في خضم عداء لا نصنعه، وإعلام جانح وضال في عالم العولمة، لا يزال هناك من يعتقد أن الإستماع إلى إذاعات أو فضائيات بعينها، ترقى إلى: "جريمة الخيانة"؛ بإعتبارها أدوات فاسدة، ومروّجة للاراجيف والاكاذيب! ولا شك أن الكثير منا يحمل في ذاكرته القوية قائمة تطول باسمائها وعناوينها، والتي فيها ما يدمي القلب؛ لأن بها ما يشير إلى أشخاص وجهات من شعبنا، وعشيرتنا، وأوطاننا! البعض، منا، يلتزم الحرص، وعينه المفتوحة على مقولة القائد الألماني روميل والتي تؤكد: "ان القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم"! والبعض الآخر، من باب كل ممنوع مرغوب، يثق كفاية في نفسه، ويجزم: "قد اسمح بالفكرة المريبة أن تطنّ حول اذني، ولكن لن أسمح لها أبداً، بأن تستوطن في رأسي"! وفي كل الأحوال، فان السلطات المعنيّة، التي تطلق فزّاعاتها على كل من يصغي إلى هذه الأبواق المضادة، ناهيك عن تتبعها والتشويش عليها، واسكاتها، ومنعها من الوصول إلى المستمع والمشاهد، ستدرك، مع مضي الوقت، أن هذه المحاولات البائسة، ما هي إلا رسائل عكسية، وغير إيجابية، مفادها: اننا ضعفاء في كينونتنا، وفي وعينا وإعلامنا؛ حتى أننا نخشى من الحروف والصور، المتطايرة في الهواء! أو اننا نتستر على واقع مخزٍ، أو فشل ما نستحي منه، مثلما حدث في حرب الأيام الستة عام 1967، عندما اكتشف الناس أن صوت العدو كان أصدق صوتاً من صوتنا! من المهم أن نصغي جيداً إلى هذه الأصوات الضالة، وأن نتوقف عن الكسل في فهمها والتفاعل بجدية مع أهدافها المغرضة فإذا كان البعض يتحدث عن حقائق سيئة نمارسها؛ فعلى الحكومات المستهدفة، ان تتدارك أحوالها، وتصرفاتها، وتسعي إلى تقويم ما يمكن تقويمه في ذاتها المُنّحنية! اما اذا كانت الاخبار على غير الحقيقة، فعلينا مواجهة المدعين وكذابي الإعلام المضلل، وذلك بالحجج والبراهين والمصداقية والمنطقية بعيداً عن المهاترات التي تضر أكثر مما تفيد وتجدي! ان العدو يبحث دائماً عن أخطائنا، وزلاتنا، وعثراتنا، كي ينفخ فيها ويضخّمها؛ ثم يفضحنا، ويجعلنا نيأس من نور الغد، فإذا خاب ظنه وبحثه، ولم يجد سوى ما يناقض أهدافه الخسيسة؛ فانه يلتجيء إلى الكذب والافتراء المشين، وعندما يفعل ذلك، فانه يسقط، والحقيقة تكشفه وتفضحه، وبالحقيقة ننتصر!...