السيد بابا نويل المحترم تحية طيبة وبعد،، كنت صغيراً عندما سمعت بك أول مرة أخبروني أنك تدخل البيوت من مداخنها حاملاً كيس ألعاب فتمنيت من كل قلبي أن ألتقيك وبالفعل انتظرتك تلك الليلة أن تهبط علي رغم أن بيتنا ليس فيه مدخنة! حتى أني لم أنتبه أن سطح البيت لا يتسع لتركن عليه عربتك وغزلانك ولكنك لم تاتى فاعتقدت أن ما منعك هذه الأسباب اللوجستية التي لا تتوفر لدينا فقررت أن أكتب إليك رسالتي هذه عشية احتفال العالم بأعياد الكريسماس ورأس السنة وأستحلفك بالله وبلحيتك البيضاء الناصعة أن تقرأ رسالتي إلى الآخر وأنا مدرك تماما إنك هذه الأيام مشغول جدا بتجهيز عربتك وتنزين الهدايا وتسمين الغزلان. ولكن لابد من قراءة هذه الرسالة لأن بها كلاما هاما جدا ولا يمكن أن يحل هذا الموضوع سواك ويحقق أمنياتنا لذلك سأحاول أن أختصر حتى لا يضيع وقتك سدى وإذا لم تجد وقتا فأرجو تأجيل قراءتها إلى العام المقبل – كالعادة - لأننا أعتدنا أن نؤجل أحلامنا وأفراحنا عاما بعد عام !! عزيزى بابا نويل نحن هنا على الأرض نعيش ولكننا لسنا فى مكان واحد فبعضنا هناك فى أقصى الشمال يعيش فى برد وتجمد شديد فى هذا الوقت فيجب أن تعرف بأن البرد والجوع موجعان يا بابا نويل لقد شاهدنا في نشرات الأخبار أطفالاً يموتون من دون خبز وينهش جلدهم البرد هل بإمكاننا أن نطلب منك الأغطية وعلب المواد الغذائية والمدافئ والحليب الساخن لهم؟ هل بإمكانك أن تحضر لهم مدفأة صغيرة بدلاً من النار التي تحرقهم كلما أشعلوا خشباً داخل خيمة؟ الناس تطفئ المداخن كي تتسلّل أنت منها في ليلة الميلاد لذلك اعمل على تأمين مدافئ آمنة لهم الأطفال يعيشون بلا ألعاب لكنهم لا يعيشون بلا دفء وبلا حليب. وأنت بلا شك تعلم ذلك. وهناك من يعيش فى أقصى الشرق حيث الحروب والإرهاب يسودان المنطقة وهناك أطفال تموت من قذيفة عشوائية وأخرون يختنقون من غازات سامة وأضاعفهم تتحلل أجسامهم الضئيلة من الجوع ولا أعلم ما هو أخر عام أستطعت أن تزورهم فى أمان وهل تستطيع أن تكرر زيارتهم مرة أخرى أم سينتظرونك دون أمل وهل يمكن أن تجلب لهم السلام معك وتزيح الإرهاب من بلدانهم بمركبتك المزينة بالاضواء والغزلان أم ممنوع عنك دخول الشرق !! أعمل على وقف السلاح وأهدم كل القنابل وأوقف تلك التخطيطات لهدم منازلنا فالوضع كارثى وأنت تعلم ذلك. أما عن الجنوب فهناك من يحلم بمجيئك محمل بهدايا عديدة لم يراها أحد منهم من قبل فهناك يا سانتا ليس سوى صحراء وجفاف وأصبح الأطفال يتمنون منك أن تاتى لكى تخرج من حقيبتك الحمراء قطرة ماء تروى عطشهم وتبلل شفاههم التى تشققت من الجفاف هل تعلم سوف يبتهجون لمجرد النظر إليك فمن النادر أن يشاهدوا شخص بملابس وهم قد اعتادوا على العراء وقله الكساء وسيفرحون أشد الفرح عندما تبتسم لهم فهم لا يعرفون شكل الابتسامة من زمن بعيد فاعمل على سعادتهم وأسعى أن تهتم باجسامهم التى نحلت ووزع عليهم ماء نظيف بلا طعم أو راحة أو لون وحاول أن تبقى معهم فترة فهم بلا صديق وانت تعلم ذلك. وأختتم رحلتك بالغرب فهناك ستستريح كثيرا من ما شاهدته وستهدأ روحك قليلا فى مكان بلا حروب أو نزاعات بلا فقر أو جوع بلا برد قارص وعدم تدفئه ولكن لا تنسى هولاء الاطفال الذين بلا منازل المشتتين بين الطرقات وتذكر أن تذهب إلى دور الأيتام والذين بلا أهل أو عائل فهم فى أشد الاحتياج إلى حضنك وأهتمامك ولو مرة بالعام وأطرق أبواب منازل أنشق سكانها على بعضهم وأجمعهم فى حضورك بمحبة وود وأعد إلى مسامع الجدران ضحكات قد رحلت هزاتها من قديم الزمان وأما عن المدمنون والسكارى فلا تتجاهلهم فربما لم يفتقدهم أحد منذ زمان بعيد وأصبحوا منبوذين عن الجميع فأرسل لهم هداياك المبهرة لكى يقتنوها ويتركوا ما أدمنوا لسنوات فكل شخص منهم يحتاج إليك وانت تعلم ذلك. سامحنى يا عزيزى بابا نويل أنى أتفهم كم الغضب الذي أنت فيه الآن وأنت تقرأ هذه الرسالة وأعلم جيداً أنك لا ترضى بهذا الأمر لكني أعرف أن الأخبار لا تصلك كاملةً حيث تعيش حياة هادئة بسيطة بعيدة عن صخب الدنيا وصراعها ولكن لا تنسى لياقتك فوزنك قد زاد مؤخرا بشكل كبير وأصبحت ثقيل الحركة عن قبل فحاول أن تترك الحلوى قليلا وأن تمارس الرياضة أو أن تجلس فترة فى أفريقيا !! عزيزي بابا نويل.. أعلم أنني أطلت عليك ولا وقت كثيراً لديك لقراءة رسائل أخرى منى فهذه الساعات الأخيرة تحتاجها لتحضيراتك وهداياك وملابسك. ورغم كل هذا فإنى لم أترد لحظة واحدة فى كتابة هذا الخطاب إليك لعلمى أنك ستقدر مدى حاجتنا إلى المساعدة فى مثل هذا الوقت فسامحنى أن أرسلت لك تلك الرسالة ولكن أتمنى أن تصل إليك وأن لم تصل هذا العام فربما بسبب حرب جديدة أندلعت أو عاصفة قوية هبت أو جوع شديد جعل ساعى البريد ياكل أوراقها أو ريما أنى لم أكتبها ولكنها ستصلك من شخص أخر غيرى هذا العام وكل عام. فى الختام لك منى التحية والاحترام يا عزيزى بابا نويل وأتمنى فى يوم أن تأتى لي وفى جعبتك وطن. أمضاء أنسان ...