م/ مجدى عزيزمقالات م. مجدى

الـضــمـــيــــــر

بقلم/ م. مجدى عزيز

يعرف‭ ‬الضمير‭ ‬أنه‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬تسيطر‭ ‬أو‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الشخص‭ ‬وأفكاره،‭ ‬وهو‭ ‬يشمل‭ ‬الإحساس‭ ‬الداخلي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬صحيح‭ ‬أو‭ ‬خاطئ‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬دوافعه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدفعه‭ ‬للقيام‭ ‬بالعمل‭ ‬الصّحيح،‭ ‬وهو‭ ‬إحساس‭ ‬أخلاقي‭ ‬داخلي‭ ‬عند‭ ‬الإنسان،‭ ‬تُبنى‭ ‬عليه‭ ‬تصرفاته ويحدد‭ ‬الضمير‭ ‬درجة‭ ‬نزاهة‭ ‬وأمانة‭ ‬الإنسان وشعوره‭ ‬بالسلام‭ ‬الداخلي‭ ‬نتيجة‭ ‬نقاء‭ ‬ضميره‭.‬

كيف‭ ‬يتشكل‭ ‬الضمير؟‭!‬

يتشكل‭ ‬الضمير‭ ‬عند‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القيم‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬التاريخ‭ ‬البشري،‭ ‬مثل‭ ‬الصواب‭ ‬والخطأ،‭ ‬والخير‭ ‬والشر،‭ ‬والعدل‭ ‬والظلم،‭ ‬ويمكن‭ ‬لهذه‭ ‬القيم‭ ‬أن‭ ‬تتشكل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيئة‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬بها؛‭ ‬حيث‭ ‬يتأثر‭ ‬ضمير‭ ‬الإنسان‭ ‬بالبيئة‭ ‬الثقافية،‭ ‬والسياسية،‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬بها،‭ ‬وكلما‭ ‬اقترب‭ ‬داخل‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬الضمير‭ ‬أصبح‭ ‬لديه‭ ‬تصوراً‭ ‬أعلى‭ ‬لهذه‭ ‬المفاهيم،‭ ‬ويحدد‭ ‬الضمير‭ ‬درجة‭ ‬نزاهة‭ ‬الفرد،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬سلطة‭ ‬في‭ ‬الفرد؛‭ ‬فهو‭ ‬يقيّم‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يتلقاها‭ ‬الإنسان،‭ ‬ثم‭ ‬يحدد‭ ‬طبيعة‭ ‬التصرف‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬خيراً‭ ‬أو‭ ‬شر‭.‬

إنَّ‭ ‬القيم‭ ‬هي‭ ‬الموجِّه‭ ‬الأساس‭ ‬لعمليَّة‭ ‬التربية لكونِها‭ ‬ترسم‭ ‬الطريقَ،‭ ‬وتنبثق‭ ‬عنها‭ ‬الأهدافُ لذلك‭ ‬اهتمَّ‭ ‬علماء‭ ‬التَّربية‭ ‬بدراسة‭ ‬القِيَم؛‭ ‬ليتحدد‭ ‬مسار‭ ‬العمليَّة‭ ‬التعليمية‭ ‬على‭ ‬الوجه‭ ‬الصحيح‭ ‬والسَّليم؛‭ ‬فالتربية‭ ‬وَفق‭ ‬هذا‭ ‬المنحى‭ ‬تسعى‭ ‬لبناءِ‭ ‬الفرد‭ ‬الصَّالحِ‭ ‬الذي‭ ‬ينفع‭ ‬نفسَه‭ ‬ومجتمعَه،‭ ‬وينطلق‭ ‬في‭ ‬عملِه‭ ‬مِن‭ ‬قِيَم‭ ‬راسخة‭ ‬توجِّهه‭ ‬إلى‭ ‬الطريقِ‭ ‬السليم،‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يؤهِّله‭ ‬للمساهمةِ‭ ‬في‭ ‬تنميةِ‭ ‬وإصلاح‭ ‬المجتمَع‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إِليه.

يعتبر‭ ‬الضمير‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يئن‭ ‬داخل‭ ‬الانسان‭ ‬فى‭ ‬الخطأ‭ ‬يؤنبة‭ ‬وهو‭ ‬مرشد‭ ‬للطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬فالضمير‭ ‬يجرف‭ ‬الخطأ‭ ‬وينبة‭ ‬صاحبة‭ ‬عن‭ ‬اقترافه،‭ ‬فعندما‭ ‬نربى‭ ‬الضمير‭ ‬داخل‭ ‬ابنائنا‭ ‬نكون‭ ‬مطمئنين‭ ‬انه‭ ‬المرشد‭ ‬لهم‭ ‬لتمييز‭ ‬الصواب‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬،‭ ‬فتربية‭ ‬الضمير‭ ‬من‭ ‬اهم‭ ‬الاشياء‭ ‬التى‭ ‬يحتاجها‭ ‬الابناء‭.‬

وأمّا‭ ‬مصطلح الضمير‭ ‬فهو‭ ‬بأصله‭ ‬في‭ ‬العربية‭ ‬ما‭ ‬يضمره‭ ‬الإنسان‭ ‬بنفسه‭ ‬أو‭ ‬لنفسه.

فالضمير‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬يعني‭ ‬الفطرة‭ ‬السليمة‭ ‬التي‭ ‬أوجدها‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬كمرجعية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يتعرض‭ ‬لظروف‭ ‬تفقده‭ ‬صرامته،‭ ‬فيغدو‭ ‬مرنا‭ ‬مطواعا‭ ‬لذوي‭ ‬الإربة،‭ ‬فيفقد‭ ‬المعيارية‭ ‬القياسية‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬مدى‭ ‬تطابق‭ ‬أو‭ ‬تباين‭ ‬السلوك‭ ‬معها،‭ ‬كما‭ ‬تتدخل‭ ‬التربية‭ ‬والبيئة‭ ‬والثقافة‭ ‬في‭ ‬ضبطه،‭ ‬وتتحكم‭ ‬المفاهيم‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬توجيهه‭ ‬ميزان‭ ‬الحس‭ ‬والوعي‭ ‬عند‭ ‬الإنسان‭ ‬لتمييز‭ ‬الصواب‭ ‬من‭ ‬الخطأ،‭ ‬فحتى‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬الله‭ ‬بأوامره‭ ‬ونواهيه،‭ ‬والرسل‭ ‬بهديهم‭ ‬وسننهم والكتب‭ ‬السماوية‭ ‬بأحكامها‭ ‬وتشريعاتها يبقى‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬حرًا‭ ‬فيما‭ ‬يفعل مطلقًا‭ ‬فيما‭ ‬يقر،‭ ‬مسئولًا‭ ‬عن‭ ‬فعله‭ ‬وقراره‭.‬

وهنا‭ ‬يظهر‭ ‬الضمير‭ ‬كأداة‭ ‬تطبيقية‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الإنسان‭ ‬تساعده‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬والإتيان‭ ‬بالفعل‭.‬

ويمكننا‭ ‬تمثيل‭ ‬الضمير‭ ‬بأنه‭ ‬جهاز‭ ‬كمبيوتر‭ ‬جبار،‭ ‬يقوم‭ ‬الإنسان‭ ‬بإمداده‭ ‬بالمعلومات‭ ‬والبيانات،‭ ‬فيقوم‭ ‬الضمير‭ ‬بمعالجتها‭ ‬وتحليلها‭ ‬وتنسيقها‭ ‬وتخزينها،‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬لاحقًا‭ ‬بالرد‭ ‬على‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬تطرح‭ ‬عليه‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭. ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬الضمير‭ ‬بالنسبة‭ ‬للإنسان‭ ‬هو‭ ‬المستشار‭ ‬الأمين‭ ‬الذي‭ ‬يصنعه‭ ‬الإنسان‭ ‬بيديه‭ ‬ويربيه‭ ‬على‭ ‬عينه‭ ‬ويصحبه‭ ‬طوال‭ ‬عمره‭ ‬فلا‭ ‬تخفى‭ ‬على‭ ‬الضمير‭ ‬شاردة‭ ‬ولا‭ ‬واردة‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬صاحبه‭.‬

ومصادر‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يُدخلها‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬ضميره‭ ‬متعددة،‭ ‬فهي‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬والمجتمع،‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬والشارع‭ ‬والصحبة

من‭ ‬الثقافة‭ ‬والاطلاع،‭ ‬من‭ ‬اليقين‭ ‬ومن‭ ‬الظن تأتي‭ ‬مما‭ ‬يعلم‭ ‬الإنسان‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬يعلم،‭ ‬مما‭ ‬يدرك‭ ‬ومما‭ ‬يجهل‭. ‬باختصار‭ ‬يتم‭ ‬تحليل‭ ‬الإنسان‭ ‬نفسه‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬تغذي‭ ‬الضمير،‭ ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬الثقة‭ ‬تكون‭ ‬مطلقة‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬وضميره‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أجوبة‭ ‬الضمير‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يطرحه‭ ‬صاحبه‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬توصيات‭ ‬غير‭ ‬ملزمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الثقة‭ ‬المطلقة‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬وضميره‭ ‬تجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬ينفذ‭ ‬تلك‭ ‬التوصيات‭ ‬بلا‭ ‬مناقشة‭ ‬ويعتبرها‭ ‬أوامر‭ ‬ملزمة‭ ‬له، الضمير‭ ‬هو‭ ‬أصل‭ ‬سلوك‭ ‬الإنسان‭ ‬ومنبع‭ ‬قراراته‭ ‬ومحفز‭ ‬أقواله‭ ‬وأفعاله‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى