كلمة قالها احد حكماء العصر الحديث عاشق افريقيا استاذنا الدكتور الراحل العظيم بطرس بطرس غالى الدبلوماسى القدير واستاذ القانون الدولى العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة وتشرفت بانه درس لى عندما كان وزيرا للخارجية قبل ان يصبح الامين العام للامم المتحدة - ففى احدى محاضراته كان يخرج عن سياق المحاضرة العام ويتكلم عن القارة الافريقية بمزاياها وعيوبها بخيراتها وثرواتها وقوتها البشرية ومواردها الطبيعية ومناخها المتعدد وتضاريسها المتنوعة وفى احدى المحاضرات توقفت عند مقولة حكيم افريقيا من اراد ان يتعلم فليذهب شمالا ومن اراد الثروة فليتجه جنوبا ) كلمات بسيطة يعنى بها ان من يريد العلم يتجه شمالا اى الى اوربا والولايات المتحدة وروسيا ومن يريد الثروة او يبحث عن الثراء والكنوز فليتجه جنوبا الى افريقيا وامريكا اللاتينية واستراليا بهذه الكلمات استطاع معلمنا القدير ان يوصل لنا رسالته الهامة كشعوب العالم لقد فهمها البعض وعمل بها حتى اصبح من العلماء لكل من اتجه شمالا وفهمها البعض الاخر ليصبح من اثرياء العالم فاتجه جنوبا ولكن رسالته لم تصل بعد الى بعض رؤساء دول العالم والى جهلاء هذا العصر من الباحثين عن الثروة والكنوز فى اماكن اخرى ولم تصل رسالته ايضا الى بعض زعماء دول القارة الافريقية ناتها اللذين يحكمون ولا يملكون شيئا. ففى احاديثه كان يتكلم عن زعماء العالم الراغبين فى البحث عن الثروات المستعمرون القدامى للقارة الافربقبة واللذين مازالوا بعيدين كل البعد عن هذه القارة بالرغم من انتشار ثقافاتهم ولغاتهم فى هذه القارة لقد تخلوا عن دورهم الاقتصادى فى الكشف عن الثروات واستثمارها لصالح شعوب القارة وشعوبهم ايضا لان المصلحة فى النهاية ستكون مشتركة وعن زعماء القارة ذاتهم تحدث سيادته حديث مستفيض فالقارة تحتاج الى الارادة السياسية اولا والاخلاص فى هذا العمل بنية صادقة دون النظر الى المصالح الشخصية قصيرة الاجل والتعاون الدولى بين زعماء القارة المخلصين او حكماء افريقيا الكبار ان بعض جهلاء هذا العصر يدعون ان القارة الافريقية هى افقر مكان فى العالم على خلاف الحقيقة فيجب ان تتجه الهجرة العكسية الى القارة الافريقية للبحث عن الثراء لقد استوعبت الصين وروسيا واسرائيل ولبنان الدرس ونشرت ش شركاتها ورجال اعمالها ومستثمريها فى كل ارجاء القارة لتضع هذه الدول منها الكبيرة ومنها الصغيرة موط قدم لها بحسب حجمها وامكانياتها لتحل محل المسعمرون القدامى اللذين تخلوا عن شعوب القارة وفقدوا امتيازاتهم التى كانوا يتمتعون بها قديما مثل بريطانيا التى كانت عظمى وفرنسا والولايات المتحدة فلقد بحثوا عن الثراء فى تجارة الخراب والدمار اى تجارة السلاح وتركوا المجال الاقتصادى للاخرين اما عن الدبلوماسية الشعبية واثرها فى العلاقات الافريقية والدولية نقول ان الشعوب الافريقية هى صانعة الدبلوماسية الاولى فهى ليست شعوب منعزلة وانما هى دول منفتحة على بعضها البعض بحكم وحدة اللغة والثقافة والتقارب القبائلى احيانا على حدودها المشتركة وحرية التنقل داخل القارة سهلة ومكفولة للجميع وعن دبلوماسية الشعوب فعندما يتوجه مواطنا لبنانيا مثلا او مصريا الى اوغنده او الكنغو للعمل هناك او للاستثمار او السياحة فانه ينقل معه ثقافته الى هذه البلاد ويتعلم ثقافتهم ولغاتهم دون ان يمنعه احد بدل الموت غرقا فى البحر المتوسط للبحث عن السراب، وفى نهاية حديثى عن الكنز المفقود لا يسعنى ال ان اترحم على حكماء هذا العصر اللذين فارقونا باجسادهم لم تفارقنا كلماتهم الحكيمة التى ستظل باقية حتى نجد الكنز المفقود.