سياحة

 ليالى رمضان فى المحروسة

لمة وصحبة .. تراويح وعبادة .. مجالس سهر فى الحسين

بقلم/ لوسى عوض مرجان – صحفية و باحثة فى التاريخ

أطفال و فوانيـس ملونة ..إيوحــا

الحى اللاتينى يزدان بضريح الحسين و الأزهر الشريف.

مـكـاوى و حـداد .. مزجــا التسـحيــر بحـب الوطـن.

سيدات فاتنات قمن بمهنة التسحير.

‭”‬مدفع‭ ‬إفطار‭ ‬أضرب‭ ‬‭”‬

وأذان‭ ‬المغرب‭ ‬بصوت‭ ‬البلبل‭ ‬الصداح‭ ‬الشيخ‭ ‬محمــــد‭ ‬رفعت‭ ..‬لمـــــــة‭ ‬أهــــل‭ ‬وأصدقاء‭ ‬حول‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭.. ‬كنافة‭ ‬و‭ ‬قطايف‭ ‬تداعب‭ ‬المفطرين‭.. ‬ابتهالات‭ ‬النقشبندى‭ ‬تطرب‭ ‬القلوب‭ ‬‮ ‬بـــ‭ ‬‭”‬‭ ‬مولاى‭ ‬إنى‭ ‬قد‭ ‬بسطت‭ ‬يدى‭ ‬‭”‬‭ .. ‬أطفال‭ ‬يغنون‭ ‬بفوانيسهم‭ ‬الملونة‭ ‬‭”‬‭ ‬وحوى‭ ‬يا‭ ‬وحوى‭ ‬‭” ‬

أسواق‭ ‬عامرة‭ ‬بكل‭ ‬أنواع‭ ‬الطيبات‭ ‬من‭ ‬ياميش‭ ‬ومكسرات‭ ..‬مآذن‭ ‬مزينة‭ ‬و‭ ‬مضاءة‭.. ‬مقاهى‭ ‬وخيام‭ ‬رمضانية‭ ‬ساهرة‭ ‬حتى‭ ‬الصباح‭ ..‬و‭ ‬فى‭ ‬الهزيع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬مسحراتى‭ ‬يطوف‭ ‬شوارع‭ ‬و‭ ‬حوارى‭ ‬و‭ ‬أزقة‮ ‬‭ ‬ينادى‭ ‬موقظاً‭ ‬النيام‭ :‬‭”‬‭ ‬يا‭ ‬عباد‭ ‬الله‭ ‬وحدوا‭ ‬الله‭ ‬‭”‬‭.. ‬مباهج‭ ‬وعادات‭ ‬و‭ ‬تقاليد‭ ‬رمضانية‭ ‬لن‭ ‬تجدها‭ ‬إلا‭ ‬فى‭ ‬المحروسة‭ ‬،لها‭ ‬مذاق‭ ‬خاص‭ ‬فى‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬و‭ ‬خاصةً‭ ‬فى‭ ‬رحاب‭ ‬‮ ‬الحسين‭ ‬و‭ ‬الرفاعى‭ ‬والسيدة‭ ‬زينب‭ .‬أجواء‭ ‬جذبت‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬المستشرقين‭ ‬و‭ ‬المؤرخين‭ ‬والرحالة‭ ‬الذين‭ ‬ذابوا‭ ‬عشقاً‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬المحروسة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬وما‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬عادات‭ ‬وتقاليد‭ ‬و‭ ‬طقوس‭ ‬ضاربة‭ ‬بجذورها‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ .‬و‭ ‬ما‭ ‬أجمل‭ ‬أن‮ ‬‭ ‬نبحرسوياً‭ ‬فيها‭ ‬لنعايش‭ ‬اجواء‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭.‬

‮ ‬

‭”‬إصحى‭ ‬يا‭ ‬نايم‭ ‬‭”‬

أضحى‭ ‬المسحراتي‭ ‬مجرد‭ ‬ذكرى‭ ‬تأتينا‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭ .. ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬الماضي‭ ‬و‭ ‬كيف‭ ‬بدأت‭ ‬مهنة‭ ‬التسحير؟

أسهب‭ ‬‮ ‬أحد‭ ‬المستشرقين‮ ‬‭ ‬‮ ‬الإنجليز‭ ‬وأسمه‭ “‬‭ ‬ادوارد‭ ‬وليم‭ ‬لين‭ ” ‬،سمى‭ ‬نفسه‭ ‬‭” ‬منصور‭ ‬أفندي‭ ” ‬‮ ‬ــ‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬الذين‭ ‬سحرتهم‭ ‬المحروسة‭ ‬و‭ ‬المصريين‭ ‬ــ‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‭”‬عادات‭ ‬المصريين‭ ‬المحدثين‭ ‬و‭ ‬تقاليدهم‭ “‬عن‭ ‬المسحراتى‭ ‬قائلاً‭: ‬‮ ‬‭”‬‭ ‬يطوف‭ ‬الشوارع‭ ‬و‭ ‬الأزقة‭ ‬و‭ ‬الحارات‭ ‬بطبلته‭ ‬التقليدية‭ ‬تسمى‭ ‬‭”‬بازاً‭ ‬‭”‬‭ ‬وبيمينه‭ ‬عصا‭ ‬صغيرة‭ ‬أو‭ “‬‭ ‬سيرا‭” ‬‮ ‬من‭ ‬الجلد‭ ‬ينقر‭ ‬عليها‭ ‬متطوعا‭ ‬لإيقاظ‭ ‬النيام‭ ‬ليلاً‭ ‬طوال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬قائلاً‭ :‬

‭”‬اصحي‭ ‬يا‭ ‬نايم‭ ‬وحد‭ ‬الدايم‭ ‬‭”‬‭.. ‬‭”‬‭ ‬سحور‭ ‬يا‭ ‬صايم‭ ‬‭”‬‭ ‬،‭ ‬كما‮ ‬‭ ‬ينشد‭ ‬ألحانا‭ ‬خاصة‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬نسمعه‭ ‬يودع‭ ‬رمضان‭ ‬‮ ‬بألحان‭ ‬‮ ‬مبكية‭ ‬حزناً‭ ‬على‭ ‬فراقه‭.‬

يرافق‭ ‬المسحراتى‭ ‬فى‭ ‬جولاته‭ ‬صبى‭ ‬يحمل‭ ‬قنديلين‭ ‬إذا‭ ‬أنطفأ‭ ‬ضوئهما‭ ‬علم‭ ‬أن‭ ‬وقت‭ ‬السحور‭ ‬قد‭ ‬فات‭ ‬و‭ ‬يتوقف‭ ‬أمام‭ ‬المنزل‭ ‬قارعاً‭ ‬الباب‭ ‬قائلاً‭: ‬أسعد‭ ‬لياليك‭ ‬يا‭ ‬فلان‭ ‬و‭ ‬يسمى‭ ‬أسم‭ ‬سيد‭ ‬المنزل‭ ‬و‭ ‬يحيى‭ ‬كل‭ ‬سكانه‭ ‬و‭ ‬يضرب‭ ‬بازة‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬تحية‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬الطرائف‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬كانت‭ ‬تضع‭ ‬فى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬الطبقة‭ ‬المتوسطة‭ ‬بالقاهرة‭ ‬قطعة‭ ‬نقود‭ ‬معدنية‭ ‬صغيرة‭ ‬فى‭ ‬لفافة‭ ‬من‭ ‬الورق‭ ‬و‭ ‬تلقيها‭ ‬من‭ ‬النافذة‭ ‬‮ ‬إلى‭ ‬المسحراتى‭ ‬بعد‭ ‬إضرام‭ ‬النار‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬يرى‭ ‬مكان‭ ‬وقوعها‭ ‬فيتلو‭ ‬المسحراتى‭ ‬حسب‭ ‬رغبتها‭ ‬صورة‭ ‬الفاتحة‭ ‬أو‭ ‬يخبرها‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭ ‬غير‭ ‬موزونة‭ ‬القافية‭ ‬ليسليها‭ ‬مثل‭ ‬قصة‭ ‬‭”‬‭ ‬الضرتين‭ ‬و‭ ‬شجارهما‭”‬‭ .‬

أول‭ ‬من‭ ‬ناد‭ ‬بالتسحير‭ ‬عنبسة‭ ‬بن‭ ‬إسحاق‭ ‬والى‭ ‬مصر‭ ‬أول‭ ‬لإيقاظ‭ ‬أهلها‭ ‬وذلك‭ ‬سنة‭ ‬238‭ ‬هجرية‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬يتحمل‭ ‬مشقة‭ ‬السير‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬العسكر‭ ‬إلى‭ ‬الفسطاط‭ ‬منادياً‭ :‬‭ “‬عباد‭ ‬الله‭ ‬تسحروا‭ ‬فإن‭ ‬السحور‭ ‬بركة‭ ‬‭”‬‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬ظهرت‭ ‬وظيفة‭ ‬المسحراتى‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الفاطمى‭ ‬حيث‭ ‬أمر‭ ‬الحاكم‭ ‬بأمر‭ ‬الله‭ ‬بأن‭ ‬ينام‭ ‬الناس‭ ‬مبكرين‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬التراويح‭ ‬ثم‭ ‬يمر‭ ‬الجنود‭ ‬على‭ ‬البيوت‭ ‬و‭ ‬يدقون‭ ‬الأبواب‭ ‬لإيقاظ‭ ‬النائمين‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬مع‭ ‬الأيام‭ ‬عين‭ ‬أولو‭ ‬الأمر‭ ‬رجلاً‭ ‬للقيام‭ ‬بمهمة‭ ‬المسحراتى‭ ‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الطرافة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬المسحراتى‭ ‬‮ ‬‭.‬

ولقد‭ ‬استفاض‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المؤرخين‭ ‬فى‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬شخصية‭ ‬المسحراتي‭ ‬وخاصة‭ ‬فى‭ ‬الأحياء‭ ‬القديمة‭ ‬التى‭ ‬يعرف‭ ‬الناس‭ ‬‮ ‬فيها‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬،‭ ‬فكان‭ ‬يقرن‭ ‬دعوته‭ ‬للسحور‭ ‬بعبارات‭ ‬طريفة‭ ‬وفق‭ ‬المعطيات‭ ‬الخاصة‭ ‬بأهل‭ ‬كل‭ ‬حى‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ .. ‬‮  ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬عندما‭ ‬يعرف‭ ‬المسحراتى‮ ‬‭ ‬أن‭ ‬فلاناً‭ ‬نومه‭ ‬‮ ‬ثقيل‭ ‬،‭ ‬يقف‭ ‬تحت‭ ‬نافذته‭ ‬وقتاً‭ ‬مع‭ ‬إضافة‭ ‬لقب‭ ‬يستفزه‭ ‬للنهوض‭ ‬حتى‭ ‬يرد‭ ‬عليه‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬و‭ ‬يعلمه‭ ‬‮ ‬أنه‭ ‬‮ ‬استفاق‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬‮ ‬للإلحاح‭ ‬‮ ‬‭. ‬مهنة‭ ‬المسحراتى‭ ‬فى‭ ‬المحروسة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مقصورة‭ ‬على‭ ‬الرجال‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المسحراتية‭ ‬الفاتنات‭ ‬يقمن‭ ‬بهذا‭ ‬‮ ‬العمل‭ ‬‮ ‬حتى‭ ‬‮ ‬تغزل‭ ‬‮ ‬فى‭ ‬‮ ‬إحداهن‭ ‬الشاعر‭ ‬زين‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الوردي‭ ‬ووصفها‭ ‬بأنها‭ ‬شمس‭ ‬تطلع‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬السحور‭ ‬فكيف‭ ‬يأكل‭ ‬الناس‭ ‬و‭ ‬الشمس‭ ‬طالعة‭ ‬‭”‬‭..‬

‮ ‬اكتسبت‭ ‬‮ ‬شخصية‭ ‬المسحراتي‭ ‬سمات‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬لأخر،‭ ‬‮ ‬فعلى‭ ‬يدي‭ ‬‮ ‬الشاعر‭ ‬الشعبى‭ ‬فؤاد‭ ‬حجاج‭ ‬والموسيقار‭ ‬سيد‭ ‬مكاوى‭ ‬فى‭ ‬الخمسينيات‭ ‬‮ ‬اتخذت‭ ‬بعداً‭ ‬فنياً‭ ‬،‭ ‬‮ ‬و‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1964‭ ‬‮ ‬أنطلق‭ ‬‮ ‬مسحراتى‭ ‬الإذاعة‭ ‬و‭ ‬الذى‭ ‬أعتاد‭ ‬الساهرون‭ ‬سماعه‭ ‬،‭ ‬‮ ‬و‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬التليفزيون‭ ‬أبدع‭ ‬سيد‭ ‬مكاوى‭ ‬فى‭ ‬مزج‭ ‬التسحير‭ ‬بالوعظ‭ ‬والإنشاد‭ ‬فى‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬أضاف‭ ‬فؤاد‭ ‬حجاج‭ ‬بعداً‭ ‬سياسياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬حينما‭ ‬قال‭ : ‬‭”‬‭ ‬كل‭ ‬حتة‭ ‬من‭ ‬بلدى‭ ‬حتة‭ ‬من‭ ‬كبدى‭ ‬حتة‭ ‬من‭ ‬موال‭ ‬‭”‬‭ ..‬ويبقى‭ ‬المسحراتى‭ ‬‮ ‬كائنا‭ ‬حيا‭ ‬يعيش‭ ‬فى‭ ‬الوجدان‭ ‬كتراث‭ ‬عاش‭ ‬قروناً‭ ‬طويلة‭ .‬

الفانوس‭ ..‬و‭ ‬بنت‭ ‬السلطان

‮  ‬و‭ ‬يبقى‭ ‬الفانوس‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬مظاهر‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ , ‬ففي‭ ‬صدر‭ ‬الإسلام‭ ‬استخدم‭ ‬فى‭ ‬الإضاءة‭ ‬ليلاً‭ ‬،‭ ‬واستعمل‭ ‬كذلك‭ ‬لتنبيه‭ ‬الصائمين‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬السحور‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يعلق‭ ‬بالمآذن‭ ‬مضاءاً‭ ‬وهاجاً‭ ‬،‭ ‬فإذا‭ ‬غاب‭ ‬نوره‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬إيذانا‭ ‬بوجوب‭ ‬الإمساك‭ ‬و‭ ‬الكف‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭.‬وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬المصريين‭ ‬عرفوا‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬عام‭ ‬362‭ ‬هجرية‭ ‬‮ ‬و‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬مصطفى‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‭”‬رمضانيات‭”‬‭ ‬حيث‭ ‬ذكرنصاً‭ ‬انه‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬فيه‭ ‬المعز‭ ‬لدين‭ ‬الله‭ ‬الفاطمي‭ ‬القاهرة‭ ‬و‭ ‬كان‭ ‬قدومه‭ ‬إليها‭ ‬ليلاً‭ ‬فأستقبله‭ ‬أهلها‭ ‬بحفاوة‭ ‬بالغة‭ ‬حاملين‭ ‬المشاعل‭ ‬و‭ ‬الفوانيس‭ ‬مرددين‭ ‬هتافات‭ ‬الترحيب‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬بدأت‭ ‬فكرة‭ ‬الفوانيس‭ ‬ترتبط‭ ‬بشهر‭ ‬رمضان‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬أصبحت‭ ‬‮ ‬الفوانيس‭ ‬لعبة‭ ‬الأطفال‭ ‬يطوفون‭ ‬بها‭ ‬الشوارع‭ ‬والأزقة‭ ‬مطالبين‭ ‬بالهدايا‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الحلوى‭ ‬و‭ ‬هم‭ ‬يرددون‭ ‬أغنية‭ “‬وحوي‭ ‬يا‭ ‬وحوي‭ ..‬اياحه‭” ‬و‭ ‬التي‮ ‬‭ ‬توارثها‭ ‬المصريون‭ ‬جيلاً‭ ‬بعد‭ ‬جيل‭ ‬حتى‭ ‬وقتنا‭ ‬هذا‭. ‬ظهرت‭ ‬صناعة‭ ‬الفوانيس‭ ‬فى‭ ‬العصر‭ ‬الفاطمي‭ ‬و‭ ‬نشطت‭ ‬في‭ ‬أحياء‭ ‬القاهرة‭ ‬مثل‭ ‬الدرب‭ ‬الأحمر،‭ ‬وبركة‭ ‬الفيل‭ ‬بالسيدة‭ ‬زينب‭ ‬،‭ ‬وتحت‭ ‬الربع‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬حي‭ ‬الأزهر،‭ ‬والغورية‭ ‬التي‭ ‬تخصصت‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬فوانيس‭ ‬رمضان‭ ‬وبيعها‭ ‬بالجملة‏‭.‬ألا‭ ‬أن‭ ‬صناعة‭ ‬الفوانيس‭ ‬اليدوية‭ ‬تواجه‭ ‬حالياً‭ ‬تحدياً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الفانوس‭ ‬الصيني‭ ‬الذى‭ ‬غزا‭ ‬الأسواق‭.‬

لقد‭ ‬داعب‭ ‬فانوس‭ ‬رمضان‭ ‬خيال‭ ‬الشعراء‭ ‬حيث‭ ‬كتب‭ ‬إمام‭ ‬الشعر‭ ‬العامي‭ ‬بيرم‭ ‬التونسي‭ :‬

يا‭ ‬قمر‮ ‬‭ ‬طالع‭ ‬ايوحا

بفانوس‭ ‬والع‭ ‬ايوحا

أنت‭ ‬حبيب‭ ‬ايوحا

املالى‭ ‬جيبي‭ ‬ايوحا

سكر‭ ‬احمر‭ ‬ايوحا

و‭ ‬زبيب‭ ‬اسمر‭ ‬ايوحا

و‭ ‬أنا‭ ‬ادعيلك‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬عيدك‭ ‬امتى‭ ‬أجيلك‭.‬

الكنافة‭ ‬و‭ ‬القطايف

‮ ‬‭ ‬لا‭ ‬تخلوموائد‭ ‬الصائمين‭ ‬من‭ ‬الكنافة‭ ‬و‭ ‬القطايف‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬يقال‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬قدمت‭ ‬له‭ ‬هو‭ ‬معاوية‭ ‬بن‭ ‬سفيان‭ ‬زمن‭ ‬ولايته‭ ‬للشام‭ ‬كطعام‭ ‬للسحور‭.‬

واختلفت‭ ‬الروايات‭ ‬التاريخية‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬،حيث‭ ‬يذهب‭ ‬بعض‭ ‬أساتذة‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسلامي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬الكنافة‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬العصر‭ ‬الفاطمي‭ ‬،‭ ‬ألا‭ ‬أن‭ ‬‮ ‬خليل‭ ‬طاهريدلنا‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬‭” ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬الإسلام‭ ‬إلى‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭”‬‮ ‬‭ ‬أن‭ ‬المماليك‭ ‬هم‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬ادخلوا‭ ‬صناعتها‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬للترفيه‭ ‬عن‭ ‬الصائمين‭ ‬و‭ ‬المحرومين‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬الكنافة‭ ‬و‭ ‬القطايف‭ ‬موضع‭ ‬مساجلة‭ ‬بين‭ ‬الشعراء‭ ‬فداعب‭ ‬أحدهم‭ ‬الكنافة‭ ‬بقوله‭ ‬‭”‬‭ ‬هات‭ ‬القطايف‭ ‬لى‭ ‬هنا‭.. ‬فالصوم‭ ‬حببها‭ ‬لنا‭ ‬

الحسين‭.. ‬‭”‬‮ ‬‭ ‬الحي‭ ‬اللاتيني‭ “‬

‮ ‬حالة‭ ‬فريدة‭ ‬هى‭ ‬‮ ‬ليالي‭ ‬القاهرة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬حيث‭ ‬تجذب‭ ‬عشاق‭ ‬السهر‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬فالمآذن‭ ‬مضاءة‭ ‬ليلا‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬انحاء‭ ‬المحروسة‮ ‬‭ ‬،‭ ‬وقيل‮ ‬‭ ‬ان‭ ‬عمر‭ ‬بن‭ ‬الخطاب‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬فى‭ ‬إنارة‭ ‬المساجد‭ ‬فى‭ ‬ليالى‭ ‬رمضان‭ ‬ليتمكن‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬إقامة‭ ‬صلاة‭ ‬التراويح‭ ‬و‭ ‬شعائر‭ ‬الدين‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬لهذا‭ ‬نجد‭ ‬مظاهر‭ ‬الفرح‭ ‬بأجلي‭ ‬صورها‭ ‬فى‭ ‬الأحياء‭ ‬الشعبية‭ ‬و‭ ‬خاصةً‭ ‬فى‭ ‬حى‭ ‬الحسين‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬الذى‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬بعض‭ ‬الظرفاء‭ “‬‭ ‬الحى‭ ‬اللاتينى‭ “‬‭ ‬لأنه‮  ‬‭ ‬يشبه‭ ‬زميله‭ ‬الفرنسى‭ ‬لكونه‭ ‬‮ ‬حى‭ ‬عامر‭ . ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الزمان‭ ‬غير‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬هذا‭ ‬الحى‭ ‬وبفعل‭ ‬يد‭ ‬المحو‭ ‬و‭ ‬الهدم‭ ‬التى‭ ‬حولت‭ ‬على‭ ‬تعاقب‭ ‬العصور‭ ‬أبنيته‭ ‬و‭ ‬مدارس‭ ‬العلم‭ ‬و‭ ‬خلوات‭ ‬التصوف‭ ‬إلى‭ ‬مقاهي‭ ‬بلدية‭ ‬و‭ ‬حوانيت‭ ‬لصناعات‭ ‬بدائية‭ ‬،‭ ‬فأنه‭ ‬لا‭ ‬يزل‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬الأثر‭ ‬الباقي‭ ‬من‭ ‬القاهرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬بناها‭ ‬المعز‭ ‬لدين‭ ‬الله‭ ‬الفاطمي‭ ..‬و‭ ‬يزدان‭ ‬هذا‭ ‬الحي‭ ‬الوطنى‭ ‬بضريح‭ ‬حفيد‭ ‬الرسول‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬على‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهما‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬يفخر‭ ‬الحى‭ ‬ايضاً‭ ‬بجامع‭ ‬الأزهر‭ ..‬و‭ ‬هكذا‭ ‬تتجلى‭ ‬اجمل‭ ‬الصور‭ ‬عن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بمظاهرها‭ ‬الروحية‭ ‬و‭ ‬الدنيوية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬المحروسة‭ ‬و‭ ‬احيائها‭ ‬التاريخية‭ ‬‮ ‬‭.‬

قرب‭ ‬انتهاء‭ ‬الجولة‭ ‬الرمضانية‭ ‬الضاربة‭ ‬‮ ‬و‭ ‬بعد‭ ‬صيام‭ ‬و‭ ‬جهاد‭ ‬يأتي‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬بفرحته‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬تفنن‭ ‬المصريون‭ ‬فى‭ ‬إعداد‭ ‬موائده‭ ‬الزاخرة‭ ‬بأنواع‭ ‬الكعك‭ ‬و‭ ‬الغربية‭ ‬و‭ ‬البسكويت‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬المكسرات‭ ‬و‭ ‬الحلوى‭ ..‬و‭ ‬هى‭ ‬عادة‭ ‬قديمة‭ ‬موروثة‭ ‬من‭ ‬الفاطميين‭ ‬ثم‭ ‬تناولها‭ ‬المماليك‭ ‬و‭ ‬العثمانيون‭ ‬بالتجديد‭ ‬و‭ ‬التحسن‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬بمرور‭ ‬الأيام‭ ‬أصبح‭ ‬كعك‭ ‬العيد‭ ‬عادة‭ ‬تتوارثها‭ ‬الأجيال‭ ..‬و‭ ‬هكذا‭ ‬‮ ‬يمضى‭ ‬رمضان‭ ‬بتراويحه‭ ‬و‭ ‬مجالسه‭ ‬و‭ ‬عاداته‭ ‬و‭ ‬تقاليده‭ ‬الجميلة‭ ‬و‭ ‬يبقى‭ ‬المصريون‭ ‬فى‭ ‬انتظاره‭ ‬ليهل‭ ‬علينا‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬جديد‭..‬‮ ‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى