سامح فريد

مشكلة الحدود و تهديد الأمن القومى

سامح فريد سليم

لا‭ ‬تزال‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ترتعب‭ ‬من‭ ‬حدودها‭ ‬لان‭ ‬اخطر‭ ‬و‭ ‬اهم‭ ‬مايهدد‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬اراضيها‭ ‬هو‭ ‬الحدود،‭ ‬ان‭ ‬الحدود‭ ‬هى‭ ‬الباب‭ ‬الواسع‭ ‬المفتوح‭ ‬لكل‭ ‬مصادر‭ ‬الخطر‭ ‬المتنوعة‭ ‬لان‭ ‬عدم‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬باى‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الاشكال‭ ‬و‭ ‬لو‭ ‬جزئيا‭ ‬يعنى‭ ‬عدم‭ ‬السيادة‭ ‬الكاملة‭ ‬و‭ ‬تختلف‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬عن‭ ‬الاخرى‭ ‬تبعا‭ ‬للاختلاف‭ ‬الجغرافى‭ ‬و‭ ‬التضاريسي‭ ‬و‭ ‬المناخى‭ ‬و‭ ‬السياسي‭ ‬و‭ ‬الاقتصادى‭ ‬و‭ ‬الاجتماعى‭ ‬ايضا‭ ‬اما‭ ‬الجانب‭ ‬العسكرى‭ ‬فيعتبر‭ ‬هو‭ ‬الجانب‭ ‬الاهم‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العملية‭ ‬لان‭ ‬الحدود‭ ‬تعنى‭ ‬الارض‭ ‬و‭ ‬البحر‭ ‬و‭ ‬الجو‭ ‬و‭ ‬اذا‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬لها‭ ‬حدود‭ ‬مائية‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬اخرى‭ ‬مثل‭ ‬نهر‭ ‬دولى‭ ‬او‭ ‬بحيرة‭ ‬تطل‭ ‬عليها‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭  ‬او‭ ‬خليج‭ ‬او‭ ‬قناة‭ ‬ملاحية‭ ‬دولية‭ ‬او‭ ‬مضيق‭ ‬او‭ ‬سلاسل‭ ‬جبال‭ ‬عالية‭ ‬–‭ ‬ان‭ ‬مشكلة‭ ‬الحدود‭ ‬مشكلة‭ ‬معقدة‭ ‬اذا‭ ‬وقعت‭ ‬لاكثر‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬متاخمة‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬طولى‭ ‬واحد‭ ‬او‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬متلاصقة‭ ‬تلاصقا‭ ‬شديدا‭ ‬بحيث‭ ‬يصعب‭ ‬فصل‭ ‬السكان‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬او‭ ‬تصنيفهم‭ ‬تبع‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬او‭ ‬تلك‭ ‬وهناك‭ ‬تنشا‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬المتلاصقة‭ ‬جماعات‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬مجهولى‭ ‬الهوية‭ ‬وليس‭ ‬لهم‭ ‬انتماء‭ ‬لبلد‭ ‬معين‭ ‬مثل‭ [ ‬الغجر‭] ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬فى‭ ‬مناطق‭ ‬صعبة‭  ‬التضاريس‭  ‬بين‭ ‬اسبانيا‭ ‬و‭ ‬فرنسا‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬جبال‭ ‬البرانس‭ ‬الحدودية‭ ‬فهم‭ ‬يتكلمون‭ ‬اللغتين‭ ‬الاسبانية‭ ‬و‭ ‬الفرنسية‭ ‬بالاضافة‭ ‬الى‭ ‬لغتهم‭ ‬المحلية‭ ‬الاصلية‭ ‬الغجرية‭ ‬وليس‭ ‬لهم‭ ‬انتماء‭ ‬لاى‭ ‬من‭ ‬البلدين‭ ‬فهم‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬كيانات‭ ‬صغيرة‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬تنتمى‭ ‬الى‭ ‬قانونها‭ ‬المحلى‭ ‬و‭ ‬العرف‭ ‬الغجرى‭ ‬وتحتكم‭ ‬الى‭ ‬القوة‭ ‬والسطوة‭ ‬والمال‭ ‬وتعمل‭ ‬بتجارة‭ ‬المخدرات‭ ‬والرقيق‭ ‬الابيض‭ ‬وتهريب‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭  ‬والسلاح‭ ‬والبلطجة‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ ‬المؤدية‭ ‬الى‭ ‬كلا‭ ‬الدولتين‭ ‬الكبيرتين‭ ‬فى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الاوربي‭ ‬اسبانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وهنا‭ ‬عدم‭ ‬الانتماء‭ ‬لاي‭ ‬من‭ ‬الدولتين‭ ‬الحدوديتين‭ ‬يجعل‭ ‬هؤلاء‭ ‬يمارسون‭ ‬اعمالهم‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬فى‭ ‬حرية‭ ‬تامة‭ ‬لانهم‭ ‬يستطيعون‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬اى‭ ‬من‭ ‬الدولتين‭ ‬والاختباء‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬الاخرى‭ ‬عند‭ ‬العلامة‭ ‬الحدودية‭ ‬ويستطيعون‭ ‬الافلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬فهؤلاء‭ ‬يشكلون‭ ‬تهديدا‭ ‬للامن‭ ‬القومى‭ ‬لكلا‭ ‬الدولتين‭ ‬وللقانون‭ ‬الدولى‭ ‬ايضا‭ ‬وهؤلاء‭ ‬ايضا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يستخدمهم‭ ‬البعض‭ ‬لاثارة‭ ‬الحروب‭ ‬و‭ ‬القلاقل‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الحدودية‭ ‬المتاخمة.‭ ‬

وهناك‭ ‬امثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬الحدودية‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬سواء‭ ‬فى‭ ‬البحر‭ ‬مثل‭ ‬ارخبيل‭ ‬الملايو‭ ‬ومضيق‭ ‬باب‭ ‬المندب‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬سواحل‭ ‬الصومال‭  ‬وبحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬ومنطقة‭ ‬الراس‭ ‬الاخضر‭ ‬ساحل‭ ‬جنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬وهناك‭ ‬على‭ ‬الارض‭ ‬جماعات‭ ‬لها‭ ‬فكر‭ ‬سياسي‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬تعيش‭ ‬فى‭ ‬كنفها‭ ‬مثل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬وحركة‭ ‬حماس‭ ‬والبدون‭ ‬فى‭ ‬الكويت‭ ‬ولعل‭ ‬اهم‭ ‬مصادر‭ ‬الخطر‭ ‬هنا‭ ‬تكمن‭ ‬فى‭ ‬الانتقاص‭ ‬من‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬اراضيها‭ ‬وتهديد‭ ‬الامن‭ ‬القومى‭ ‬للمنطقة‭ ‬الواقعة‭ ‬فيها‭ ‬ومخالفة‭ ‬المعاهدات‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية.‭ ‬

وفى‭ ‬النهاية‭ ‬ان‭ ‬الجانب‭ ‬العسكرى‭ ‬دائما‭ ‬هو‭ ‬الذى‭ ‬يحسم‭ ‬هذا‭ ‬الامر‭ ‬الخطير‭ ‬لان‭ ‬القدرة‭ ‬العسكرية‭ ‬للدولة‭ ‬تتجلى‭ ‬فى‭ ‬استطاعة‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬فرض‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬حدودها كاملة.‭ ‬

وسد‭ ‬الثغرات‭ ‬الوعرة‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭  ‬ان‭ ‬يتسلل‭ ‬هاجس‭ ‬الرعب‭ ‬الحدودى‭  – ‬ان‭ ‬فرض‭ ‬السيطرة‭ ‬العسكرية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬يظهر‭ ‬مدى‭ ‬قوتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعسكريةمن‭ ‬عتاد‭ ‬متقدم‭ ‬وحديث‭ ‬ويجعل‭ ‬القوات‭ ‬الحدودية‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬حرب‭ ‬دائمة‭  ‬ولعل‭ ‬اكبر‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭  ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الامريكية‭  ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتدخر‭ ‬جهدا‭ ‬او‭ ‬مالا‭  ‬او‭ ‬قوات‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الجنوبية‭ ‬مع‭ ‬المكسيك‭ ‬والتى‭ ‬تاتى‭ ‬فى‭ ‬مقدمة‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬فى‭ ‬السيطرة‭ ‬الحدودية‭ ‬والالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬الجوية‭ ‬والبحرية‭ ‬والبرية‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الشان‭ ‬و‭ ‬للحديث‭ ‬بقية‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى