عاجلمقالات رأي

مابين الإبداع والإنحصار الفكرى..

بقلم: صموئيل ونيس

إن تاريخ الشعوب يعتمد بشكل محورى على المعالجة الدرامية لحروبه سواء معالجة توثيقية من حقائق وبيانات واحصائيات..الخ وتكون النتيجة النهائية فيلم وثائقي يشمل كل شئ عن تلك الحروب وهناك العشرات بل مئات الأفلام الوثائقية وتعد قناة History Channel  الرائد الأول فى مجال الأفلام الوثائقية.. وليس هذا موضوعنا الآن

النوع الثانى وهو النوع البيجرافى Biography وهو تناول شخصية من الشخصيات السياسية السيادية او القيادية وتتناول القضية خلال قصة حياته هذه الشخصية مثل (فيلم السادات) وليس شرطاً أن تكون الشخصية هامة فمن الممكن أن تكون عادية، وهذا يجعل الفيلم أكثر جاذبية إن تكون الشخصية عادية جداً ولكنها فى النهاية تلعب دوراً أساسياً ومهماً فى الفيلم مثل (دور  Tom Hanks فى فيلم Forest Gump). 

النوع الثالث وهو تناول تلك الحروب فى شكل موضوع درامى أو ميلو درامى سواء بشكل عام ومباشر  (أقرب نوعاً له هو النوع الأول الوثائقى) أو بشكل إسقاطه درامية والمزج بين الدرامة والتاريخ فى إطار ومعالجة درامية محبوكة وهذا ما يميز مخرج مبدع عن آخر.

وتدخل إتجاهات وعقائد دول فى إتجاه أحداث الفيلم أياً كان، بمعنى أن أحداث فيلم أمريكى عن حرب أكتوبر سيختلف حتما عن نفس الأحداث إذا أنتجته قناة أو جهة إسرائيلية (البلد المنهزمة فى حرب أكتوبروبالطبع سنجد الإختلاف الشديد إذا أنتج الفيلم فى مصر (البلد المنتصرة فى نفس الحرب) وخذ هذا مقياساً لأى إنتاج وعمل درامى عن أي حرب فى العالم وما بين معارض ومؤيد بغض النظر عن نتيجة الحرب النهائية والإعتراف بالحق فضيلة.

ونجد أنه من الطبيعى إن تكثر الأعمال الدرامية فى حالة إنتصار الدولة فى الحرب وتوفير كل الإمكانيات لإنتاج عمل متكامل ذو قيمة فنية وإنتاجية ناجحة.

وأتعجب كثيراً.. نجد قلة الأعمال الدرامية عن إنتصار أكتوبر 1973، ونجد أن الدرامة الأمريكية (الهوليودية!!) قد كسرت هذه القاعدة، ولنأخذ حرب فيتنام مثالاً لذلك

وحرب فيتنام هى أكبر حرب دخلت فيها أمريكا وتلقت أكبر الخسائر على الإطلاق، خسائر فى الأرواح و الأسلحة والمعدات..الخ.

بالرجوع إلى موسوعة Wikipedia العالمية وجدت إنه من سنة 1948وحتى الآن أكثر من سبعون فيلماً سينمائياً مابين درامى وميلو درامى وكوميدى وما بين ممثلين ومخرجين عالميين أمثال مل جيبسون، توم كروز، روبين وليامز..الخ 

لقد أنتجت هزيمة فيتنام العشرات بل المئات من القصص والحكايات حقيقية كانت أو من وحى خيال مؤلف ومخرج وكاتب حوار مبدع والإبدع أن معظم من شاركوا وساهموا فى تلك الأعمال هم نفسهم من إشتركوا فى الحرب نفسها على سبيل المثال لا الحصر: جون وين، الفيس بريسلى، مورجن فريمان، كلينت ايستوود، الخ وهذا أثرى العمل الدرامى ودمجه بالواقع المعاش ونقل صورة حقيقية لما حدث على أرض الواقع فى فيتنام.

وصدق المثل القائل أن مصائب قوم عند قوم فوائد، فكانت وما زالت الحروب الأمريكية مادة دسمة لخيال الأدباء وساحة خصبة لأقلام الكتاب وبالمثل لأى حرب كانت أمريكا طرفاً فيها مثل الحرب العالمية الأولى والثانية، فيتنام، العراق

وعلى النقيض من كل هذا لم يكن خيال الكاتب المصرى شبه نداً لخيال الكاتب الأمريكي ورغم إنهم يقتنون ويعيشون على مصدر ونهم حضارات العالم بتاريخ كان ومازال الأول والأثرى من نوعه بتاريخ فاق العشرة آلاف سنة، مازال الكاتب والمؤلف والباحث المصرى فى حاجة لأستلهام وإسهاب واسترسال واستنتاج وإيحاء واستوحاءأكثر وأزيد بكثير.

إن الأدب والفكر الأدبى لم ولن يعترف بمقولة ليس فى الإمكان أفضل مما كان بل يجب و لزم إن يعترف أن الجانب الأخر من التل أكثر خطراً

يجب أن يعترف الأدب والأديب المصرى أن الخيال والفكر لم ولن يملأ زخائر مكتبة الإسكندرية بعد.. بل هو أقول مجازاً لم يصل إلى ثلث ما كتب بعد.

عزيزى القارئ أن كل ما تداوله فكر الكاتب والمؤلف المصرى فى حرب كانت ومازالت الأقوى والأشرس فى الوطن العربى بل فى الشرق الأقصى والأدنى، إفريقيا وأسيا وحتى أوروبا (فى الوقت الحديث أتكلم) وهى حرب تدرس تكتيكياً فى أكبر معاهد الدفاع وتاريخ الحرب.

لم تأخذ حرب أكتوبر بل يلزم أن نقول نصر أكتوبر حقها من تغطية درامية وأرجع سبب هذا لما كان يدور فى العالم كن تربيطات من دول محورية وعدم توحد واسطفاف و وحدة الوطن العربى وقتها، ناهيك عن تأميم قناة السويس،  والتجار الجيش المصرى للتسليح الروسي، (وقتها كان الجنيه المصرى بثلاثة دولارات أمريكية!) 

إن الفكر الأدبى الحديث ومعالجة الواقع المصرى المعاش يجب ويلزم أن يواكب ويسير مع منهجية الدولة الحديثة، فلا جدوى من دولة يسير قطارها بسرعة الصوت ولا يزال أدبائها وكتابها يعملون وينتجون لمواكبة عصر (المهرجانات!!)  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى