فى البداية أهدف إلى توضيح معنى جملة (حقوق الإنسان ) فى ظل المفاهيم الخاطئة والتى جعلت من تلك الجملة تشوهات كثيرة أفقدتها قيمتها ورسالتها فاسمحوا لى أن أطرح عليكم المفاهيم الصحيحة لحقوق الإنسان وأهمية العمل بها لمحاربة الجهل والفساد والاضطهاد والقمع معنى كلمة حقوق الإنسان هى مجموعة من الحقوق الأساسية التي يعتقد الكثير من الناس أنها من حق كل إنسان بمجرد الميلاد وهو مفهوم قديم، بالرغم من أن المصطلح في حد ذاته ظهر للوجود في أربعينات القرن العشرين خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ولأن كثير من الناس اكثرهم في الغرب يؤمنون بقوة بحقوق الإنسان، فقد تم اتخاذ بعض الإجراءات لحمايتها. إن الحفاظ على حقوق الإنسان هو حجر الأساس في استقرار أي مجتمع، فأينما وجدت مجتمعًا مستقرًا وجدت إنسانًا مطمئنًا على حقوقه وما لا شك فيه أن لتعليم حقوق الإنسان لكل فرد من أفراد المجتمع وإدخالها في ثقافته وتحويلها إلى واقع مردودًا كبيرًا في تعزيز فهم حقوقه أولاً واحترامها والحفاظ عليها والشعور بالكرامة والحرية ثانيًا مما يدفعه إلى المشاركة بفعالية في تنمية وطنه ورفاهية مجتمعه وحفظ السلام. فكرة أن من حق الناس بعض الحقوق الأساسية لمجرد كونهم ينتمون للنوع الإنساني هي فكرة قديمة. فيوجد الكثير من الوثائق التاريخية التي قننت بعض هذه الحقوق الأساسية لكن مع الأسف يوجد أيضا تاريخ طويل من تجاهل هذه الحقوق لبعض المجموعات مثل العبيد والنساء، باعتبارهم كائنات اقل قيمة وربما لا ينتمون للإنسانية. ويؤمن المؤيدين لحقوق الإنسان أن الإنسان له حق في الحياة والحرية كما أنه من حق الإنسان أن يفكر ويتواصل مع من يشاء بما أن هذه الحقوق تتصل بشكل وثيق بحريته كما أن من حق كل من ينتمون للإنسانية أن يكونوا متساويين أمام القانون ويؤمن الكثير بالحماية القانونية للإنسان مثل منع التعذيب والرق. كذلك يرى آخرون أن على الحكومات والإنسانية حماية حقوق كل البشر أينما كانوا وهو المفهوم الذي ينازع مفهوم السيادة ويثير السؤال حول حق الدولة في انتهاك حقوق مواطنيها دون تدخل من الدول الخارجية باسم سيادة الدولة. إن تعليم حقوق الإنسان هو في الجوهر مشروع لتمكين الناس من الإلمام بالمعارف الأساسية اللازمة لتحررهم من جميع صور القمع والاضطهاد وغرس الشعور بالمسؤولية تجاه حقوق الأفراد والمصالح العامة كما أن ثقافة حقوق الإنسان تشمل مجموعة القيم الذهنية والسلوكية والتراث الثقافي والتقاليد والأعراف التي تنسجم مع مبادئ حقوق الإنسان ووسائل التنشئة التي تنقل هذه الثقافة في البيت والمدرسة والهيئات الوسيطة ووسائل الإعلام. إن تعليم ثقافة حقوق الإنسان ونشرها هو عملية متواصلة وشاملة تعم جميع صور الحياة ويجب أن تنفذ إلى جميع أوجه الممارسات الشخصية والمهنية والثقافية والاجتماعية والسياسية والمدنية ومن الضروري لجميع المهن أن ترتبط بمقاييس أداء تلتزم بقيم تستلهم الحقوق الأساسية للإنسان. ومن ثم فان تضافر المعرفة والممارسة يمثل الهدف الجوهري لتعليم ثقافة حقوق الإنسان ونشرها إن تعليم حقوق الإنسان إذ يغرس حس الكرامة والمسؤولية إلى جانب المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية و يقود الناس بالضرورة إلى الاحترام المتبادل والمساعدة الجماعية والتأقلم مع حاجات بعضهم البعض وحقوقهم كما يقودهم إلى القبول بالعمل معًا للتوصل بصورة حرة إلى صياغات مناسبة ومتجددة تضمن توازن المصالح والعمل المشترك من أجل الخير العام دون حاجة إلى فرض سلطان العنف المنظم أو العشوائي الذي يصادر حريات الناس جميعًا. أنه يجب أن يكون تعليم حقوق الإنسان مصمما ضمن استراتيجية واضحة المقاصد ما دام يتعدى مجرد التعرف عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود المرتبطة بتلك الحقوق إلى التعرف على آليات تفعيل الحقوق وآليات الحماية المتصلة بها وكيفية استخدامها كما أن تعليم حقوق الإنسان عليه أن ينطبق على حياة الناس اليومية وعلى استخدام أساليب تضمن اكتساب مهارات التعبير عن المواقف ومهارات تطوير المعارف في مجال تلك الحقوق أكثر ما يتصل بمجرد إلقاء محاضرات وتنظيم مناظرات أو ندوات ويمكن إجمال أهداف التربية على حقوق الإنسان في تنمية الشخصية تجدير الإحساس بالكرامة والحرية والمساواة والعدل الاجتماعي والممارسة الديموقراطية. وذلك عبر تعزيز وعي المواطنين بحقوقهم قصد تمكينهم من تحويل مبادئ حقوق الإنسان إلى حقيقة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية ورفع قدرتهم على الدفاع عنها وصيانتها. ويجب بلورة استراتيجية خاصة بتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها، وعلى هذه الاستراتيجية تبيان كيفية تجدير مبادئ حقوق الإنسان وسط المجتمع على المدى القصير والوسائل المعتمدة الموصلة لذلك ولعل أول ما يجب الإقرار به هو اعتماد حقوق الإنسان كمادة مصممة لتتداخل مع جميع المناهج الدراسية وأن لا تبقى كمادة ثانوية للديكور فحسب وهذا هو الإطار العام والحد الأدنى من الشروط الكفيلة بتحويل مادة حقوق الإنسان إلى مادة لها خصوصيتها وقيمتها شأنها شأن المواد الدراسية الأخرى. كما أن لوسائل الإعلام دورا حيويا وجوهريا في هذا الصدد إذ عليها أن تساهم فعلا وفعليا في خدمة التربية والتثقيف في مجال التربية على حقوق الإنسان والديموقراطية وذلك عبر منهجية شاملة تربط بين المعرفة والوجدان والأداء. وبهذا المنظور يمكن لتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها أن يتطور ليصبح حقلا تربويا كاملا ونهجا لدراسة أوضاع المجتمع وبنائه لاسيما وأن هناك علاقة وثيقة بين عدم احترام حقــــوق الإنســان وتفشـــــي الفقــــر والفســــاد.