طردهم و شردهم و بدا الناس يلجأون فى مشاكلهم الى البوليس

معركة باب النصر .. اشهر المعارك:

كان بين حى الحسينية و حى القبيسى عداوة قديمة ترجع الى عشرات السنين ..دارت بينهم معركة سنة 1909 و لم يستتب الصلح بعدها بين اهالى الحيين ..فقد مات أحد فتوات حى القبيسى الذى كانت له جولات رهيبة فى المعارك ..فأحتشد فتوات الحى لتشييع جثته و احتفلوا بجنازته احتفالا مهيباً . و لكن فتوات حى الحسينية لم يكن بنيتهم ان ينعم بجنازة هادئة .و اقسم زعيمهم ان الميت لن يدفن وحده ،بل لابد ان يرافقه الى الدار الاخرة اكبر فريق ممكن من اعوانه .زفلم وصلت الجنازة الى منقطقة باب النصر هاجمتها فتوات حى الحسينية و دار القتال و سالت الدماء و تناثرت الاشلاء و اتسع نطاق المعركة حتى شمل حى السكاكين و الظاهر ..و اردوا فتوات حى القبيسى ان يثأروا لانفسهم بعد ذلك فحشدوا جموعهم بعد ايام معدودة و تسلحوا بالعصى و النباببت و هاجموا رءوس الفتوات و الصبوات و كثر الجرحى و القتلى ..و كانت معركة خالدة فى تاريخ الفتوات.

فتوة الاتقياء:

الحاج “ابراهيم كرومر” بدأت اولى معاركه سنة 1926 ..و اعلن توبته سنة 1942 .و قام باداء فريضة الحج مرتين و انضم الى الاخوان المسلمين و قال عنه حسن البنا مؤسس جماعة الاخوان  ،لقد كان الحاج ابراهيم كرومر فتوة الاشقياء فأصبح الان فتوة فتوة الاتقياء.

اللاعب الدولى المشهور..اصبح فتوة:

لم يكن فى حى السيدة زينب سوى فتوة واحد ، افندى ..يلبس البدلة و الطربوش ..استطاع ان ينال بطولات عديدةفى الجرى و شد الحبل .وكان كابتن مصر فى سنة 1928 انه  “على الحسنى ” اللاعب الدولى المشهور،أصبح فتوة رغم انفه . ففى عام 1914 اقتحم بعض فتوات المدبح المقهى الذى يجلس فيه و اشتبك معهم و اخذ يطاردهم حتى ساقهم الى المدبح و أغلق عليهم الباب . و عندما الصلح بينه و بين الجزارين ،أنشأ لهم نادياً بحارة على الحسنى فى البغالة و حببهم فى كرة القدم حتى اصبحت هوايتهم ..هو الفتوة الوحيد الذى لم يحرر ضده محضر أو مذكرة ، و بيته فى السيدة زينب مفتوح للضيوف دائما.

عزيزة الفحلة توقف ركب الخديو:

اما عن  جدعنة السيدات..فقد أوقفت “عزيزة الفحلة ” ركب الخديو عباس ،بما كان لها من قوة و سلطان ..ظلمها مأمور القسم ،فتطلعت الى الحكمدار ثم المحافظ ،فلم يفعلا شيئاً فلم تجد طريقة غير ن تتصدى لركب الخديوى و تخرج عليه و هى تصيح قائلة :”مظلومة يا أفندينا ..مظلومة يا أفندينا”.ان هذه الحادثة جعلت افندينا يأمر فوراً بحل مشكلة فتواية المغربلين ..حتى لا تتعرض به برجالها فى الطريق مرة اخرى.

اما “جليلة ” فتواية الجيزة المشهورة ..كانت معلمة فى عام 1958 و صاحبة قهوة معروفة و تركت الخناق و المشاجرات لتحمل الشيشة و تطلع بالمظبوط .و كان سكان الجيزة لا يصدقونان فتواية الجيزة قبلى التى كانت تضرب اتخن جدع قد بدأت تبحث عن القرش بطريق العرق و الجهد.و قهوة جليلة موجودة فى سوق الاحد و كان كثير من الغرباء يأتون الى القهوة لرؤية صاحبتها التى كانت تتمتع بالشهرة فى جميع البلاد ..لقد كرهت “جليلة ” كل امور الفتونة و خاصة بعد الحادثة التى راح ضحيتها اخوها و دخل ابناؤها الثلاثة السجن . بجانب هذا كان الناس يتحدثون عن “عباس ” زوج “جليلة ” و عن رجولتله و سيطرته القصوى عليها و يتحدثون ايضا عن حب و احترام “جليلة “له لقصة زواجه منها حكاية غريبة ..فقد شاهدها فى معركة و أعجب بالقوة التى كادت تتمتع بها .زفذهب الى اخيها “قرنى ” ليطلب يدها ..فرفضت الزواج منه الا بعد ان يثبت قوته و شجاعته .و اخذته الى مشاجرة و طلبت منه ان يخرج لفضها .زو اذا استطاع ان يفضها فستكون زوجته ..و دخل “عباس ” و استطاع بقوته البدنية ان يفضها و تزوج “جليلة ” و اصبحا اسعد زوجين ….يروى اهل منطقتها ان نسبة الطلاق فى حارتها لا تحدث الا فى النادر ذلك لانها كانت تذهب الى اى زوج يتشاجر مع زوجته فى الحال ..كما من النادر ان تصل مشاجرات الحى الى البوليس لانها دائما تنهيها قبل تدخله و تعاقب الظالم.

جليلة و انتخابات 1950سنة:

من اجمل ذكريات “جليلة ” هى دوها فى انتخابات 1950 المشهورة ..و هى ان أحد ابناء الحى قد قام بترشيح نفسه امام مرشح معروف من الحزب الوفد ،فتعصبت لابن حتتها ،و بدأت تقوم بحملة دعاية واسعة و تطوف فى الشوارع مع جيرانها و هى تصفق و تهتف بحياة ابن حيها.فارسل المنافس اليها بعض اتباعه لمساومتها للانضمام الى صفهم .لكنها رفضت كل تلك العروض المغرية ..و هاجمته فى كل مكان يذهب اليه ..حتى ان العضو فى يوم الانتخابات طلب بنفسه الحماية منها فى البوليس و اضطر ليؤلف لجنة لمحاربة الدعاية التى تقوم بها “جليلة ” و اعوانها ..و كانت اول اشاعات تلك اللجنة هى اطلاق كلمة “سكسكة ” عليها و كان يؤلفون الشعر فى مهاجمتها ،و كان من هذه الاشعار الت القوها”

يارب أهلك “سكسكة” فى يوم حرب مهلكة …و اخيراً كانت “جليلة “تحلم ان تكبر قهوتها و تصبح ملتقى الرواد من كل مكان . تحلم بأن يعيش الناس فى وئام و سلام و يتركوا المعارك و المشاجرات ..كما تركتها هى من قبل.

المعلمة توحة تضرب 5 رجال:

قبض البوليس على المعلمة “توحة ” فتوة المطرية ضربت 5 رجال و سيدتين فى معركة و أغلقت المنازل و الدكاكين فى شارع بأكمله ..كانت تجرى فى الشارع و فلى يدها السكين و المبرد ،لم يجرؤ أحد على التعرض لها .و عندما حضر البوليس استسلمت بلا مقاومة .. و سبب كل المعارك التى دخلتها “توحة ” هو زوجها ..انها لا تطيق ان تراه فى خطرو تسرع الى نجدته ،, اعلنت انها ستذبح كل من يحاول اهانة زوجها , و تنتصر “توحة ” فى معاركها دائما ..لقد ضربت توحة قبل ذلك 20 رجلا , تزوجت فاطمة محمد سالم الشهيرة بـ”توحة “ثلاث مرات ..ودربها  زوجها عبد الستارعلى  الفتونة و ضرب الروسية  و استعمال السكين..و لكن عبد الستار اكتوى بنار الحداد ,,اكتشفت خياناته و كانت تضبطه و تضرب عشيقاته وثم عملت كومبارس فى السينما و استعمت الى تمثيلية “توحة ” ووجدت نفسها بينها و بين الشخصية الاذاعية شبهاً كبيراً فقررت ان تطلق على نفسها هذا الاسم ..هكذا كانت حياة توحة.

ام ان يسمع الناس عن امرأة تقهر الرجال و تجبى منهم الاموال ..ليس هذا القول حديث خرافة او خيال ..” زكية” فتواية سوق الخضار وحى المناصرة  على سن و رمح  امراة واسعة العينيين مفتولة العضلات قصيرة القامة ،سليطة اللسان ..جبارة عاتية لا يقوى رجل ان يقف فى سبيلها .زيقدم لها العربجية و البياعون على اختلاف طبقاتهم ضريبة ،يدفعها صاغراً و الا فالويل له والهلاك ينتظره.زمن يقف فى سبيلها فقد ضاع ,,فمعذرة الى الجنس اللطيف و الف معذرة ،كان هذا سنة 1929.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى