أبونا أغسطينوس

قصص قصيرة وطرائف 9

للقس أغسطينوس حنا

لغتك تظهرك ! (113)

سأل الرجل الشحاذ النصاّب: لماذا لا تشتغل مادمت بصحتك، هل فيك عاهة؟

– أجاب الشحاذ: نعم

– وما هى؟

– انى أخرس يا سيدى!

***

من يمتلك من؟(114)

روى رسكن قصة رجل حاول العوم لنجاته من سفينة تحطّمت فى عرض البحر. ونظراً لأنه لم يستطيع أن يترك ماله فى السفينة الغارقة، فقد ربط بسرعة حول وسطه حزاماً يحتوى على 200 (مائتى) رطل من الذهب.

ولما لم يتمكن من الوصول الى الشاطئ بسبب زيادة الوزن الذى يحمله، فقد هوى الى القاع وغرق وذهب ذهبه معه! وتساءل رسكن أيهما امتلك الآخر؟ هل حقاً كان الرجل يمتلك الذهب؟ أم الذهب هو الذى كان يمتلك الرجل وذهب به الى حتفه؟

***

سهولة التنقل بين الطوائف (115)

قال أحدهم لصاحبه: لقد تنقلت بين الطوائف البروتستانتيه من واحده لآخرى، ثم انضممت الى الارثوذكس ولكنى لم استرح أيضاً، والآن افكر فى الانضمام الى الكاثوليك.

فأجابه صاحبه: “حسناً. لابأس من تغيير العنوان على زجاجة فارغة!

*** 

شوية مبالغة ! (116)

تقابل ثلاثة رجال أحدهم فرنسى والثانى إنجليزى والثالث أمريكى وظل كل واحد منهم يحكى عن سرعة القطارات فى بلاده.

فقال الفرنسى:من سرعة القطارات فى فرنسا تظهر أعمدة التليفون مثل سور الحديقة.

وقال الانجليزى:هذا بسيط، فمن شدة سرعة القطارات فى انجلترا يضطر السائق من حين لآخر ان يوقف القطار ويصب ماء على القضبان لئلا تذوب من الحرارة.

وهنا قال الأمريكى:وهذا أيضاً لا شيئ. لانه من شدة سرعة القطارات فى امريكا كانت ابنتى تودعنى مرة على رصيف محطة سكة حديد شيكاغو، ودق جرس المحطة مؤذناً بتحرك القطار فمددت رأسى من شباك القطار لأقبّل ابنتى، وفى هذه اللحظة، كان القطار قد تحرك فوقعت القبلة على فم بقرة تقف فى حقل على بعد مائة ميل من المحطة بدلاً من ابنتى!!!

***

ماذا نتعلم من الببغاء ؟ (117)

قال أحد القديسين: “تعلمت الصمت من الببغاء”!

إن الانسان المؤمن المتضع يشعر دائماً باحتياجه للتعليم وهو يتعلم كل يوم من كل شئ.

لقد رأى ذلك القديس ثرثرة الببغاء وضجيجه وتقليده وترديده لما يسمعه عشوائياً بدون فهم فاتعظ وأحب الصمت والهدوء والفهم والتأمل وعدم نقل الكلام وتكراره باطلاً.

***

علىِ مغص (118)

كانت زوجة السيد /على مغص تنغصّ عليه عيشته كل يوم وتطالبه بضرورة تغيير اسمه الذى يوجع البطن والذى تخجل ان تنتسب اليه.

أما هو فكان يدافع عن اسمه الذى يعتز به بسبب غلاوة المرحوم والده الذى أسماه هكذا، وانه يجب أن يحافظ على تراث الآباء والأجداد!

ولكن بسبب كثرة الالحاح والنوح من “مدام مغص” عاد اليها يوماً متهللاً وقال لها: “أفرحى يا ستى اهو أنا أخيراً غيرت اسمى علشان خاطرك”.

وطارت زوجته فرحاً وقالت له: “الف مبروك. وسميت نفسك أيه؟” فأجاب “ابراهيم مغص!

أن السيد/ على مغص او السيدة/ “فلانة مغص” وشركائهم متوفرين فى كل مكان حتى فى كنائسنا! كل من يقابلهم او يسمعهم او يتعامل معهم يصاب بمغص مفاجئ وغثيان، اما بسبب سوء الظن المستمر او اللسان السام، او القسوة وروح الانتقام، او المشاكسة والخصام، او الانقسام الهدام، او العناد والطياشة والكبرياء والفوضى!

والعجيب ان “السيد مغص” او “السيدة مغص” يظن انه متدين لمجرد انه يذهب الى الكنيسة ولا يهمه ان يطفش الناس من الكنيسة – او لأنه يصوم ويغير اكل لحوم البقر بأكل لحوم البشر وُسمعتهم! ان كل المطلوب منه (او منها) ليس تغيير الاسم الأول بل الثانى، والمهم تغيير المغصوعندئذ تتساوى باقى الأسماء الآخرى.

***

حديقة حيوان فى قلب الانسان ! (119)

رسم أحد الفنانين المؤمنين قلباً كبيراً لانسان وفى داخله حديقة حيوانات كاملة! وكتب بجانب كل حيوان صفة له موجودة فى الانسان مثل المكّر فى الثعلب، والكبرياء والزهو أو فى الطاووس، والتقليد فى القرد، والالتواء فى الثعبان، والشراسة فى النمر، والكسل والبلادة والغباوة فى الحمار، والعناد فى البغل، والشراهة والطمع والقذارة فى الخنزير، وقساوة القلب فى التمساح، والضلال فى الخروف، والشهوة فى الكلب، والضراوة وافتراس الأضعف فى الأسد، والأندفاع كالثور والجموح فى الحصان، والجبن فى الفأر …. ألخ !!!

لقد أصاب ذلك الفنان الحقيقة عندما جمع صفات كل هذه الحيوانات فى الانسان الخاطئ البعيد عن نعمة المسيح. ولذلك قال الرب “يا بنى أعطنى قلبك” فاذا أطعته فسوف يطرد منه هذا الجيش من الحيوانات والزواحف ويطهره بل يخلق فيه قلباً نقياً جديداً يسكن فيه هو نفسه بل الثالوث القدوس كاملاً حسب وعده “اليه نأتى وعنده نصنع منزلاً” (يو14 : 23).

***

خطر الحب من أول نظرة ! (120)

سمعت هذه القصة فى إذاعة مسيحية براديو السيارة وأترجمها لكم كالأتى:

ذهب رجل الى دار الأوبرا وبهره جمال وصوت مغنية الأوبرا إذ بدت وكأنها فى جمال وكمال ملائكة السماء. وتمنى لو استطاع أن يتزوجها وتصوّر أنه سيكون عندئذ أسعد رجل فى العالم. وفى آخر الحفل تقابل معها وأظهر لها اعجابه الشديد بها وتجاسر وعرض عليها الزواج. ولدهشته أنها بعد حديث قصير وافقت على الزواج به.

وبدأت ترتيبات الزواج وتم الزواج فعلاً وذهب العروسان لقضاء شهر العسل. وذهل العريس عندما وجد عروسه تخلع البروكة التى كانت تلبسها واذا برأسها خالية من الشعر، وخلعت طقم الأسنان، ثم خلعت العدسات اللاصقة الملونة، وخلعت سماعة صغيرة كانت مختفية فى اُذنيها، كما خلعت إحدى رجليها واذا بها صناعية. وأخيراً غسلت وجهها من المكياج المكثف واذا بها تظهر إمرأة فى أواخر الخمسينات قرب سن المعاش !

فأحذروا من اختيار شريك او شريكة الحياة بناء على خرافة الوقوع فى الحب من أول نظرة

***

مار مارون وين بنحُطّك ؟! (121)

دخل مصرى قبطى يوماً كنيسة مارونية فى لبنان وتصادف ان كانت الكنيسة مزدحمة بمناسبة عيد القديس ما رون شفيع الطائفة المارونية ووجد صاحبنا مقعداً فجلس فيه.

وكان كاهن الكنيسة يعظ بحماس ممتدحاً القديس باللهجة اللبنانى: ” مار مارون وين بنحُطّك … مكان ماربولس؟ مابيصير … مكان ماربطرس؟ مابيوفيك حقك. مارمارون وين بنحُطّك؟ مكان مارمرقس مابيصير … محل مارجرجس ما بنوفيك حقك … مارمارون وين بنحُّطك؟ …. ألخ ألخ. وظل الواعظ يستعرض كبار الرسل والقديسين ويقارنهم ولا يجد من يملأ مكانه.

وبينما يقول فى أحد المرات “مارمارون وين بنحُطّك”؟ فقد الضيف المصرى أعصابه وصاح. “أبونا أنا ماشى حُطه مطرحى؟” !!

***

خمسة أرطال لبن ورفسة ! (122)

عاد فلاح من الحقل فسألته زوجته “هل حلبت البقرة؟ فقال “نعم” وسألته: و”كم رطل؟” فأجاب: “خمسة أرطال ورفسة!

بعد أن دّرت خمسة أرطال لبن ضايقتها ذبابة أو نحلة فرفست برجلها وقلبت وعاء اللبن كله على الأرض …!

يقول رجال القانون أن الغش يبطل التصرفات … الغش يفسد كل شئ.

” ويقول الأنجيل أن الخطية تفسد كل شئ .. الخطية تبطل الأعمال الصالحة.هذه الحقيقة صاغها الرسول بولس هكذا: “يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون”(تيطس1 : 16).

ما أكثر الذين يصومون ويُصلُون ويتصدقون ويعملون أعمالاً صالحة كثيرة ثم تأتى رفسة الخطية فتقلب كل هذه على الأرض. ان الكذب والحلفان والشتيمة والنميمة والإدانة والأفتراء والتشهير والتهديد والأنتقام والخصام والغضب والقمار والدخان سموم تفسد أعمالهم الصالحة وتضيع أجرهم. ليتنا نصحو ونحذر وإلا ينطبق علينا قصة خمسة أرطال اللبن والرفسة !

***

الأب وابنه … والثعبان (123)

يُحكى إن رجلاً استطاع أن يروّض ثعباناً خطيراً ويصنع معه صداقة ويعزف له على الناى موسيقى هادئة فيرقص الثعبان عليها.

وفى أحد الأيام أقترب ابن ذلك الرجل من الثعبان مطمئناً لهذه الصداقة ولكن الثعبان غدر به وعقره فجأة فصرخ الأبن ووقع ميتاً.

واستشاط الأب غضباً وضرب الثعبان بالفأس غير أنه لم يستطيع إلا قطع ذيله فقط إذ أسرع الثعبان ودخل إلى جحره وتعكّرت العلاقة بين الرجل والثعبان وأصبحا يتفاديان اللقاء.

وبعد مرور فترة من الزمن فكّر الرجل أن يُجرب مزماره كسابق عهده ولكن الثعبان امتنع عن الخروج من جحره وقال فى نفسه: “هيهات أن تعود العلاقات كما كانت فمن المستحيل أن ينسى الرجل ابنه الذى مات، أو أنسى أنا ذيلى الذى قُطع !!

أحياناً نصفح عن الأساءات الشديدة ونظن أن الزمن كفيل بازالة ما خلّفته من مرارة، ولكن الاساءات الكبيرة قد تترك آثاراً عميقة يصعب نسيانها على مدى الأيام.

***

الخدمة التى تُكلف الانسان حياته (124)

هذه قصة حقيقية عن شابة روسية كانت تدعى اليزابيث بلنكوا هربت من أضطهاد الشيوعية إلى فرنسا، وهناك أخذت على عاتقها مداواة جراح اللاجئين الروس. ثم صارت راهبة باسم ماريا. وأثناء اضهاد اليهود فى الحرب العالمية الثانية قامت بتأسيس ملجأ لليهود. ولما انكشفت للجستابو قُبض عليها واقتيدت إلى معسكرات التعذيب والأعدام فى مدينة رافنزبروك.

وفى ظرف سنتين ونصف رأت مجموعة مبان شيدت لتستعمل غرف الغاز بالرغم من قولهم للمساجين أنها حمامات ساخنة لهم!

وفى أحد الأيام سيق طابور من النساء السجينات إلى هذه المبانى المشئومة واذا باحدى البنات تُصاب بحالة رعب وصراخ هستيرية، فقالت لها الراهبة ماريا، بالرغم من أنها لم تكن ضمن اللواتى أخترن للأعدام، “لا تخافى. أنا سوف آخذ مكانك”، وكانت تعلم جيداً أنها ذاهبة إلى الموت. وكان ذلك يوم الجمعة العظيمة عندما ماتت الراهبة ماريا! … أليست هذه خدمة الحب؟ نفس الحب الذى أظهره لنا الرب يسوع المسيح على الصليب؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى