يوسف متى

كـــــش مـــلـــك

بقلم/ يوسف متى

بصمه قد‭ ‬تكون‭ ‬بلون‭ ‬النور‭ ..‬‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬بطعم‭ ‬النار‭ .. ‬لكنها بصمه‭‬

‭‬المثير‭ ‬للدهشة‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬فلسفتك‭ ‬حزينه ووجهك‭ ‬بشوش‭ ،‬ان‭ ‬تحب‭ ‬الصباح‭ ‬ولا‭ ‬يفوتك‭ ‬السهر‭ . ‬

قلبك‭ ‬مملؤ‭ ‬بالإثارة‭ ‬وردود‭ ‬أفعالك‭ ‬هادئه، قرأت‭ ‬هذه‭ ‬الجمله‭ ‬فاستوقفتني‭ ‬كثيراً‭ ‬،‭ ‬لان‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬فعلاً.‭ ‬

فالجمع‭ ‬بين‭ ‬نقيضين‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬البشري‭ ‬أمراً‭ ‬غير‭ ‬عادياً‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬الحياه‭ ‬بها‭ ‬العجب‭ ‬العجاب‭ .‬

والإنسان‭ ‬ذلك‭ ‬المخلوق‭ ‬المعجون‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬ونفس‭ ‬وجسد‭ ‬،‭ ‬تتلاطم‭ ‬به‭ ‬امواج‭ ‬الحياه‭ ‬بين‭ ‬مد‭ ‬وجذب،ليل‭ ‬ونهار‭ ‬،‭ ‬بسمه‭ ‬ودمعه،صدق‭ ‬وكذب،‭ ‬حب‭ ‬وكراهيه،‭ ‬ابيض‭ ‬واسود‭ ‬لو‭ ‬تأملت‭ ‬قليلاًحياتنا‭ ‬علي‭ ‬الارض‭ ‬لوجدتها‭ ‬اقرب‭ ‬ماتكون‭ ‬من‭ ‬لعبة‭ ‬الشطرنج تلك‭ ‬الرقعه‭ ‬بلونيها‭ ‬الابيض‭ ‬والاسود‭ ‬هي‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬بحلوه‭ ‬ومره.‭ ‬

بنجاحاته‭ ‬وإخفاقاته‭ ‬،‭ ‬تعاقب‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬،‭ ‬كتعاقب‭ ‬الفرح‭ ‬والحزن‭ ‬،‭ ‬كانتقال‭ ‬القطع‭ ‬من‭ ‬مربع‭ ‬الي‭ ‬آخر،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬الحياة.

كقطع‭ ‬الشطرنج‭ ‬،‭ ‬لها‭ ‬أشكال‭ ‬مختلفه‭ ‬وأحجام‭ ‬مختلفه‭ ‬وأسماء‭ ‬مختلفه‭ ‬،‭ ‬بعضها‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬المربع‭ ‬الابيض‭ ‬وبعضهايعيش‭ ‬علي‭ ‬المربع‭ ‬الاسود‭ .‬

من‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبه‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬قطعه‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الشطرنج‭ ‬محدد‭ ‬لها‭ ‬طريقة‭ ‬الانتقال،‭ ‬بعضها‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬له بالحركه‭ ‬السريعه‭ ‬،‭ ‬يتحرك‭ ‬ببطء‭ ‬خطوه‭ ‬خطوه‭ ‬كالعسكري،‬ بعضها‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬ان‭ ‬يسير‭ ‬بخطي‭ ‬اسرع‭ ‬طالما‭ ‬جائته‭ ‬الفرصه‭ ‬ان‭ ‬ينطلق‭ ‬،‭‬لكن‭ ‬حريته‭ ‬ليست‭ ‬مطلقه فهو‭ ‬مقيد‭ ‬بقواعد‭ ‬اللعبه‭ ‬،‭ ‬فإما‭ ‬ان‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬خطوط‭ ‬مستقيمة‭ ‬رأسياً‭ ‬وأفقياً‭ ‬الطابيه‭)‬‭ ‬او‭ ‬ان‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬خطوط‭ ‬مائلهزاويه‭ ‬‮٤٥‬‭ ‬درجه‭ ‬الفيل‭  ‬،‭‬او‭ ‬قد‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬الطريقتين لانه‭ ‬ذو‭ ‬حظوه‭ ‬خاصه‭ ‬انه‭ ‬جناب‭ ‬الوزير، ايضاً‭ ‬هناك‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬خطوط‭ ‬مستقيمة‭ ‬وأسلوبه‭ ‬ملتوي‭ ‬الحصان‭‬‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬البشر،‭ ‬اعني‭ ‬القطع‭ ‬تتسابق‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ان‭ ‬تصرع‭ ‬الملك‭ ‬المنافس‭ ‬،‭ ‬هكذا‭ ‬يكون‭ ‬الصراع‭ ‬هو‭ ‬القاعده‭ ‬الأساسيه‭  ‬للعبه‭ ‬الحياة.‭ ‬

هكذا‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بعض‭ ‬القطع‭ ‬علي‭ ‬المربع‭ ‬الابيض‭ ‬البعض‭ ‬الاخر‭ ‬علي‭ ‬المربع‭ ‬الاسود،‭  ‬بشر‭ ‬يعيشون‭ ‬فرح‭ ‬ونجاح‭ ‬وحب‭ ‬،‭ ‬وبشر‭ ‬يعيشون‭ ‬الحزن‭ ‬والفشل‭ ‬وبغضه‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬تنتقل‭ ‬القطعه‭ ‬من‭ ‬مربع‭ ‬الي‭ ‬آخر‭ ‬بعد‭ ‬فتره‭ ‬تتفاوت‭ ‬من‭ ‬قطعه‭ ‬الي‭ ‬اخري‭ ‬،‭ ‬هكذا‭ ‬نحن‭ ‬قد‭ ‬ننتقل‭ ‬من‭ ‬الحزن‭ ‬الي‭ ‬الفرح‭ ‬او‭ ‬العكس‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬بعض‭ ‬القطع‭ ‬ان‭ ‬تبقي‭ ‬حتي‭ ‬نهاية‭ ‬دورها في‭ ‬اللعبه‭ ‬في‭ ‬مربع‭ ‬لا‭ ‬تفارقه‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ابيض‭ ‬او‭ ‬اسود‭ ‬،‭ ‬انها‭ ‬الحياه‭ ‬بكل‭ ‬غرابتها‭ ‬ولا‭ ‬معقوليتها‭ ‬،‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬قطعه‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الشطرنج‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬لنفسها‭ ‬شيئاً‭ ‬،‭ ‬هناك‭ ‬يد‭ ‬عليا‭ ‬تحركها‭ ‬كيفما‭ ‬ووقتما‭ ‬واينما‭ ‬تشاء‭ ‬قد‭ ‬يراها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬شطرنج‭ ‬الحياه‭ ‬يد‭ ‬الله وقد‭ ‬يسميها‭ ‬البعض‭ ‬يد‭ ‬القدر‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬المجهول‭ ‬لآخرين‭ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬المسميات‭ ‬يد‭ ‬مطلقه‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬القطع‭ ‬معها‭ ‬الامتثال وهذا‭ ‬التأمل‭ ‬قد‭ ‬ينقلنا‭ ‬الي‭ ‬السؤال‭ ‬الأزلي‭ :‬نحن‭ ‬مسيرون‭ ‬ام‭ ‬مخيرون‭‬؟‭ ‬

