مقالات رأى مختلفة

شعب متدين بــ ” جهله “

بقلم/ روبير الفارس

الدين‭ ‬مكون‭ ‬اساسي‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬المصريين‭ . ‬واثاره‭ ‬متغلغلة‭ ‬لفئات‭ ‬كثيرة‭ ‬حتى‭ ‬من‭  ‬يعيشون‭ ‬حياتهم‭ ‬يعملون‭ ‬ضد‭ ‬تعاليمه‭ ‬مثل‭ ‬اللصوص‭ ‬والعاهرات‭ ‬والفاسدون‭ ‬الذين‭ ‬يرتكبون‭ ‬كل‭ ‬المؤبقات‭ ‬وهم‭ ‬يرددون‭ ‬دعاء‭ ‬مقدس‭ ‬طالبين‭ ‬الستر‭ ‬والمعؤنة‭ ‬لاتمام‭ ‬اعمالهم‭ ‬الشريرة‭  ‬تحت‭ ‬حماية‭ ‬الله القدوس‭ ‬؟‭!‬

وهذه‭ ‬الظواهر‭ ‬وغيرها‭ ‬جعلت‭ ‬البعض‭ ‬يطلق‭ ‬عبارات‭ ‬مثل‭ ‬‭”‬‭ ‬المصريين‭ ‬شعب‭ ‬متدين‭ ‬بطبعه‭ ‬‭” ‬وعلي‭ ‬غرارها‭ ‬وبدون‭ ‬تعميم‭ ‬او‭ ‬شمولية‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬نقول‭ ‬ان‭ ‬الكثيرين‭ ‬منهم‭ ‬شعب‭ ‬متدين‭ ‬ب‭”‬‭ ‬جهله‭ ‬‭”‬‭ ‬وليس‭ ‬بطبعه‭ .‬وليس‭ ‬الامر‭ ‬متعلق‭ ‬فقط‭ ‬بمعاداة‭ ‬القراءة‭ ‬الامر‭ ‬المخزي‭ ‬والذى‭ ‬يمكن‭ ‬بسهولة‭ ‬معرفته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ارقام‭ ‬توزيع‭ ‬الصحف‭ ‬والكتب‭ ‬مقارنة‭ ‬بعدد‭ ‬المصريين‭ ‬الذى‭ ‬وصل‭ ‬الي‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ .‬

ولكن‭ ‬ايضا‭ ‬بالارتكان‭ ‬الي‭ ‬ثقافة‭ ‬السمع‭ ‬التى‭ ‬ادت‭ ‬الي‭ ‬تكريم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الخطباء‭ ‬والواعاظ‭ ‬وتقديس‭ ‬اقوالهم‭ ‬واتباعهم‭ ‬دون‭ ‬فحص‭ ‬او‭ ‬تمحيص‭ . ‬

وعندما‭ ‬يطلب‭ ‬احدهم‭ ‬مراجعة‭ ‬اقوال‭ ‬الدعاء‭ ‬او‭ ‬كشف‭ ‬اخطاهم‭ ‬وخطاياهم‭ ‬تنهال‭ ‬عليه‭ ‬الشتائم‭ ‬والسباب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب‭ .‬ويمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقديس‭ ‬الكبير‭ ‬الذى‭ ‬تناله‭ ‬شخصيتى‭ ‬الشيخ‭ ‬الشعراوي‭  ‬والبابا‭ ‬شنودة‭ .‬او‭ ‬التقديس‭ ‬الضخم‭ ‬الذى‭ ‬تناله‭ ‬كتابات‭ ‬لم‭ ‬تقرا‭ ‬مثل‭ ‬تقديس‭ ‬البخاري‭ ‬والذى‭ ‬يضعه‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬كبيرة‭ ‬بل‭ ‬ويقسمون‭ ‬باسمه‭ ‬وشخصه‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يكونوا‭ ‬قد‭ ‬قراواء‭ ‬صفحة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬مجلداته‭ ‬الضخمة‭ .‬ويقابل‭ ‬ذلك‭ ‬علي‭ ‬الجانب‭ ‬المسيحي‭ ‬تكريم‭ ‬وتقديس‭ ‬كتاب‭ ‬السنكسار‭ ‬الذى‭ ‬يحوي‭ ‬قصص‭ ‬وسير‭ ‬القديسين‭ ‬ويحتوي‭ ‬علي‭ ‬خرافات‭ ‬كثيرة‭ ‬وعندما‭ ‬يظهر‭ ‬بين‭ ‬المتدين‭ ‬بالجهل‭ ‬شخص‭ ‬قاريء‭ ‬يكون‭ ‬كالقشة‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬بين‭ ‬كومة‭ ‬نار‭ ‬واذا‭ ‬تجرا‭ ‬وطالب‭ ‬بتنقيح‭ ‬كتب‭ ‬التراث‭ ‬البخاري‭ ‬والسنكسار‭ ‬يفتح‭ ‬علي‭ ‬نفسه‭ ‬ابواب‭ ‬الجحيم‭ ‬وينال‭ ‬صفات‭ ‬ولكمات‭ ‬لسانية‭ ‬موجعة‭ ‬وعندما‭ ‬يطالب‭ ‬ان‭ ‬يقرا‭ ‬هولاء‭ ‬هذه‭ ‬الكتب‭ ‬او‭ ‬غيرها‭ ‬ليكتشفوا‭ ‬بانفاسهم‭ ‬مدي‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬من‭ ‬تنقيح‭ ‬والقراءة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬فعل‭ ‬ثقيل‭ ‬علي‭ ‬النفس‭  ‬بل‭ ‬ويقتنع‭ ‬البعض‭ ‬انها‭ ‬تتعب‭  ‬العين‭ ‬‭”‬‭ ‬وتجلب‭ ‬المرض‭ ‬فيصاب‭ ‬القاريء‭ ‬بشوية‭ ‬فكر‭ ‬والفكر‭ ‬هنا‭ ‬مرض‭ ‬لعين‭ ‬لا‭ ‬شفاء‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬عرفهم‭ ‬؟؟‭! ‬ولا‭ ‬يمنع‭ ‬ان‭ ‬يضم‭ ‬الي‭ ‬هولاء‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬الحفيظة‭ ‬اي‭ ‬الذيثن‭ ‬يحفظون‭ ‬الكتب‭ ‬المقدسة‭ ‬القران‭ ‬والانجيل‭ ‬بل‭ ‬فهم‭ ‬او‭ ‬امعان‭ ‬بل‭ ‬وتجدهم‭ ‬يرددون‭ ‬ايات‭ ‬مقدسة‭ ‬مثل.

‭ ‬اقرا‭ ‬في‭ ‬الاسلام‭ ‬ويقولون‭ ‬بكل‭ ‬فخر‭ ‬نحن‭ ‬امة‭ ‬اقرا‭ ‬وفي‭ ‬المسيحية‭ ‬قول‭ ‬السيد‭ ‬المسيح‭  ‬فتشوا‭ ‬الكتب‭ ‬فلا‭ ‬تجد‭ ‬هولاء‭ ‬يقراءون‭ ‬ولا‭ ‬هولاء‭ ‬يفتشون‭ ‬الكتب‭ . ‬والمحصلة‭ ‬ان‭ ‬نصل‭ ‬الي‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش‭ ‬والمؤلم‭ .‬والمرتاح‭ ‬فيه‭ ‬هم‭ ‬فقط‭ ‬الذين‭ ‬ينضمون‭ ‬الي‭ ‬التدين‭ ‬ب‭”‬‭ ‬الجهل‭ ‬‭”‬‭ ‬باساسيات‭ ‬الدين‭ ‬الذى‭ ‬تنتمي‭ ‬اليه‭  ‬تصل‭ ‬هذه‭ ‬الاساسيات‭ ‬الي‭ ‬معرفة‭ ‬الاحاديث‭ ‬القدسية‭ ‬والمدسوس‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الاسلام‭ . ‬ومعني‭ ‬الوحي‭ ‬وهل‭ ‬هو‭ ‬وحي‭ ‬لفظي‭ ‬او‭ ‬وحي‭ ‬معني‭  ‬في‭ ‬المسيحية‭  .‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الاساسيات‭ ‬ومن‭ ‬يقرا‭ ‬او‭ ‬يفهم‭ ‬فيقع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬الويل‭ ‬والثبور‭ ‬وعظام‭ ‬الامور‭ ‬او‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬قانون‭ ‬ازدراء‭ ‬الاديان‭ ‬وينال‭ ‬نتيجة‭ ‬اعمال‭ ‬عقله‭ ‬الحبس‭ ‬او‭ ‬الغرامة‭ ‬او‭ ‬الاثنين‭ ‬معا‭ .‬ويمتد‭ ‬التقديس‭ ‬ليصل‭ ‬الي‭ ‬شخصيات‭ ‬لا‭ ‬تنتمي‭ ‬للاديان‭ ‬ولكن‭ ‬العقل‭ ‬الجمعي‭ ‬اصبغ‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬نعم‭ ‬المقدسين‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬شخصية‭ ‬‭” ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬الايوبي‭ ‬‭” ‬التى‭ ‬عندما‭ ‬يبحث‭ ‬اي‭ ‬قاريء‭ ‬عن‭ ‬اعمالها‭ ‬ودورها‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬كتب‭ ‬التراث ‭ ‬–‭ ‬المقدسة‭ ‬عند‭ ‬العامة‭  ‬بدون‭ ‬قراءتها‭ ‬–‭ ‬تتحول‭ ‬سريعا‭ ‬الي‭ ‬عدو‭ ‬للدين‭ ‬وعميل‭ ‬صهيوني‭ ‬ماسوني‭  ‬ولعلك‭ ‬تحتل‭ ‬مقعد‭ ‬متقدم‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع‭ ‬وحتى‭ ‬الجيل‭ ‬العاشر‭ . ‬وهكذا‭ ‬يرتاح‭ ‬الكثيرون‭ ‬الي‭ ‬الانتماء‭ ‬للتدين‭ ‬بالجهل‭ ‬فيقدس‭ ‬الكتب‭ ‬دون‭ ‬قراءتها‭ ‬والاشخاص‭ ‬دون‭ ‬معرفتهم‭ ‬فيتعلم‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬تعتمد‭ ‬علي‭ ‬الحفظ‭ ‬وتقدسه‭ ‬هي‭ ‬الاخري‭ .‬ويعمل‭ ‬بلا‭ ‬انتاج‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬قسوة‭ ‬الحياة‭ ‬يلجاء‭ ‬الي‭ ‬الدعاء‭ ‬المقدس‭ ‬للنجاة‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬القراءة‭ ‬والذين‭ ‬يقراءون‭ ‬او‭ ‬يبحثون‭ ‬او‭ ‬ينفضون‭ ‬التراب‭ ‬عن‭ ‬الكتب‭ ‬الصفراء‭ ‬والشخصيات‭ ‬الحمراء‭ .‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى