كم من سائح عابر في إسبانيا، عاد إلى بلاده بقصة عن: صاحب متجر، أو: سائق تاكسي أو: خادم في فندق.. حمّل نفسه مشقة؛ حتى يسدي مساعدة إلى أحد الغرباء، أو: لكي يبرهن ـ مجرد أن يبرهن ـ على أمانته المطلقة! ذلك أن الإسباني مهما كان فقيراً، إلا أن كرامته تربأ به أن يغنم من غيره مغنماً غير شريف، بل يكاد إحساس العزة والكرامة أو: ما يسميه الإسبان "بندونور" يتغلغل في نفوس جميــــع الســــكان دون اســــتثناء! إن هذه الكلمة "بندونور"، تُعبّر عن كلمة الفضيلة لــــدى الإسبانيين. وإذا حاولنا أن نترجمها، عــــرفنا أنها تعني، في قاموس اللغة الإســــبانية: "غيرة الفرد الشديدة على احترام الغير له".. ذلك الإحترام الذي يفرضه سلوكه القويم، كما انها تعني شرفه وسمعته الطيبة، اللذين ينبغي عليه أن يصونهما حتى لو كلفه ذلك بذل حياته! ألا تستحق مصرنا، التي انبثق فجر الضمير على أرضهــــا، أن نمنحهــــا "بنــــدونورنا" الخاص بنا؛ لتفتخر به كلمــــا ذُكر اسمها؟! ألا تستحق، هذه العظيمة بين الأمم أن نقلدها وســـــام: "الإنسان المصري" المستمد قيمته من تاريخنا، وعراقتنا وحضارتنا، وقيمنا الروحية المتسامية كــــأول شـــعب رفــــع قلبــــه نحــــو الله؟! "الإنسان المصري".. ليكن: عنواناً عالمياً لا يتبدّل ولا يتغيّر، يختزل بعمق، وامتداد، وجديّة: علاقة المصري بوطنه، حيث يحبه بــــإخــــلاص، ولا يسـمح لنفســــه بــــأن يهتــــف عـلــــى أرضــــه برايـــــة غير رايته! وعلاقة المصري بالمصري، حيث العلاقة المبنية على الحب، والترابط، ولكم دينكم ولي دين! وعلاقة المصري بضيوفه، حيث يستقبلهم بالود، والاحترام، والترحاب، ويكون مضيافاً وكريماً وسخياً إلى الدرجة التي يتنازل فيها عن حقه فيما يسمى "بالبقشيش"! "الإنسان المصري".. ليكن: هو شعارنا المُعبّر عن شهامتنا، وعزّتنا؛ فبدونه كل شيء مباح، وبغيره تختفي الأخلاق، ويذهب الوطن إلى المجهول البعيد!