اساس‭ ‬لعبة‭ ‬الشطرنج‭ ‬كلعبة‭ ‬الحياه،‭ ‬اساسها‭ ‬الصراع‭ ‬كل‭ ‬القطع‭ ‬تتصارع‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الزحف‭ ‬علي‭ ‬مملكة‭ ‬الآخر‭ ‬المنافس‭،‬ لابد‭ ‬ان‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬الآخر‭ ‬لِيَجد‭ ‬له‭ ‬مكاناً‭ ‬علي‭ ‬رقعة‭ ‬الشطرنج‭ ‬،‭ ‬فان‭ ‬لم‭ ‬تصرعه‭ ‬صرعك‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬قانون‭ ‬الحياه‭ ‬،‭ ‬البقاء‭ ‬للاقوي‭ ‬،‭ ‬الملك‭ ‬قطعه‭ ‬تبدو‭ ‬الأكبر‭ ‬والأكثر‭ ‬فخامه‭ ‬لكنها‭ ‬اقل‭ ‬القطع‭ ‬قدره‭ ‬علي‭ ‬المناورة‭ ‬،‭ ‬تحتمي‭ ‬خلف‭ ‬كل‭ ‬القطع‭ ‬،‭ ‬وكل‭ ‬القطع‭ ‬يتم‭ ‬التضحيه‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الملك‭‬،‬ كلها‭ ‬تقدم‭ ‬قرابين‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬بقاء‭ ‬الملك‭ ‬،لان‭ ‬لحظة‭ ‬موت‭ ‬الملك‭ ‬هي‭ ‬لحظة‭ ‬النهايه‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬قيمة‭ ‬هذه‭ ‬القطعه الملك‭ . ‬كش‭ ‬ملك‭ .. ‬هي‭ ‬الجمله‭ ‬التحذيرية‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬لك‭ ‬عزيزي‭ ‬it’s over‭….. ‬لقد‭ ‬قضي‭ ‬الامر‭ . ‬هكذا‭ ‬يبدو‭ ‬التشابه‭ ‬والتطابق‭ ‬بين‭ ‬شطرنج‭ ‬الحياه‭ ‬ولعبة‭ ‬الشطرنج‭ ‬،‭ ‬فكما‭ ‬ان‭ ‬قطع‭ ‬الشطرنج‭ ‬لها‭ ‬أشكال‭ ‬وأحجام‭ ‬وأسماء‭ ‬مختلفه‭ ‬كما‭ ‬ذكرناهم‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬المقال‭ ‬فهكذا‭ ‬بنو‭ ‬البشر‭ ‬مختلفون‭ ‬ومتمايزون‭ ‬عن‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شئ‭ ‬تقريباً‭ ‬فيهم‭ ‬الملك‭ ‬وفيهم‭ ‬الحصان‭ -‬‭ ‬بل‭ ‬والحمار‭ ‬ايضاً‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬رقعة‭ ‬الشطرنج‭ ‬ابيض‭ ‬واسود‭ ‬كذلك‭ ‬رقعة‭ ‬الحياه‭ ‬ليل‭ ‬ونهار‭ ‬نجاح‭ ‬وفشل‭ ‬حب‭ ‬وكراهيه‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللعبه‭ ‬ليس‭ ‬غريباً‭ ‬ان‭ ‬تترقي‭ ‬قطعه‭ ‬صغيره‭ ‬الي‭ ‬قطعه‭ ‬اكبر‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬غريباً‭ ‬ان‭ ‬يطيح‭ ‬عسكري‭ ‬مغمور‭ ‬بجناب‭ ‬الوزير‭ ‬شخصياً‭ ‬ان‭ ‬آتاه‭ ‬الفرصه‭ … ‬عزيزي‭ ‬القارئ.‭ ‬

هذه‭ ‬اللعبه‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الا‭ ‬رياضه‭ ‬ذهنيه‭ ‬تحتاج‭ ‬الي‭ ‬ذكاء‭ ‬وصبر‭ ‬وتركيز‭ ‬،‭ ‬هكذا‭ ‬الحياه‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬يفهم‭ ‬قواعد‭ ‬اللعبه‭ ‬ويتمرس‭ ‬عليها‭ ‬يستطيع‭ ‬ان‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬ومع‭ ‬ذاته‭ ‬،‭ ‬فاعمل‭ ‬جاهداً‭ ‬ان‭ ‬تحافظ‭ ‬علي‭ ‬الملك‭ ‬،‭ ‬وتحاشي‭ ‬ان‭ ‬تسمع‭ ‬الصوت‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬لك‭ … ‬كش‭ ‬ملك‭  .‬

عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬أرجوك‭ ‬لا‭ ‬تصدقني‭ ‬فيم‭ ‬ذكرت..‭ ‬

هذا‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬لك‭‬،‬ رأي‭ ‬انتهازي‭ ‬وغير‭ ‬انساني،‬ انه‭ ‬رأي‭ ‬يخضع‭ ‬لمبادئ‭ ‬ميكافيلي‭ ‬رأي‭ ‬ورؤية‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬مملؤ‭ ‬من‭ ‬الأنا‭ .. ‬الحياه‭ ‬اجمل‭ ‬وأروع‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬لعبه‭ ‬ذهنيه،‬ الحياه‭ ‬صراع‭ ‬فعلاً‭ ‬ليس‭ ‬ضد‭ ‬اخوك‭ ‬الانسان‭ ‬بل‭ ‬صارع‭ ‬ضد‭ ‬قوي‭ ‬الشر‭ ‬وضد‭ ‬ضعفك‭ ‬الانساني‭ ‬،‭ ‬الحياه‭ ‬اجمل‭ ‬ونحن‭ ‬لسنا‭ ‬قطعاً‭ ‬صماء‭ ‬تحركها‭ ‬يد‭ ‬القدر‭ ‬،‭ ‬نحن‭ ‬صنيعة‭ ‬القدير‭ ‬المحب‭ ‬،‭ ‬اعطانا‭ ‬ان‭ ‬نتمتع‭ ‬بحرية‭ ‬مجد‭ ‬اولاد‭ ‬الله‭ .. ‬إياك‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬قطعة‭ ‬شطرنج‭ ‬،‭ ‬فانت‭ ‬انسان‭ ‬،‭ ‬بادر‭ ‬ان‭ ‬تقول‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سلبي‭ ‬في‭ ‬حياتك‭ ‬كش‭ ‬ملك‭ .‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى